أخبار رئيسية إضافيةأخبار عاجلةمقالات

عباس يبدأ بالتحصين للنجاح في الانتخابات القادمة

الإعلامي أحمد حازم
الحديث عن الانتخابات الفلسطينية المقبلة (رئاسية وتشريعية) هي حديث الشارع الفلسطيني وحديث رجال السياسة والأحزاب داخل السلطة الفلسطينية وفي الشتات أيضًا. وبالرغم من أن الرئيس الفلسطيني دخل النصف الثاني من الثمانينات، ومن المفترض أن يخرج للتقاعد منذ سنوات عديدة، إلا أنه على ما يبدو كله إصرار على ترشيح نفسه للرئاسة. وما دام الأمر كذلك فلا بد له من اتخاذ إجراءات تمهيدية تضمن نجاحه في الانتخابات خصوصًا وأنه متمسك بكرسي الرئاسة، حتى يأتيه ملك الموت وهو جالس عليه.
لا أدري ما الذي يمنع أبا مازن من إفساح المجال أمام دم فلسطيني جديد شاب لتكملة المشوار؟ هل هو التفاني في خدمة شعبه حتى الرمق الأخير من حياته؟ أم عدم الثقة بالآخرين؟ أو هل هي جاذبية المنصب؟ ولو نظرنا إلى الأسباب المحتملة نظرة عميقة لرأينا أن الاحتمالين الثاني والثالث أقرب إلى الاقتناع من الاحتمال الأول، لأن عباس يخدم شعبه منذ سنين طويلة، بمعنى أن النضال الوطني غير مرتبط بالمناصب.
في كل جمهوريات العالم بما فيها العالم العربي يتم انتخاب الرئيس لدورة واحدة أو لدورتين على الأكثر، باستثناء بعض الدول العربية التي تتحكم بها دكتاتورية الرؤساء مثل سوريا التي يرأسها الأسد الابن خلفًا للأب، علمًا بأن “الأسدية” تحكم سوريا منذ عام 1970 وكأن سوريا خالية من أي شخصية سياسية تستطيع إدارة شؤون البلاد مثل حافظ وابنه بشار. وللتذكير يوجد في سوريا شعار “الأسد إلى الأبد”. تصوروا لو أن الرئيس (أبو مازن) في أواخر الاربعينات من العمر لفعل في السلطة الفلسطينية تماما كما فعل الأسد في سوريا، وكان من المحتمل رفع شعار “كل العمر … عباس مع الناس”.
الزعيم الإفريقي نلسون مانديلا هو مثل يقتدى به للنضال الصادق، وعندما تم انتخابه بالإجماع رئيسًا لوطنه جنوب إفريقيا في العام 1994 استمر في ممارسة مهامه الرسمية في خدمة شعبه. وعندما انتهت ولايته في العام 1999 رفض قبول التجديد له كرئيس، وفسح المجال لغيره من القديرين على إدارة وحماية الوطن. فلماذا لا يأخذ عباس مانديلا نموذجًا كرئيس، ويعتبره نموذجًا في النضال؟
وبالرغم من وجود شخصيات فلسطينية (فتحاوية) لديها الرغبة في ترشيح نفسها لانتخابات الرئاسة الفلسطينية كونها محبة للتغيير، إلا أن إصرار عباس على ترشيح نفسه يحول دون ترشيح هؤلاء، لأنهم لو رشحوا أنفسهم فيمكن أن يشكلوا خطرًا على قيادة عباس.
لذلك، يرى عباس نفسه مضطرًا لاتخاذ إجراءات وقائية وتمهيدية لضمان نجاحه. وتقول المعلومات المتوفرة في هذا الصدد “إن عباس أقدم مؤخرًا على إجراء تعديلات على السلطة القضائية، أثارت مخاوف العديد من القوى من سعي الرئيس لفرض سيطرته على القضاء، في خطوة استباقية لمرحلة ما بعد الانتخابات”.
وما دام الشيء بالشيء يذكر، يتساءل بعض المراقبين عمّا إذا كان محمد دحلان القيادي الفتحاوي المنشق عن رام الله والموجود حاليًا في الإمارات، ستتاح له إمكانية خوض الانتخابات، علمًا بأن دحلان مدعوم أيضًا من السيسي وإسرائيل. لقد تسربت في الأيام الأخيرة معلومات تتحدث عن وجود تفاهم بين دحلان والسلطة الفلسطينية فيما يتعلق بالانتخابات وعودة دحلان إلى رام الله بناءً على ترتيبات معينة. هذا الأمر نفاه كليًا قيادي فلسطيني عضو في اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، في مكالمة هاتفية معه، ونفاه أيضًا (فتحاوي) عضو سابق في المجلس المركزي خلال حديث هاتفي معه أيضًا. لكن الأخير أقرّ بوجود ضغوطات من جهات عربية لمصالحة دحلان مع عباس لكن أبو مازن أصرّ على بقاء دحلان خارج رام الله. لكن في السياسة لا يوجد شيء ثابت ويمكن أن يتغير كل شيء.
ولكن كيف يبدو الوضع الانتخابي بالنسبة لحماس؟ الباحث الفلسطيني محمد المشارقة مدير مركز (تقدم) للسياسات في لندن وهو مقرب من القيادة الفلسطينية، يقول: “إن النظام الفلسطيني قد انتهى تركيبه، بتوزيع مقاعد التشريعي الـ 132، بواقع 60 نائبا لحركة فتح و60 نائبا لحماس و12 مقعدا توزعها فتح على فصائل منظمة التحرير، على أن يتولى جبريل الرجوب قيادة المجلس، فيما الرئاسة ستكون دون تنافس لعباس” ويقول مشارقة: “سيتم تمكين حماس من قيادة المجلس الوطني لمنظمة التحرير برئاسة القيادي الحمساوي خالد مشعل”.
الرئيس عباس أصدر في وقت سابق من هذا الشهر مرسوما بإجراء أول انتخابات تشريعية ورئاسية، وحدد المرسوم الرئاسي يومي الثاني والعشرين من شهر مايو/أيار والحادي والثلاثين من يوليو/حزيران هذا العام موعدين للانتخابات البرلمانية والرئاسية على التوالي، وحدد نهاية أغسطس/آب موعداً لانتخابات الهيئة التشريعية لمنظمة التحرير.
في مطلع الشهر القادم ستلتقي الفصائل الفلسطينية مجددًا في القاهرة لبحث موضوع الانتخابات الفلسطينية. ويرى محللون فلسطينيون أن السلطة الفلسطينية مطلوب منها أن تكون جاهزة خلال اللقاء لتقديم تفسيرات واضحة المعالم عن التعديلات التي أدخلها عباس على السلطة القضائية والمتعلقة بقانون الانتخابات، وقانون القضاء في الجزء المتعلق بمرجعية محكمة الانتخابات وآليات تشكيلها، وسلطة المحكمة الدستورية على المجلس التشريعي، لما تشكله من خطورة كبيرة على النظام السياسي الفلسطيني الذي يصبح بمجمله بيد الرئيس.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى