أخبار رئيسيةأخبار عاجلةأخبار وتقاريرمحليات

بين النبي موسى والأقصى.. الباحث عبد الرازق متاني يوضح الارتباط

علّق الباحث في آثار وتاريخ القدس د. عبد الرازق متاني على الحفل الصاخب الذي أقيم قبل حوالي شهر في مقام النبي موسى، وما تبعه من هبة شعبية رافضة لما جرى لما للمقام من مكانة تاريخية ودينية.
وأوضح متاني في إحاطة متلفزة نشرها عبر قناته على “يوتيوب” أن المقام يقع على بعد 25 كيلو متر شرقي المسجد الأقصى المبارك والقدس المحتلة، وعلى طول طريق الغور الفلسطيني، الذي هو امتداد للشق السوري الإفريقي، والذي يمتد من الأناضول حتى البحر الأحمر.
وأكد متاني على أن المكانة التاريخية للمقام تتمثل في أنه مسجد ومكان استراتيجي مرتبط بالتاريخ الإسلامي، مشيرا إلى بناء مقام المسجد في فترة الظاهر بيبرس في عام 1268.
ونوّه إلى أن معظم الدراسات الأثرية أو الاستشراقية التي تتحدث عن مقام النبي موسى تحاول تصويره وربطه بالرواية التوراتية الصهيونية الخاصة بفلسطين.
وقال متاني: “لا بد لنا من استقراء هذا التاريخ بصورة جديدة، ووفق الأبحاث الأثرية، فعند الحديث عن المقام في الفترة الإسلامية المبكرة، نجد أنه مكان استراتيجي هام جدا، من خلال رسالتي للدكتوراه ودراساتي للآثار الإسلامية في أرض فلسطين، استطعت ان أحصي عشرات البلدات على امتداد الغور الفلسطيني، ونحن عندما نتحدث عن الغور الفلسطيني نتحدث عن منطقة عامرة. كما وتقع طبريا وبيسان والقدس المحتلة على امتداده، لذا ارتبط المقام منذ فجر الإسلام بالمسجد الأقصى المبارك”.
وأفاد متاني أن المقام كان محطة للحجيج الذين يأتون من الشام والأناضول ويسيرون في طريق الغور التاريخية ثم يعرجون على المسجد الأقصى، فكما هو معلوم أن المنطقة الغربية للقدس والأقصى بالقرب من عمواس تسمى بـ “باب الواد”، فنحن نتحدث عن البوابة الشرقية للقدس والمسجد الأقصى التي تقع بالقرب من مقام النبي موسى.
ويشير متاني إلى أن المقام يرتبط ارتباطا وثيقا بالفترة الإسلامية المبكرة وتاريخها، وليس مثلما يحاول البعض تصويره بأن المقام مرتبط بالفترة الأيوبية والمملوكية.

جدلية المقام
وحول جدلية المقام قال الباحث متاني، إن الكثير من الروايات والدراسات التي ناقشت قضية مقام النبي موسى تعتمد على الدراسات الاستشراقية.
واعتبر من وجهة نظره الشخصية أن المستشرقين يحاولون الفصل بين المقام والمسجد، مشيرًا إلى أنه من خلال هذا المقام يمكن إحصاء العديد من المقامات وتطورها التاريخي.
وتابع متاني: “المقام بلفظه يشير إلى معنى الإقامة، وهذا الاسم كان يستعمل للإشارة إلى المساجد ذات القيمة والبعد التاريخي، إضافة لارتباطها بروايات وقصص الأنبياء”.
وأشار متاني إلى أنه من خلال الحديث عن نقش التأسيس للمقام، تظهر آية قوله تعالى: “إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلَّا اللَّهَ ۖ فَعَسَىٰ أُولَٰئِكَ أَنْ يَكُونُوا مِنَ الْمُهْتَدِينَ”. فقد أمر بإنشاء هذا المقام على ضريح النبي موسى السلطان الملك الظاهر بيبرس”.
وأكد متاني أنه من خلال نقش التأسيس فإن للمقام الذي أسسه الظاهر بيبرس مكانة وقدسية خاصة، ولا نستطيع اختزالها بالمسجد فقط، بل المقام كاملًا يحمل قدسية خاصة.
وقال متاني إنه عرج على هذه النقطة بسبب الجدل الذي حصل إثر ادعاء البعض أن المسجد هو من يحمل قدسية خاصة وليس باقي المقام.
وأشار إلى أن المقام بالأساس تم بناؤه في الفترة المملوكية والذي يعتبر بناء عظيما وكبيرا وله متشابهات في فلسطين، مثل المسجد المقام في قرية “الحرم” حيث أقيمت مستوطنة هرتسيليا، والمسجد المقصود هو مسجد “علي ابن علي” الذي بني أيضا على يد الظاهر بيبرس والمتطابق من حيث النمط مع مقام النبي موسى.
ونوّه إلى أنه لا يمكن اختزال القدسية في المسجد، بل لكامل البناء، مضيفًا أنه تعاقب السلاطين وأهل الخير بعد الظاهر بيبرس على إعمار المسجد وتمت توسعته، إذ أصبح في يومنا هذا مسجد النبي موسى “مجمعا إسلاميا” ويحوي ما يزيد عن مئة غرفة، ومصلى، وغرفة الصلاة المسقوفة، إضافة إلى وجود التكية لإطعام المارين، ويحوي أيضا الاسطبلات من أجل العناية بالحيوانات، والعديد من الغرف والمرافق أيضًا.
ولا بد من الإشارة أن هناك العديد من الأوقاف التي أوقفها الظاهر بيبرس والأوقاف التي أوقفت في فترات متأخرة.

المقام وارتباطه بالقدس
وتابع متاني بأن رمزية المقام بدءا بارتباطه بالمسجد الأقصى المبارك، إضافة إلى كونه مكانًا للحجيج، ومرتبطا ارتباطا تاريخيا في مجابهة الاحتلال الفرنجي، بدءا من الحملات الصليبية حتى جاء المماليك وطردوا أواخر الصليبين في عام 1290.
وأشار إلى أن المكان كان منسيا، رغم أعمال الترميم التي أجريت به، لافتا إلى أن الحادثة الأخيرة جعلت الناس تهب للحفاظ على قدسية المقام والمسجد، وثمّن الهبة الشعبية المستنكرة للحفل المنحل الذي أقيم في المقام، وأنها أكدت أن الاعتداء على المقدسات من الخطوط الحمراء التي لا يمكن المرور عليها مرّ الكرام.
وقال إن التركيز على جزء من المقام باعتباره مسجدا فقط، من قبل المنتهكين لقدسيته، يشبه إلى جد بعيد ما تحاول سلطات الاحتلال تمريره في المسجد الأقصى بزعم أن الأقصى هو فقط المصلى القبلي وليس كل المرافق المحيطة به، في مسعى احتلالي لتهويد الأقصى والسيطرة عليه زمانيا ومكانيا.
ودعا الباحث د. عبد الرازق متاني إلى المزيد من الاهتمام بالمقدسات والمقامات الإسلامية المنتشرة في فلسطين، من قبل الجهات الإسلامية المعنية، محذّرا من إهمال مواكبة المقدسات وحفظها سيجعل المؤسسة الإسرائيلية تستفرد بها وتسيطر عليها كما فعلت فعلا في العديد من الأوقاف والمقدسات والمقابر الإسلامية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى