أخبار رئيسية إضافيةأخبار عاجلةمقالات

ماذا لو كان “شلومو” بدل “منير”… هل ستقوم الشرطة بقتله؟

الإعلامي أحمد حازم
العنصرية مكروهة ومبغوضة في كافة الأعراف الدولية والدول التي تحترم نفسها. أمّا الدول التي تزدهر فيها العنصرية وتلقى حتى غض طرف من أنظمتها، فهي نفسها مكروهة عالميًا، وما يعيشه المواطن العربي في هذه الدولة التي تسنّ قوانين عنصرية إلا مثالًا على ذلك.
الشاب منير عنبتاوي الذي استشهد برصاص الشرطة في حيفا، لم يكن الأول ولن يكون الأخير الذي يتعرض لعملية قتل عنصرية بالدرجة الأولى. لم يقتل منير على يد إرهابي يميني، ولا نتيجة خلاف عائلي، ولا نتيجة صراع على تجارة محرمات، بل على يد شرطي من المفترض أن يكون الحامي له والمدافع عنه وليس قاتله.
ماذا فعل منير؟ الشرطة تدّعي أنه كان يحمل سكينًا وهدّد رجال الشرطة! “قلّو شو عرفك انها كذبة… قلّو من كبرها”. الشرطة كاذبة في كل المعايير.
أعرف الشاب الحيفاوي (الكناوي الأصل) منير عنبتاوي عن قرب، وأعرف أنه كان من ذوي الاحتياجات الخاصة كما ذكرت شقيقته، وأعرف أنه لم يؤذ حتى نملة في حياته ولا يعرف الشر ولا العنف أبدًا. كان إنسانا في منتهى البساطة.
أنا على يقين بأن رجال الشرطة يكذبون في كل ما يتعلق بالعرب، فهم تربوا على التعامل العنصري مع المواطنين العرب، يضربون ويقتلون دون حسيب أو رقيب، وإن كان هناك عقاب فهو عقاب صوري فقط، فإذا كان الشرطي هو قاتل عربي فهناك مبررات كثيرة للقتل، وإذا كان القاتل من اليهود، فإن يهوديته تغفر له أو أن حكمًا بسيطًا يصدر بحقه. لكن إذا كان القاتل عربيًا والمقتول يهوديًا، فإن الدنيا تنقلب ولن يفلت القاتل من المؤبد، وكأنهم شعب يجري دم في عروقهم، وفي عروقنا يجري ماء.
لنفترض أن الشاب البسيط منير كان يحمل سكينا “حسب رواية البوليس”، فهل هذا مبرر لقتله؟ كيف يمكن لشاب من ذوي الاحتياجات الخاصة أن يحمل سكينًا ويهدد رجال شرطة؟ ألم يتدرّب هؤلاء على مواجهة من يحمل سكينًا أو مسدسًا أو أي سلاح آخر؟ لماذا لم يطلقوا النار على رجليه مثلًا؟ لماذا أطلقوا عليه ثلاث رصاصات في بطنه وظهره حسب أقوال شقيقته؟
أليست هذه عملية قتل نابعة عن حقد؟ وأي حقد مثل هذا؟ لنفترض أن العربي منير كان يهوديًا هل يتم قتله بهذه الطريقة البشعة؟ أكيد لا. هذه دولة “قانون القومية” العنصري. شامير رئيس الوزراء السابق الذي يفتخر بماضيه الإرهابي ضد الفلسطينيين قالها ذات يوم اننا أعداء لليهود ويجب إبادتنا انطلاقًا من تعاليمهم التوراتية. هكذا كتب شامير في مقال له في صحيفة “نيويورك تايمز” الأمريكية.
ألم يدخل الإرهابي باروخ جولدشتاين المسجد الإبراهيمي في الخليل ويقتل 29 فلسطينيًا بدم بارد، انطلاقًا من الحقد على العرب؟ ألم يقم جندي يهودي بقتل مواطنين عرب من شفاعمرو في إحدى الحافلات انطلاقًا من دافع عنصري؟ هكذا تعلموا في مدارسهم، كره كل ما هو عربي، وهكذا تربوا ونشأوا في بيوتهم.
وهل ننسى ما حدث في كفركنا؟ التاريخ يعيد نفسه: فقد قامت قوات كبيرة من الشرطة الإسرائيلية، في إحدى ليالي شهر نوفمبر/ تشرين ثاني عام 2014 بقتل الشاب خير الدين حمدان، بزعم أنّه حاول طعن أحد عناصرها بالسكين. وبحسب رواية الشرطة الإسرائيليّة الرسميّة، فإنّ حياة القوات تعرضت للخطر، فاضطروا لإطلاق النار على الشاب.
يعتبر مركز عدالة فرض حظر النشر على تفاصيل ما يحدث من أعمال قتل عند العرب، يدلّ على نية الدولة بالتغطية على الجريمة وإغلاق الملف، كما فعلت في الكثير من جرائم الشرطة ضد المواطنين العرب من قبل، وعلى رأسها ملفات شهداء هبة أكتوبر 2000 وملف الشهيد يعقوب أبو القيعان. وفي حين يبقي أمر حظر النشر العديد من التساؤلات بلا إجابة رسمية، لكنها معروفة للجميع، تبقى حقيقة واحدة واضحة مثل عين الشمس، أن الشرطة لا تزال تتعامل مع العرب كأعداء ودمهم مباح.
رحم الله الشهيد منير، وستظل حكاية قتله وصمة عار سوداء في تاريخ الدولة العبرية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى