أخبار رئيسيةأخبار رئيسية إضافيةأخبار عاجلةمحليات

صهر جمال عبد الناصر.. خان بلده وسلّم أسرارها للموساد الإسرائيلي: “المشغّل” الإسرائيلي للعميل أشرف مروان يتحدث للمرة الأولى كان يقدس المال وشديد الإعجاب بانتصار إسرائيل في حرب 67

طه اغبارية
نشرت صحيفة هآرتس الإسرائيلية تفاصيل مقابلة أجرتها مع عميل الموساد السابق (دوبي) الذي قالت إنه كان “مُشغّل” الخائن المصري أشرف مروان، صهر “الرئيس” المصري الراحل جمال عبد الناصر.
حاولت الجهات الإعلامية والسياسية المصرية، التغطية على فضيحة اختراق الموساد الإسرائيلي، لمنظومة الحكم وتجنيدها لشخصية مهمة مثل الخائن أشرف مروان والذي كان نافذا في دوائر القرار ومقربا من “الرئيس” الراحل أنور السادات، وعمل مستشارا له إلى جانب كونه من رجال الأعمال البارزين في السبعينات.
زعمت الجهات المصرية أن الخائن مروان، كان “عميلا مزدوجا”، لكن حجم المعلومات الهائلة التي قدّمها للإسرائيلي ينفي هذه الفرضية، ما جعل رئيس الموساد ذلك الوقت، تسفي زامير يلتقي به، شخصيا، أكثر من مرة.
المقابلة التي أجرتها صحيفة “هآرتس” مع عميل الموساد “دوبي” (86 عاما) بددت الكثير من مزاعم الأوساط المصرية في أن الخائن أشرف مروان كان “عميلا مزدوجا”، وقد تحدث “دوبي” علنا لأول مرة عن مروان، مشيرا إلى تاريخ تشغيله لمروان طوال 28 عاما.
واعتبر “دوبي” في المقابلة، مروان “أحد أهم العملاء الإسرائيليين”، مشيرا إلى أن جرى تجنيده بعد حوالي ثلاثة أشهر من وفاة عبد الناصر.
اللقاء الأول الذي جمع الخائن أشرف مروان بسيده “دوبي” كان في لندن بفندق “رويال لانسكتر”. عن انطباعه في اللقاء الأول يقول دوبي: “تصافحنا وتحدثت معه بالعربية، ثم صعدنا إلى غرفة في الفندق، وفي الغرفة استمرت المقابلة نحو ساعتين، قدم خلالها مروان المعلومات التي بحوزته عن الجيش المصري”.
وأضاف أن مروان قرأ من وثائق كانت بحوزته أعداد جميع الوحدات في الجيش المصري، الفرق والألوية والكتائب، وأبلغه بأسماء القادة.
معلومات هائلة
يؤكد دوبي أنه فوجئ بكم المعلومات الهائل التي زوده بها الخائن مروان، وقال إنها كانت “بمثابة حلم لأي ضابط استخبارات”.
يشار إلى أن العديد من التقارير الإسرائيلية، شدّدت على أن مروان قدّم للمؤسسة الإسرائيلية، معلومات استراتيجية عن الجيش المصري، خاصة فيما يتعلق بتجهيزات الجيش لحرب أكتوبر 1973، وذلك بالنظر إلى أن الخائن أشرف مروان عمل مستشارا أمنيا وسياسيا لأنور السادات.
اهتم دوبي خلال لقائه الأول مع الخائن مروان، بمعرفة قدرات الجيش المصري “الكيماوية” في ذلك الوقت، لكنه، كما يقول عميل الموساد دوبي، لم يكن يمتلك معلومات حينها، واعدا بإمداده بمعلومات في المقابلة التالية، وبالفعل أبلغ “دوبي” بكل ما بحوزته من تفاصيل استطاع الحصول عليها.
وقال الصحيفة إن “دوبي” التقى مروان حوالي 100 مرة على مدى نحو ربع قرن، في الفنادق وفي أماكن أخرى آمنة. كان المكان الرئيسي للمقابلات هو لندن، لكنهما التقيا أحيانا في روما وباريس.
درّب روبي الخائن أشرف مروان، على استعمال أجهزة الاتصالات السرية، وأعطاه جهازا لاستخدامه في القاهرة لكنه لم يستعمله أبدا خشية أن يتم اكتشاف أمره.
موعد اندلاع الحرب!!
ويشير دوبي إلى أن مروان في يوم الرابع من أكتوبر، أي قبل اندلاع حرب أكتوبر عام 1973 بيومين، أجرى مروان مكالمة هاتفية بدوبي في منزل امرأة يهودية بريطانية في لندن كانت حلقة الوصل بينهما. أبلغه بواسطة “شفرة سرية” أن الحرب “وشيكة”.
بناء على هذه المكالمة، التقى دوبي بمروان في اليوم الثاني بالخامس من أكتوبر، وحضر اللقاء رئيس الموساد حينها، تسفي زامير شخصيا.
ووفق رواية دوبي، فإن زامير لم يهتم بسؤال الخائن مروان، عن احتمالية نشوب الحرب، على الرغم من المكالمة المذكورة وتقارير الاستخبارات الإسرائيلية، لأن زامير، بحسب دوبي، “لم يصدق أن ذلك ممكنا”.
ودار الحديث بين زامير والخائن أشرف مروان، حول قضايا أخرى مثل الاتحاد بين مصر وسوريا، لكن مروان أصر على الاهتمام بالقضية الأساسية وقال: “دعونا نتحدث عن الحرب” وأبلغ الحاضرين في الاجتماع أن هناك احتمالا بنسبة 99 في المئة أن تندلع الحرب في اليوم الثاني (السادس من أكتوبر)، فقال له زامير: “لماذا يوم السبت؟” فرد لأنه “هذا ما تقرر. إنه يوم عطلة في بلادكم (في إشارة إلى يوم الغفران)”. مروان أبلغهم أيضا أن الحرب ستنطلق بشكل متزامن من سوريا ومصر، وعن التوقيت، قال: “عند غروب الشمس”.
وقالت دولي لصحيفة “هآرتس”، إن أشرف مروان أحاط إسرائيل بتجهيزات مصر للحرب وأنها استمرت نحو ستة أشهر، وأن السادات حدد الموعد النهائي في يوم 25 سبتمبر من دون أن يعلم أي شخص بهذا الموعد. مروان قال أيضا إن الجيش المصري بأكمله كان على الجبهة بحلول هذا التاريخ.
وكانت الخطة المصرية تتمثل في خرق وقف إطلاق النار الذي تم التوصل إليه في نهاية حرب الاستنزاف 1970 وذلك بإطلاق نيران المدفعية وشن غارات جوية، ثم عبور القناة بواسطة جسور. كانت الفكرة في المرحلة الأولى هي الاستيلاء على أراض في سيناء لا يزيد عمقها عن 10 كيلومترات وبعد ذلك، إذا ظهرت إمكانية، التقدم مسافة 35 كيلومترا أخرى. وفي الشمال، كان على السوريين فرض سيطرتهم على أكبر قدر ممكن من مرتفعات الجولان.
زامير الذي كان شعر بالحيرة، هل يبلغ إسرائيل باحتمالية وقوع حرب أم لا، بالنظر إلى أن فشل توقعات سابقة، قرر أخيرا الاتصال بمدير مكتبه في إسرائيل وأبلغه بأن حربا ستندلع عند غروب شمس يوم السادس، وهو الذي قام بدوره بإبلاغ رئيسة الوزراء غولدا مائير.

تاريخ مروان مع الخيانة!!
تطرف دوبي في لقائه مع “هآرتس” إلى مسيرة مروان وخيانته وتجنيده من قبل الموساد الإسرائيلي، ولفت إلى أن الملحق العسكري في السفارة الإسرائيلية في لندن أبلغ مدير عمليات الموساد في أوروبا شموئيل غورين أنه كان يتلقى مكالمات عديدة “مزعجة” من شخص يدعى أشرف مروان في هواتف مكتبه وفي منزله.
وقرر غرين، بحسب الصحيفة، أن يرتب للقاء مع مروان دون أخذ الاحتياطات الكافية والتزود بمعلومات عنه أو إن كان مراقبا، فقام بترتيب المقابلة الأولى التي تمت مع دوبي في لندن.
ويقول دوبي إن مروان حاول الاتصال بإسرائيل حتى خلال حياة عبد الناصر، ففي أبريل من العام 1970، أي قبل وفاة عبد الناصر بحوالي أربعة أشهر، اتصل بالملحق العسكري في السفارة في لندن، لكنه لم يتلق ردا منه، لكنه لم ييأس واتصل مرة أخرى، بعد ذلك، ونجح في تلك المرة بفضل غورين.
ويقول دوبي إن الخائن مروان كان يتصل بإسرائيل عن طريق الملحقين العسكريين لأنه كان هناك اعتقادا وسط المسؤولين المصريين أنهم في الواقع عملاء للموساد.

تقديس المال وعقد النقص

ويعتقد دوبي أن دافع مروان الأساسي في تقديم خدماته كان الحصول على المال. حصل العميل الجديد في بداية عمله مع الموساد على بضعة آلاف من الدولارات، لكن ذلك لم يكن كافيا بالنظر إلى “المعلومات الهامة” التي كان يقدمها لإسرائيل، فطلب 20 ألف دولار، وهو ما يساوي حاليا نحو 100 ألف دولار، بحسب دوبي.
كان هناك رفض من قبل غورين وكبار موظفي الموساد لدفع هذا المبلغ الكبير، لكن دوبي أوصى بتلبية طلبه، وهو ما قوبل بالموافقة. هذا المبلغ تضاعف بمرور الوقت، حتى وصلت قيمة أتعابه بأرقام اليوم إلى حوالي مليون دولار، وكانت المبالغ تعطى له نقدا وفي حقائب تماما “مثل الأفلام”، بحسب دوبي.
السبب الثاني في اعتقاد دوبي هو تقديره وإعجابه بالموساد الذي استطاع رسم صورة قوية عنه بعد حرب 1967 بينما اهتزت صورة عبد الناصر. ويرى دوبي أن مروان أراد الانتقام من عبد الناصر بسبب العداء الذي كان بينهما ورغبة عبد الناصر في تطليق ابنته منه.
وعلى الرغم من أن مروان كان مقربا من السادات، إلا أن علاقته به لم تكن جيدة ولا بزوجته وأولاده، وكان مستاء من فكرة أنه كان مثل “خادم العائلة” فقد كان يكلفه السادات بمرافقة عائلته في الرحلات.

خيانة بدون مقابل!!
يقول التقرير إن مروان، بعد انتهاء الحرب وبعد أن جمع ثروة من صفقات السلاح، أبلغ الموساد أنه لم يعد بحاجة للمال فطلب منه التوقف عن دفع أتعاب له نظير خدماته، مع وعد باستمرار العمل بشكل ودي ” ومن منطلق الصداقة” وبالفعل، يقول دوبي، إنه واصل إمداد الموساد بالمعلومات مجانا.
ويشير إلى أن مروان كان أيضا على اتصال بأجهزة استخبارات دول أخرى مثل إيطاليا والمملكة المتحدة، لكن الموساد كان الجهاز الوحيد الذي دفع له المال.
أهمية مروان كانت بالغة الأهمية خلال حرب أكتوبر واتفاقيات فصل القوات في سيناء وخلال معاهدة السلام الإسرائيلية المصرية في عام 1979، لكن بعد ذلك تراجعت مكانته بالنسبة للسادات وقام بتكريس معظم وقته لأعماله التجارية، لذا تقلصت مساهمته الاستخباراتية لإسرائيل.
قالت هآرتس: “كانت المعلومات التي واصل تقديمها عن مصر في عصر السلام والعلاقات في العالم العربي مهمة، ولكن كان من الواضح لجميع المعنيين أنها لم تكن بنفس المستوى في وقت الحرب”.

من كشف عن اسمه؟
يقول دوبي إن مدير الموساد في ذلك الوقت تسيف زامير اتهم إيلي زيرا، الذي كان على رأس الاستخبارات العسكرية خلال الحرب، بالمسؤولية المباشرة عن وفاة مروان، زاعما أنه “عمل بلا كلل” على كشف اسمه للعلن، وهو ما حدث بالفعل عام 2002 عندما تم تسريب اسمه لصحيفة الأهرام المصرية.
وتشير الصحيفة إلى أن زيرا رأى في تقييمه يوم السادس من أكتوبر أن قيام حرب احتمال “ضعيف”، وبعد اندلاع الحرب، اتهمت لجنة تحقيق خاصة زيرا بالمسؤولية عن الفشل الاستخباراتي واضطر إلى الاستقالة.
ومنذ 25 عاما، حاول زيرا “إصلاح سمعته، جزئيا من خلال العمل على تحميل الموساد تلك المسؤولية لذلك أشاع فكرة أن أشرف مروان كان عميلا مزدوجا، وأن ذلك كان السبب وراء فشل إسرائيل في توقع الهجوم العربي في ذلك اليوم”.
وفي ديسمبر عام 2002 تم تسريب اسمه لصحيفة الأهرام عن طريق أستاذ علوم سياسية من أصل إسرائيلي كان يعمل في جامعة كينجز كوليدج في لندن، يدعى أحرون بريغمان الذي أبلغ الصحيفة أن مروان كان “عميلا مزدوجا”.
ويقول دوبي إنه حذر مسؤولي الموساد عدة مرات من تصرفات زيرا، حتى وجد مروان ميتا في شقته في لندن عام 2007.
وقال دوبي للصحيفة إن أحد أهم أسباب تحدثه علنا الآن هو رغبته في دحض فكرة أن مروان كان “عميلا مزدوجا”، الفكرة التي روج زيرا لها.
وتشير هآرتس إلى أنه في عام 2007، وصلت القضية المحاكم الإسرائيلية، عندما نظر قاضي المحكمة العليا السابق ثيودور أور في قضايا تشهير متبادلة بين زامير وزيرا. أكد أورا في حكمه أن مروان “لم يكن عميلا مزدوجا وأن زيرا قد سرب اسمه إلى الصحفيين والكتاب”.
ونظر الادعاء العام في إسرئيل أيضا في إطلاق إجراءات جنائية ضد زيرا، على أساس قيامه بكشف أسرار للدولة، لكن في عام 2012، أعلن المدعي العام يهودا وينشتاين عدم توجيه اتهامات له على الرغم من “خطورة أفعاله” بالنظر إلى سنه حينها (84 عاما) وبالنظر إلى خدماته لإسرائيل.
دوبي قال في المقابلة: “لقد كان (مروان) أهم جاسوس لدينا، المعلومات التي قدمها ساهمت في تعزيز أمن إسرائيل… لسوء الحظ، في أهم لحظة، في حرب يوم الغفران، فشلت إسرائيل لأنها لم تستجب لتحذيراته”.

رأي
من الصعوبة تأكيد أو نفي المعلومات التي أوردها المدعو “دوبي” عن الخائن أشرف مروان، لكن المؤكد هو أن واقع ما يسمى “أنظمة” حكم في العالم العربي، يشي بالكثير من الفساد والإجرام والسطحية وسوء الإدارة، ما يسهل مهمة أي جهة استخباراتية في العالم لاختراق هذه الأنظمة وتجنيد ضعاف النفوس حتى لو كانوا في مناصب عليا.
النتائج على الأرض في حرب 1973، رغم الإنجازات التي حققها الجيش المصري، تشير إلى أن المؤسسة الإسرائيلية كانت تدرك الأهداف الاستراتيجية التي يريدها أنور السادات من الحرب، وهذا ما أشار إليه بوضوح رئيس هيئة الأركان المصرية، الفريق المرحوم سعد الدين الشاذلي في برنامج “شهادة على العصر” عبر قناة الجزيرة القطرية، حيث كان يريد توسيع نطاق العمليات العسكرية لكنه ووجه برفض شديد من القيادة السياسية وأنور السادات، الأمر الذي أدى إلى اشتداد الخلاف بينهما وإقالته من رئاسة الأركان ثم ابتعاثه سفيرا لمصر في الخارج ثم تجدد الخلاف مع السادات بعد اتفاقية “كامب ديفيد” ونفيه إلى الجزائر.
كانت المؤسسة الإسرائيلية بحاجة إلى عزل مصر عن العالم العربي، ولو كان الثمن “السلام” المزعوم، وهذا ما تمخضت عنه حرب 1973. تنازلت إسرائيل عن الأراضي التي احتلها لأنها كانت تعلم أن اكتسابها لشرعية الوجود من خلال أكبر دولة عربية أهم من مكتسبات الحرب!!
لا يوجد في جعبة النظام الرسمي العربي عموما، ما يمكن أن يداري به سوءاته خلال مواجهاته العسكرية مع المؤسسة الإسرائيلية، بل تفتح المعطيات الميدانية، كما حدث في هزيمة عام 1967، الباب على مصراعيه أمام فرضيات اختراق المخابرات الإسرائيلية لدوائر القرار في النظام المصري ومنظومته العسكرية، وبالتالي قد لا يكون الخائن أشرف مروان، استثناء!!

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى