أخبار رئيسيةأخبار رئيسية إضافيةأخبار عاجلةمقالات

معركة الوعي (20): جذور الكذب وتزوير الرواية.. قراءة في كتاب “إرهاب الأقصى: من الفرية إلى الدم” لنداف شرغاي (2-2)

استعرضتُ في القسم الأول من هذا المقال أهم ما جاء في كتاب “إرهاب الأقصى: من الفرية إلى الدم” للكاتب والباحث الصهيوني نداف شرغاي، الذي صدر مؤخرا، والذي يعتبر الجزء الثاني بعد كتابه السابق بعنوان “فرية الأقصى في خطر- صورة الكذب”، وفيه يقدم شرغاي سلسلة من الأكاذيب والأضاليل والافتراءات، وعلى رأسها أن القرآن الكريم يحرض على القتل والإرهاب، وأن شعار “الأقصى في خطر” أدى في النهاية إلى استخدام العنف وممارسة الأعمال الإرهابية ضد اليهود. ومن تلك الافتراءات أيضا أن الفلسطيني يقتل اليهودي لمجرد كونه يهوديا، وأنه يجب قتله لأن القرآن يحرض على ذلك!! ويقدم مثالا على ذلك ما حدث في القدس والأقصى بين عامي 2014-2016، حين وقعت عمليات الطعن الفردية، التي ربطها شرغاي بشعار “الأقصى في خطر”، وكأن الشعار هو السبب في وقوع تلك العمليات، وليس أي شيء آخر!!
وفي هذا القسم الثاني من المقال مناقشة لما جاء في ذلك الكتاب المحشو بقمامات وأكاذيب ليس عليها دليل واحد على أرض الواقع. وإنما هي من بنات أفكار المؤلف التي جاءت لتخدم أجندات المشروع الصهيوني، خاصة في هذه الأيام التي تشهد فيها المنطقة هرولة عربية- إسلامية رسمية للتطبيع مع المؤسسة الإسرائيلية بشكل غير مسبوق.
أولا: بدأ استخدام شعار “الأقصى في خطر” تحديدا عام 1996، عندما انطلق مهرجان “الأقصى في خطر” الأول، الذي نظمته الحركة الإسلامية، التي حظرتها حكومة نتنياهو عام 2015. وطوال 20 سنة ظل هذا الشعار ملازما للمهرجان، حتى أنه عُرِف به، وأصبح جزءا من أدبيات وخطاب الحركة الإسلامية، بل جزءا من خطاب وأدبيات كل الداخل الفلسطيني، بكل توجهاته السياسية والفكرية. وطوال تلك الفترة لم تسجل على خلفية الشعار أية أعمال من تلك التي يسميها شرغاي “إرهابية”.
ثانيا: يزعم هذا الدجال الصغير أن شعار “الأقصى في خطر” كان دافعا لأحداث وقعت بين عامي 2014-2016. فما الذي حدث في تلك الفترة؟
في أواخر 2014 ومطلع 2015 صعّد الاحتلال الإسرائيلي ممارساته القبيحة ضد المسجد الأقصى، وفتح المجال أمام سوائب المستوطنين لتنفيذ اقتحاماتهم للمسجد الأقصى المبارك بصورة غير مسبوقة. وقد تصدّر الاقتحامات في ذلك الوقت وزراء في حكومة نتنياهو وأعضاء كنيست يهود ومجموعات شبابية من حزب الليكود الحاكم ومن غلاة المستوطنين، الأمر الذي أثار غضب أحرار الشعب الفلسطيني، خاصة في القدس المحتلة. ولكن لم يكن هذا هو الحدث الوحيد الذي دفع إلى أحداث تلك الفترة وعلى رأسيها عمليات الطعن الفردية التي نفذها شبان مقدسيون في غالبيتهم. قبل ذلك وفي 2014 توجهت السلطة الفلسطينية للانضمام إلى محكمة الجنايات الدولية وانتزاع اعتراف من الأمم المتحدة بالدولة الفلسطينية، بعد أن كان نتنياهو قد اشترط على سلطة رام الله (وعلى الشعب الفلسطيني) الاعتراف بيهودية المؤسسة الإسرائيلية، ما أدى إلى “تجميد” المفاوضات العبثية بين الطرفين، رافقه تصعيد سياسي وإعلامي، وخطوات تصعيدية إسرائيلية على الأرض، خاصة توسيع المستوطنات وزيادة وتيرة الاعتداء على المسجد الأقصى.
وفي تموز 2014 وقعت جريمة اختطاف الفتى المقدسي محمد أبو خضير وقتله حرقا بصورة بشعة على أيدي عصابة إجرام من غلاة المستوطنين.
وفي نفس السنة كان الاحتلال يقصف غزة في جريمة الحرب الثالثة التي ارتكبها بحق القطاع، والتي ارتقى فيها من أبناء غزة ما يزيد على 2100 شهيد، غالبيتهم من المدنيين من النساء والشيوخ والأطفال. وفي تموز 2015 ارتكبت عصابة مستوطنين جريمة حرق عائلة الدوابشة، وفي أيلول 2015 حظر الاحتلال مصاطب العلم في المسجد الأقصى، كما حظر الرباط والاعتكاف وشن حملة مجنونة غير مسبوقة ضد المسمين الذي يشدون الرحال إلى مسجدهم، الذي يعتبر أول القبلتين وثالث الحرمين، وهو آية في القرآن الكريم، الذي يحرّض عليه شرغاي ويعتبره محرضا على الإرهاب.
كل هذه الأحداث وغيرها كانت هي السبب المباشر والوحيد في اندلاع الأحداث التي يربطها شرغاي بشعار “الأقصى في خطر”، وكأن هذا الشعار هو السبب في اندلاعها.
ثالثا: لم يكن شعار “الأقصى في خطر” مجرد شعار يردد على المنصات لاستدرار العواطف وإلهاب المشاعر، بل كان جرس إنذار يعكس حقيقة الواقع الخطير الذي يحيط بالمسجد الأقصى جراء ممارسات الاحتلال وجرائمه المتكررة ضد قبلة المسلمين الأولى، فكان الشعار بمثابة بوصلة وبمثابة منبّه للأمة لإيقاظها من سباتها كي تدرك أن الأقصى في خطر حقيقي، وأن الاحتلال يسعى إلى تنفيذ خطته القاضية ببناء الهيكل المزعوم على أنقاضه. ومنذ ذلك الوقت ولغاية هذه اللحظة أكدت الوقائع والأحداث صدقية هذا الشعار، وهو ما يحاول شرغاي عبثا نفيه ونقصه في كتابه، وكأنه يريد أن يقول إن المسجد الأقصى ليس في خطر إطلاقا، وإن شعار “الأقصى في خطر” مجرد فرية وكذبة، وهذه الفرية –حسب زعمه-أدت إلى سفك الدماء.
رابعا: كان يكفي حدث واحدٌ من تلك الأحداث التي سقتها أعلاه كي يشعل الأرض تحت أقدام الاحتلال.
كانت تكفي عملية قتل محمد أبو خضير لإخراج الشعب كله إلى الشوارع، ومثلها جريمة إحراق عائلة الدوابشة، ومثلها جريمة الحرب على غزة التي سفكت فيها دماء الأبرياء بينما العالم كله يتفرج ولا يحرك ساكنا، بل اتهم الضحية وبرّأ المجرم، تماما كما يفعل شرغاي في كتابه، من تبرئة الاحتلال وجرائمه وممارساته وخططه تجاه القدس والأقصى وضد الشعب الفلسطيني والأمة كلها، واتهام القرآن بأنه يحرض على الإرهاب، وشعار “الأقصى في خطر” بأنه دفع الشبان المقدسيين للخروج إلى “قتل اليهود لأنه جرى تحريضهم على أن الأقصى في خطر”، وبسبب القرآن آمنوا بأن قتل اليهود سوف يسرّع تحرير المسجد الأقصى!! كما يقول هذا الكذاب الأشر.
خامسا: يستخدم شرغاي في كتابه مطلح “جبل الهيكل” للإشارة إلى المسجد الأقصى المبارك. وهذا الاستخدام يحمل دليلا ضد الكتاب ومؤلفه. فهو من ناحية يقول إن الأقصى ليس في خطر، ومن ناحية يعتبره جبل الهيكل. ومن نافلة القول إن هذه التسمية تحمل في طياتها كل المخططات الشيطانية لبناء الهيكل المزعوم. فأين سيُبنى ذلك الهيكل؟ ألا يزعمون أن الأقصى أقيم على أنقاض هيكلهم؟ فهم إذاً يطالبون ببنائه على أنقاض الأقصى. ألا يعني هذا أن الأقصى في خطر؟؟
سادسا: منذ احتلال القدس والأقصى في حزيران 1967 والحديث في أروقة المؤسسة الصهيونية لا يتوقف عن بناء الهيكل. وقد “فرّخت” المؤسسة الإسرائيلية منذ ذلك الوقت وحتى اليوم جماعات مستوطنين متطرفة تطالب ببناء الهيكل، وبعضها صرح علنا بوجوب قصف/ هدم/دك/ تدمير المسجد الأقصى لتحقيق هذا الهدف. وقد اختبأت المؤسسة الإسرائيلية وراء هذه الجماعات للمضي في مخططها ذاك. وظلت تعمل بـ “التقيّة” حتى جاء عصر نتنياهو فأصبح كل شيء على المكشوف، جهارا نهارا، وأصبحت التصريحات الرسمية بدءا من نتنياهو وليس انتهاء بأصغر وزير في حكومته، وبينهم حاخامات “كبار”، أكثر صراحة وأكثر وضوحا. فمن هو الذي يدفع إلى سفك الدماء؟ إنها ممارسات الاحتلال، ومخططاته التهويدية التي يقودها نتنياهو وعصابة حكومته، ومن خلفهم جيش جرار من المستوطنين والحاخامات تحيط بهم كتائب من قوات الأمن المختلفة، من جيش وشرطة وحرس حدود وأجهزة مخابرات وإعلام فاجر هو في حقيقته كتيبة من كتائب الأمن القومي الإسرائيلي.
سابعا: لن أحاول هنا الدفاع عن القرآن الكريم إزاء افتراءات شرغاي عليه. فكتاب الله العزيز الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه أكبر وأعظم وأطهر وأجلّ من أن أشغل وقتي بمناقشة أباطيل وأكاذيب ودجل ظاهر البطلان، وليس عليه أي دليل مما ساقه هذا المفتري الكذاب في كتابه. وقد كفانا هذا الرد مفكرون غربيون، بل وحتى باحثون يهود في العلوم الإسلامية، ومنهم من يعمل في جامعاتهم، مما كتبوه عن القرآن العظيم ونفيهم هذه الفرية الصهيونية الصليبية الماسونية عنه. وإذا اقتضت الضرورة فسوف أفرد مقالا خاصا لما كتبه هؤلاء عن القرآن. أما شرغاي فيبدو أنه أُشبِع كراهية وحقدا كما أُشبِع خيالا وأوهاما عن الإسلام والقرآن وعن المسلمين، حتى أُشربه في قلبه، كما أُشرب أسلافه العجل في قلوبهم. وعندي يقين مستقر أن أحد أهم أسباب هذا الحقد على القرآن بشكل خاص أنه فضح تاريخ أجداده وقدم حقيقتهم للبشرية بوحي من السماء. أما التحريض على القتل وسفك الدماء وإبادة المجموعات البشرية أياً كانت، بأطفالها ونسائها وشيوخها، فيمكن لشرغاي أن يراجع أسفار توراة اليوم. فهناك سيجد الجواب الشافي.
ثامنا: ساق شرغاي في كتابه قائمة من الأسماء المشبوهة التي باعت نفسها للشيطان، كي يسند روايته الكاذبة حول القرآن وشعار “الأقصى في خطر”، فكان كمن يريد أن يسند الجبل العظيم بحصاة، أو كمن يريد أن يهز النخلة بذبابة حطّت عليها.
فمن يكون سلمان مصالحة –مثلا-ليشكل مرجعية لشرغاي تقول إن “جذور الإرهاب موجودة في الإسلام؟!! وهل مقولته هذه تكفي دليلا؟ أم أنها مجرر هراء وتقيؤات وفحيح وتقيُّحات صدرت عن جاهل بالإسلام وأدبياته؟ يكفيك مثلا أن مصالحة حاصل على ما يسمى بـ “جائزة رئيس الدولة للأدب” حتى تتعرف على “مضمونه”. وهل تُمنح هذه الجوائز وأمثالها إلا للذين يخدمون أهداف المشروع الصهيوني؟ ولكن هناك أكثر من ذلك. فأشعار مصالحة بالعبرية يتغنى بها مطربون ومطربات يهود صباح مساء. فهل يتغنى هؤلاء بأشعار نكبة الشعب الفلسطيني مثلا؟ وهناك أكثر من هذا. فمصالحة من الداعين لتجنيد فلسطينيي الداخل في جيش الاحتلال أسوة بتوفيق طوبي على سبيل المثال لا الحصر. والقائمة “السليمانية” طويلة. فمن يصدق مثل هذه التفتفات بعد كل هذا التاريخ الحافل بـ “حب الوطن” والهوية والانتماء، ولكنه الوطن الإسرائيلي والهوية الإسرائيلية المتغلغلة في أمثال هؤلاء حتى العظم.
وعلى شاكلة مصالحة يستشهد شرغاي بأسماء فلسطينية غيرت جلدها ووجدت ضالتها لدى المشروع الصهيوني أو لدى الصليبية الماسونية، فانقلبت وخلعت ثوبها ولبست غيره، وقلبت لشعبها ودينها وهويتها وانتمائها ظهر المجن، أمثال سندرا (فداء) سلمون ووليد شعيبات اللذين تنصّرا ولحقا بركب أهداف المشروع الصهيوني، أو بأسماء عربية أمثال المصري الأصل الألماني حامد عبد الصمد، أو العراقي حميد الشريفي، أو البريطاني الباكستاني الأصل قاسم حفيظ، الذين جُندوا لخدمة أهداف المشروع الصهيوني، تماما كما جرى تجنيد أدباء ومثقفين عرب في أواخر القرن التاسع عشر ومطلع القرن العشرين لصالح المشروع الاستعماري، كوسيلة لتسويق “حضارة” الغرب الكاذبة، سعيا إلى تدمير المجتمعات المسلمة. فالرواية هي ذات الرواية والأسلوب هو ذات الأسلوب والأضاليل هي ذات الأضاليل.
تاسعا: ينقل شرغاي عن قاسم حفيظ قوله إن المفتي أمين الحسيني هو الذي أدخل العنصر الديني للقضية الفلسطينية التي هي في نظر حفيظ ليست سوى صراع جغرافي على الأرض، وأنه-أي المفتي رحمه الله-هو الذي أوجد هذه العلاقة القابلة للانفجار بين الدين والسياسة. وهذه واحدة من أكبر الأكاذيب التاريخية التي يسوّق لها المشروع الصهيوني. ولو سألني شرغاي لنصحته بعدم الاستشهاد برواية قاسم حفيظ هذا، ففي أدبيات حركته الصهيونية ما يكفي ويزيد. بل إن قاسم حفيظ هذا استقى “معلومته التاريخية” تلك تحديدا من الرواية الصهيونية. هكذا بالضبط. يُجنَّد أمثال هؤلاء، ثم تُحشى رؤوسهم بروايات وأباطيل المشروع الصهيوني، ثم يصبحون عند الحاجة “مرجعية” ومصدرا للمعلومات يستخدمها المشروع الصهيوني لتسويق رواياته. هكذا كان يفعل الاستعمار أيضا. أما عن الذين أوجدوا العلاقة بين الديني والسياسي، فالمشروع الصهيوني أدرى بذلك. ولعل قاسم حفيظ لم يعلّمه أسياده ولم يخبروه أن المشروع الصهيوني قام أصلا على فرية دينية، وعلى وعد إلهي مزعوم، وأن أكبر هدف لهذا المشروع هو إقامة الهيكل الثالث المزعوم على أنقاض المسجد الأقصى المبارك. ولكن من المؤكد أن حفيظ يعرف جيدا أن الهيكل هو معبد ديني، وليس ملعب كرة قدم مثلا، ولا مسرحا للدمى.
عاشرا: ومن تلك الأضاليل مقولة المصري المدعو حامد عبد الصمد من أن النبي صلى الله عليه وسلم كانت له مشكلتان أساسيتان مع اليهود: الأولى الحصول على اعتراف منهم بنبوّته، وقضية “منع القتل” التي يؤمن بها اليهود، بمعنى أنه أراد منهم أن يتنازلوا عن عقيدتهم التي تحظر القتل!!!!! وهذا من أتفه ما يمكن أن تقرأه. فمن يقرأ علاقة النبي صلى الله عليه وسلم في المدينة، وما جاء في القرآن عنهم سرعان ما سيكتشف ضلالات مزاعم عبد الصمد، وقبح افتراءاته على نبي الرحمة صلى الله عليه وسلم، الذي كان حاملا لرسالة الحق التي حاربها يهود المدينة رغم علمهم أنها رسالة حق، وأن نبوته صلى الله عليه وسلم ثابتة بالدليل. وكان عليه
الصلاة والسلام حريصا على أن يؤمنوا برسالته فينقذوا أنفسهم، وإلا فما حاجته إلى “اعترافهم (السياسي) بنبوته” وهو كان في قوة ومنعة وتمكين عليه الصلاة والسلام؟ إن مقولة عبد الصمد هذه منسوخة نسخ الغبي عن أضاليل المستشرقين الذين طعنوا في رسالة الإسلام وبذلوا كل وسيلة لتشويهها. ولولا خشية الإطالة لأوردت هنا عشرات المقولات من كتب المستشرقين التي تدور حول هذه المسألة.
أما مقولته الثانية فينقضها ويفضحها التوراة ذاتها. ففيها من الحديث عن القتل وسفك الدماء والولوغ فيها ما يكفي لإغراق عبد الصمد هذا وأمثاله حتى الأذنين. وهذه جملة من الأمثلة، ويوجد مثلها أضعاف:
-إرميا(19-9): “وأطعمهم لحم بنيهم ولحم بناتهم فيأكلون كل واحد لحم صاحبه في الحصار والضيق الذي يضايقهم به أعداؤهم وطالبوا نفوسهم”.
*إرميا(46-10): “فهذا اليوم للسيد رب الجنود يوم نقمة للانتقام من مبغضيه فيأكل السيف ويشبع ويرتوي من دمهم”.
*صمويل الثاني(12-31): “وأخرج الشعب الذي فيها ووضعهم تحت مناشير ونوارج حديد وفؤوس حديد”.
*حزقيال(11-8): “قد فزعتم من السيف فالسيف أجلبه عليكم يقول السيد الرب”.
*تثنية(20-10): “حين تقرب من مدينة لكي تحاربها استدعها إلى الصلح، فإن أجابتك إلى الصلح وفتحت لك فكل الشعب الموجود فيها يكون لك للتسخير ويستعبد لك، وإن لم تسالمك بل عملت معك حربا فحاصرها، وإذا دفعها الرب إلهك إلى يدك فاضرب جميع ذكورها بحد السيف، وأما النساء والأطفال والبهائم وكل ما في المدينة كل غنيمتها فتغتنمها لنفسك وتأكل غنيمة أعدائك التي أعطاك الرب إلهك”.
*خروج(22-24): “فيحمى غضبي وأقتلكم بالسيف، فتصير نساؤكم أرامل وأولادكم يتامى”.
*حزقيال(23-25): “وأجعل غيرتي عليك فيعاملونك بالسخط. يقطعون أنفك وأذنيك وبقيتك تسقط بالسيف. يأخذون بنيك وبناتك وتؤكل بقيتك بالنار”.
*العدد (31-17):” فالآن اقتلوا كل ذكر من الأطفال، وكل امرأة عرفت رجلا بمضاجعة ذكر اقتلوها”.
*حزقيال(9-7): “وقال لهم نجِّسوا البيت واملأوا الدور قتلى. اخرجوا. فخرجوا وقتلوا في المدينة”.
حادي عشر: ومن تلك المزاعم والروايات الكاذبة التي يسوقها شرغاي على لسان المجنّد الصهيوني حفيظ قوله إن المفتي أمين الحسيني كان نازيا رعى الكراهية لسنوات طويلة. هذه الجملة تحديدا يمكنك أن تجدها في أي كتاب إسرائيلي يؤرخ للصراع على فلسطين. بمعنى أن المقولة هي صهيونية أصلية ولم يخترعها قاسم حفيظ، ولم يكتشفها بنفسه.
تفتري الرواية الصهيونية على الحاج أمين الحسيني أنه كان داعما لهتلر وللحركة النازية، في محاولة خبيثة من المشروع الصهيونية للربط بين الفلسطيني وبين النازية التي نفذت المذابح ضد اليهود. وبين هذا وبين الحقيقة كما بين السماء والأرض. وتستند الصهيونية في روايتها على زيارة المفتي لهتلر، وكأنها جاءت لتشجيعه على العداء لليهود.
أما الحقيقة فهي غير ذلك كليا. فزيارة الحسيني لألمانيا ولقاؤه هتلر كانت في أواخر 1941، ولم يكن أحدٌ يعرف حقيقة ما يدبره هتلر لليهود في ألمانيا وفي الدول التي وقعت تحت سيطرته أثناء الحرب العالمية. وكان الهدف من وراء اللقاء الحصول على دعم ألمانيا (ومعها إيطاليا) للحقوق العربية، مستثمرا العداء بين ألمانيا ممثلةً لدول المحور وبين بريطانيا وفرنسا ممثلتي دول المركز، خاصة وأن بريطانيا كانت تحتل فلسطين وتمكّن للمشروع الصهيوني في بلادنا بكل ما أوتيت من وسائل. وقد أقدم الحسيني على هذه الخطوة منطلقا من وعيه السياسي الذي عرف من خلاله تحالف ألمانيا مع السلطان عبد الحميد الثاني في مواجهة مخططات أوروبا والصهيونية، التي عملت في نهاية المطاف على إسقاطه وهدم الخلافة الإسلامية العثمانية.
من الضروري أن تقرأ التاريخ بوعي وتدقيق وإدراك قبل أن تكوّن رأيا أو موقفا من قضية ما، خاصة أننا في زمن يكتب فيه التاريخ جيش من الكذبة الدجالين الذين يكنون العداء للإسلام وللعرب وللفلسطينيين، والأهم أنهم يكنون العداء للحقيقة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى