أخبار رئيسيةأخبار رئيسية إضافيةأخبار وتقاريرمحليات

عام على الاعتقال..  “موطني 48” يلتقي ياسمين نعامنة زوجة “عاشق الأقصى” الأسير حكمت نعامنة

 طه اغبارية

“كيفك يا أسد” هكذا “تسلّم” الطفلة ملك نعامنة على أبيها الأسير الدكتور حكمت نعامنة، من خلف نافذة زجاجية كلما زارته في سجن “كتسيعوت” بالنقب، بينما تحاول شيماء نعامنة، الإبنة الأكبر لـ “عاشق الأقصى” حكمت، تمالك نفسها دائما واتفقت مع إمها واختها أن “لا يبكين عند لقائه خلال الزيارة”.

مع شيماء (10 أعوام)، وملك (8 أعوام) ومحمد (سنة ونصف) تحاول السيدة ياسمين نعامنة، زوجة الأسير الدكتور حكمت نعامنه، أن تستمر بقوة وثبات، بعد مرور عام كامل على اعتقال زوجها وحصنها ورفيق دربها.

ويقضي الدكتور حكمت نعامنة، محكومية بالسجن 23 شهرا على خلفية الملف المعروف إعلاميا بـ “عشاق الأقصى”، واعتقل فجر يوم الاثنين بتاريخ 31/10/2016 من منزله في مدينة عرابة، ووجهت له المؤسسة الإسرائيلية ممثلة بالنيابة العامة لائحة اتهام بدعم وتمويل منظمة محظورة هي “مرابطون” وتمويل تسيير حافلات إلى المسجد الأقصى المبارك وغيرها من “التهم” المرتبطة بنشاطه في المسجد الأقصى المبارك.

بعد عام على غياب حكمت خلف القضبان بسبب عشقه للأقصى، كيف مرّت هذه السنة على زوجته وأطفالهما، وما هي يوميات عائلة اعتقل عائلها، وكيف يمكن التعامل مع الأطفال الذين يغيّب والدهم قسرا وكيف تكون طفولتهم في ظل هذا الغياب؟

موقع  “موطني 48” التقى السيدة ياسمين نعامنه للوقوف على معاناة العائلة بعد عام من سجن الزوج، ووجدناها قوية متماسكة، لا تنكر أن المرحلة التي مرت عليها وأطفالها صعبة للغاية، ولكنها كما قالت “من أجل عائلتي كان يجب أن أكون قوية”.

اعتقل زوجها بتاريخ 31/10/2016، وكانت على موعد في نفس اليوم مع بداية دراستها للقب الثاني في “التوجيه المجتمعي”، غير أنها تقول: “قمت بترتيب البيت بعد ان عاث فيه أفراد الشرطة والوحدات الخاصة خرابا، وفي الصباح أرسلت البنات إلى المدرسة وتوجهت إلى التعليم، هكذا كان يريد حكمت، ولولاه لما فكّرت أصلا بالعودة إلى الدراسة، لذلك رأيت أنني يجب ان اكون منذ أول لحظة قوية وصابرة”.

ليلة اقتحام بيت حكمت واعتقاله
ليلة اقتحام بيت حكمت واعتقاله

تعمل ياسمين معلمة في مركز للموهوبين في مدينة عرابة، وبعد اعتقال حكمت اضطرت لترتيب كل أمورها من جديد، وضعت برنامجا شاملا لتعليمها وعملها وتربية أطفالها الـ 3 وزيارة زوجها الأسير.

تؤكد أن “مرّت علينا في الأشهر الأولى لاعتقال حكمت أحوال صعبة جدا، وخاصة على البنتين، حيث اعتدنا على الحياة  بكل تفاصيلها وحكمت بيننا، ولك أن تتخيل كم هي الحياة صعبة ومؤلمة في ظل غياب زوج ملأ علينا كل حياتنا، وحتى هذه اللحظة ترفض ملك وشيماء أن يجلس أحد على الكرسي الذي اعتاد حكمت أن يجلس عليه، وحين يزورنا أحد تحرص الطفلتان على أن لا يجلس أحد على هذا الكرسي”.

تزور العائلة حكمت كل شهر، ومسموح في كل زيارة أن يتواجد 3 من الكبار بالإضافة إلى أطفاله، وتستمر الزيارة لمدة 45 دقيقة فقط، ويمكن لمحمد الصغير فقط أن يدخل إلى والده في الغرفة الفاصلة بينه وبين باقي أفراد العائلة، لأن عمره أقل من 8 سنوات، وتستطرد ياسمين: “حتى محمد حين يلتقي والده لمدة 10 دقائق داخل الغرفة يكون حوله من 3-4 حراس ولا أعرف لماذا!!، سمحوا مرتين فقط لملك أن تحتضنه داخل الغرفة!!”.

“كيفك يا أسد”

سألنا ملك حكمت نعامنه لماذا تقولين لأبيك “كيفك يا أسد” كلما التقيت به فأجابت: “لأنه أسد وهو تاج راسي، وهو قوي مثل الأسد”.

تريد ملك أن تفعل لأبيها “كل شيء” عندما يخرج من السجن، تضيف: “أريد أن اشتري له ملابس “بتسطل” (جميلة) وأريد أن اعمل له حفلة كبيرة كبيرة”.

لماذا هو معتقل؟ تجيب ملك: “لأنه كان يرسل باصات للأقصى، وانا لست حزينة لأنه معتقل لهذا السبب. وهي تحلم أن تكون عندما تكبر “رائدة فضاء” و”أشياء أخرى”.

أما شيماء الطفلة البكر (10 سنوات) للأسير حكمت نعامنه فقد كبرت عدة سنوات أخرى بعد اعتقال والدها، تقول والدتها: “شيماء تحملت الكثير الكثير بعد اعتقال حكمت، كانت في البداية تبكي كثيرا، لكنها والحمد لله تجاوزت هذه المرحلة وتتحمل معي فعلا مسؤوليات البيت رغم صغر سنها، تملك قدرة ممتازة على التعبير وشاركت في العديد من المناسبات سواء في المدرسة أو غيرها، وتتحدث بكل فخر واعتزاز عن والدها، وتقول كمن تريد أن تعلن كل الدنيا “أنا بنت حكمت نعامنه”، كما أنها تحرص كلما زرناه أن تقول لنا “تعالوا نتفق ان لا نبكي، شيماء ارتبطت عموما بشكل قوي جدا بوالدها حتى أنها قامت بإلباس بلوزتها التي تحمل صورة حكمت لمخدتها ولا يكاد يمر يوم إلا وتأتي هي وملك على ذكر والدهما ومدى اشتياقهما له”.

تحاول ملك وشيماء أن تقللا من مساحة الفرح في حياتهما كما أطفال جيلهما وبحسب الوالدة: “ترفضان حتى اليوم الخروج إلى أماكن مختلفة كنا نذهب إليها مع حكمت وتقولان كيف نفرح ووالدنا في السجن”.

زوجة الأسير حكمت وأبنائه
زوجة الأسير حكمت وأبنائه

يوم اعتقال حكمت كان عمر ابنه محمد 4 أشهر، لكنه في نظر ملك “رجل البيت الآن حتى يعود والدي”.

وفي النظر إلى نفسية الطفلتين وتعاملها مع غياب الوالد تقول السيدة نعامنه: “كما قلت لك كانت فترة صعبة جدا، ولكن بفضل الله أولا تمكنت من تجاوز هذه الفترة، وهذا يعود أيضا إلى الشخصية القوية التي تمتعت بها كل من ملك وشيماء حتى قبل الاعتقال، قمنا بزيارة أخصائيين للتعامل مع حال الطفلتين بعد اعتقال حكمت، وكانت النتائج مرضية جدا، حيث استغرب الاخصائيون من قدرة الطفلتين على التعامل مع الحدث، وحتى تحصيلهما المدرسي كان ممتازا والحمد لله، وقد أعانني الله على متابعتهما دائما والحرص على توفير كل شيء كما لو أن حكمت في البيت”.

“عالم الأسرى الذي لم أكن اعرفه”

كانت ياسمين نعامنة قبل اعتقال زوجها، تتعاطى مع “عالم الأسرى” بمنطق المتعاطف الداعي لهم بالفرج والحرية، لكنها بعد اعتقال حكمت أصبحت قريبة جدا من هذا العالم، تتابع أخباره يوميا وارتبطت بصداقات مع العديد من نساء الأسرى في الداخل الفلسطيني تحديدا.

“لعل من فوائد هذه المرحلة الصعبة أنني تعرفت على عالم الأسرى والمعاناة التي يلقاها الأهل وحجم الصبر والصمود الذي يميزهم، ولا شك أن هذا كان عاملا مهما في صمودي ورفع معنوياتي للتغلب عما أنا فيه، وهناك تقصير واضح من شعبنا تجاه أسراه ومتابعة ملفاتهم وعائلاتهم، وعلى الجميع إعطاء هذا الملف الاهتمام اللازم”. كما قالت.

وعن حياة حكمت في السجن، تؤكد ياسمين نعامنه أن زوجها بمعنويات عالية جدا وتطمئن محبيه أنه بصحة جيدة وقد اتبع نظام قاسيا لتخفيف الوزن (ريجيم) ونجح بإنزال 30 كيلو من وزنه.

وتلفت إلى أن “حكمت بطبيعة الحال كان رجلا حيويا يحب الحراك المفيد والإيجابي، وهو في السجن هكذا أيضا، يقوم على اعطاء محاضرات تثقيفية للأسرى، لدرجة أنه مطلوب لدى الأسرى دائما في السجون التي تنقل بينها، وهي: كتسيعوت في النقب، حيث هو الآن، وجلبوع، ومجيدو”.

وتضيف: “بالإضافة إلى الزيارات المنتظمة التي نقوم بها لحكمت، فإننا نتواصل أسبوعيا عن طريق الرسائل البريدية، وفيها يطمئننا على أحواله دائما ويحكي لنا يومياته في السجن وبالتالي نشعر دائما انه يعيش معنا، فنحن نطلعه على كل تفاصيلنا وكذلك نحن على إطلاع كامل بكل تفاصيل حياته”.

الأسبوع الماضي، رفضت ما تسمى “لجنة الثلث” طلبا للدكتور حكمت نعامنه لتخفيف مدة حكمه، وكان الأمر كما تقول زوجته “متوقعا ونحن الآن بصدد الاستئناف على القرار، وفي حال رفض الأمر مرة أخرى من المقرر أن يفرج عن حكمت بتاريخ 26/8/2018”.

تقول: “خلال جلسة لجنة الثلث قال لي حكمت ان القضاة عرضوا عليه أن يتنازل عن مواقفه بخصوص الأقصى من أجل ان يتساهلوا معه لكنه رفض طبعا، وقالوا له “انت ذكي وراقي ولكنك تحمل فكرا وأيديولوجيا خطيرة”.

وفي موقفها من مجمل الحكم الصادر بحق زوجها، تعتقد ياسمين أن الحكم بالسجن 23 شهرا، رغم التسوية في الملف، كان ظالما جدا، خاصة بعد شطب النيابة للعديد من التهم من لائحة الاتهام.

  أهل الوفاء

عندما يغيب المعيل ورب الأسرة يساهم الاحتضان المجتمعي والتضامن في ملأ الفراغ قدر الإمكان، فكيف ساعد هذا العامل أسرة الأسير حكمت نعامنه في التغلب على مصاعب الحياة وصعوبة الغياب.

تؤكد السيدة ياسمين نعامنه أن الأهل عموما وأصدقاء حكمت، كانوا “خير معين” بكل ما تحمله الكلمة من معنى وتنوّه: “لولا الدعم الدائم من الأصدقاء كان يمكن أن لا أقدر على تجاوز ما مررنا به أنا والعائلة، فهم أهل بيت والحمد لله، وزياراتهم وزوجاتهم لا تتوقف واتصالات نسائهم بي يومية للاطمئنان والسؤال وابداء الاستعداد لتقديم أي مساعدة أو القيام عني بأي مسؤولية تجاه الأطفال بسبب عملي ودراستي”.

وأضافت: “يمكن القول عموما أن الدعم المجتمعي موجود عموما مع تفاوت بطبيعة الحال، ولكن دائرة الأصدقاء كانت هي خير مساند وداعم لنا طوال هذه الفترة، وأنا من هنا أرسل تحياتي لكل من وقف معنا في أزمتنا فبارك الله بهم جميعا”.

في ختام لقائنا مع السيدة ياسمين نعامنه، زوجة الأسير الدكتور حكمت نعامنه سألنا “هل لا زالت متمسكة بالقضية التي اعتقل لأجلها حكمت وهي “الأقصى” فأجابت “طبعا فالأقصى عقيدة ولا يمكن أن نتنازل عن مكون من مكونات عقيدتنا”، أما الطفلة ملك فأجاب عن هذا السؤال بطبيعتها العفوية ولهجتها العرّابية بالقول: “الأقصى لنا طبعا أه إلا شو يعني؟”.

 

الأسير الدكتور حكمت نعامنه
الأسير الدكتور حكمت نعامنه

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى