أخبار رئيسية إضافيةأخبار عاجلةعرب ودولي

قرار تاريخي للمحكمة العليا البريطانية يصدم الشركات المستثمرة في إسرائيل

معركة قانونية طويلة خاضتها حملة التضامن مع فلسطين ضد الحكومة البريطانية بشأن عدم قانونية التوجيهات الحكومية التي كانت تطالب صناديق التقاعد المحلية بعدم سحب استثماراتها من الشركات المتورطة في أعمال قمع ضد الفلسطينيين، وأيضا بعدم سحب أموالها من الصناعات العسكرية في البلاد.
واستمر النزاع القانوني لأربع سنوات، قبل أن تحسمه هذا الأسبوع محكمة العدل العليا في المملكة المتحدة، والتي تعتبر أعلى هيئة قضائية في البلاد، وتقضي بعدم قانونية التوجيهات الحكومية، وترجح كفة حملة التضامن مع فلسطين في انتصار تاريخي، مما سيكون له الكثير من التبعات القانونية في المرحلة المقبلة.
وكانت الحكومة البريطانية قد نشرت لوائح هي بمثابة توجيهات لصناديق التقاعد المحلية أو البلديات حتى لا تقوم بسحب أموالها من الشركات التي تشتغل في المستوطنات أو شركات الأمن المتورطة في العنف ضد الفلسطينيين، وكذلك شركات الأسلحة التي تصدر أسلحة يتم استخدامها ضد المدنيين في فلسطين.
ومباشرة بعد هذا التوجيه قررت حركة التضامن مع فلسطين رفع دعوى قضائية بعدم قانونية هذه التوجيهات التي ترى فيها حرمانا للمتقاعدين البريطانيين من حقهم في معرفة كيفية استثمار أموالهم، وتطاولا على اختصاص البلديات.
وبالفعل، أيدت المحكمة الابتدائية مطالب حملة التضامن، قبل أن تقوم الحكومة البريطانية باستئناف القرار وتفوز بالقضية، ثم كان القول الفصل للمحكمة العليا التي منحت حركة التضامن مع فلسطين انتصارا تاريخيا.
ويمنح قرار المحكمة العليا للبلديات الحق في سحب استثماراتها من الشركات العاملة في إسرائيل، وأيضا من الصناعات الدفاعية في حال ثبت تورط أي شركة في انتهاك حقوق الإنسان، خصوصا أن الحكومة كانت تبرر إصدار تلك اللوائح بأنه يأتي للحفاظ على المصالح الاقتصادية والعسكرية للبلاد.

استثمارات ضخمة
ويبلغ حجم الاستثمارات البريطانية المباشرة في إسرائيل حوالي 300 مليار دولار، وهو رقم في تزايد مستمر، لكن بالتمعن في المجالات التي تركز عليها الاستثمارات البريطانية سيظهر أنها موجودة في الصناعات الدفاعية والأمن وأبحاث الفضاء والشركات التكنولوجية.
ولهذا سيكون لقرار المحكمة العليا وقع على الاستثمارات البريطانية في إسرائيل، خصوصا أنه منح لصناديق المعاشات المحلية أن تسحب استثماراتها من أي شركة للتصنيع الدفاعي تتورط في انتهاكات للحقوق الإنسان، مما سيجعل هذه الشركات توازن بين أموال صناديق المعاشات -وهي أموال مجزية- وبين التعاون مع دولة الاحتلال.
وأظهرت دراسة أنجزتها حملة التضامن مع فلسطين أن 117 جامعة بريطانية تستثمر حوالي 600 مليون دولار في شركات متواطئة مع الاحتلال وما يقوم به من قمع ضد الفلسطينيين، وتنصب هذه الاستثمارات في شركات أمنية متخصصة في تصنيع معدات وبرامج مراقبة، ومنها ما تعمل في المستوطنات.
وعلى سبيل المثال، فإن جامعة “إمبريال كوليدج” العريقة تستثمر أكثر من ثلاثة ملايين دولار في شركة تدعى “سيسكو سيستيمر”، وهي شركة للتكنولوجيا موجودة في النقب والجولان المحتل، وتقوم بتصنيع معدات مراقبة في القدس المحتلة، إضافة إلى تقديم معلومات تكنولوجية لجيش الاحتلال.
وخلال السنوات القليلة الماضية اضطرت عدة شركات بريطانية إلى سحب استثماراتها من إسرائيل، خصوصا العاملة في الأمن الخاص كما حدث مع شركة “جي4إس” (G4S) التي انسحبت من دولة الاحتلال بسبب تزايد الضغوط الحقوقية عليها.
ومع تزايد ضغط حركة المقاطعة أصدرت وزارة التجارة الخارجية البريطانية دليلا للشركات البريطانية تحذرها من الاستثمار في المستوطنات أو في الشركات العاملة هناك، ليس فقط بسبب المخاطر المالية والقانونية، وإنما أيضا بسبب “مخاطر ضرب سمعة الشركات في حال اشتغلت في المستوطنات”.

انتصار تاريخي
ووصف رئيس حملة التضامن مع فلسطين البروفيسور كامل حواش قرار المحكمة العليا بأنه انتصار تاريخي “وفوز عظيم، ليس لحملة التضامن مع فلسطين فقط، وإنما لمبادئ وقيم الديمقراطية وحرية التعبير والعدالة”.
واعتبر أن هذا الحكم يوجه رسالة واضحة للحكومة البريطانية بأنه لا يحق لها أن تملي على البلديات كيف تختار استثمار أموال التقاعد، بما في ذلك اختيار عدم الاستثمار في الشركات المتواطئة مع الانتهاكات الإسرائيلية.
من جهته، اعتبر رئيس منتدى التواصل الأوروبي الفلسطيني زاهر بيراوي في حديثه مع الجزيرة نت أن هذا الحكم سيكون دافعا لحملات التضامن وحملات المقاطعة ولكل النشطاء المدافعين عن الحقوق الفلسطينية للقيام بالمزيد من العمل والنضال دفاعا عن الحقوق الفلسطينية في الغرب عموما وبكل الطرق الممكنة، خاصة في المجال القانوني.
ويرى بيراوي أن المعركة الحقوقية والقانونية ما زالت طويلة “وتحتاج لجهود كل المخلصين من أجل تعزيز الحق الفلسطيني والرواية الصحيحة للصراع مع الاحتلال وأدواته التي تحاول نزع الشرعية عن النشطاء المؤيدين للحق الفلسطيني وعن المؤسسات التضامنية والحقوقية”.
أما رئيس منتدى التفكير العربي في لندن محمد أمين فيرى أن الحكم سيكون ردا قويا ضد “الحملة الشعواء التي قادها اللوبي الصهيوني في بريطانيا لسنوات ضد المؤسسات والأشخاص المتضامين مع الشعب الفلسطيني”.
وأشار أمين إلى أن هذه الحملة كانت نقطة الارتكاز فيها هي السعي المستمر “لنزع الشرعية وتجريم تلك المؤسسات ونظيراتها من حملات المقاطعة التي تعمل على سحب الاستثمارات البريطانية من المستوطنات الإسرائيلية وفرض العقوبات التجارية على إسرائيل”.
وأضاف أن الحكم هو وثيقة قانونية مهمة ستكون بمثابة حائط الصد ضد “تنمر وتغول اللوبي الصهيوني الذي يحاول عبر كل الطرق الإعلامية والقانونية الضغط على الحكومة لتجريم المؤسسات المتضامنة مع فلسطين وحظر نشاطاتها”.
ويتوقع المتحدث باسم المؤتمر الشعبي لفلسطيني الخارج زياد العالول في تصريحه للجزيرة نت أن هذا القرار سيجعل “الحكومة البريطانية الداعمة لإسرائيل في موقف صعب، حيث إنها تستعد لسن قوانين جديدة تجرم حركات المقاطعة”.
وتابع أن هذا الحكم “سوف يعطي قوة لحركات المقاطعة في العالم ومسوغا قانونيا لاستخدامه ضد أي خطوة تحاول شرعنة الاستيطان باعتبارها غير قانونية، وسيشكل ضغطا على شركات السلاح البريطانية التي تدعم الاحتلال ويستخدم هذا السلاح ضد الفلسطينيين”.
المصدر : الجزيرة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى