أخبار رئيسية إضافيةأخبار عاجلةمحلياتمقالات

أم الفحم وفقه المدينة

صالح لطفي .. باحث ومحلل سياسي

الملخص العام..

تمر مدينة ام الفحم بمتغيرات طالت كافة شؤونها الحياتية وحتى بعض أمورها الجوهرية وهذا نتاج طبيعي لصيرورات مرت بها من تطور مديني “مشوه ” في السياقات المدنية والمجتمعية والاقتصادية والاجتماعية والبيئية والسياسية وحتى في سلوك وانماط اللباس والطعام والمأكولات.

وفي هذه المدينة كما المدن والساكنات الأخرى تيارات ذات توجهات سياسية واجتماعية ولها أجنداتها الخاصة والعامة، وحاجتنا اليوم إلى مجموعة من اولي النهى من علماء وخبراء ومصلحين وحريصين على الهمِّ الفحماوي باتت ملحة وضرورية ولا ابالغ إن قلت إنها من واجبات الوقت.

نحن في الداخل الفلسطيني اعتورتنا تغييرات ومتغيرات أحالتنا من مجموعة مسلمة مالكة للأرض والبلاد الى أقلية مهيضة الجناح ضعيفة ومهمشة وفي ظل التطورات الحّالة والحاصلة في مجتمعنا.

ولقد أكرم المولى الرحيم مدينتنا بكوكبة من علماء الشريعة بمختلف التخصصات ففيهم الفقيه والاصولي وعالم الحديث وعالم التفسير والسياسة الشرعية من حملات الرسالات العليا وبيننا اليوم عشرات من حملة العلم الشرعي هذا الى جانب جمع من الأكاديميين المخلصين الذين يطمعون بتطور وسؤدد هذه البلدة.

مدينتنا اليوم -وهي جزء جدُّ صغير ومتواضع من الحواضر والمدن الاسلامية – صنوها صنو المدن العربية والاسلامية المتأثرة بمنظومات الحداثة وبغض النظر عن حجم هذا التأثير خاصة في ظل عصر العولمة، تحتاج أكثر ما تحتاج الى فقه المدينة لا الى فقه البادية وهي دعوة أرفعها من على منبر صحيفة المدينة المباركة الى كل علمائنا وفقهائنا لأخذ دورهم الفقهي والشرعي ولقد آن الأوان لتجتمع وتلتئم هذه المجموعة المباركة من علماء وفقهاء للتباحث في سبل دفع هذه البلدة قُدُمَاً على ضوء ضوابط الشرع ومحكمات العقل.

أم الفحم مسيرة متغيرات..

تمر  أم الفحم في عديد المتغيرات التي طالت وجهها المدني والاجتماعي والاقتصادي والسياسي وحتى الديني فقد حالت المؤسسة الاسرائيلية دون تطور طبيعي لهذه البلدة من خلال الحكم العسكري ومصادرة الاراضي ومنع تطورنا مدنيا وثقافيا وماديا واقتصاديا وهو ما خلف مخيمات مدينية  وغابات إسمنتية أسمها شقق وبيوت وشوارع ضيقة ضاقت بها نفوس الخلق مع ازديادها سكانيا فكانت جوانب سلبية نمت مع هذا النمو المشوه لتكون عاقبة الامر خُسْرا هذا الى  جانب تشوهاتنا ثقافيا وتربويا ورافق هذا الانتقال المشوه جملة من المتغيرات الاجتماعية والتربوية والثقافية والأخلاقية والدينية، ومن هذه المتغيرات المباشرة كمظهر بارز  لما أشرت أليه، على سبيل المثال لا الحصر، التوسع  العمراني غير المنظم.

سياسات المؤسسة الاقتصادية خلال عقود متتالية أظهرت طبقة من الرأسمال الوسيط وفوق الوسيط مقابل تعاظم طبقة ما دون الوسط والفقراء ودخول أنماط غريبة في الملبس والمأكل والمشرب والسفر للاستجمام خارج البلاد كدالة على وفرة المال “الموهوم” ومجاراة لواقع مُحدَثِّ، ومن ينظر الى لباس الفتيات والنساء في مدينتنا وكيف يتراجع من زي ساتر الى زي فاضح يلهث وراء موضة قادمة من خلف البحار الى جانب طوابير العاملات اللواتي يقفن امام مطاعم الاكل السريع والاكل الجاهز يدرك حجم التغيرات الحاصلة في مجتمعنا.

لعل إطلالة متواضعة على علاقات مجتمعنا مع البنوك “مثلا” ومن بعدُ مع مؤسسات الإقراض الربوي الفاحش والمحرم أو متابعة متواضعة لأعداد “المهاجرين ” الذين يسافرون لقضاء عطل صيفية او اعياد خارج وطننا وما يرافق ذلك من مديونيات تكشف بعضا من حجم هذه التحولات والانتكاسات التي احالتنا إلى مجتمع نفعي واستهلاكي يؤمن بالمظاهر ويعتقدها قيمة تفوق الجوهر فضلا عن حجم التبعية والمصلحية والاستهلاكية التي استوطنتنا.

تراجع الدور السياسي..

خلال هذه العشريات الثلاثة التي مضت تراجع الاداء الحزبي والحركي واستحالت بعض الفئات السياسية الى ظاهرة كرتونية وكادت تختفي جميعها في انتخابات السلطة المحلية الأخيرة وآثرت الحركة الاسلامية المحظورة اسرائيليا عدم المشاركة في انتخابات السلطة المحلية للعام 2013 من باب تغليب الدعوي والحركي على البلدي بعدئذ أنهكها العمل البلدي واقتات على مقوماتها الداخلية تنظيما وفكرا وزحفا وأرهقها آنذاك معاول المصالح الذاتية والشخصية. ففي عملية التحولات التي جرت ولا تزال انتقلت ام الفحم من مجتمع متعاضد متكافل الى مجتمع تتعاظم فيه الأنا والذات على حساب العام، وإنَّ من أخطر التشوهات التي رافقت هذا الانتقال ظهور العنف بكل انواعه وظهور الجريمة المنظمة والعشوائية لأسباب كثيرة من أهمها تعاظم حالة الفردية وانتصار الذات والمصلحة الذاتية على الصالح العام وغياب وازع الحلال والحرام بين الناس عموما ومن ضمن ذلك من هم من المصلين مما جعلنا نعيش انتكاسة لا مخرج منها الا بإعادة القراءات لهذا المجتمع مرة وثانية وثالثة.

إنَّ توسع رقعة البؤساء (البؤساء معيشيا وتربويا واجتماعيا واقتصاديا) في المدينة مقابل ظهور طبقة من الاثرياء نجم عنها كما هو حال كل نظام رأسمالي بروز الجريمة على هوامشه بدعم من النظام المركزي وخلال هذه المرحلة تراجع المد الديني سواء بتقصير من العلماء والدعاة والائمة والخطباء او بفعل التحولات التي حدثت ولا تزال في مجتمعنا. ولا ينكر كاتب هذه السطور أن القيم العلمانية الوافدة بين اجيال الناشئة نشأت في حضرة وجود حركة اسلامية في السلطة وفي المجتمع وهو ما تنبهت له الحركة فتداركت أمرها على أساس من قاعدة “لا يكلف الله نفسا ألا وسعها”، وأعادت للدعوة والعمل الدعوي بعضا من مكانته الغائبة.

أم الفحم والمؤسسة الحاكمة ..

لا يخفى على أحد أنَّ هذه المدينة مطاردة من قبل المؤسسة الاسرائيلية فساكنتها منذ الحكم العسكري وإلى هذه اللحظات في عملية جذب ورد مع المؤسسة الحاكمة ولعل المتابع لتصريحات قيادات المجتمع الإسرائيلي سواء من هم داخل السلطة أو خارجها والمتابع على شبكات التواصل الاسرائيلية سيلحظ  حجم الكراهية التي تكنها هذه المؤسسة وقطاعات واسعة من المجتمع الاسرائيلي التي تتغذى على وسائل اعلامهم التي تعتبر مقدسة بالنسبة لهم لهذه المدينة ، ومن ثم فخلال هذه السنين كانت المؤسسة الاسرائيلية تركز على هذه البلدة وترصدها بمرصاد ضخم ، ترصد  التطورات الحاصلة والجارية فيها إن في سياقاتها الاجتماعية أو السياسية أو البنيوية وتسعى الى تفكيك هذا المجتمع من خلال عدة معاول لعل من اهمها وأخطرها علينا معاول الهدم الداخلية وتحللنا كمجتمع مسلم محافظ من عديد القيم والاخلاقيات واندماجنا مقابل ذلك في عديد القيم والاخلاقيات الوافدة يشارك فيها عدد من مؤسسات المجتمع المدني متأثرين بموجات العولمة وما رافقها من تحول العالم الى قرية بين يديك حَصلتها لنا ادوات التواصل الاجتماعية والثورات التقنية  شبه اليومية التي أغرقت الانسان الفرد وجعلته حالة متسلعة يوميا  “سلعة ” ونقلته سريعا من واقعه الإنساني إلى حالة متشيئة بل ومتذررة وأكثر ما تلحظها داخل البيت الواحد حيث يجلس افراد الاسرة الواحدة وكل في عالمه الخاص “المفسبك” لا يرى إلا ذاته المسخرة لهذه الاداة الصغيرة.

داخل مكونات المؤسسة الاسرائيلية نقاشات حادة حول جدل العلاقة مع هذه المدينة ويبدو لي أن  قراراً قد أتخذ في هذا الموضوع يتلخص بالتخلص من هذه المدينة وأهلها  بيدَ أنهم ينتظرون لحظة وفرصة تنفيذ هذا القرار وفي كل الاحوال سواء نقلت هذه المدينة الى مناطق السلطة التي ستبقى تحت الاحتلال الاسرائيلي أو انتقلت الى حكم فلسطيني تحت سقف الكونفدرالية التي يعاد إحياء رممها مجددا أو حتى بقيت تحت سلطة مباشرة فستبقى هذه المدينة تحت مجهر المؤسسة الاسرائيلية باعتبارها بارومتر العلاقة البينية  المجتمع العربي في الداخل الفلسطيني والعموم الفلسطيني من جهة ومع المؤسسة الاسرائيلية من جهة اخرى ورأس حربة في المشروع الفلسطيني.

هذه المؤسسة تعمل بذكاء على تفتيت هذه البلدة من داخلها وعلى خلق حالة مجتمعية اسرائيلية رافضة لوجود هذه البلدة كمقدمة لحسم العلاقة معها في اللحظة المناسبة وللقبول مستقبلا بأي نوع من أنواع الحلول القادمة علينا والمؤسسة الاسرائيلية لا تتورع باستعمال ية وسيلة تحقق غايتها المتعلقة بهذه المدينة.

التيارات الفاعلة ..

في السياق السياسي-الاجتماعي ثمة تيارات تتناوش الحالة السياسية بالسياق العام ويتقلص بعضها الى أسِّ عائلي في الانتخابات المحلية وهذه التيارات: تيار عربي اسرائيلي، وتيار وطني/ قومي وتيار ديني.

التيار الاسرائيلي تمتد تفرعاته ما بين أفراد منضوين في احزاب صهيونية ومؤسسات مدنية اسرائيلية  متماهين مع هذه المؤسسة قيما وسلوكا كسبا ونفعا وتنتهي بأن تكون ضمن الاحزاب والحركات الناشطة  تحت سقف الكنيست الاسرائيلي وبالجملة تدخل في تصوري كافة الأطر السياسية والمدنية  التي ارتضت السقف الاسرائيلي لمشاريعها السياسية وتدخل ضمن تضاعيف هذا التيار من يؤمنون بالخدمة المدنية ويعتقدون ان تقوية العلاقات مع العم “موشيه” مهمة جدا لتمرير المصالح والاعمال، ويدخل في هذا التيار مجموعات سكانية تقمصت أخلاقيات السوق والمجتمع والقيم الاسرائيلية ،  وداخل هذا التيار ستجد المتدين والعلماني بل ومن يظن انه منتم لحركة اسلامية بعينها….. التيار القومي/ الوطني مزيج ممن يؤمن بالفكرة الوطنية والقومية بالشراكة اليهودية العربية  وبدولة المساواة وبدولتين لشعبين  واخر يؤمن  بدولة ثنائية القومية على كامل تراب ارض فلسطين وفريق ثالث قومي يؤمن بدولة كل مواطنيها وهذا التيار  على اختلاف توجهاته يؤمن سياسيا بقضايا شعبه وضرورة حملها والمضي بها قدما لصالح حاضر ومستقبل هذا الشعب وهذا التيار وفيه  تتداخل في تيارات صغيرة واخرى اكبر حجما وتنظيما وفيه الأيديولوجي وفيه البراجماتي وفيه تدخل بعض الاحزاب التي ارتضت  الكنيست سقفا لها واخرى خارج  الكنيست وفكريا تتراوح هذه المجموعة بين حملة الفكر العلماني والاخر الاسلامي وتتميز بمواقفها  واستعدادها لحمل هموم مجتمعاتها ومنهم المخلص والأخر النفعي والثالث الوصولي ومنهم من  يعتقد أن النضال يتم فقط عبر بوابات عوالم التواصل الاجتماعي والصور والمحاشرة في المظاهرات لتقدم الصفوف على قاعدة أن لم يظهر في هذه العوالم فلا نصيب له من كعكة الوطنية التي باتت توزع على كل من هب ودب وانا هنا انقل صورة موسعة الى حالتنا الخاصة … التيار الثالث وهو التيار الديني وهو الاكثر نشاطا وفاعلية وحركة في هذه المدينة وداخل هذا التيار تيارات اخرى تبدأ ممن يؤمنون بالخط الحركي والاخر التبليغي-الصوفي وحتى التيار لسلفي وداخل كل واحد من هذه التيارات “الصغيرة ” أيضا تيارات داخلية تختلف فيما بينها في الفكر والفقه والتوجه العقدي داخل سقف اهل السنة والجماعة كما تتباين مواقفها من مختلف القضايا المستجدة سواء على المستوى اليومي- المعيشي او على مستوى القضايا الوطنية، واختلافها نابع في الاساس من مواقفها الايديلوجية الداخلية وترتيبات ماهيات الخطاب داخل هذه التيارات المصغرة ، وهو بالمناسبة انعكاس جد طبيعي للحالة الاسلامية السائلة التي تعيشها الامة العربية والإسلامية.

تذرير وتسليع الأنسان الفحماوي..

ثمة ملاحظة ترعى انتباه  المراقب للشأن الفحماوي وتتعلق بالجدل الموجود على مختلف القضايا عليلها وسقيمها وصحيحها وما يضعه البنون والنساء على صفحاتهم المختلفة على ما  يسمى صفحات التواصل الاجتماعي خاصة الفيسبوك كمنصة متاحة للجميع يغرف ويهرف منها حيث تجد الالاف من التصريحات-الستاتوسات- في مختلف القضايا الصغيرة والكبيرة : ذات القيمة الكبرى التي تعبر عن تطورات بنيوية في مجتمع حي او تلك التي تكشف هشاشة هذا المجتمع من الطبيخ والنفيخ والملابس والطشات والرحلات الى إدلاء الدلو في قضايا سياسية وفكرية وشرعية وهذا السيل العرم من الطروحات هو محل دراسات عميقة لدى عديد مراكز ومؤسسات البحث المتخصصة في هذا الباب مهمتهم إعادة هندسة هذه الاقلية من خلال التعرف على مواقف وانماط وسلوكيات مجتمع يتغير بسرعة  في عصر التقانة والمعلومة المتحولة التي أعلن فيها عن موت الايديولوجيا لصالح تشييء الانسان وها هي تصل ذروتها ليصل الانسان الى حالة من التشظي والتفتت  والتشفير فوجودنا ساعات طويلة على صفحات التواصل جعلنا مسلعين جدا ( انظر مثلا الى الدعايات التي تأتيك كيف تتابع مساراتك بل وتسعى مراكز التشفير والتسليع لاختراق عقلك وتحويل حياتك \انت الى سلعة) .

هذه العملية الجارية كونيا يتأثر منها ساكنة ام الفحم جميعا بما فيهم دعاة المشروع الاسلامي ولعل متابعات طفيفة لأبناء وبعض الدعاة ستجد حجم الغزو الكبير لهذه المجموعة بل وانغماس ابناء وبنات دعاة ومسؤولين في هذا الخضم ليؤكد حجم تأثير هذه الادوات ونجاعتها في تفكيك مقوماتنا الداخلية.

في هذا الخضم ومع التطور المشوه عمرانيا وأيضا فكريا لمجتمعنا الفحماوي ومع تأثيرات كبيرة من السيل الجارف للمعلومات المفسبكة تجد الناس عموما وخاصة اجيال الشباب والناشئة غارقة في مواقف من قضايا وطنية وشرعية ولعل ما حدث مؤخرا في مدينتنا يكشف اللثام عم حجم السيولة التي نعيشها  حتى في مواقفنا من قضايا شرعية المفترض أن تكون مسلمات في حياتنا كأفراد وهو ما يؤشر الى أنَّ قيم السوق قد دخلت الينا وبقوة على اعتبار ان هذه القيم تحلُّ محلَّ القيم الايدولوجية الدينية والوطنية على حد سواء ومن ثمَّ فإنَّ هذا التطور الحادث يستوجب متابعات شرعية دقيقة تقرأ الواقع  قراءات دقيقة واعية على ضوء الفهم الشرعي بعيدا عن التشنجات وردود الافعال فقد أسمى ابن القيم العلماء والفقهاء : الموقعين عن رب العلمين . وفي هذا العصر الذي أضحى الواحد منا مطارد من قبل شبكات التواصل ووسائل ادوات التواصل المرقمنة تتضاعف مسؤوليات العلماء والفقهاء لفهم المتغيرات الحاصلة وبسرعة في مجتمع يجمع متناقضات ومنغصات ففي حين يملك الواحد منا ذروة ما سمح به العم سام من تقنيات تشفرك وتراقبك على مدار الساعة من جهة وتمنحك الشعور أنَّ العالم بين يديك فأنها تذكرك أنك في  دولة تتعاطى معك ضمن جدول ولوائح تخدم أجنداتها  لتكون أنت ونحن ضحايا متناقضات العولمة تماما كما نحن أسراها ، وهو ما يزيد من وطأة مسؤوليات العلماء واهل الذكر ” الاختصاص” وسبل خلق مخرجات تيسيرية لمجتمع باتت تتهافت قيمه لصالح قيم جديدة ليس بالضرورة كلها سيئة وهو ما يعزز صدام الحداثة مع الاصالة والوافد مع الموجود   مما يتطلب قرافي جديد في واقعنا المعاش ورحم الله العلامة القرضاوي لَّما قال ” وإذا كنا ننكر  تقليد أسلافنا من فقهاء الأمة الكبار وأئمتها العظام لأنهم فكروا واجتهدوا وأبدعوا لزمانهم لا لزماننا ولبيئاتهم لا لبيئاتنا فنحن -ولا شك- أشد إنكارا لتقليد أخر يشيع اليوم ويراد له أن يهيمن على عقولنا ويوجه حياتنا  وأن نُخضِعَ له أفكارنا وسلوكنا ذلكم هو تقليد الغرب صاحب الحضارة المسيطرة على العالم بما فيها من نزعة مادية ظاهرة ونزعة نفعية غالبة وما تتضمنه في غالب مدارسها الفلسفية وتطبيقاتها العملية من احتقار للغيبيات وإهمال للقيم الروحية والاخلاقية وتشجيع للانحلال والإباحية” ومن قبله قال ابن تيمية الحراني “… ومعلوم أنَّ الشريغة جاءت بتحصيل المصالح وتكميلها وتعطيل المفاسد وتقليلها ، وأمرنا بتقديم خير الخيرين بتفويت أدناهما وبدفع شر الشرين باحتمال أدناهما.. أنظر الفتاوى الكبرى مجلدرقم 30 ص234”.

مسؤولية حملة العلم الشرعي..

وتتعاظم هنا مسؤوليات حملة العلم الشرعي فأم الفحم فيها من هؤلاء الكثير  وفيها عدد مبارك من حملة الماجستير والدكتوراه في مختلف العلوم الشرعية ففيها الفقيه والاصولي وعالم الحديث والمختص بالتفسير والدراسات القرآنية وهذه المجموعة المباركة من خريجي العلم الشرعي تغلغلوا في شعاب المجتمع دعاة وائمة وخطباء وعلماء ومدرسين ، وهذا يدفعني لمصارحة هذه الثلة المباركة في مدينتنا لتأخذ دورها الطليعي-الشرعي في اجتراح فقه المدينة على هدي ممن سلف فمجتمعاتنا اليوم مجتمعات مفتوحة للغزوين الثقافي-الاخلاقي والمادي-الاقتصادي-العسكري، فهل من مدكر؟.

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى