أخبار رئيسية إضافيةأخبار عاجلةمقالات

الرسائل الخفية في الإعلام وكيف تجدها (4)

عائشة حجار-عائشة حجار-محاضرة جامعية وطالبة دكتوراه في الإعلام الحديث
لنتحدث عن اتفاق التطبيع مع الإمارات بما أنه موضوع الساعة، وأيضا لأنه مسألة خطيرة لا يعي البعض خطورتها. لماذا كان من السهل على الكثيرين من فلسطينيي الداخل ابتلاع هذا الشراب المر بل والادعاء أن طعمه حلو؟
كما هو متوقع فالأمر له علاقة بالإعلام وخاصة الاعلام الحديث، ما ندعوه بشبكات التواصل الاجتماعي، التي كان لها دور أساسي في حملة أسرلة فلسطينيي الداخل.
بداية، وحسب كل إحصائية تقريبا منذ عام 2011، فإن شبكات التواصل هي المصدر الأساسي للمعلومات لدى الشباب والأطفال. مصدر المعلومات هذا يشكل وسيطا بينهم وبين العالم، يتعلمون منه من هم ويبلورون هويتهم. بالنسبة لاتفاق الامارات كان هناك ثلاثة عوامل-رسائل، أساسية جعلته يبدو حدثا عابرا وإيجابيا بالنسبة للبعض.
أولا، الخطاب السائد في هذه الشبكات يصور الشؤون السياسية على أنها أمور سلبية معقدة لا علاقة لنا بها، إذ هناك نخبة اجتماعية هي التي تحمل عبء السياسة، وأن الهدف الأساسي من خوض غمار السياسة هو الوصول الى الكنيست. خطورة هذا الخطاب ليس فقط في انعدام الايدلوجيات في معظم الحملات الإعلامية، بل هي أيضا في خطاب الأقلية، الحديث عنا كأقلية قومية وليس كشعب محتل، بما اننا اقلية ليس لديها حتى قيادة كما يجب فإننا نفرح بكل فتات يرمى الينا، وبما أننا أقلية فنحن منسلخون عن القضية الفلسطينية بكليتها ولا يهمنا حقا التغييرات الإقليمية السياسية، بل اننا جزء من النسيج الإسرائيلي ومصلحته من مصلحتنا! مع اننا أكثر من يتأثر بها، رغيف خبزك يا أخي يتأثر بما يحصل بين نتنياهو وبن زايد.
الأمر الثاني، هو تبسيط، تطبيع وتسخيف الاتفاقية، ظهر هذا الامر في الجانب الذي انشغل فيه معظم الاجسام الإعلامية وملأ الشبكات الاجتماعية منذ اليوم الأول: تم حصر الاتفاق بالسفر الى الامارات وتكلفته والأماكن التي يمكن زيارتها. كأن المسألة ليس فيها أي مبدأ يخرق أو تسليم لمقدسات. لا أقول لكم هنا سافروا أو لا تسافروا الى الامارات، لكن تحدثوا أكثر قليلا عمّا سنخسره هنا من جراء هذا الاتفاق، تحدثوا أكثر قليلا عن التنازل عن حق تاريخي. لا تنسوا أن المدارس ليست المكان الذي سيتعلم فيه ولدكم تاريخه، فحدثوه أنّ الامر يتعدى أخذ قرض للذهاب في عطلة.
الامر الثالث والأخير، هو أخذ الاتفاقية كمصدر للنكات والسخرية. قليل من النكات والسخرية يمكن أن يكون لطيفا لكن امتلاء صفحاتنا بالنكات، وهذه السطحية من صفات الشبكات الاجتماعية، تصور الحدث على أنه إيجابي، فإطلاق النكات حتى عن موضوع سلبي تجعل عقلك اللاواعي يفسره على انه أمر إيجابي ومقبول، لذلك هناك مواضيع لا نطلق عليها النكات، لهذا يقول الله تعالى: “وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلَا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّىٰ يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ ۚ إِنَّكُمْ إِذًا مِّثْلُهُمْ ۗ إِنَّ اللَّهَ جَامِعُ الْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعًا” صدق الله العظيم.
لا بد من تضافر جهود النشطاء وأصحاب الهمم قبل أن يفوت الأوان لغرس ذاكرة جماعية فلسطينية في أذهان شبيبتنا. ألا يكون المؤثرون هم فقط من ذوي الاظافر وذوي عرف الديك بل أيضا ذوي العقول. لا بد من ذلك قبل أن يأتي علينا جيل يعتقد أن السماح له بالصلاة يوم العيد في أقصاه منّة من “أبو يائير”.
إذا كان هناك أي نص إعلامي ترغبون بأن أتناوله في الحلقات القادمة أرسلوا إليّ اقتراحاتكم، ملاحظاتكم، نصائحكم عبر الفيسبوك: Aysha Hjjar.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى