أخبار رئيسية إضافيةأخبار عاجلةمقالات

عندها سنتساءل من أين جاءنا هذا العنف!!

أمية سليمان جبارين (أم البراء)
إن الأمر الخطير أن يسعى البعض جهلا لتدمير الأسرة، وإن الأخطر منه أن يسعى البعض عن علم وسبق إصرار لتدمير الأسرة، وإن الأخطر والأخطر أن يسعى البعض إلى قوننة تدمير الأسرة وشرعنته عبر إصدار لوائح بقوة السلطة تفرض قوانين تدّمر الأسرة وتعاقب المخالف لهذه القوانين، وهكذا تنقلب الموازين ويصبح هادم الأسرة ومدمرها هو حارسها، ويصبح راعي الأسرة وحاميها هو المتهم بهدمها وتدميرها، ولذلك كم كان بيان طليعة من علماء شعبنا الفلسطيني ضروريا عندما حذروا فيه من خطوة قانون بات يُعرف باسم (قانون حماية الأسرة من العنف) قد نشرت السلطة الفلسطينية مسودته تمهيدا لإقراره، وهو خطير في حسابات نخبة هؤلاء العلماء من شعبنا الفلسطيني، وإن حَمَلَ هذا الإسم البَرّاق (حماية الأسرة من العنف)، للأسباب التالية كما ورد في بيانهم:
1. عدَّ هؤلاء النخبة من العلماء (وهم تسعة وثلاثون عالما) ما جاء في مسودة هذا القانون: (مخالفا لأحكام الشريعة وقيم المجتمع ومناقضا لما تقتضيه العقول السليمة والفطرة المستقيمة، وبما يفضي لتدمير الأسرة الفلسطينية وإضعافها) !!
2. إن مسودة هذا القانون تقضي (على أساس العلاقات الأسرية المتمثل في المودة والرحمة والإصلاح ليقّيمها على أساس صراع خارجي تسلطي).
3. (يوجد مرونة تامة وفضفاضة في صياغة مواد القانون، وفي تعريف العنف الأسري والاقتصادي والنفسي بما يَطال كل أشكال العلاقة وطرق التعامل ويخضعها للمحاكمات الخارجية والعلنية).
4. (….. سيفكك الأسر ويقضي على كل أسس المودة والرحمة والمعاشرة بالمعروف والتسامح والاحترام المتبادل).
5. (إن القانون يشكل انتهاكا للخصوصية الأسرية والعلاقات الخاصة بين الزوج والزوجة، والأب وأبنائه، ونقلها من النطاق الخاص إلى النطاق العام).
6. إن مسودة هذا القانون تعطي (شرعنة التدخل في تلك الشؤون بإعطاء الحق لكل أحد في المجتمع بالشكوى لدى الدوائر المختصة والاعتراض على طبيعة العلاقة الأسرية أو الزوجية لغيره، مع ما يستتبعه ذلك من نتائج مدمرة).
7. إن مسودة هذا القانون تقود إلى (تعزيز القيم الفردية والشخصية المتحررة من كل القيود الدينية والمجتمعية في مواجهة القيم الأسرية الإسلامية والمجتمعية).
8. إن مسودة هذا القانون تقود إلى (التحلل من كل الالتزامات الأسرية والزوجية والأبوية التي قررها الدين أو المجتمع).
9. إن هذا (القانون توعد كل من يحدُّ من هذه الحرية أو يعارضها ولو بالكلام، وعدّ تلك المعارضة جريمة تستوجب الملاحقة والحبس والمعاقبة والتعنيف والعزل الأسري).
10. إن هذا (القانون ينادي بإلغاء الفروق الوظيفية بين الجنسين، والمساواة التامة بينهما في ذلك. وعدَّ كل من يخالف ذلك مرتكبا لجريمة التعنيف الأسري المستوجبة للعقوبة والحبس والعزل).
11. بيَّن هؤلاء النخبة من العلماء (مطالبة القانون المذكور بإلغاء كل ما يتعارض معه في القوانين الأخرى، بما يشمل قانون الأحوال الشخصية وقانون العقوبات، وفي ذلك إلغاء لأحكام شرعية قطعية، ومحادة لله ولرسوله، وتحريم لما أحل الله، وإحلال لما حَرَّم).
12. بناء على هذه الملاحظات التي كتبها هؤلاء النخبة من العلماء عن مسودة هذا القانون، فإن هذا القانون وإن كان يحمل اسم (حماية الأسرة من العنف) فإنه تحت غطاء، هذا الاسم البّراق يؤدي إلى صناعة خصومة مركَّبة قابلة أن تستفحل وتتضخم مع الأيام ككرة الثلج، ولن يعود ويل هذه الخصومة المركبة على الأطراف المتنازعة في الأسرة فقط بل سيعود على كل مجتمعنا الفلسطيني.
13. إن صناعة هذه الخصومة المركبة القابلة للتضخيم، سيفرض حالة استقطاب صدامي بين أطراف النزاع في الأسرة الواحدة، هذا النزاع الذي قد يكون بين الزوجين، أو بين الزوجين من جهة والأبناء من جهة أخرى، أو بين الأبناء مما يصنع حالة احتقان ملغومة قد تنفجر في كل لحظة لأتفه الأسباب.
14. إن صناعة هذه الخصومة المركبة وصناعة هذا الاستقطاب الصدامي وصناعة هذا الاحتقان الملغوم ستكون الأرضية الخصبة لميلاد حاضنة العنف الأعمى في الأسرة الفلسطينية والمجتمع الفلسطيني.
15. إذا ما قامت هذه الحاضنة من العنف الأعمى سينتج عنها عنف مركب قد يقع من الزوج على الزوجة أو العكس، وقد يقع من أحد الوالدين على بعض الأبناء أو العكس، وقد يقع من بعض الأبناء على بعضهم الآخر، وقد يخرج غول هذا العنف من حدود الأسرة إلى حدود الحمولة الواحدة، أو إلى حدود أكثر من الحمولة، وقد يُنجب فِتنا سوداء عمياء صماء بكماء كقطع الليل المظلم، وعندها لن ينجح بإخماد تلك الفتن الحاصدة مليون قانون وضعي مستورد وهجين، وإن حمل إسم (حماية الأسرة من العنف).
16. وعندها سيكون فينا ضحايا لهذه الفتن السوداء ولهذا العنف الأعمى، وقد يكون هؤلاء الضحايا قتلى أو جرحى أو سجناء جنائيين، وعندها قد يُراق دمنا لا على يد الاحتلال الإسرائيلي هذه المرة، بل على يد قانون ظاهره الرحمة وباطنه من قِبله العذاب سمَّاه من سمَّاه تمويها وتلبيسا (حماية الأسرة من العنف)، وعندها سنلطم على وجوهنا ونندب حالنا، وعندها سنتساءل من أين جاءنا هذا العنف، وسلفا أجيب على هذا السؤال وأقول بمرارة: من عند أنفسنا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى