أخبار رئيسية إضافيةأخبار عاجلةمقالات

الرسائل الخفية في الاعلام وكيف تجدها (31):  كرنفالات

عائشة حجار

حتى الآن ما زلنا نهدر الوقت والكلمات على خطاب منصور عباس، مع أن العديد من الخطابات المشابهة قد ألقيت وسجلت من قبل قادة وزعماء تيارات سياسية شيوعية بالاساس. ما جعل الخطاب يأخذ كل هذا الزخم ليس أنه أتى بأي حلول، اقتراحات أو نهج جديد كما يدّعي، بل أن قائل كلماته ينتمي لحزب ديني اولًا، ولأنه (مساعده على ما يبدو) يجيد استخدام الاعلام ثانيًا. إلقاء خطاب في الساعة الثامنة مساء وتسويقه على أنه خطاب هام ثم تأجيل إعلان موقف قائمته من التوصية على احد اللاعبين السياسيين في اليمين الإسرائيلي، كان له بعد سياسي هدفه التأني حتى استيضاح شكل الخارطة السياسية المؤقتة، أمّا الجانب الثاني وهو الاهم فهو صناعة الاحداث الاعلامية، الخطاب والتوصية كلاهما تم التعامل معهما على انهما أحداث إعلامية احتفالية كرنفالية لاستعراض العضلات السياسية باكثر الطرق شعبوية- بمعنى آخر أن الحدثين أبهرا المشاهد وأشعراه بأنهما حدثان وفعلان مهمان يحملان التغيير للسياسة الاسرائيلية، وهو أمر لم يحصل ابدًا، ولم يركز الإعلام على التأثير الحقيقي لهذين الظهورين الإعلاميين، وهو تأثير توعوي تجاه فلسطينيي الداخل حيث بدأ الاسلامي المتأسرل شخصية “واقعية، مؤثرة ومحافظة” حسب ما يعرضونه.

في مقابل الكرنفال الصغير الذي صنعه منصور عباس لمشاهدي التلفزيون الإسرائيلي، شاهدنا أيضًا كرنفالًا كبيرًا هو ايضًا يحتفي بالرمز لمجرد وجوده ويلعب على وتر الحاجة للانتماء إلى شيء كبير مؤثر وذي قيمة. “موكب المومياءات” في مصر كان استعراضًا لإنجاز موهوم يتلخص في إبهار المشاهدين دون تقديم أي تجديد او تحسين في حياتهم. ومع أن الاحتفاء بالماضي وتذكره أمر مهم، ومع أن المصريين القدماء قدّموا للعالم علومًا ما زال الباحثون يحاولون فهمها ولمصر اثارًا تنعش سياحتها، الا أنه من المهم ايضًا فهم الرسالة الحقيقية من وراء هذا الكرنفال. فخلال الاسبوعين الاخيرين نشطت صفحات تعنى بالآثار المصرية على مواقع التواصل الاجتماعي بشكل مثير للانتباه، والأهم أنها جميعًا عرضت العلاقة “العائلية” بين المصريين الآن وأجدادهم الفراعنة. هذه الصفحات جعلت المشاهد يشعر أن الحدث الذي ستعرض فيه جثث محنطة في مقطورات فارهة هو حدث يخصه وأن ابن الشعب البسيط هو جزء من هذا المهرجان والفخر. بالطبع لم يغفل مخرج الحدث إظهار “الزعيم” السيسي في وسط الحدث، وتذكير المشاهد أنه هو وراء هذا المهرجان، وأنه هو الذي يلبي حاجة المواطن المصري لبعض الفخر وسط حياته المليئة بالغبار ورائحة الدم في حوادث القطارات وانهيار البنايات. الحاجة للفخر هي أمر رمزي يحتاجه الانسان وقد ينسيه أحيانًا همومه المادية وإهمال السلطات لاحتياجاته الاساسية، والكرنفالات تلبي هذه الحاجة وهي أحداث إعلامية محمودة إذا رافقت عملًا لضمان رفاه الاحياء، ومذمومًا إن كان هدفها تفضيل الجثث على الأحياء.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى