أخبار رئيسيةأخبار رئيسية إضافيةأخبار عاجلةمقالات

معركة الوعي (23).. الذيــــن قالــــوا “لا”! (2)

حامد اغبارية
مدخل
قليلون هم الذين قالوا “لا”! لكنّهم على قلّتهم فرضوا بمواقفهم الثابتة معادلةً جعلت الذين أرادوهم أن يقولوا “نعم” يُجيّشون لهم جيوشا مدججة بكل أنواع السلاح العسكري والاقتصادي والإعلامي والثقافي، سعيا إلى الشيطنة والتشويه والملاحقة والبطش والاجتثاث، فما ازداد الموقف إلا صلابة، وما ازداد المشهد إلا وضوحا، وما ازداد الذين رفضوا السير في الركب إلا عنفوانا، وما ازداد الذين راودوهم عن مواقفهم إلا فشلا، حتى أصبح العالم وقد انقسم إلى فُسطاطين لا ثالث لهما، اللهم إلا من “فُسَيْطِطِ” المنافقين الذين ربطوا مصائرهم بمن يظنون- مخطئين- أنه غالبٌ في كل الأحوال.
في هذه السلسلة التي قد تستغرق صفحات كثيرة، محاولةٌ لفتح البصائر على حقيقة الصراع الدائر بين الذين قالوا “لا”، وبين الذين يريدون فرض أجندتهم على أهل الأرض جميعا، أو بالأحرى فتح البصائر على حقيقة الحرب التي يشنها فسطاط الشيطان على الذين استقر في نفوسهم قول “لا” في كل الأحوال كذلك.
هذا ليس لغزا من الألغاز، ولا هي طلاسم يصعُب فهمُ كنهها. إنه حديثٌ عن أهل الحق القابضين على الجمر في زمن السنين الخداعة التي يُصدّق فيها الكاذب، ويُكذَّب فيها الصادق، ويؤتمن فيها الخائن، ويخوَّن فيها الأمين، وينطق فيها الرويبضة. إنه حديثٌ عن الذين لم تفارقهم شجاعة المؤمنين ورباطة جأش المرابطين على الثغور، رغم ما يبدو للرائي من ضعف قوّتهم وقلة حيلتهم وهوانهم على الناس وتخلي الأقربين عنهم.
هو حديثٌ عن تركيا، وعن ماليزيا، وعن الإخوان المسلمين، وعن الحركة الإسلامية المحظورة إسرائيليا، وعن غزة قاهرة الغزاة، وعن العراق ما قبل 2003، وعن العلماء الربانيين الذين رفضوا السير في ركب السلطان، وعن صفحات أخرى مشرقة في بلاد المسلمين التي استهدفها فسطاط الشرّ طوال عقود.

تركيا وميزان الرعب (2-2)
بدأنا الحديث في الحلقة السابقة عن تركيا اليوم، في عهد الرئيس أردوغان وحزب العدالة والتنمية، وأشرنا إلى أن تركيا-أردوغان من الدول الإسلامية التي قالت “لا” لفسطاط الشر. واستعرضنا قسما مما جاء في مقال تحريضي للجنرال الإسرائيلي رون بن يشاي الذي يعمل اليوم محللا عسكريا في الإعلام الصهيوني، والذي نُشر قبل أسبوعين في موقع “واينت” العبري تحت عنوان “أردوغان المُحتل ينشئ إمبراطورية تركية جديدة”، حاول من خلاله تقديم الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في صورة الدكتاتور الذي يسعى إلى احتلال أراضي الآخرين لتحقيق أهدافه التوسعية!
وقد بدأنا الحديث في الحلقة السابقة عن الأهداف الاستراتيجية الأربعة لأروغان، والتي تحدث عنها بن يشاي، وانتهينا من الحديث عن الهدف الاستراتيجي الأول الذي يتعلق بالعودة بتركيا إلى مكانة الدولة المهيمنة التي فقدتها الإمبراطورية العثمانية عقب الحرب العالمية الأولى.
وقبل مواصلة الحديث عن سائر الأهداف في مقال بن يشاي لا بد من ثلاث ملاحظات:
الأولى: عندما يصف بن يشاي أردوغان بالمحتل، فإنه بذلك يخرج من إطار الحيادية التي يحاول دائما أن يتلفع بها ويزعمها.
الثانية: نحن نعلم، كما يعلم بن يشاي، من هو المحتل الحقيقي، ومن هو المشروع الشيطاني الذي يسعى إلى تحقيق أهدافه التوسعية. فليس على وجه الأرض أوضح مثالا ينضح وساخة وفجاجة كالمشروع الصهيوني، الذي تعرف كل مراكز الأبحاث العالمية أهدافه الكولونيالية القائمة على مزاعم دينية باطلة ما أنزل الله بها من سلطان.
الثالثة: هذه السلسلة ليست حيادية، ولا أدعي فيها التجرد، وكأنني مراقب غريب يقرأ الحدث بأدوات مدرسة الكذب الإعلامي التي يملك خيوطها فسطاط الشر للتدليس على الناس، وإنما هي نصرة للحق، وتأكيد للحقيقة، وكيٌّ للوعي، وفضح لممارسات جُند الدجال، وإسقاط للقناع عن الوجوه القبيحة. وشتان بين من يقول الحق ويكشف الحقائق وبين من يكذب وينسب قبائحه للآخرين، ويقدم نفسه وكأنه نقي من الدنس وهو غارقٌ فيه. وهذا ديدن فسطاط الشر. فهو غائص في مستنقع “اللواتي يدّعين الشرف” حتى أذنيه.
يقول بن يشاي إن الهدف الاستراتيجي الثاني لأردوغان، والذي يساوي في أهميته الهدف الأول، هو الهدف الاقتصادي. فالاقتصاد التركي “تضرر بسبب كورونا!! ولكنه كان يعاني من الركود قبل ذلك”. وكانت أهم عقبة تسببت في ذلك – حسب زعمه-هو عدم توفر مصادر رخيصة للطاقة الصناعية، بما في ذلك الصناعات العسكرية وبناء السفن. ولذلك فإن أردوغان يسعى بكل شراسة لتأمين مصادر رخيصة للنفط والغاز لسنوات قادمة حتى يتمكن من تطوير اقتصاد بلاده. ومن أجل ذلك يسعى للسيطرة على جزء كبير من حقول الغاز والنفط البحرية، وفي المقابل يعقد معاهدات طويلة الأمد مع دول نفطية تحتاج هذه الأيام إلى مساعدة تركيا. وهذا طبعا تلميح لليبيا تحديدا.
ما يقوله بن يشاي صحيح في أصله. فأردوغان يسعى فعلا إلى توفير مصادر الطاقة الرخيصة التي يحتاجها لتطوير اقتصاد بلاده وإخراجه من أزمته. لكن أردوغان لا يسعى إلى السيطرة على شيء ليس من حقه، بل هو يستعيد حقا تاريخيا له. وقد “نسي” بن يشاي أن يقول للقارئ إن السبب في تراجع الاقتصاد التركي تقف وراءه مؤسسته الإسرائيلية والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي. فهؤلاء، ومعهم أنظمة عربية على رأسها السعودية والإمارات ومصر، سعوا ويسعون إلى إسقاط الدولة التركية وتحويلها إلى دولة فاشلة. وقد تحدثنا عن ذلك بالتفصيل في الحلقة السابقة. ولأن أردوغان لا ينتظر أحدا، ولا يعطل مشاريعه إلى حين انتخاب رأس الحيّة في واشنطن، كما تفعل سائر الأنظمة التابعة والفاشلة، فإنه يمضي في مشروعه، دون أن يلتفت إلى الوراء. وهو بذلك يمارس حقه كدولة ذات سيادة حقيقية، دولة ليست مدينة بقرش واحد لأحد من أقطاب فسطاط الشر، متحررة من أية قيود سياسية – اقتصادية فرضها الاستعمار على المنطقة الإسلامية منذ الحرب العالمية الأولى. وهي في التالي تمارس حقها التاريخي الذي سلبته دول الحلفاء عقب تلك الحرب الكونية. وهذا في الحقيقة هو الذي أصاب تلك القوى بالجنون والرعب. فمشروع أردوغان يسير بخطى واثقة نحو 2023، رغم كل محاولات تعطيله؛ سواء عن طريق محاولة الانقلاب الفاشلة أو ضرب الليرة التركية أو شيطنة أردوغان بشخصه وصفته وشيطنة حكومته ومشروعه، كما تحدثتُ عن ذلك سابقا.
وقد أغفل بن يشاي عن سبق إصرار أن حكومة دولته تمارس في البحر المتوسط كل أنواع القرصنة في حقول النفط والغاز، دون أن يكون لها حق سياسي أو تاريخي فيها. والعجيب أن تل أبيب تجد سندا لقرصنتها تلك من أنظمة عربية، مثل الانقلابيين في مصر السيسي والعملاء في الإمارات. فانظر كيف انقلب التاريخ و”تشقلبت” الموازين. فسبحان الله العظيم!
أما الهدف الاستراتيجي الثالث الذي يتحدث عنه بن يشاي فهو الهدف الأمني الأول الذي يسعى أردوغان من خلاله إلى إفشال طموحات الأكراد القومية في تركيا.
كلام باطل من أساسه. إذ ليس هذا هو الهدف الأمني لتركيا اليوم. وبن يشاي يعلم هذا جيدا. فرغم تعقيدات المشكلة الكردية، ورغم أن أنقرة تعتبر عصابات الأكراد قضية أمنية ذات وزن كبير إلا أن الهدف الأمني الأول هو حماية تركيا ومشروعها من مؤامرات فسطاط الشر. وما قضية الأكراد سوى إحدى وسائل ذلك الفسطاط لتهديد الأمن التركي.
وكون بن يشاي واحدا من المراسلين الحربيين الذين وصلوا إلى مواقع الأكراد؛ سواء في العراق أو تركيا، فهو يعلم جيدا أن الانفصاليين من أكراد تركيا، مثل الانفصاليين من أكراد العراق وسوريا وإيران، هم في الحقيقة دمية في أيدي أقطاب فسطاط الشر، بما فيهم دولته، لتحقيق تدمير تلك الدول، وإشغالها بقلاقل أمنية داخلية تَحُول بينها وبين تقدمها وخروجها من التبعية. وهو يعلم كذلك أن بلاده تمد هؤلاء الانفصاليين بكل أنواع الدعم العسكري والمالي واللوجستي والاستخباراتي. وهذه مسألة لم تعد سرا، بل أصبحت معروفة للجميع.
إن أكراد تركيا هم جزء من النسيج الوطني التركي، لهم ما لغيرهم من حقوق وعليهم ما على غيرهم من واجبات. أما عصابات الإجرام من أمثال حزب العمال الكردستاني الماركسي العقيدة، فهي لا تمثل الأكراد، لا في تركيا ولا في غيرها، بل هي مليشيات تؤدي دور المرتزقة لدى دول كولونيالية تحت غطاء “حق الأكراد في دولة مستقلة”. ومثال هؤلاء عصابة آل برزان من أكراد العراق الذين تحالفوا مع تل أبيب وواشنطن واستعانوا بهما لتدمير العراق وطمعا في تحقيق مجد وهميّ. وإذا كان بن يشاي- وهو طبعا لا يتحدث باسمه الشخصي، بل باسم مشروعه الصهيوني- يريد أن يظهر بمظهر الحريص على “الطموحات القومية” لأكراد تركيا، فإن الذي بيته من زجاج لا يرمي بيوت الناس بالحجارة. وكان أولى به أن يتحدث عن ممارسات حكومته تجاه فلسطينيي الداخل، الذين لا تعترف بهم كمجموعة قومية لها حقوق تاريخية، علما أنه لا مجال للمقارنة بين الحالتين! لا مجال للمقارنة بين شعب نُهبت حقوقه وأرضه وروايته وجغرافيّته وتُراثُه الحضاري وتراثه الشعبي، كالشعب الفلسطيني، وبين مجموعة سكانية ذات ثقافة جَمَعية كالأكراد لكن تاريخهم جزء من تاريخ الأمة الإسلامية، ويعيشون في وطنهم لا ينازعهم فيه أحد. ويعلم بن يشاي وغيره أن “المسألة الكردية” هي صنيعة غربية بدأت تُنسج خيوطها منذ مطلع القرن التاسع عشر كجزء من المؤامرة على الخلافة العثمانية، بموازاة خيوط مؤامرة “المسألة الأرمنية”. وقد أخذت هذه المسألة زخما أكبر مع انتهاء الحرب العالمية الأولى، وتحديدا منذ العام 1917، كجزء من المخطط الاستعماري الغربي الذي انقضَّ على بلاد الإسلام وقطّع أوصالها على الهيئة التي نراها اليوم. وإذا كان ما يسمى “المجتمع الدولي” الذي هو أيضا أداة غربية، قد اعترف بحقوق الأكراد، فإن هذا لا يعني شيئا سوى أنه جزء من المخطط. فـ “المجتمع الدولي” هذا يدعم أيضا “حقوق” أقباط مصر على سبيل المثال. فهل يدعم بن يشاي حقوق الأقباط ضد صديقه السيسي؟ أم أنه ودولته والسيسي في “الهمّ سواء”؟ و “المجتمع الدولي” يدعم “حقوق” كل الانفصاليين في أية بقعة من بقاع الأرض كي تتسنى له السيطرة والهيمنة ونهب خيرات الشعوب ومقدراتها وثرواتها. و”المجتمع الدولي” اتخذ قرارات في “الأمم المتحدة” بخصوص القدس واعتبارها أرضا محتلة مع الضفة وغزة، وقرارات تتعلق بحقوق اللاجئين الفلسطينيين، فهل يدعم بن يشاي هذه القرارات أيضا؟
كانت منطقة كردستان في غالبيتها تابعة لحكم الخلافة العثمانية، خاصة منذ 1515، عقب الحرب بين الدولة العثمانية والدولة الصفوية. وكانت ولايات الأكراد قد اختارت راضية أن تتبع للدولة العثمانية بسبب سوء معاملة الدولة الصفوية لهم. وكانت قضية الأكراد بندا من بنود اتفاقية “سيفر” المذلة التي أُجبر السلطان العثماني على التوقيع عليها. ورغم أن الحلفاء ألغوا اتفاقية “سيفر” تلك، بعد توقيع الانقلابيين الأتراك بقيادة أتاتورك على اتفاقية لوزان الثانية (تحدثتُ عنها في الحلقة السباقة) إلا أن هؤلاء التزموا بالبنود التي تخص الأكراد وأدرجوها كما هي تقريبا في اتفاقية “لوزان”، وما يزال أثرها واقعا حتى يومنا هذا. وحقيقة الأمر أن “المجتمع الدولي” لا يقصد حقيقة دعم حقوق الأكراد في الاستقلال بقدر ما يهمه استخدام هذه القضية لتمرير أجنداته في المنطقة، والتي تسعى- من بين ما تسعى إليه- إلى الإبقاء على الوضع القائم لإضعاف الدول التي يعيش فيها الأكراد، واستنزاف قوتها واقتصادها وزعزعة استقرارها.
أما الهدف الاستراتيجي الرابع الذي تحدث عنه بن يشاي، فهو ما يسميه الهدف الذي لا يريد أردوغان أن يتحدث عنه علنا، وهو الهدف الديني. وهذا في حقيقة الأمر ما يشكل مصدر رعب لأقطاب فسطاط الشر.
يرى بن يشاي أن أردوغان يسعى إلى استعادة دور تركيا كمركز للعالم الإسلامي، بعد أن كان أتاتورك قد حول تركيا إلى دولة علمانية ذات طابع وثقافة غربيين.
ولكي “يُدعّم” بن يشاي مقولته تلك فإنه ينسب أردوغان وحزب العدالة والتنمية إلى “الإخوان المسلمين”. وهذه أسهل وسيلة في أيامنا لتحريض فسطاط الشر على تركيا. فتنظيم الإخوان المسلمين اليوم مستهدف من كل أقطاب الشرّ في العالم، وليس “أفضل” من إلحاق أي شخص أو نظام حاكم بالإخوان المسلمين ليسهل الانقضاض عليه وشيطنته. وربما من نافلة القول إن شرف الانتماء للإخوان المسلمين هو مطمح كل شريف حر، غير أن أردوغان وحزبه لا ينتمون إلى الإخوان المسلمين. ولو بحث بن يشاي قليلا لاكتشف بسهولة أن خلفية الرئيس التركي صوفية ولا علاقة له بالمدرسة الإخوانية ولا بفكرها ولا بمنهجها. لكن بن يشاي أراد أن ينسب أردوغان للإخوان ليبرر دعمه –كما يقول – للإخوان في مصر ولحركة حماس في غزة. وهذا مثير للسخرية ينزل بمستوى الكاتب إلى حضيض الجهالة. فأردوغان أولا وآخراً مسلم يعتز بإسلامه، وهو يقول هذا علنا، ويمارس هذا الانتماء واقعا في حياته، بشجاعة غير مألوفة في أوساط قطيع الجبناء من حجارة الشطرنج الذين تحركهم أوكار الماسونية العالمية. وفي التالي فإن دعمه لإخوان مصر أو لغزة إنما هي نُصرةُ مسلمٍ للمظلومين من أبناء أمته. فهل هذه جريمة يستحق أردوغان عليها العقوبة المشددة والتحريض؟
أما الكذبة الأخرى فهي زعم بن يشاي أن هذا الانتماء للإخوان هو السبب في عداء أردوغان لتل أبيب والاتحاد الأوروبي وأمريكا، بل هو أيضا سبب للدعم السرّي من أردوغان لداعش!!
هل الانتماء للإخوان فقط يشكل سببا للعداء لتل أبيب والاتحاد الأوروبي وأمريكا؟ أليست ممارسات تلك القوى الإجرامية في كل بقعة على هذا الكوكب الموبوء بعصابات الإجرام هي السبب في هذا العداء؟ حسنا!! كيف يفسر بن يشاي إذاً “عداء” إيران الشيعية لدولته ولأمريكا؟ وكيف يفسر عداء صدام حسين البعثي الذي كان الإخوان في فترة من الفترات من ضحاياه؟ وكيف يفسر عداء دولة مثل فنزويلا لدولته ولأمريكا؟ والقائمة طويلة لا نهاية لها، كلها تقول إن السبب في هذه العداء هو الجرائم التي تصدر عن هؤلاء بحق شعوب الأرض الطامحة إلى الحرية والانعتاق.
أما عن الدعم التركي السري لداعش، فهذا يحتاج إلى “قَعْدة” طويلة على “فراش عربي”. ولكن نختصر ونقول: كيف يكون الدعم سريّا ثم يعلم به بن يشاي؟ ولنفترض أن “السر” قد انكشف!! فأين الدليل؟ لو كان ذلك حقا لأقام نتنياهو وترامب والاتحاد الأوروبي الدنيا، ولعُقدت مؤتمرات صحافية على مدار الساعة لعرض الأدلة “السرية” على الرأي العام. إنما هذه في الحقيقة عملية تضليل يخدعُ بها هؤلاء بسطاءَ العقول، بهدف ربط أمور لا يمكن أن يرتبط بعضها ببعض، فهي كالخطّين المتوازيين لا يلتقيان إلى قيام الساعة. وأنا هنا لا أريد أن أتحدث عن نفي تركيا لهذه الفرية، ولا عن محاربتها لتنظيم داعش، الذي ستكشف الأيام حقيقته وحقيقة من يقف وراءه، ومن هي الجهات التي صنعته، ومن هي الجهات التي كانت تقدم له الدعم “السرّي”!!
نعم، هذه أهداف استراتيجية لتركيا، رغم أنف بن يشاي، ورغم أنف نتنياهو وترامب والاتحاد الأوروبي وروسيا وزرائب العار في عواصم العرب. وإنه لن ينفع هؤلاء تحريضٌ ولا تدليسٌ ولا تلبيسٌ ولا قلبٌ للحقائق ولا كذبٌ ولا تزويرٌ ولا اختراعُ قصص وحكايات، فقدرُ الله ماضٍ، وإن الذين يمضون مع قدر الله هم جزء من قدره، والذين يحاربون قدر الله هم أيضا جزء من قدره، وإن يد الذين قالوا “لا” لفسطاط الشر ستكون هي العليا، بقدرٍ من الله ووعدٍ منه، فانتظروا إنا معكم منتظرون. (يتبع).

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى