38 عاما على انتفاضة الحجارة

38 عاما على
انتفاضة الحجارة
في 8 كانون الأول/ ديسمبر 1987، اندلعت انتفاضة الحجارة، أول ثورة شعبية فلسطينية واسعة ضد الاحتلال الإسرائيلي، لتشكل شرارة مواجهة طويلة امتدت إلى الضفة الغربية وقطاع غزة والقدس، مؤطرة بأدوات مقاومة شعبية وعصيان مدني مستمر.
قبل الانتفاضة، كانت الأراضي الفلسطينية تعيش تحت سياسات احتلالية صارمة تشمل التوسع الاستيطاني، مصادرة الأراضي، قيود على الحركة، وتهميش اقتصادي واجتماعي، ما خلق حالة احتقان مستمرة بين السكان.
وفي شرارة البداية، أدت عملية دهس نفذها مستوطن بحق مجموعة من العمال في مخيم جباليا شمال غزة إلى استشهاد أربعة فلسطينيين وإصابة آخرين، فاشتعل الغضب الشعبي على نطاق واسع.
تميزت الانتفاضة بـ أشكال مقاومة شعبية متعددة، من رشق الجنود بالحجارة والإضرابات والعصيان المدني، إلى مقاطعة المنتجات الإسرائيلية وإغلاق المحال التجارية ورفض العمل في المستوطنات.
ولعبت اللجان الشعبية، التي تأسست في السبعينيات، دورا أساسيا في تنسيق التحركات الشعبية وتنظيم المظاهرات والمسيرات، رغم حظر الاحتلال لها في 1988.
وكان للحضور الجماهيري دور محوري في الانتفاضة، حيث تحولت المهرجانات، المسيرات، وتشييع الشهداء إلى استعراض يومي للمواجهة، مع اعتماد المساجد والكنائس كنقاط انطلاق للمظاهرات، خصوصا في القدس، حيث حاول الاحتلال محاصرتها لمنع تحويل الصلوات إلى احتجاجات جماهيرية.
كما شكلت الإضرابات والعصيان المدني وسيلة مقاومة شاملة، تنوعت بين الإضرابات الشاملة والجزئية والمناطقية والمهنية والتعليمية، لتصبح شبكة مقاومة مدنية أربكت منظومة الاحتلال وعززت الوحدة الوطنية.
اعتمد الفلسطينيون كذلك على أدوات بسيطة لكنها فعالة، على رأسها الحجارة والمقاليع والزجاجات الحارقة وإشعال الإطارات وحفر “مصائد” على الطرق لإيقاع دوريات الاحتلال، ما زاد من فاعلية المقاومة الشعبية.
ورغم ذلك، واجهت الانتفاضة قمعا عنيفا من الاحتلال، شمل استخدام الرصاص والغاز والقنابل الصوتية، وسياسة “تكسير العظام” التي استهدفت الأطفال والشبان، إضافة إلى فرض حظر التجول، وإغلاق المدارس والجامعات، وتنفيذ حملات اعتقال واسعة بحق الناشطين.
مع دخول التسعينيات، بدأت الجهود الدولية لإنهاء الانتفاضة، وصولا إلى توقيع اتفاق أوسلو عام 1993، الذي فتح الباب أمام مفاوضات حول حل الدولتين، لكنه لم ينه روح المقاومة التي استمرت في وجدان الفلسطينيين.
أسفرت الانتفاضة عن خسائر كبيرة، تضمنت استشهاد نحو 1550 فلسطينيا، واعتقال حوالي 100 ألف شخص، وإصابة أكثر من 70 ألف فلسطيني، 40% منهم بإعاقات دائمة.
وشملت العقوبات الإسرائيلية هدم 447 بناية، إغلاق 294 منزلا، تدمير 81 منزلا أثناء المداهمات، وهدم نحو 1800 منزل بحجة عدم الترخيص، إلى جانب التعذيب وإصدار حوالي 18 ألف أمر اعتقال إداري خلال سنوات الانتفاضة.



