أخبار رئيسيةأخبار رئيسية إضافيةأخبار عاجلةأخبار وتقاريرمحليات

أربع سنوات على حظر الحركة الإسلامية… تداعيات الحظر على العمل السياسي في الداخل الفلسطيني

د. مهند مصطفى: مشروع الحركة الاسلامية في القدس والاقصى اصطدم مع تحولات المشروع الصهيوني بعد اتفاق أوسلو
د. إبراهيم خطيب: القدس والأقصى ومشروع المجتمع العصامي أسباب رئيسية لحظر الحركة الإسلامية

ساهر غزاوي، طه اغبارية
بعد مرور 4 سنوات على حظر الحركة الإسلامية واعتبارها وفق “قانون مكافحة الإرهاب” الذي صدر قبل نحو 3 سنوات، “تنظيما محظورا وإرهابيا”، يدخل مجمل العمل السياسي والحزبي للفلسطينيين في الداخل، إلى المجهول ومخاطر إسقاط الحظر على تيارات سياسية أخرى في ظل استمرار الملاحقات السياسية لقيادات إسلامية كانت محسوبة على الحركة الإسلامية المحظورة اسرائيليا وعلى رأسها الشيخ رائد صلاح الذي يقبع في الإقامة الجبرية بشروط مقيدة، بتهم التحريض على العنف والإرهاب.
ففي السابع عشر من تشرين ثان عام 2015، وفي ليل الاثنين-الثلاثاء، اقتحمت قوات الأمن الإسرائيلية، مكاتب الحركة الإسلامية (الجناح الشمالي) في مدينة أم الفحم وغيرها من البلدات العربية، كما اقتحمت قوات الأمن نحو 23 مؤسسة أهلية قالت إنها تابعة للحركة الإسلامية.

الحركة الإسلامية وقفت سدا في تحقيق الخلاص للتحول في المشروع الصهيوني
د. مهند مصطفى، مدير عام مركز مدى الكرمل-المركز العربي للدراسات الاجتماعية التطبيقية-حيفا، أكد أن حظر الحركة الإسلامية جاء نتيجة اصطدام مشروع الحركة الاسلامية في القدس والاقصى مع تحولات المشروع الصهيوني بعد اتفاق أوسلو.
وأضاف مصطفى في لقاء مع “المدينة” أن الحظر لم يكن سياسة نابعة من تغير ما في سلوك وفكر الحركة الاسلامية نحو خرق حدود العمل السياسي القانوني، أو خرق قواعد اللعبة بين المجتمع الفلسطيني في الداخل وبين الدولة، بل نابع من تغيرات في السياسة الاسرائيلية.
وفصّل قائلا: “بداية لا أتفق مع المقولة أن كل المشروع السياسي للحركة الاسلامية كان سبب حظرها، بل بالأساس مشروعها في القدس والمسجد الاقصى المبارك، مشروعها السياسي العام حُظر لأنه كان داعما للمشروع في القدس والمسجد الاقصى، لان مشروعها يفترض التلاحم مع المشروع الفلسطيني بشكل عملي، فالمشروع السياسي العام يهدف إلى بلورة هوية جماعية فلسطينية واسلامية فاعلة، وهذا بلا شك يتناقض مع المشروع الصهيوني والسياسات الإسرائيلية”.
وأشار إلى أن التلاحم الذي كان بين هذا المشروع الهُوياتي الفاعل وبين المشروع في القدس والمسجد الاقصى شكّل تحديّا حقيقيّا للمشروع الصهيوني والاسرائيلي في القدس والمسجد الاقصى.
وقال “في هذا السياق يستدعيني السؤال ما الجديد؟، فهذا المشروع الاسلامي ليس بجديد، وقد تبلور بشكل حقيقي وجديّ بعد عام 2000. الجديد ليس في المشروع الاسلامي، بل في المشروع الصهيوني، فبعد أوسلو تحوّل اليمين إلى تيار صهيونيّ دينيّ خلاصيّ بالمفهوم السياسي-الديني، أو للدقة هيّمن عليه هذا المفهوم. وضع هذا المشروع، أي الصهيوني الديني الخلاصي، المسجد الاقصى، أي “هار هبايت” في الخطاب الديني اليهودي، في مركز منظومة الخلاص الصهيونية الدينية التي سيطرت على خطاب وفكر اليمين في العقدين الماضيين، بعد أن كانت “أرض اسرائيل” في مركز هذه المنظومة. وفكر الخلاص هو فكر مُطلق وعندما يتداخل مع مشروع سياسي استعماري يتحول إلى عنيف، ويسعى إلى ازالة كل عقبة تحول دون تحقيق هذا الخلاص، ونحن نشهد في السنوات الاخيرة كيف أن عملية تهويد القدس والسيطرة الزاحفة على المسجد الاقصى تنطلق من اعتبارات استعمارية ذات طابع ديني خلاصي بالأساس”.

د. مهند مصطفى
د. مهند مصطفى

وزاد الدكتور مهند قائلا “هنا تحديدا، في هذه اللحظة التاريخية من التحول في المشروع الصهيوني، وقفت الحركة الاسلامية سدا في تحقيق هذا الخلاص، وهذا السدّ دعمه مشروع سياسي أوسع يرمي إلى بناء هُوية فلسطينية إسلامية فاعلة، وأقصد بفاعلة عندما تكون سياسة الانتماء والوطنية عند حركة سياسية هو انتماء عملي. حيث تفرق الأدبيات السياسية بين سياسات عديدة من الانتماء، مثل، انتماء سردي يركز على الماضي، وانتماء فلكلوري يركز على الرموز، وانتماء سياسي يركز على الخطاب السياسي والتمثيل السياسي، وانتماء عملي يركز على التنظيم، أي تنظيم المجتمع. والحركة الاسلامية كانت تعمل في منظومة سياسة الانتماء العملي، أي بناء هُوية من خلال العمل. وهي حالة فريدة من الحركات السياسية التي لا تحب الانظمة السياسية التعامل معها، وهذا طبعا لا يعني أن باقي سياسات الانتماء لا تحمل تحديا للنظام السياسي، ولكن كل تحدي له سماته ومساحاته، وأيضا في بعض الاحيان يكون تقاطع بينها، ولكن تبقى المسألة اين يكون التركيز في سياسة الانتماء. الان جاء الحظر في الصدام الذي حدث في لحظة تاريخية تحول فيه المشروع الصهيوني الى ديني قومي خلاصي واضعا الاقصى في مركزه مع مشروع سياسي للحركة الاسلامية يقف أمامه ويعيق تحقيق هذا الخلاص”.
وحول تأثيرات الحظر على المجتمع الفلسطيني، قال مصطفى: “للحظر تأثيرات كبيرة على المجتمع الفلسطيني، أولها أنه ساهم في تعزيز السياسات العنصرية تجاه الفلسطينيين، لأن الحظر اعطى رسالة أن الدولة تستطيع أن تفعل ما هي قادرة عليه. وهذه نقطة هامة، عادة نفرق بين القوة وبين القدرة على استعمالها، حظر الحركة الاسلامية غيّب الكثير من الحدود بين القوة والقدرة على استعمالها، والقوة هنا المفهوم الشامل، ليس العنيفة بالضرورة، قد تكون تشريعية، وتقييد حرية التعبير، والملاحقة السياسية وغيرها. التأثير الثاني وهو الاهم باعتقادي هو أن حظر الحركة الاسلامية قلصّ الحقل السياسي الفلسطيني في الداخل بشكل كبيرة، قلّص مساحاته، وقلّص ادواته، وتقليص الحقل السياسي نابع غياب تحدي للسياسة المهيمنة في هذا الحقل وهي سياسة التمثيل السياسي، رغم أهميتها طبعا، التي كانت تتحداها الحركة الاسلامية بسياسة التنظيم، غياب سياسة التنظيم وتعظيم سياسة التمثيل في العمل السياسي ساهم في تقليص الحقل السياسي الفلسطيني، وهو أمر يحتاج فعلا إلى دراسة أعمق، وسيخصص مركز مدى الكرمل مؤتمره السنوي حول هذا الموضوع”.

إسرائيل تريد عملا سياسيا خاضعا لسلطتها ورؤيتها السياسية
من جانبه قال الدكتور إبراهيم خطيب-الباحث في العلوم السياسية في مرحلة البوست دكتوراه في جامعة أكسفورد، إن لحظر الحركة الاسلامية تداعيات مختلفة، سياسية واجتماعية ودينية وتأثيرات على مجمل العمل الفلسطيني في الداخل.
وأضاف في لقاء مع “المدينة”، أن “الحركة الاسلامية المحظورة إسرائيليا، كانت ترعى آلاف الأيتام وتقوم على عدد من المشاريع الاجتماعية والخدماتية لأبناء شعبنا وكل ذلك تأثر بحظر الحركة الإسلامية، أما دينيا ودعويا فيمكن للمراقب أن يلحظ نوع من التراجع في الالتزام الديني يمكن عزوه إلى عوامل كثيرة ولكن عامل حظر الحركة الإسلامية عامل مؤثر على تراجع بعض مظاهر التدين في مجتمعنا التي كانت الحركة الإسلامية بالإضافة الى أجسام أخرى تعمل عليها في داخلنا الفلسطيني، ولكن هذا العامل اثر على بعض مظاهر الالتزام الديني في داخلنا الفلسطيني”.
وفيما يخص تداعيات الحظر على العمل السياسي في الداخل، لفت خطيب إلى وجود 3 تأثيرات مركزية على العمل السياسي.
وقال: “التأثير الأول يتمركز حول ما يمكن أن نسميه صناعة الأجندة السياسية للداخل الفلسطيني أو المشاركة في صياغة الأجندة السياسية للداخل الفلسطيني، الحركة الاسلامية كانت حركة ذات رؤية سياسية ملتزمة وطنيا ودينيا إسلاميا برؤيتها للعمل السياسي وبوجودنا في الداخل الفلسطيني، مع حظر الحركة الإسلامية، هذا الباب وهذا المنفذ وهذه الرؤية قد تراجعت بفعل الحظر، وبالتالي حدث هناك نوع من التراجع في قوة هذه الأجندة ومكانتها، وأقصد بشكل مركزي، الأجندة الوطنية الواضحة المنبثقة عن هويتنا الوطنية والدينية والعربية في الداخل الفلسطيني، فكانت الحركة الإسلامية متقدمة بدرجات كبيرة في رؤيتها الوطنية والدينية المنبثقة من ثوابتنا في الداخل الفلسطيني والثوابت الفلسطينية والعربية والإسلامية في المجمل العام، فحظر الحركة الإسلامية أثر على هذه الثوابت وعلى من يسعى لتثبيتها في داخلنا الفلسطيني”.

د. إبراهيم خطيب
د. إبراهيم خطيب

وتابع أن “العامل الآخر الذي أثر على العمل السياسي في الداخل الفلسطيني بحظر الحركة الإسلامية، هو أن الحركة الإسلامية كانت حركة حية فيها عمل سياسي نابض وحي منغمس بين الجماهير والحظر أدى الى تراجع هذا الانخراط بين الجماهير والعمل الجماهيري الذي كانت الحركة الإسلامية تقوده في مرافق عديدة في النقب والساحل والداخل عموما”.
ويرى خطيب أن الأمر الثالث من الأمور المهمة التي أثّرت على العمل السياسي في الداخل هو أن “الحركة الإسلامية كذلك كانت لها رؤية سياسية للتعامل مع المؤسسة الإسرائيلية منبثقة من رؤيتنا كفلسطينيين كعرب كمسلمين في هذه البلاد وقد جعلت نوع من التحدي أمام المؤسسة الإسرائيلية ببرنامجها السياسي وبعملها الميداني، ومن خلال جهودها المختلفة سياسيا إن كان في قضية القدس والأقصى أو قضية المجتمع العصامي وغيرها، وبالتالي غياب الحركة الإسلامية أبعد هذا التحدي من وجه المؤسسة الإسرائيلية”.
ويعتقد بوجود سببين مركزيين من أسباب حظر الحركة الإسلامية، وهما “الأول هو قضية القدس والاقصى، فالحركة كانت رأس الحربة في قضية القدس والاقصى وعدم تهويد القدس وعدم اتاحة الزمان والمكان للمؤسسة الإسرائيلية للتقسيم الزماني والمكاني في المسجد الأقصى. كانت الحركة بوصلة وأداة وجسم أدى إلى ثني المؤسسة في مراحل عديدة او جعل حركة المؤسسة الإسرائيلية تجاه تهويد القدس والاقصى بطيئة، وبالتالي أرادت المؤسسة الإسرائيلية أن تتقدم بحركتها اتجاه التهويد بوتيرة أسرع فكان الحظر ونرى مؤخرا حجم الاقتحامات التي حدثت في الأقصى والتهويد الذي يطال القدس والاقصى بشكل كبير، كانت الحركة الإسلامية لفترة طويلة إن كان داخل الأقصى أو في القدس تقوم بعمل جبار لدعم صمود المقدسيين ودعم ثبات اهل القدس والاقصى الحفاظ على القدس والاقصى. أما العامل الاخر هو الرؤية السياسية للحركة الإسلامية وبالأساس مشروع المجتمع العصامي الذي يرى بتحدي سلطة المؤسسة الإسرائيلية ويقوم على خدمة مجتمعنا وفق ثوابت هذه الثوابت أكدت عليها الحركة الإسلامية من خلال عملها ومن خلال نهجها السياسي وطروحاتها السياسية إن كان في لجنة المتابعة أو في أطر سياسية أخرى، كل هذا الأمور أدت إلى حظر الحركة الإسلامية”.
ولفت الدكتور إبراهيم خطيب إلى أن “إسرائيل لا تريد عملا سياسيا منبثقا من ثوابت شعبنا يكون له هذا الحضور الشعبي كما كان للحركة الإسلامية ولديه عمل ثابت منهجي في قضايا متعددة وعلى رأسها قضية الأقصى والقدس الشريف، التي هي ليست قضية الفلسطينيين في الداخل إنما هي قضية كل الأمة العربية والإسلامية وهي محور الصراع ومشعله الآن بالإضافة لعوامل أخرى، وبالتالي المؤسسة الإسرائيلية أرادت أن تزيل هذا العائق المتمثل بالحركة الإسلامية، ليتاح لها الاستفراد في القدس والأقصى ناهيك عن تطبيق خطة ترامب ” صفقة القرن”، وكانت بشكل أو بآخر الحركة الاسلامية معطلة لكثير من الصفقات السياسية والرؤى السياسية لقضية القدس والمسجد الأقصى. إسرائيل لا تريد أي عمل سياسي يتحدى بشكل قوي وفعال رؤيتها السياسية إن كان في قضية القدس والمسجد الاقصى وإن كان في داخلنا الفلسطيني وإن كان في رؤية مجمل الصراع”.
وبيّن أن “المؤسسة الإسرائيلية قامت بحظر الحركة الإسلامية وهي تحاول دائما المس بحركاتنا السياسية وشخصياتنا السياسية في الداخل الفلسطيني، لكن الحركة الإسلامية مثلت حالة متقدمة من تحدي المؤسسة الإسرائيلية وبالتالي كان لزاما على المؤسسة الإسرائيلية وفي قراءتها ان تحظرها”.
واعتبر خطيب أن “التوجه بحظر الحركة الإسلامية على هذا الأساس وبهذه الصورة يمكن أن يجعل المؤسسة الإسرائيلية متعطشة لحظر أي عمل سياسي آخر أقل وتيرة، ولكن ليس كما حدث مع الحركة الإسلامية، لأنني كما ذكرت الحركة الإسلامية مثلت حالة متقدمة ولا يوجد في الداخل الفلسطيني حتى الآن حالة متقدمة في هذا الاتجاه كمثل الحركة الإسلامية في نضالها وعملها الذي كان في الأمور التي ذكرتها، إن كان المجتمع العصامي والرؤية السياسية والثوابت الوطنية وقضية القدس والأقصى”.
وأكد أن “إسرائيل تريد عملا سياسيا خانعا خاضعا لها ولسلطتها ورؤيتها السياسية، أو على الأقل إن كان مناهضا لها أن يكون مناهضا بالقول وليس بالأفعال والعمل الميداني. إسرائيل لا تريد أي عمل أن يكون له تأثير كما كان للحركة الإسلامية”.
وخلص الدكتور إبراهيم خطيب إلى القول إن “واجب المرحلة أن تتحد الأحزاب العربية في الداخل الفلسطيني، وفق رؤية وطنية جامعة تسعى من خلالها الى تثبيت حقوقنا في القدس والأقصى وإلى تثبيت ثوابتنا الفلسطينية وليس الانجرار خلف سراب التعايش وإمكانية التغيير في رؤية المؤسسة الإسرائيلية وقيادتها، علينا أن نتعاضد ونتكاتف أكثر بوحدة وطنية أكبر وبرؤية سياسية أوسع ترى بأننا جزء من شعب أصيل، صاحب أرض وصاحب رؤية وثوابت لا يمكن التخلي عنها ولا يمكن أن نخدع بوهم وسراب ان المؤسسة الإسرائيلية تتجه الى الديموقراطية أو أنه يمكن التغيير من خلالها أو من داخلها فهذا ليس إلا سراب”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى