أخبار رئيسيةأخبار عاجلةأخبار وتقاريرمحليات

“المدينة” في حوار مع أحمد عمري- مؤسس موقع الكتّاب وجمعية سنابل العلم

• درس هندسة الكهرباء ونقل مجانا مادة الرياضيات بسلاسة إلى الطلاب الثانويين في بيوتهم عبر “موقع” يرتاده الملايين
• جمعية سنابل العالم توزع منحا سنوية على الجامعيين بمئات آلاف الشواكل

عائشة حجار
عند الحديث عن نهضة الشعوب وغناها ورفاهيتها فان المنظّرين والمنفذين على السواء يشيرون إلى أهمية المبادرة وعمل الفرد لمجتمعه. إلا أن روح المبادرة هذه نجدها لدى البعض ايضًا خارج نطاق عملهم وواجبهم، بل يجدون حاجة لدى ابناء مجتمعهم ويلبونها. مثال على هذه المبادرة هو الشاب أحمد عمري ابن قرية نين، والذي كان لصحيفة “المدينة” هذا الحوار معه.

المدينة: ما هي فكرة مشروع “الكتّاب” وكيف بدأت؟
أحمد عمري: مشروع الكتاب بدأ في أواخر عام 2011، كانت الفكرة تراودني منذ بداية المشروع. بدأت الفكرة من الحاجة الملحّة التي لمستها لدى طلاب المدارس الثانوية للحصول على بجروت الرياضيات. عندما اقول بجروت الرياضيات لا أقصد العلامة، إنما الحصول على خمس وحدات بطريقة يصل فيها الطالب حقًا الى مستوى خمس وحدات ويفهم الرياضيات التي درسها. ففي إطار دراستي للقب الأول في مجال هندسة الكهرباء والذي يعتمد بالأساس على الرياضيات والفيزياء، لمست أن الكثير من الطلاب كانوا يحصلون على علامات عالية، لكن كنت ألاحظ أن الفهم منقوص للمادة، لذلك عندما كنا نصل في الدراسة إلى المرحلة التي تحتاج للفهم، للأسف كان الكثير من الطلاب يرسبون في الامتحان، أو يبدلون موضوع الدراسة أو يعيدون المساق عدة مرات. من هنا خطرت في بالي فكرة، وهي، لماذا لا نقدّم البجروت لطلاب الثانوية كما يجب وبطريقة فهم سليمة متكاملة. بما أن الوقت قصير وكنت أريد أن يصل المشروع إلى أكبر عدد من الطلاب مع ضيق الوقت لدي، فكرت في إعداد دروس مصوّرة لمرة واحدة يستفيد منها الجميع على مدار السنوات التي تلي هذا العمل. كنت قد تزوجت مؤخرَا ولدي الوقت بين الفجر ووقت الذهاب للعمل، فقررت شراء كاميرا واشترينا لوحًا علقناه في إحدى غرف بيتنا وبدأنا بتصوير محاضرة أو درس كل يوم بعد صلاة الفجر، بحيث أجهز أنا الدرس، وتقوم زوجتي بالتصوير. والحمد لله استطعنا بعد مرور عام تغطية كل المواد المطلوبة لبجروت الرياضيات.

المدينة: أنت لست مدرس رياضيات، لماذا نظرت إلى شريحة طلاب المدارس الثانوية بالذات؟
أحمد عمري: نظرت إلى هذه الشريحة لان بإمكاني أن أقدّم لها شيئًا، بغض النظر إن كنت أحمل شهادة التدريس، نظرت إلى مقدرتي على تقديم هذه المادة لهذه الشريحة كوني درست الرياضيات في اللقبين الاول والثاني في هندسة الكهرباء، ودرست عشرات مساقات الرياضيات. فبحمد الله كنت متمكنًا من الرياضيات من جهة ومن جهة أخرى كان لدي الشغف للتعليم، فقد كان لدي تجربة سابقة في تدريس البسيخومتري بعد انهاء دراستي الثانوية، فشعرت أن بإمكاني دمج هذين العاملين لمساعدة طلاب المدارس الثانوية، والحمد لله النتائج كانت واضحة بأننا تمكنا من إيصال هذه الرسالة، واليوم بعد مرور تسع سنوات يوجد قرابة خمسة ملايين ونصف المليون مشاهدة، ونحن نتلقى ردودًا جيدة جدًا من الطلاب بأنهم درسوا بمساعدة الموقع، وحصلوا على علامات عالية من خلال تركيزهم على مواد الموقع.

المدينة: لم تكتف بموقع الكتاب بل بدأت مبادرة سنابل العلم، من أين ولماذا بدأت هذه المبادرة؟
أحمد عمري: كما ما قلت فإن موقع الكتاب بدأ من حاجة، من ضعف معين إن صحت التسمية لدى طلاب الرياضيات. جاءت سنابل العلم لحاجة أخرى قد لا يكون لها علاقة بالرياضيات هي المشكلة الاقتصادية لدى طلاب الجامعات، كنت أرى طلابًا وخاصة طالبات يضطرون للعمل حتى وقت متأخر ليلًا في المقاهي، فقط لتوفير مصروفهم أو قسطهم التعليمي، فخطر ببالي إنشاء جمعية تقوم بجمع تبرعات وتقديمها كمنح دراسية للطلاب الاكثر استحقاقًا لأن الجمعية لا تكفي لسد احتياج كافة المستحقين فوجّهنا جهودنا لضمان حصول الطلاب الاكثر استحقاقًا على هذه المنحة.

المدينة: كم يستهلك كلا المشروعين من وقتك يوميًا؟
أحمد عمري: هذا ما أريد الإشارة إليه، عندما يفكر الانسان بمشروع وخاصة أن كان تطوعيًا لن يضع فيه كامل جهده، وجميعنا لدينا مصاريف وعائلات وأعمال ودراسة، فيجب على الانسان أن يفكر كيف يمكنه تحصيل أكبر عائد باقل جهد ممكن، وعندما أقول أقل جهد فأنا أقصد الوقت خاصة، فالوقت أثمن ما نملك. فالكتاب وسنابل العلم معًا يأخذان في الاسبوع على ما اعتقد ساعتين أو ثلاث من العمل، طبعًا تستهلك سنابل العلم خلال فترة تقديم المنح المزيد من الوقت، وأتحدث هنا عن أسبوعين أو ثلاثة من العمل، وهو زمن اعتبره ضئيلًا نسبة لعدد الطلاب وعدد المنح.

المدينة: ما هو أفضل حدث حصل معك يتعلق بسنابل العلم والكتّاب منذ انشائهما حتى اليوم؟
أحمد عمري: في الكتاب أكثر ما يسعدني، هو ما أبدأ يومي فيه، وهو وجود ردود يومية من طلاب استفادوا وحققوا النجاح. فأول ما أبدأ فيه يومي هو أن اقرأ رسائل الطلاب، سواء استفسارات بسيطة يمكنني الإجابة عليها أو ردودهم وعلاماتهم التي حصّلوها بنجاح، هذه الامور تسعدني جدًا، فمع انني انهيت تكوين المشروع لكن في نفس الوقت هناك من يستفيد منه ويحسنون تحصيلهم العلمي من خلال الموقع بدون أي جهد مني. بالنسبة لسنابل العلم فهي فترة توزيع المنح، بحمد الله وفضله نصل الى وضع فيه في كل عام يوجد زيادة بنسبة اربعين الى خمسين بالمئة في عدد المنح التي نوزعها. فمثلًا هذا العام، قمنا بتوزيع 224 منحة بقيمة أكثر من 620 ألف شيقل، وفي العام الماضي كان المبلغ 430 ألف شيقل، فبحمد الله تزيد الارقام والجمعية جديدة جدًا.

المدينة: ماذا كانت أصعب لحظة خلال مسيرتك في هذه الجمعيات؟
أحمد عمري: لحظات الاستشارة، مع أهميتها، بطبعي عندما أنوي بدء مشروع أحب استشارة اهل الاختصاص أو المقربين، لأن الاستشارة كثيرًا ما تساعد. عندما تبدأ مشروعًا تؤمن به فالكثيرون ممن حولك لا يرونه بذات الطريقة التي تراه فيها، فعندما تقول أريد إنشاء موقع يغطي كل مادة الرياضيات، وأريد تصوير كل المحاضرات، وكانت حوالي 220 محاضرة، يبدو العمل ضخما للوهلة الاولى وسمعت ردودًا مثل كيف ستنهي هذه المادة؟ هل تتخيل الجهد الذي ستبذله. كذلك من الامور التي سمعتها هي أن الطلاب لا يدرسون اصلًا في المدرسة، فهل سيجلسون أمام الحاسوب للدراسة؟ أو أن يقترح عليّ البعض أن اجعل خدمات الموقع بمقابل مادي للاستفادة منه. فهذا الاحباط يجعل بين التنازل عن المشروع وبين الإصرار على الانطلاق، شعرة. فلذلك عندما تريد الاستشارة استشر وأنت تعلم بأن الآخرين لا يرون المشروع مثلك، استشرهم بنقاط تعلم أن بإمكانهم مساعدتك فيها وليس في رؤيتك للمشروع. هذه نقطة مهمة، فبين ان تستمع للإحباط حتى تنطلق أو تتراجع يوجد شعرة.

المدينة: من هو مستشارك المفضل؟
أحمد عمري: لا يوجد لدي مستشار عام بل لدي مستشار في كل مجال.

المدينة: يقال إن لكل شخص ناجح يوجد ظل، شخص يرافقه في كل مراحله، هل لديك شخص كهذا؟
أحمد عمري: لا يمكنني الإنكار بأنهم موجودون دومًا، لكن لا يوجد شخص واحد، والامور لا تنجز في لحظة أو في وقت معين، اعتقد أن الحديث هنا اكثر عن بذور قد تكون وضعت وتنبت في وقت معين، فلا نشعر بها في البداية، ولكن لا أحد يمكنه إنكار دور الاهل وخاصة الأم، فالثقة التي يمكن أن تأخذها من الأم من جيل يوم وحتى تنطلق ليس لها حدود، كذلك الزوجة المتواجدة معك على طول الخط في الامور الآنية، فإن كان دور الأم زراعة البذور، فدور الزوجة الصالحة تنمية البذور التي زرعت، لا أعتقد أن بإمكانها قلعها وزراعة غيرها، بل وظيفتها تنميتها والتأكد انها تنمو بشكل صحيح، فأنا دومًا ممتن بالشكر لكليهما والفضل عليّ.

المدينة: أين ترى نفسك بعد خمس سنوات؟
أحمد عمري: سؤال صعب، أساله لنفسي بشكل يومي وأود حفظ الاجابة لنفسي.

المدينة: ما هي رسالتك للشباب؟
أحمد عمري: إنك الآن موجود، بغض النظر عن عمرك، أنت لك حقوق وعليك واجبات، لنفسك وأهلك ولمجتمعك. أكثر ما يؤلمني إنسان ساعده المجتمع ونماه، لكنه بمجرد أن ينهي الدراسة ويستلم وظيفته يتنكر لكل ذلك، فينشغل بنفسه ومادياته وفي عائلته وكل ما حول ذلك لا يعنيه. قد يظنّ للحظة الاولى أنه يربح هكذا، لكنه للأسف الخاسر الاول في ترك المجتمع والانشغال بنفسه، لأن هذا المجتمع الذي نتكلم عنه هو المجتمع الذي ستعيش به انت شئت أم ابيت، والمجتمع الذي سيعيش به اولادك فإهمالك لهذا المجتمع، هو إهمال لنفسك اولًا وقبل اي شيء، ناهيك عن المطلوب الديني، فالاهتمام بالمجتمع برايي هو نوع من الامر بالمعروف والنهي عن المنكر، وليس فقط أن تقول لشخص لا تشرب الخمر، وهو مطلوب، وليس أن تقول لا تضرب وهو مطلوب، الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر هو أن تأخذ بيد ابن مجتمعك وترى كيف يمكنك إيصاله إلى الجنة بكل المفهوم الواسع للإسلام، التعبدي والمعاملاتي. فأرجو من كل شاب بغض النظر عن عمره، وتختلف المتطلبات بين جيل وجيل، لا تهمل مجتمعك لأنك بهذا ستهمل نفسك أولًا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى