أخبار رئيسيةأخبار رئيسية إضافيةأخبار عاجلةمقالات

قراءة في مذكرة الدكتور محمود محارب.. (دور الحزب الشيوعي الإسرائيلي في النكبة) (5)

طه اغبارية
اجتماع ميكونس ببن غوريون
متابعة للمقالات الأربع الأولى، فلا زلنا نواصل القراءة في مذكرة الدكتور محمود محارب (دور الحزب الشيوعي الإسرائيلي في النكبة) وتحت عنوان “اجتماع ميكونس ببن غوريون” الذي ورد في هذه المذكرة نورد هذه المقتطفات:
(بقي شموئيل ميكونس في أوروبا الشرقية حتى 12/أيار/ 1948، وقد عاد إلى تل أبيب قبل يومين من إعلان دافيد بن غوريون قيام الدولة اليهودية في فلسطين. وبادر ميكونس بعد فترة وجيزة من وصوله إلى تل أبيب إلى الاجتماع ببن غوريون رئيس الحكومة الإسرائيلية، وقد ذكر ميكونس أنه عندما رأى في 15/أيار/1948 طائرات مصرية تحلق فوق تل أبيب بارتفاع منخفض وتطلق النار على محطة توليد الكهرباء في تل أبيب… عند اجتماعه ببن غوريون في 24/ أيار 1948 قال لبن غوريون في هذا الاجتماع: “لم أكن اتخيل أنكم ضعفاء إلى هذا الحد! ألا يوجد لديكم شيء؟ كيف تسمحون للطائرات المصرية بالطيران بحرية فوق تل أبيب وقصف محطة ريدينغ لتوليد الكهرباء من دون أي رد؟ فأجابه بن غوريون وفق ما ذكر ميكونس بقوله: “لا يوجد لديّ أي شيء) – محارب-
(أشار ميكونس إلى أن بن غوريون كان شديد الحرص على أن يعرف في هذا الاجتماع كل شيء عن نشاط ميكونس في أوروبا الشرقية في الشهور الثلاثة الأخيرة، وعن تفاصيل اجتماعاته الكثيرة بقيادة دول أوروبا الشرقية. وأخبر ميكونس بن غوريون انه يعتزم العودة إلى أوروبا الشرقية، وخاصة إلى تشيكوسلوفاكيا من أجل جلب السلاح من تشيكوسلوفاكيا، وكذلك جلب المقاتلين والهجرة اليهودية، ولا سيّما الهجرة المقاتلة من دول أوروبا الشرقية) –محارب-
(… ذكر بن غوريون في كتابه “يوميات الحرب” أن ميكونس جاء إليه في مكتبه بعد ظهر 24/أيار/1948 بعد زيارته رومانيا ويوغسلافيا وتشيكوسلوفاكيا وبولندا وبلغاريا… وقال بن غوريون (لميكونس): “لقد توجهنا وحصلنا فعلا على مساعدة عسكرية من تشيكوسلوفاكيا ويوغسلافيا حتى قبل تأسيس الدولة” وقال بن غوريون أيضا إن ميكونس سأله إذا كان بن غوريون يقبل بقدوم خبراء عسكريين من دول أوروبا الشرقية إلى إسرائيل، فأجابه بن غوريون بقوله: “نقبلهم بكل ترحاب”) –محارب-
(… بعد اجتماعه- أي ميكونس- ببن غوريون، ذهب ميكونس هو وعضو في المكتب السياسي للحزب الشيوعي الإسرائيلي “إستير فيلونسكا” واجتمعا بغولدا مئير وأخبراها بأن ميكونس يريد السفر بأسرع وقت إلى تشيكوسلوفاكيا من أجل جلب السلاح والمقاتلين والهجرة اليهودية إلى إسرائيل. وقد رحّبت غولدا مئير بهذه الخطوة بشدة واتخذت الإجراءات لتسهيل سفر ميكونس إلى تشيكوسلوفاكيا بأسرع وقت) –محارب-
(وفعلا سافر ميكونس إلى تشيكوسلوفاكيا في حزيران 1948… ألح ميكونس في لقاءاته بالمسؤولين التشيكيين على ضرورة تخصيص مطار تشيكي بالقرب من براغ، كما كانت تطالب إسرائيل، لنقل مختلف الأسلحة التشيكية إلى إسرائيل، وقد استجابت السلطات التشيكية لهذا الطلب، وظل هذا المطار الذي أطلق عليه ميكونس والسفارة الإسرائيلية في براغ “مطار عتسيون” يعمل على نقل الأسلحة إلى إسرائيل طول عدة أشهر) –محارب-

من ارتدادات اجتماع ميكونس ببن غوريون

يكشف لنا هذا الاجتماع أن زيارات ميكونس لدول أوروبا الشرقية كانت بناء على تنسيق مع بن غوريون وغولدا مئير، أي أنها كانت بناء على تنسيق مع قيادة الحركة الصهيونية في الأربعينات، مما يؤكد أنها لم تكن مجرد زيارات بقرار من الحزب الشيوعي الإسرائيلي فقط، وهذا يقول كل شيء وأهم ما يقول إن الحزب الشيوعي الإسرائيلي في الأربعينات كان جزءا من مطبخ صناعة القرارات الإسرائيلية وتنفيذها، وأنه استغل تواصله مع المنظومات الشيوعية في دول أوروبا الشرقية لدعم إقامة دولة لليهود في فلسطين، وهل هذا إلا تأكيد واضح وصارخ أن الحزب الشيوعي الإسرائيلي كان ضالعا في نكبة فلسطين، وأن الدول الشيوعية في أوربا الشرقية كانت ضالعة في نكبة فلسطين، وأن الحزب الشيوعي الإسرائيلي كان من البناة المركزيين الأوائل لدولة إسرائيل.
يكشف لقاء ميكونس ببن غوريون ثم لقائه بغولدا مئير أن الدور الذي كان مطلوبا من الحزب الشيوعي الإسرائيلي هو: أ- جلب السلاح، ب- جلب المقاتلين، ج- الهجرة اليهودية، د- الهجرة اليهودية المقاتلة، ولا يمكن لأية دولة أن تقوم بدون هذه المقومات الأربعة، مما يؤكد مرة بعد مرة أن دور ميكونس في بناء دولة إسرائيل لم يكن بأقل من دور بن غوريون وغولدا مئير وهرتسل وسائر الحركة الصهيونية.
يكشف لقاء ميكونس ببن غوريون عن الضعف العسكري الذي كانت تعاني منه دولة إسرائيل، لدرجة أن الطائرات المصرية كانت تطير بحرية فوق تل أبيب، وتقصف محطة توليد الكهرباء، ويوم أن سأل ميكونس بن غوريون عن سبب عدم ردهم على تلك الطائرات قال له بن غوريون بالحرف الواحد: “لا يوجد لدي أي دعم” ثم فجأة تغير حال ذاك الضعف الذي كانت تعاني منه دولة إسرائيل بفضل السلاح الذي وصلهم من الدول الشيوعية في أوروبا الشرقية!! لدرجة أن تشيكوسلوفاكيا بعد زيارة ميكونس لها في حزيران 1948 ظل “مطارها يعمل على نقل الأسلحة إلى إسرائيل طول عدة شهور”.
خلال اجتماع ميكونس ببن غوريون سأله ميكونس إن كان ما نشرته في تلك الأيام صحيفة “علهمشمار” لسان حال حزب العمل الموحد صحيحا من أن إسرائيل ترفض طلب المساعدة العسكرية من دول أوروبا الشرقية فأجابه بن غوريون بأن القائمين على صحيفة “علهمشمار” يعرفون أن ما نشروه هو محض افتراء!! مما يكشف أن ميكونس كانت مهمته جلب السلاح من أوروبا الشرقية ومهمة “علهمشمار” التي كانت الناطقة باسم اليسار الصهيوني هي التغطية الإعلامية على دور ميكونس، وهكذا كان دور اليسار الصهيوني يكمّل دور الحزب الشيوعي الإسرائيلي.
عندما سأل ميكونس بن غوريون خلال اجتماعهما الثنائي إذا كان يقبل بقدوم خبراء عسكريين شيوعيين من دول أوروبا الشرقية إلى إسرائيل أجابه بن غوريون: “نقبلهم بكل ترحاب”!! ثم أجابت غولدا مئير ميكونس عندما سألها نفس السؤال أنها ترحب بشدّة!! وهكذا كان هناك التلاحم المصيري بين الصهيونية والشيوعية حتى الأربعينات على أقل تقدير!! وكانت الضحية هي فلسطين ونكبة فلسطين والشعب الفلسطيني.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى