أخبار رئيسية إضافيةأخبار عاجلةمقالات

في ذكرى المولد الشريف.. حبيبي أنت.. شفيعي أنت

الشيخ كمال خطيب
غدًا السبت تهب على الأمة نسائم ذكرى مولد الحبيب محمد صلى الله عليه وسلم. غدًا تهب علينا بشائر الثاني عشر من شهر ربيع الأول، اليوم الذي فيه أكرم الله قريشًا بل مكة بل العرب بل كل الدنيا بميلاد البشير النذير، الرحمة المهداة والنعمة المسداة والقمر المنير والسراج الوهاج سيدنا محمد بن عبد الله صلوات ربي وسلامه عليه.
إنه الذي خصّه ربه سبحانه بخصائص ومزايا وصفات لم تكن لأحد من النبيين من قبله صلى الله عليه وسلم وهو الذي كان خاتمهم. هذه الخِلال وهذه الشمائل المحمدية المباركة، بها ينتفع وينال خيرها وبركتها من أحسنوا الاقتداء والاتباع والتأسي بسيد ولد بني آدم صلى الله عليه وسلم {لَّقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا} آية 21 سورة الأحزاب. {قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّه فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمْ اللَّه وَيَغْفِر لَكُمْ ذُنُوبكُمْ وَاَللَّه غَفُور رَحِيم} آية 31 سورة آل عمران.

#هو الشاهد والشهيد
لقد أكرم الله سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم ليس بأن يكون شاهدًا على قومه وأمته، بل إنه الذي سيكون يوم القيامة شاهدًا على كل الأمم وعلى كل من سبقوه من إخوانه النبيين {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا، وَدَاعِيًا إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجًا مُنِيرًا} آية 45-46 سورة الأحزاب. ﴿فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلَاءِ شَهِيدًا﴾ آية 41 سورة النساء. ﴿إِنَّا أَرْسَلْنَا إِلَيْكُمْ رَسُولًا شَاهِدًا عَلَيْكُمْ كَمَا أَرْسَلْنَا إِلَى فِرْعَوْنَ رَسُولًا﴾ آية 15 سورة المزمل. ﴿هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمينَ مِن قَبْلُ وَفِي هَذَا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيداً عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَدَاء عَلَى النَّاسِ﴾ آية 78 سورة الحج.
قال النبي صلى الله عليه وسلم فيما رواه الإمام البخاري عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه: “يُدعى نوح يوم القيامة فيقول لبيك وسعديك يا رب. فيقول هل بلّغت؟ فيقول: نعم. فيقال لأمته: وهل بلّغكم؟ فيقولون: ما أتانا من نذير. فيقول من يشهد لك؟ فيقول محمد وأمته، فيشهدون أنه قد بلّغ ويكون الرسول عليكم شهيدًا وكذلك جعلناكم أمة وسطًا لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدًا”.

# هو الشافع المشفع
إنه صاحب الشفاعة بأبي هو وأمي يوم تجتمع الخلائق بين يدي مولاها وتدنو الشمس من رؤوس العباد، وحيث الخلائق في كربها. فكل أمة تذهب إلى رسولها لعلّه يخفف عنهم ما هم فيه، وكلهم بلسان واحد وجواب واحد اذهبوا إلى محمد صلى الله عليه وسلم، وهو ما ورد في الحديث الطويل الذي رواه الإمام البخاري “فيأتونني فيقولون يا محمد، أنت رسول الله وخاتم النبيين وغفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر، اشفع لنا عند ربك، ألا ترى ما نحن فيه ألا ترى ما قد بلغنا، فأنطلق فآتي العرش فأقع ساجدًا لربي ثم يفتح الله عليّ ويلهمني من محامده وحسن الثناء عليه ما لم يفتحه لأحد قبلي ثم يقال: يا محمد، ارفع رأسك سل تعط، اشفع تشفع، فأرفع رأسي فأقول يا رب أمتي أمتي، فيقال: يا محمد أدخِل الجنة من لا حساب عليه من الباب الأيمن من الجنة وهم شركاء فيما سوى ذلك من الأبواب”.
فهو يشفع ليريح الناس من هول الموقف يوم القيامة، وهو يشفع ليخرج من النار من كان في جوفه مثقال ذرة من إيمان وهو يشفع لأهل الصغائر وهو يشفع لأهل الكبائر من أمته حتى أنه يخرج من النار جماعة اسمهم الجهنميون الذين وجبت لهم النار فيخرجون منها بشفاعة محمد صلى الله عليه وسلم.

# هو أول من تنشق عنه الأرض
إنه الحبيب محمد صلى الله عليه وسلم أول من تنشق عنه الأرض يوم يبعث الله من في القبور، فيكون هو أول من يبعث يوم يكون الناس ما يزالون في قبورهم، وقد قال صلوات الله وسلامه عليه: “إن الله اصطفى كنانة من ولد إسماعيل، واصطفى قريشًا من كنانة، واصطفى بني هاشم من قريش، واصطفاني من بني هاشم. فأنا سيد ولد بني آدم ولا فخر وأول من تنشق عنه الأرض وأول شافع وأول مشفع”.

# هو إمام الأنبياء وخطيبهم
قال صلى الله عليه وسلم: “أنا أولهم خروجًا إذا بُعثوا، وأنا قائدهم إذا وفدوا، وأنا خطيبهم إذا أنصتوا، وأنا شافعهم اذا حبسوا، وأنا مبشرهم إذا أيسوا. لواء الكرامة ومفاتيح الجنة ولواء الحمد يومئذ بيدي، وأنا أكرم ولد بني آدم على ربي”.

# هو أول من يجيز على الصراط
إنه كرامة وحبًا له من ربه سبحانه، وتخفيفًا عليه وعلى أمته، فإنه يكون أول من يجتاز الصراط بأمته من الأنبياء يوم القيامة، والصراط هو الطريق المضروب على متن جهنم. إنها جهنم التي قال الله في وصفها ﴿إِذَا رَأَتْهُم مِّن مَّكَانٍ بَعِيدٍ سَمِعُوا لَهَا تَغَيُّظًا وَزَفِيرًا آية﴾ 12 سورة الفرقان. ﴿تَكَادُ تَمَيَّزُ مِنَ الْغَيْظِ كُلَّمَا أُلْقِيَ فِيهَا فَوْجٌ سَأَلَهُمْ خَزَنَتُهَا أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَذِيرٌ﴾ آية 8 سورة الملك. ﴿وَإِن مِّنكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا كَانَ عَلَىٰ رَبِّكَ حَتْمًا مَّقْضِيًّا*ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوا وَّنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِيًّا أْتِكُمْ﴾ آية 72-71 سورة مريم. وهي في هذا الحال والخلائق في كرب ما بعده كرب، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: “ويضرب الصراط بين ظهراني جهنم فأكون أنا وأمتي أول من يجيز”.

# هو أول من يقرع باب الجنة
إنه حبيب الله ومصطفاه وخاتم رسله ليكون أول من يفتح له باب الجنة ولا يدخل أحد الجنة قبله صلوات الله وسلامه عليه، وهو القائل: “آتي باب الجنة يوم القيامة فأستفتح فيقول الخازن من أنت؟ فأقول محمد، فيقول مرحبًا بمحمد، بك أمرت لا أفتح لأحد قبلك”.

# هو صاحب المقام المحمود
قال له ربه سبحانه {وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَّكَ عَسَىٰ أَن يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَّحْمُودًا} آية 79 سورة الإسراء. إنه يوم القيامة يوم تدنو الشمس فتكون قاب قوسين أو أدنى حتى يبلغ العرق من الناس مبلغًا عظيمًا، فمنهم من يصل إلى كعبيه ومنهم من يصل العرق إلى ركبتيه، ومنهم من يصل العرق إلى كتفيه، ومنهم من يلجمه العرق لجامًا فتجثوا كل أمة تنادي نبيها {وَتَرَى كُلَّ أُمَّةٍ جَاثِيَةً} آية 28 سورة الجاثية، فيقول كل نبي إن هذا ليس لي إذهب إلى فلان من النبيين حتى تنتهي الشفاعة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ليشفع للناس عند الله بأن يقضي بين الخلق ويخلصهم من موقف الحشر وهذا هو المقام المحمود.

# هو صاحب الكوثر
إنه صلوات الله وسلامه عليه من أُعطي واختصه الله بحوض الكوثر، يقول أنس: “بينما رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم بين أظهرنا إذ أغفي إغفاءة ثم رفع رأسه متبسمًا، فقلنا ما أضحكك يا رسول الله؟ قال: أنزلت عليّ سورة فقرأ بسم الله الرحمن الرحيم إنا أعطيناك الكوثر فصل لربك وانحر إن شانئك هو الأبتر، ثم قال أتدرون ما الكوثر؟ فقلنا الله ورسوله أعلم. قال: فإنه نهر وعَدنيه ربي عز وجل عليه خير كثير، هو حوض تَرِد عليه أمتي يوم القيامة، آنيته عدد النجوم، حافّتاه من الذهب، ماؤه أبيض من الثلج وأحلى من العسل، من ورده شرب منه ومن شرب منه لم يظمأ بعده أبدًا”.

# هو صاحب الكرسي عن يمين العرش
إنه ذلك المقام الذي لا ينبغي ولن يكون ولن يناله أحد غيره صلوات الله وسلامه عليه لمّا قال:” أنا أول من تنشق عنه الأرض فأكسى حلّه من حُلل الجنة ثم أقوم عن يمين العرش ليس أحد من الخلائق يقوم ذلك غيري”.

# هو أكثر الأنبياء اتباعًا يوم القيامة
وهو صلى الله عليه وسلم أعطي وحيًا أوحاه الله إليه، وإن كل الأنبياء قد بُعث كل واحد منهم إلى قومه خاصة إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم فإنه بُعث للناس عامة وحتى الإنس والجن. وإن من الأنبياء من يأتي يوم القيامة ومعه الواحد والاثنين، ومنهم من يأتي يوم القيامة ولا أحد معه، قال صلى الله عليه وسلم: “أنا أكثر الأنبياء تبعًا يوم القيامة وأنا أول من يقرع باب الجنة”.

# منبر مسجده ينصب على حوضه
إنه منبره الذي كان يخطب عليه في مسجده المبارك في طيبة الطيبة المدينة المنورة. هذا المنبر سينصب يوم القيامة على حوضه في الجنة، حيث قال صلى الله عليه وسلم: “ما بين منبري وبيتي روضة من رياض الجنة ومنبري على حوضي”. وقوله: “منبري على ترعة من ترع الجنة”، وإن في هذا لدلالة على عظم ذلك المقام الذي كان يقف عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم في الدنيا يدعو الناس إلى عبادة الله تعالى، يكون هذا المنبر هو منبره يوم القيامة على حوضه في الجنة بإذن الله تعالى.
هذه بعض زهرات من بستان ربيع محمد صلى الله عليه وسلم، يفوح من شذاها طيب وعطر وطهر الحبيب الذي اختصه الله بصفات وخِلال لم تكن أبدًا لغيره. ولقد قال له الله سبحانه في الحديث القدسي الجليل: “وعزتي وجلالي لو استفتح الناس عليّ كل باب و لو سلكوا إليّ كل سبيل ما دخلوا جنتي حتى يأتوا خلفك يا محمد”.
إنه محمد صلى الله عليه وسلم الذي خلق وصنع ونشأ على عين الله تعالى، فكان التمام والجمال والكمال والجلال وقد تبارى المادحون من المحبين في بيان في خصاله وخلال، فقد قال حسان:
وأجمل منك لم ترى قط عيني وأكرم منك لم تلد النساء
خلقت مبرأ من كل عيب كأنك خلقت كما تشاء

ومثل حسان فإنه أحمد شوقي الذي قال في مدح الحبيب في يوم مولده:
ولد الهدى فالكائنات ضياء وفم الزمان تبسم وثناء
يا خير من جاء الوجود تحية من مرسلين إلى الهدى بك جاؤوا
يوم يتيه على الزمان صباحه ومساؤه بمحمد وضّاء
زانتك في الخلق العظيم شمائل يغرى بهنّ ويولع الكرماء

اللهم صلّ على محمد كما أمرت أن يصلى عليه، وصلّ على محمد كما تحب أن يصلى عليه، وصلّ على محمد كما ينبغي أن يصلى عليه، وصلّ على محمد عدد من صلّى عليه، وصلّ على محمد عدد من لم يصلّ عليه. اللهم صلّ على سيدنا محمد قدر حبك فيه، اللهم بجاه محمد عندك فرّج عنا ما نحن فيه.
محمد حبيبي أنت، شفيعي أنت، أحببناك دون أن نراك، وصدّقناك دون أن نسمعك. شدتنا إليك خيوط الحب وجذبتنا إليك مغناطيسية العشق، فلئن حرمنا رؤياك وصحبتك في الدنيا فإنه الأمل والرجاء بالله تعالى أن يكون ذلك على حوضك يا حبيب.
رحم الله قارئًا دعا لي ولوالدي ولوالديه بالمغفرة
والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى