أخبار رئيسية إضافيةأخبار عاجلةمقالات

الرسائل الخفية في الاعلام وكيف تجدها (3)

عائشة حجار-محاضرة جامعية وطالبة دكتوراه في الإعلام الحديث
نحن شعب يئن تحت احتلال فعلي، نرى علما يتنكر لنا كل يوم ومن يقرر كم طفلا سيدرس في كل غرفة بمدارسنا يرانا مجموعة يحبذ التخلص منها، نحن نرى، نسمع ونعي جيدا وجود محتلنا. لكن هناك احتلال واستعمار من نوع آخر، ففي الوقت الذي يستخدم فيه كثيرون مصطلح “الغزو الفكري” اعتقد ان الاصح اننا وصلنا مرحلة “الاستعمار الفكري” منذ زمن/ وهو أخطر بكثير من الاستعمار الفعلي، انه استعمار داخل عقولنا يجعلنا نعتقد اننا اقل من نظيرنا الغربي وأن علينا ان نثبت له حسن نوايانا ليمنحنا شهادة حسن السلوك ونصبح بهذا أشخاصا جيدين، أفضل من هؤلاء الفاشلين الذين ترعرعنا معهم.
ربما يكون الاعلام من أقوى وسطاء هذا الاستعمار، لا اتحدث هنا عن لغة الأفلام الرائجة أو الدول التي يأتي منها مخرجوها، اتحدث هنا عن أمور “ناعمة” تدخل الذهن بسهولة وتتربع فيه، وهذا موجود سواء ببرامج الأطفال أو الكبار. عرض ابطال شقر الشعر ذوي لكنة محددة وولاء وطني سياسي واضح، وعرض اشرار ذوي لكنة أخرى ومظهر آخر، وذات الامر بالنسبة للأحمق، للمضحك، للغبي الخ.. هذا أيضا امر واضح يعرفه كثيرون منا، فمثلا سلسلة أفلام “المهمة المستحيلة mission impossible” عرضت بوضوح البطل الأمريكي ذو القدرات شبه الخارقة الذي يهزم العدو الغريب. اعتقد ان هناك عمقا اخر يجب الحديث عنه، الرسائل الخفية موجودة في التفاصيل الصغيرة، في المغزى المبطن الذي يقول للآخر “اصبح مثلنا لتكون افضل، نل رضانا لتكون شخصا جيدا” سآخذ كمثال فيلم “مدغشقر”، فيلم انميشن (رسوم متحركة) موجه للعائلة وهو مضحك ومسل للأمانة، يتحدث الفيلم عن الأسد الذي انفصل عن عائلته الافريقية في طفولته وكبر في حديقة حيوان نيويورك ليصبح اسدا شعبيا بقدراته على الرقص وتسلية الجمهور ويمنح اسم “الكس”، يعود الأسد الى افريقيا صدفة ليلتقي عائلته المتخلفة ذات العقلية المتحجرة العنيفة، والتي لا تتمكن من التعامل مع بني البشر وتقع بالمتاعب بسبب تخلفها هذا، فينقذ ألكس كل الحيوانات عندما يرقص امام البشر ويثبت لهم انه لطيف بما فيه الكفاية لكي لا يقتلوه، هنا يقتنع الأسد الوالد ويبدأ بالرقص هو الآخر. يبدأ الأسد بالرقص وإظهار تعابير الوجه السخيفة، يسلي أسياده ليشفعوا له ويعد هذا إنجازا، بل هو الامر الطبيعي الذي لا يفهمه القطيع الافريقي المتخلف، ينسلخ عن هويته تماما بحجة التحرر وتقبل الآخر وكلام كثير سيتكرر أيضا في أذان أولادنا عندما يصلون المدرسة ويتعلمون عن “التسامح”. الرسالة؟ كن ظريفا واضحك محتلك لكي يعتقد أنك تستحق أن يعفو عنك ولا تكن صاحب عقلية متحجرة كهؤلاء من حولك.
مرة أخرى، لست ادعو هنا للامتناع عن مشاهدة الأفلام، لكن لا بد أن نؤصل في أطفالنا هويتهم ونعلمهم الفخر بها أولا. فالأمر لا يقتصر على أفلام هوليوود، “باب الحارة” وأخواتها هي أيضا من الاعمال التي تجعل الكثيرين يتنكرون لتاريخهم وموروثهم.
انصح بمشاهدة سلسلة Africa’s great civilizations لنتعلم كيف تمكن الجشع الأوروبي من طمس حضارات عظيمة واقناعنا انهم مجموعة من المتخلفين يرقصون حول النار.
إذا كان هناك أي نص اعلامي ترغبون بأن أتناوله في الحلقات القادمة أرسلوا إلي اقتراحاتكم، ملاحظاتكم، نصائحكم عبر الفيسبوك: Aysha Hjjar

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى