أخبار رئيسيةأخبار عاجلةالضفة وغزة

الأسرى الأطفال… قُصَّر في السجون الإسرائيلية

160 قاصراً فلسطينياً تواصل السلطات الإسرائيلية اعتقالهم في سجونها. ومنذ مطلع 2020 حتى نهاية يوليو/ تموز الماضي، اعتقل الاحتلال 336 طفلاً، (أي من لم يصل بعد إلى الثامنة عشرة) خرج معظمهم.

يبلغ من العمر سبعة عشر عاماً فقط، لكنّ ذلك لم يمنع قوات الاحتلال الإسرائيلي من اعتقال الفتى رشدي أولاد عيسى، من مخيم العروب، شمالي الخليل، جنوبي الضفة الغربية المحتلة، في ديسمبر/ كانون الأول الماضي، لتضمه إلى شقيقيه في الأسر؛ سيف (20 عاماً) وخالد (25 عاماً)، وجميعهم في سجن عوفر بالقرب من رام الله، وسط الضفة الغربية.

بألم، يحكي، سليم أولاد عيسى، والد الأسرى الثلاثة، كيف جاء جنود الاحتلال مدججين بالسلاح، لاعتقال ابنه، ويقول في حديث معه “كانت ليلة ماطرة، وقاربت الساعة الثانية بعد منتصف الليل، استيقظت على صوت الجنود، عندما حاولوا خلع باب منزلنا، خربوا الأثاث وصادروا الكثير من محتويات غرفة رشدي، ثم اعتقلوه”. لم يعتدِ جنود الاحتلال على رشدي لحظة اعتقاله، بحسب ما يرويه والده، لكنّ المؤكد أنّهم أحرقوا قلب الوالد حزناً، فقد صار ثلاثة من أبنائه، بعيدين عنه، وقريبين من بعضهم في السجن، لكنّ كلاًّ منهم في قسم منفصل.

الاحتلال لا يستثني من يقلّ عمره عن 18 عاماً، وليس للطفولة والمراهقة أيّ امتياز، فإجراءات الاعتقال والتنكيل المتبعة بحق الأسرى البالغين، هي نفسها المتبعة مع القُصَّر من الجنسين، ليظهر أثرها الجسدي والنفسي بليغاً عليهم، خصوصاً مع استمرار اعتقال 160 قاصراً.
يوضح نادي الأسير الفلسطيني أنّ الاحتلال يُنفذ انتهاكات جسيمة بحق الأسرى الأطفال منذ لحظة إلقاء القبض عليهم واحتجازهم، تتناقض مع ما نصت عليه العديد من الاتفاقيات الخاصة بحماية الطفولة، وذلك من خلال عمليات اعتقالهم المنظمة من منازلهم في ساعات متأخرة من الليل إلى مراكز التحقيق والتوقيف، وإبقائهم من دون طعام أو شراب لساعات طويلة، وصلت في بعض الحالات الموثقة إلى يومين. وبحسب نادي الأسير، فإنّ من بين الانتهاكات بحق الأطفال الأسرى، “توجيه الشتائم والألفاظ البذيئة إليهم، وتهديدهم وترهيبهم، وانتزاع الاعترافات منهم تحت الضغط والتهديد، ودفعهم إلى التوقيع على الإفادات المكتوبة باللغة العبرية من دون ترجمتها، وحرمانهم حقهم القانوني بضرورة حضور أحد الوالدين والمحامي خلال التحقيق، وغير ذلك من الأساليب والانتهاكات، كذلك لا تتوانى سلطات الاحتلال عن اعتقال الأطفال إدارياً من دون أيّ تهمة، علماً أنّ معظم التهم الموجهة إلى الأطفال تتعلق بإلقاء الحجارة”.
يقول مدير برنامج المساءلة في الحركة العالمية للدفاع عن الأطفال، عايد إقطيش، في حديث معه إنّ الاحتلال يخالف باعتقاله الأطفال والتنكيل بهم اتفاقية حقوق الطفل، ولا سيما المادة الـ37، التي تُجرّم التعذيب والعقوبة بصورة مخالفة للإنسانية، وتقييد حرية الطفل، وضرورة عدم حبسه بشكل مخالف للقانون. يتابع إقطيش: “لكن، إذا حُبس الطفل، يجب أن يكون ذلك لأقصر فترة زمنية، مع مراعاة حصوله على حق المساعدة القانونية، بينما الاحتلال يمارس انتهاكاته بحق الأطفال الأسرى في أثناء التحقيق، للضغط عليهم باعترافات لم يرتكبوا أفعالها، لكنّها تشكل دليل إدانة ضدهم أمام المحاكم الإسرائيلية”.
هذا ما حصل بالضبط مع الطفلة ملاك الغليظ من مخيم الجلزون، شمالي رام الله، التي اعتقلتها قوات الاحتلال بالقرب من حاجز قلنديا، شمالي القدس، في مايو/ أيار من عام 2017، وكانت في حينه لا تتجاوز 14 عاماً، وأفرج عنها لاحقاً.

تقول الغليظ في حديث معها”: “بضغط من المحققة الإسرائيلية، وتهديد منها بسجن عائلتي، أُجبرت على التوقيع على ورقة، كُتبت باللغة العبرية التي لا أفهمها، واكتشفت لاحقاً أنّها اعتراف مني بأمر لم أقم به، وهو حيازة سكين ومحاولة قتل جنود، وعلى إثره حُكمت بالسجن ثلاث سنوات، خُففت بجهد من المحامية إلى سنة واحدة، ثم دفعت عائلتي بدلاً من حبسي أربعة أشهر، فخرجت بعد ثمانية أشهر في سجن هشارون”. عادت إلى ملاك الذكريات الصعبة في السجن، عندما قرر الاحتلال خطف أخيها محمود الغليظ (15 عاماً) قبل أكثر من شهر، ليتبين لاحقاً أنّه مصاب بفيروس كورونا الجديد داخل السجن، وكان وضعه خطيراً، قبل أن يخرج من السجن الخميس الماضي، كما شفي من كورونا.

لا يطيق الطفل السجن، خصوصاً الزنزانة الانفرادية، فالطفل المحُرر علاء الدين اللبدي، وهو من بلدة اليامون غربي جنين، شمالي الضفة الغربية، الذي اعتقله الاحتلال في مايو/ أيار 2019، ودام اعتقاله 5 أشهر، قضى من اعتقاله 19 يوماً في العزل الانفرادي. يقول علاء الدين اللبدي في حديث معه “في زنزانة ضيقة، لا نافذة فيها، وضوء لا ينطفئ، أمضيت 19 يوماً في العزل، وفي أول ليلة سيطر عليّ شعور بالخوف، ولم أتمكن من النوم، وتمنيت أن أخرج فقط لأرى عائلتي”. يتابع: “حتى عندما أتمكن من النوم يدقّ السجان الباب بطريقة قوية حتى أستيقظ، وإذا شعر بأنّني لم أستيقظ على وقعها، يفتح الزنزانة ويبدأ بضربي وركلي. لم أنسَ تجربة السجن حتى الآن، لكن أرجو الله أن يذهب أثرها من داخلي”.

تواصل اختصاصيون في الدعم النفسي مع عائلات الأطفال الأسرى، منذ لحظة اعتقالهم، ويسعون إلى تفريغ مشاعر الألم الناجمة عن تعرض طفلهم لتجربة الأسر القاسية، بحسب ما يقول نادر أبو عمشة، وهو مدير برنامج تأهيل للأسرى. يوضح أبو عمشة أنّه عندما يتحرر الطفل من السجن، يتعرض أيضاً لخطوات إعادة الدمج في المجتمع، بالإضافة إلى التفريغ النفسي كما عائلته، ويشمل البرنامج دمج الأطفال في أنشطة المجتمع المختلفة، خصوصاً أنّ بعضهم يمرون بتجربة قد تستدعي نقمتهم على المجتمع، وتعظّم شعورهم بالخذلان، بالإضافة إلى إعادتهم إلى المدارس، مع توفير التعليم المساند لتعويضهم الدروس الفائتة بسبب السجن، أو تعليمهم مهنة أو حرفة ما، عبر التأهيل المهني.

ويقبع الأسرى الأطفال الفلسطينيون عموماً في ثلاثة سجون، هي: عوفر، ومجدو، والدامون. وتقدّر هيئة شؤون الأسرى والمحررين أنّه منذ عام 2000 وحتى سبتمبر/ أيلول 2015 اعتقلت قوات الاحتلال الإسرائيلي 8500 طفل فلسطيني، وحاكمتهم أمام المحاكم العسكرية، موجهة إلى غالبيتهم تهمة إلقاء الحجارة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى