أخبار رئيسية إضافيةأخبار عاجلةمقالات

رواية الأمير حمزة والفتنة في الأردن… حكاية تلاحقها أسئلة صعبة

الإعلامي أحمد حازم

الأمثال الشعبية لم تأت من فراغ، بل كانت كلها نتيجة تجارب وأحداث اجتماعية وأصبحت أمثالاً للأجيال. يحكى أن فتىً في العاشرة من عمره كان موصوفاً بالذكاء، سأل أمه ذات يوم عمّا إذا كان الذي يقول الحقيقة يتلقى ضربة على رأسه. فأجابته بالنفي وشجعته على قول الحقيقة. وهنا سألها الطفل: “ماما أبوي مات من سنتين وكيف انت حامل؟” فتفاجأ الفتى بلطمة قوية على وجهه لأنه قال الحقيقة.

ما حدث في الأردن يذكرني بالفتى الذكي. وحسب مصدر إعلامي كبير في العاصمة الأردنية، أعرب لي خلال مكالمة هاتفية، عن الاستياء من كيفية تعامل الإعلام المحلي مع قضية الأمير حمزة. وأكد على أن بعض الصحفيين ارتضوا أن يكونوا مهزلة في هذه القضية، ووافقوا على التوقيع على مقالات جاءتهم جاهزة، لكن آخرين من الصحفيين المطلعين على حقيقة ما جرى وما يجري في الأردن التزموا الصمت لأنهم لو نطقوا بحقيقة ما جرى لتلقوا لطمة لا يعلم أحد بعواقبها.

ما حدث في الأردن يدعو إلى التساؤل والاستغراب في نفس الوقت. والتساؤل هو: لماذا تم اتهام الأمير حمزة بمحاولة زعزعة النظام في الأردن؟ والاستغراب: لماذا تمت تبرئته؟

هل شارك الأمير حمزة فعلاً في مؤامرة على الأردن؟ فإذا كان الجواب لا، فإن الجواب غير مقنع وغير دقيق. فقد نشرت صحيفة “العرب” اللندنية تقريراً استندت فيه إلى معلومات من مصادر أردنية مطلعة، قالت فيه إنه: “تم تخيير الأمير حمزة بين محاكمة علنية يتم فيها كشف حلقة اتصالاته الداخلية والخارجية ودوره في “المؤامرة” التي “كانت تستهدف الأردن وقيادته”، وبين السكوت التام في المستقبل ما عدا التصريحات التي تظهر الولاء للعاهل الأردني الملك عبد الله الثاني ووليّ عهده الأمير الحسين بن عبد الله.

ماذا يعني هذا؟ واضح أن الأمير حمزة، الذي تربطه علاقات ودية مع العشائر مشارك في المؤامرة، بدليل وضعه أمام خيارين. لكن كيف يمكن للنظام أن يتساهل مع الأمير حمزة بهذا الشكل ولماذا تساهل؟ قناة “المملكة” الأردنية الرسمية أفادت نقلا عن مصدر أردني بأنه تم إحالة ملف الاعتقالات المرتبطة بملف الأمير حمزة إلى المدعي العام لاستكمال إجراءات المحاكمة، لكن قائمة المتهمين لم تشمل اسم الأمير حمزة.

ولو افترضنا جدلاً أن مظاهرة شعبية جرت في عمان احتجاجاً على “تبرئة” الأمير حمزة كونه من العائلة المالكة فماذا سيكون مصير المحتجين يا ترى؟ خصوصاً أن المتآمرين الباقين كما أسماهم الإعلام الرسمي، يخضعون لتحقيقات وستتم محاكمتهم. فإذا، أن تكون مواطنا من العائلة المالكة مسموح لك فعل أي شيء حتى التآمر. هذا هو الواقع. وإلا كيف نفهم التصرف مع الأمير حمزة؟

ويرى بعض المحللين أن القصة أكبر من ذلك بكثير، وأن الأردن مجبر على التعامل مع قضية الأمير حمزة بالشكل الذي تم التعامل معه فيه، لأنه ليس وحيداً في المؤامرة وله ارتباطات خارجية، ولا تريد العائلة كشف المستور. وأعتقد أن الأمير حمزة مرغم أيضاً على قبول اقتراحات أخيه العاهل الأردني “ويا دار ما دخلك شر” على أساس أن الحفاظ على وحدة الأسرة الهاشمية هو الأساس.

بدون شك فإن كل ما جرى له ارتباط بتسمية ولي العهد وبترتيبات أخرى داخل الأسرة الهاشمية، خصوصاً أن الأمير حمزة كان يشعر أن ظلماً ما قد لحق به. لكن الأمير الشاب وجد نفسه الآن أمام أمر واقع، أي أمام خيارين: إما المحاكمة وإما السكوت والانصياع لتعاليم القصر، والتي هي بالتالي تعاليم الأسرة الهاشمية، والاثنان أحلاهما مر. فالمحاكمة ليست لصالحه ولا يعرف أين ستودي به، والسكوت يعني عدم الإدلاء بتصريحات سياسية، وهذا يعني الاعتراف بالترتيبات القائمة داخل الأسرة. ولذلك وحسب رأي المحللين، “ليس أمامه من خيار سوى إظهار الطاعة للملك ولوليّ عهده كأمر واقع في الحاضر والمستقبل، مقابل الخروج من الوضعية الصعبة التي هو فيها الآن”.

صحيفة وول ستريت جورنال قالت في تعليق لها: “إذا تُركت الجروح بين الدولة والعشائر دون علاج، فإنها ستتراكم وتنتشر في الكثير من الجسد السياسي بحيث لن تتمكن السلطات في النهاية من تضميدها وسيكون هذا صداعا إضافيا في العلاقة بين المواطن والدولة”.

الملك عبد الله الثاني وفي رسالة بثها التلفزيون الرسمي، قال إن “الأمير حمزة اليوم مع عائلته في قصره وتحت رعايتي”. أما الأمير حمزة فقد ذكر في رسالة له حسب بيان للديوان الملكي نشر مساء الاثنين الماضي، “أضع نفسي بين يديّ جلالة الملك، وسأبقى على عهد الآباء والأجداد، وفياً لإرثهم، سائراً على دربهم، مخلصاً لمسيرتهم ورسالتهم ولجلالة الملك”.

والسؤال الذي يطرح نفسه: هل انتهت الحكاية إلى هذا الحد بعد تكليف العاهل الأردني عمه الأمير الحسن بالتعامل مع قضية الأمير حمزة؟

 

 

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى