أخبار رئيسيةأخبار رئيسية إضافيةأخبار عاجلةأخبار وتقاريرمحليات

مختصون: واشطن غير مؤهلة ولا مخولة لإلغاء قرارات الشرعية الدولية

الانحياز الأمريكي المطلق للاحتلال الإسرائيلي وشرعنة المستوطنات

ساهر غزاوي
اعتبر محللون سياسيون ومختصون في القانون الدولي أن القرار الأمريكي باعتبار المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية لا تخالف القانون الدولي، تصريحا سياسيا ويتعارض مع القانون الدولي، كما وأكدوا على أن على أن واشنطن غير مؤهلة أو مخولة بإلغاء قرارات الشرعية الدولية.
وكان وزير الخارجية الأمريكية مايك بومبيو، أعلن الاثنين، أن الولايات المتحدة لم تعد تعتبر المستوطنات الإسرائيلية “غير متسقة مع القانون الدولي”، وقال إنه “بعد دراسة جميع جوانب النقاش القانوني بعناية، توافق هذه الإدارة على أن إقامة مستوطنات مدنية إسرائيلية في الضفة الغربية لا يتعارض في حد ذاته مع القانون الدولي”.

قرار في أطار مشروع “صفقة القرن”
أستاذ العلوم السياسية في جامعة النجاح بنابلس، البروفسير إبراهيم أبو جابر، اعتبر أن اعتزام الولايات المتحدة الأمريكية الإعلان أن مستوطنات الاحتلال الإسرائيلي بالضفة الغربية لا تخالف القانون الدولي، يندرج في إطار مشروعها الفاشل “صفقة القرن”، مؤكدا في حديث لـ “المدينة” أن هذا التصريح “مرفوض ومردود على الرئيس الأمريكي المنحاز كليا للطرف الإسرائيلي على حساب الحقوق الشرعية للشعب الفلسطيني وهو يندرج في إطار مشروعه الفاشل “صفقة القرن”.
كما وأشار أبو جابر إلى أن هذا التصريح يأتي في إطار بدء حملة ترامب الانتخابية وبداية العدّ التنازلي لانتهاء ولايته وتجنيد أكبر عدد ممكن من أصوات اليهود الأمريكيين وكسب ثقة معارضيه الكثر من كوادر الحزب الجمهوري والشعب الأمريكي ككل.
وقال إن مخالفة المستوطنات في أراضي 67 وفلسطين للقانون الدولي كانت وستبقى غير شرعية ومخالفة للشرائع الدولية وميثاق الأمم المتحدة ومبادئ ويلسون وأهمها حق تقرير المصير ولن تتغير هذه الوضعية بتصريحات هنا أو هناك.

البروفسير إبراهيم أبو جابر
البروفسير إبراهيم أبو جابر

تأتي الخطوة الأميركية ردًا على قرار المحكمة العليا للاتحاد الأوروبي، الذي صدر يوم الثلاثاء الماضي، وأقر قانونية وسم البضائع الإسرائيلية التي تنتج في المستوطنات المقامة في الأراضي المحتلة عام 1967، التي يتم تصديرها إلى دول الاتحاد الأوروبي. كما يرى مراقبون.
وحول ذلك عقب البروفسير إبراهيم أبو جابر قائلاً: “ربما أثر القرار الأوروبي القاضي بوسم منتجات المستوطنات على خروج ترامب بتصريح كهذا إلا أن الأمر أبعد من ذلك بكثير فالرجل صهيوني حتى النخاع”. موضحا في هذا السياق أن الدور المطلوب فلسطينيا هو دعم صمود الفلسطينيين ورفض كل محاولات النيل من الحقوق والثوابت الفلسطينية.

قرار غير ملزم قانونيا
من جهته، قال المحامي الدكتور ضرغام سيف المختص بالقانون الدولي، إن “هذا التصريح نابع من إنسان سياسي وهو من ناحية قيمة قانونية لا يوجد له أثر قانوني، لكن من المؤكد أن التصريح نابع من مشورة قانونية تؤسس أصل قانوني لقضية الاستيطان المدني في أرض محتلة”.
وتابع سيف: “هذا الموضوع الذي يقول إنه يوجد أصل قانوني لقضية الاستيطان المدني في أرض محتلة، أشغل المحافل الدولية منذ سنوات الأربعين بعد الحرب العالمية الثانية ومن أيام معاهدات جنيف 1949، بمعنى أن القانون الدولي أقرّ من عشرات السنوات أن الاستيطان المدني في الأراضي المحتلة ينافي ويخالف القانون الدولي”.
وأشار إلى أن القانون الدولي من خلال قرارات مجلس الأمن وقرارات الجمعية العامة للأم المتحدة ومن قرارات محاكم دولية أقروا أن الاستيطان الإسرائيلي في الأراضي المحتلة هو غير قانوني ويناقض القانون الدولي، وأكثر من ذلك فإن أعلى محكمة دولية من ناحية مرجعية للقانون الدولي وهي محكمة العدل الدولية International Court of Justice)) أقرّت في قرارها الصادر عام 2004 في موضوع جدار الفصل العنصري أن الاستيطان الإسرائيلي في الأراضي المحتلة غير قانوني”.
أكثر من ذلك، يضيف المحامي د. ضرغام سيف، في حديث لـ “المدينة” أن تصريح وزير الخارجية الأميركي، مايك بومبيو هو غير ملزم بالمعنى القانوني، أي لا يمكن تنفيذه لأنه قرار سياسي ولكن من ناحية مرجعية قانونية هو أعلى مرجعية قانونية في القانون الدولي ويقر أن الاستيطان غير قانوني، أضف إلى ذلك أنه في معاهدة روما 1998 من خلالها أسسوا فيما بعد في عام 2002 المحكمة الجنائية الدولية (International Criminal Court)، حيث أصبح بمعاهدة روما الاستيطان ليس فقط مخالفة دولية، إنما جريمة حرب يحاكم عليها من يرتكبها، يعني أصبح القانون الدولي يتعامل مع الاستيطان في الأراضي المحتلة بطريقة أقوى وبطريقة أكثر صرامة بحيث أنه حولها من مخالفة دولية إلى مخالفة جنائية دولية”.

المحامي الدكتور ضرغام سيف
المحامي الدكتور ضرغام سيف

تحويل الاستثناء إلى قاعدة
القانون الدولي بكلا شقيه، العرفي والمعاهدات الدولية إضافة إلى قرار المحاكم الدولية، قانون بمعنى المحاكم ومجلس الأمن والجمعية العامة أقروا بعدم قانونية الاستيطان الإسرائيلي بشكل خاص في الأراضي المحتلة، فعلى الصعيد القانوني هذا واضح أن إسرائيل كما عهدناها في مجالات كثيرة تأخذ بالاستثناء وتعمل منه قاعدة، بما معناه أن إسرائيل أخذت استثناء حالة الطوارئ في عام 1948 التي هي من أيام القانون الانتدابي البريطاني التي تسمح بإعلان حالة طوارئ من أجل المس بحقوق الانسان لفترة ستة شهور وهذه استثناء، لكنهم علموا الاستثناء قاعدة بحيث من أنه من عام 1948 وحتى اليوم حالة الطوارئ تجدد كل ستة شهور. يقول د. سيف.
وكذلك الأمر بالنسبة للاستيطان، يضيف سيف ويقول: “هناك استثناء الذي هو عمليا قد يفهم منه أنه قد يمكن للجندي الإسرائيلي عندما يكون في نقطة عسكرية أن يقدر أن يعيش مع زوجته وأبنائه بدل أن يبعد عنهم فترة طويلة بشكل استثنائي بحت، فهم أخذوا هذه الاستثناء البسيط وعملوا منه مدن في الأراضي المحتلة الذي هو لا شك كل فقهاء القانون الدولي يتفقوا على أن الاستيطان هو غير قانوني وأكثر من ذلك هو جريمة حرب”.
وفي رده على سؤال لـ “المدينة” حول الأثر القانوني لتصريح بومبيو فيقول: “لا يوجد أثر قانوني يُبنى عليه، لكن هل ممكن أن ذلك يسمح لإسرائيل في التمادي بالاستيطان؟ الجواب نعم لأن الخطة اليوم هي ضم أراضي الموجودة في المناطق المحتلة لإسرائيل من خلال ضم الاستيطان والمستوطنات” ويوضح: “ليس فقط المستوطنات مكان السكنى، إنما أيضا منطقة نفوذ التي هي المنطقة التي يعيش فيها المستوطنون وما يحط بها، وفي هذه الحالة وكأنه هناك ضوء أخضر لضم 60 بالمئة من أراضي فلسطين المحتلة”.

شرعنة المستوطنات
والسؤال الآن، يضيف المحامي د. سيف، “هل إن الوضع من ناحية عملية سيتغير من قبل تصريح بومبيو أو بعده؟ أقول إن الوضع سيء أكثر من 40 سنة وإسرائيل لا تأبه بالقانون الدولي وتقوم ببناء الاستيطان وتوسيعه في مرة تلو المرة. لذلك عمليا وعلى أرض الواقع فإن بومبيو لم يخلق وضع واقعي جديد، إنما أتى ليعطيه شرعية أو غطاء ودعم سياسي من الولايات المتحدة في هذا الموضوع لا أكثر”.
وعن كيفية التصدي لمثل هذا التصريح يقول المختص بالقانون الدولي: “علميا إذا تحدثنا في المجال القانوني يكون في قرار من هيئة الامم المتحدة أو محاكمة وتقديم طلب للمحاكم أن الاستيطان الإسرائيلي هو غير قانوني وهو موجود، لذلك لا يوجد حاجة لنخلق قانون أو قرار جديد الذي يؤكد عدم قانونية الاستيطان، لأننا نتحدث عن قرار قضي الأمر فيه ولا يوجد حاجة بمتابعة في المجال القانوني، لكن من الواضح أنه عمليا يجب أن يتابع بالمجال السياسي”.
ويستدرك د. سيف حديثه بالقول: “الآن هل يمكن مثلا لاحقا أن تقوم إسرائيل بناءً على تصريح بومبيو أن تقيم مستوطنة جديدة؟ وهل ممكن مقاضاة أمريكيا انها سمحت بخرق القانون الدولي ومحاكمتها على هذا العمل؟ هنا ندخل في مسألتين: أولا أن أمريكيا غير موقعة على المحكة الجنائية الدولية لذلك لا يمكن متابعتها من خلال المحكمة الجنائية، الحل الوحيد هو القضاء العالمي مثل ما كان في قضية شارون في بلجيكا وهنا أيضا الاحتمالات ضئيلة، لكن هناك إمكانية على المستوى الفردي، أي لأفراد التي تصادر أراضيهم من أجل إقامة استيطان وأقاموا عليها مستوطنات بتقديم دعوى أضرار في المحاكم الأمريكية التي تتحمل أمريكا مصادرة التي من خلالها تم استيطان جديد، هذه هي الإمكانيات القانونية الموجودة لكن بالمستوى المبدئي ليس هناك حاجة لمتابعة هذا الموضوع إذا كان في القضاء الدولي أو كان بين فقهاء القانون الدولي”.

“ضرورة عسكرية”
ويتابع المحامي ضرغام سيف في هذا السياق: “على مدار السنين كان موقف إسرائيل الرسمي، إن كان في المحاكم الإسرائيلية أو في المحافل الدولية أن الاستيطان هو “ضرورة عسكرية” وأيضا والمهم أنه مؤقت، بمعنى أنه طوال الوقت كانوا يقولون إن المستوطنون هم خط دفاع أول في حال نشوب أي حرب أو في حال التصدي لأي حرب، أو منع أي حرب. فالاستيطان هو خط دفاع أولي بالنسبة لهم، لذلك فهي تُعتبر من جهتهم “ضرورة عسكرية”.
لماذا استخدموا مصطلح “ضرورة عسكرية”؟ يبين سيف ويقول: “لأن القانون الدولي يسمح أن تستعمل أي مصدر طبيعي لأراضي محتلة إذا كان هناك ما يسمى ضرورة عسكرية فيسمح أن تقام نقاط للجيش داخل منطقة محتلة من أجل أن تدافع عن نفسها وتقاوم هجمات المقاومين ومسموح أن تبني برج مراقبة لأنه “ضرورة عسكرية”، فهم بذلك وسعوا نطاق “الضرورة العسكرية” واعتبروا كل وجود الاستيطان مندرج تحت “الضرورة العسكرية”.
ويختم المحامي د. ضرغام سيف حديثه لـ “المدينة” بتأكيده على نقطيتين هامتين كما يقول: الأولى، الاحتلال الإسرائيلي أكد على أن الاستيطان في الأراضي المحتلة هو مؤقت، كيف كانوا يثبتون هذا الشيء؟ كان يقولون انظروا ماذا حدث في غزة، كان هناك استيطان ونحن عندما رأينا أنه لا يوجد حاجة ولا “ضرورة عسكرية” سحبنا كل المستوطنات من غزة فكان كل ادعائهم أن كل شيء مؤقت”.
أما النقطة الثانية: “الذي فعله بومبيو والتوجه الإسرائيلي الجديد في الموضوع أنه ألغى في قضية “ضرورة عسكرية” ولا يوجد قضية استيطان مؤقت وأصبح الشيء دائم ومدني، والمعادلة، والجميع يعلم أنهم يكذبون لكي يعطوا مبرراً قانونيا للموضوع، وأذكر هنا في هذا السياق قاضي المحكمة العليا المتقاعد “أدمون ليفي” الذي بعد أن تقاعد قدم تقريراً بين فيه أن هناك أساس قانوي للاستيطان يعتمد على هذه النقاط بالذات. فهم الآن قلبوا القاعدة وقالوا إنه ليس هناك حاجة ولا “ضرورة عسكرية” وحتى لو ان هناك حاجة عسكرية والاستيطان هو مدني وليس عسكري”.

المحكمة الدولية هي صاحبة القرار
مؤسسة “ميزان لحقوق الإنسان” وعلى لسان مديرها المحامي عمر خمايسي، اعتبرت أيضا أن تصريح وزير الخارجية الأميركي، مايك بومبيو، تصريحاً سياسيا بحت لا يوجد له أي بُعد قانوني “كون أن وزارة الخارجية الامريكية والرئيس الأمريكي ترامب ليسوا هم من يعطي القانون الدولي الشرعية”.
ولفت المحامي خمايسي في حديث لـ “المدينة” إلى أن محكمة العدل الدولية اصدرت في عام 2006 في فتوى القضائية إن الجدار الفاصل العنصري هو بأراضي محتلة ويتعارض مع القانون الدولي، اي عمليا أقيم بطريقة غير قانونية، وبالتالي لم تعطِ لهذا البناء الشرعية فمن باب أولى أن المستوطنات هي كذلك غير شرعية ولا يمكن أن تكون يوما من الأيام ضمن شرعية القانون الدولي، وإنما هي مخالفة له وهذا الرأي هو الرأي القانوني الذي هو بعيد عن التصريحات السياسة والخطوات السياسية التي تتخذها أمريكيا لصالح إسرائيل”.
وقال: “حتى لو أن أمريكا قامت بنقل سفارتها إلى القدس، فهذا لا يعني أن القدس تحولت إلى منطقة تحت السيادة الإسرائيلية وفقا للقانون الدولي، إنما ما زالت في وضعية أن السيادة الإسرائيلية غير شرعية وغير قانونية، وبالتالي نحن نرى أن هذا التصريح له أبعاد سياسية وليس أبعاد قانونية لان المحكمة الدولية هي صاحبة القرار”.

المحامي عمر خمايسي
المحامي عمر خمايسي

وتابع مدير مؤسسة “ميزان لحقوق الإنسان”: “الولايات المتحدة الأمريكية لا تعترف عمليا بهذه المحكمة، بل ان أكثر من يقوم بمخالفة القوانين الدولية والاتفاقيات هي أمريكيا ذاتها فلا يمكن اليوم أن تأتي أمريكا وتقول ما هو قانوني وما هو غير قانوني دوليا والمعلومة ان أقل دولة موقعة على اتفاقيات دولية هي الولايات المتحدة، لذلك فإنها تحاول أن تقوم بدور الشرطي العالمي مع أنها لا تطبق القانون على نفسها وتتصرف وكأنها تعيش في نظام الغاب أي أن القوي هو المسيطر يضع الخطوات ويضع المشاريع ويحاول وضع القوانين”.
وفي ختام حديثه لـ “المدينة” لفت المحامي عمر خمايسي إلى أنه بالأسبوع الأخير كان هناك قرار للمحكمة الأوربية العليا التي جاءت وأبطلت قرار سابق لمحكمة فرنسية التي لم تلزم بوسم البضائع الإسرائيلية المستوردة من المستوطنات على أنها من مناطق محتلة، فجاءت المحكمة الأوربية وقالت إن هذا القرار غير جائز وأن هناك إلزام بوسم البضائع التي تنتج في المستوطنات على أنها من هذه المنطقة-أي منطقة الاستيطان-ليكون الخيار لدى المستهلك بشراء البضائع أو لا وعدم ترك الموضوع كونه أن من إسرائيل بشكل عام، هذا القرار استقبلته إسرائيل بغضب وكان الموقف من وزارة خارجيتها بعدم التوجه للمحكمة اصلا، إلا أن التوجه كان من قبل شركة اسرائيلية خاصة، وبالتالي يأتي هذا القرار ليؤكد أن الاحتلال يبقى احتلالا مرفوضا على الصعيد الدولي وإن كان هذا القرار أمريكي فيبقى قرارا سياسيا ولا يكون فوق القانون الدولي”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى