أخبار رئيسية إضافيةأخبار عاجلةمقالات

معركة الوعي (57): عضو الكنيست الطيبي كمثال

حامد اغبارية
لم ينبِس عضو الكنيست أحمد الطيبي ببنت شفة، ولم نسمع له همسا ولا ركزا عندما رفعت قيادات المشتركة في الجولات الانتخابية السابقة راية دعم الشواذ ودعم القوانين التي تخصهم ولا مشاركات بعضهم في مظاهرات داعمة لهم، بل صوّت لصالح القانون الذي أدى إلى كل هذا النقاش الدائر في مجتمعنا حول تلك القضية الحساسة. فما الذي حدث الآن حتى خرج بتصريحات ضد الشواذ؟
كان عضو الكنيست الطيبي قد برر تصويته لصالح ذلك القانون بأنه يتحدث فقط عن منع العلاج الكهربائي للشواذ، وهو ما نرى أنه قلبٌ للحقائق كما أكد أهل الاختصاص من قانونيين وغيرهم، فبماذا يبرر اليوم هجومه الجديد على الشواذ؟
لا بد من التأكيد بداية أن المسألة ليست شخصية وإنما هي قضية مبدئية تخص كل فرد في المجتمع الفلسطيني في الداخل. كما أنه لا بد من التأكيد أن عضو الكنيست الطيبي –شئتُ أم أبيتُ- هو ثعلب سياسي يعرف كيف يمارس لعبته السياسية التي تخدم أهدافه. غير أنني- شخصيا- لا أعرف له أهدافا سوى الوصول إلى الكنيست بأي ثمن ومع أي شريك، وهو الطريق الذي “اختطّه” منذ عام 1996 عندما أعلن تأسيس الحركة العربية للتغيير. فقد تحالف مع الجميع، ولم يترك في عنقه “ديْنا” لأي من الأحزاب الناشطة في مجتمعنا.
فكيف غيّر الطيبي الموقف من قضية الشواذ؟
سيأتي من يدافع عنه ويقول: هو لم يغيّر موقفه، بل كان تصويته السابق لصالح القانون يتعلق بقضية العلاج بالكهرباء، وهي السمفونية التي بررت فيها أحزاب المشتركة (الجبهة والتجمع والعربية للتغيير) تصويتها لصالح القانون، أما الآن فالموضوع يختلف.
لكن الحقيقة هي التي تختلف. فقد لمس الطيبي في هذه الجولة حجم الغضب الذي يوجهه الجمهور إلى قيادات المشتركة بسبب دعم الشواذ، خاصة وأن المسألة لا تتعلق فقط بدعم ذلك القانون، وإنما بتصريحات ومواقف وممارسات أعضاء في المشتركة (مثل أيمن عودة وعايدة توما) فيها إصرار عجيب على إهانة جمهور بأكمله، ولذلك خرج بذلك التصريح الأخير.
واضح من استطلاعات الرأي، وكذلك مما نلمسه في الشارع، كإعلاميين ومراقبين، أن القوائم العربية تعيش أزمة حقيقية فيما يتعلق ليس فقط بتراجع دعم الجمهور لها، وإنما أيضا وقبل ذلك بارتفاع نسبة المقاطعين وانضمام شرائح جديدة إلى تيار المقاطعة خاصة في أوساط الشباب. وإن أي خطأ مثل خطيئة دعم الشواذ سيزيد الطين بلة، ويزيد أزمة الذاهبين إلى الكنيست حدّةً وتفاقما. وهذا أكثر ما يقلقهم، وهو ما يفسّر تصريح عضو الكنيست الطيبي الأخير.
خلاصة القول إن الجمهور يمثل بالنسبة لأحزاب الكنيست وسيلة للوصول وليس هدفا ولا قضية تحملها أحزاب الكنيست لترفعها وتعالج مشاكلها. وهذا ما بدأ الجمهور (الداعم لتلك الأحزاب) يدركه ويستوعبه، فأصبحنا نسمع أصواتا كثيرة من مؤيدين سابقين، كانت لنا معهم نقاشات حادة حول المقاطعة، قرروا المقاطعة هذه المرة بعد أن أدركوا حقيقة اللعبة.
وإذا كان أيٌّ من المرشحين للكنيست، بمن فيهم عضو الكنيست الطيبي، يظنون أنه بالكلام وحده يمكن إقناع الناس، فهم مخطئون، فالجمهور يبحث عن نتائج، لأنه يريد حلولا لقضاياه ومشاكله ووضع حد لهمومه، ويريد تصويب اتجاه البوصلة نحو القضايا الحقيقية التي تشكل لشعبنا مسألة حياة أو موت، مثل قضية الأقصى والقدس والأسرى وحق العودة والرواية والتاريخ والجغرافيا… وهذا الجمهور لا يرى من ذلك شيئا على أرض الواقع، ولا يسمع إلى طحنا للكلام وأحاديث عن إنجازات وهمية لأغراض انتخابية بحتة، قد تنطلي على شريحة من الناس لبعض الوقت، لكنها أبدا لا تعكس الحقيقة، ولا يمكن أن تنطلي على كل الشعب كل الوقت، حتى لو قدّم أي عضو كنيست نفسه عبر تجميع مقاطع فيديو تقدمه للجمهور على أنه رجل الأقصى الأول، وربما كان أثرا من آثار صلاح الدين… ولا حول ولا قوة إلا بالله.

أحببناها لأنها أهلٌ لذلك
والحديث عن أم الفحم، التي حملت اسم “أم النور” بفضل أفعال أهلها وصفحاتهم المشرّفة عبر السنين قديما وحديثا. ولأنها كذلك أحببناها، وارتبطت بأذهاننا – بسببها- معاني الرجولة والمروءة والسبق في ميادين العمل الأهلي وميادين البذل والعطاء ورفع رايات مواجهة الظلم بكل أشكاله. فهل كان عبثا أن اختيرت لتصبح الاسم الحركي لفلسطين؟؟
وإذا كنّا اليوم نشهد ذلك الحراك الشبابي – الشعبي الرائع في مواجهة وباء الجريمة والتصدي لكل أنواع القمع الذي تمارسه الشرطة، التي تثبت لنا كل يوم أنها لا تتقن غير فنون القمع والبطش، فإن أم الفحم كتاب ضخم امتلأت صفحاته بمواقف لا تخفى على أحد منذ عُرفتْ. فهذا الحراك الجديد هو فرعٌ من ذاك الجذع الأصيل الذي تغنّت به الأهزوجة الشعبية من أقصى النقب إلى أقصى الجليل.
ولقد شهدت أم النور محطات كثيرة احتضنت فيها نشاطات عبر فيها شعبنا عن وحدة حاله ووحدة مصيره ووحدة أهدافه. ولو شئنا أن نسرد تلك النشاطات مجرّد سرد سريع لاحتجنا إلى صفحات كثيرة. ولذلك حريّ بكل حرّ أن يقرأ هذه البلدة قراءة جيدة ويقرأ عنها ويقرأ تاريخها ويقرأ حاضرها ليعرف أن الحديث هو عن بوابة ضخمة من بوابات التاريخ التي منها تدخل الشعوب الحرّة لترتقي إلى قمم الجبال.
فما بال بعض أصوات النشاز اليوم تتمتم بما لا يفهمه الفحماوي الأصيل ولا يستوعبه وبما يرفضه كل حر في هذا البلد وفي غيره؟
ما بال تلك الأصوات الهامشية تعزف على أوتار الفتنة وتعكّر أجواء الصفاء والنقاء والبهاء؟!!
ومنذ متى أصبحت المسألة محلية خاصة بكل بلدة وبلدة؟ أليست تلك الأصوات هي ذاتها التي كانت تنادي قبل بضعة أيام بدعم الحراك الفحماوي في مواجهة الجريمة والظلم؟ أليست هي هي التي وجهت الانتقادات بسبب تقصير القيادات- بما فيها المتابعة- في دعم الحراك؟ فما الذي تغيّر؟ لماذا خرجت تلك الأصوات اليوم لا تريد متابعة ولا تريد الشيخ كمال خطيب خطيبا للجمعة التي تسبق حراك اليوم؟
إنها لعنة الانتخابات. فهي أصوات لا تحب أن تسمع صوتا غير صوتها. وهذه حقيقة. هي لا تريد أن يحمل المشهد الانتخابي سوى صوت الداعمين لأحزاب الكنيست. وإلا فإن الشيخ كمال خطيب وغيره من الأئمة، سواء كانوا فحماويين أو من أي بلد آخر، لا يجمع عليهم كل الناس، حتى من المصلين الذين يستمعون إلى خطبهم. وهذا طبيعي. فالبشر لم يتفقوا على موقف واحد حتى من الذات الإلهية، فمنهم من أنكر وجوده سبحانه وتعالى، ومنهم من أقر بوجوده ولكنه كفر به، ومنهم من آمن به. وهذا ينسحب كذلك على الأنبياء عليهم الصلاة والسلام. ومع ذلك فإن اختلاف البشر لم يغير من الحقيقة شيئا، لكن المُنكر لم يضرّ إلا بنفسه، بينما واصلت القافلة المسير.
صلاة الجمعة هي صلاة الجمعة، وإمامها هو إمامها، ولا علاقة لهذا، ويجب ألا تكون علاقة له بما سيحدث عقب الصلاة من حراك. إنما الصلاة فريضة، اختير توقيتها لبدء الحراك، فلا تخلطوا الأمور أيها الأجاويد الفحماويون، ولا تتركوا فرصة لتلك الأصوات أن تعطل الحراك وتعرقل إنجازاته. فنحن وأنتم أحوج ما نكون إلى رص الصفوف وتقوية الحراك وتحقيق أهدافه، فتنبّهوا للمعطّلين الذي يريدون حرف البوصلة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى