مخطئ من يظن أنها هكذا هي لعبة الكنيست
عبد الإله وليد المعلواني
بعد ان انتهت انتخابات لعبة الكنيست رقم اثنين وعشرين، وربح من ربح، وخسر من خسر، فمخطئ من يظن أن الانتخابات كانت معركة بين معسكر الداعين إلى مقاطعة لعبة الكنيست والداعين الى الانخراط فيها، ومخطئ من يظن أن القائمة المشتركة وبما أنها قد حصلت على ما حصلت عليه، فهذا يعني أن معسكر الداعين إلى الانخراط في لعبة الكنيست، قد تفوق على معسكر الداعين لمقاطعتها، نعم مخطئ خطأ كبيرا من يظن ذلك، ولماذا؟!
لقد وقف من وراء معسكر الداعين إلى الانخراط في لعبة الكنيست، القائمة المشتركة، المكونة من الجبهة والجنوبية والتجمع والطيبي إلى جانب قائمة الوحدة الشعبية وحزب كرامة ومساواة وحزب الإصلاح، وفي المقابل فإن الذي وقف من وراء معسكر الداعين إلى مقاطعة لعبة الكنيست، بضعة أقلام كانت تكتب مقالات فقط وتسعى إلى إسقاط القناع عن هذه اللعبة الفتّانة، وهذا يعني أن سبعة أحزاب مثّلت معسكر الداعين الى الانخراط في لعبة الكنيست وقفت في مقابل بضعة أقلام ومقالات، ومع الفرق الشاسع بين هذين المعسكرين، فإن معسكر الداعين إلى الانخراط في لعبة الكنيست لم يحصل إلا على 12 مقعدا، من أصل كل قوة جماهيرنا الكادحة في الداخل الفلسطيني التي تساوي 24 مقعدا.
وقف من وراء معسكر الداعين الى الانخراط في لعبة الكنيست، سبعة صناديق دعم أمريكية صهيونية إلى جانب مزراب دعم خليجي من الإمارات تحديدا، وفي المقابل اعتمدت أقلام الداعين إلى مقاطعة لعبة الكنيست، على جهد خاص تطوعي فقط، والفرق شاسع جدا في هذه الحالة بين هذين المعسكرين وواضح جدا لكل عاقل.
وقف من وراء معسكر الداعين الى الانخراط في لعبة الكنيست، صندوق إبراهيم الصهيوني،وجمعية سيكوي الصهيونية وصندوق تعزيز الديموقراطية الصهيوني، ومركز جفعات حبيبة الصهيوني، وقناة مكان الإسرائيلية، وبعض الصناديق الصهيونية الأخرى، التي ستبديها قادمات الأيام، وفي المقابل وقف من وراء معسكر الداعين إلى مقاطعة لعبة الكنيست، لا شيء من الصناديق بل مجرد أقلام ومقالات.
كان واضحا أن الصحف العربية في الداخل الفلسطيني، الاتحاد وكل العرب والصنارة وبانوراما والمسار والميثاق والاخبار وحديث الناس ومجموعة صحف محلية، كانت تضرب بسيف معسكر الداعين إلى الانخراط في لعبة الكنيست، وفي المقابل كانت صحيفة المدينة، هي الصحيفة الوحيدة التي استقبلت مقالات الداعين إلى مقاطعة لعبة الكنيست، وقامت بنشرها.
قامت حملات ملصقات عملاقة دعت الى الانخراط في لعبة الكنيست، حيث شهدت شوارع البلدات العربية بعامة ومداخلها بخاصة في النقب والمثلث والجليل والساحل، ملصقات عملاقة مع صور المرشحين لانتخابات لعبة الكنيست، بتوقيع صريح تارة باسم القائمة المشتركة، أو الوحدة الشعبية وغيرها، أو بتوقيع غامض تارة أخرى، كائتلاف 17/9 على سبيل المثال، وفي المقابل فإن معسكر الداعين إلى مقاطعة لعبة الكنيست، لم يقم بنشر ملصق واحد ولو كان بحجم ورقة دفتر صغير.
قام معسكر الداعين الى الانخراط في لعبة الكنيست، بصب المال بلا حدود من أجل شراء ذمم جماهيرنا الكادحة في الداخل الفلسطيني، وعلى سبيل المثال وهو ما نعرفه جيدا، قاموا بعرض مبلغ عشرة آلاف شيقل على معلم مدرسة ثانوية في ام الفحم، كي يجند صفحة تواصله للدعوة الى التصويت في لعبة الكنيست الأخيرة، وقاموا بعرض مبلغ اربعمائة شيقل على كل شاب صغير يوافق على زيارة بعض البيوت في أم الفحم ويدعوهم للتصويت في لعبة الكنيست الأخيرة، وقاموا بدفع مبالغ خيالية جنونية لبعض وكالات نشر الملصقات العملاقة في الداخل الفلسطيني، لدرجة أن لجنة المتابعة العليا لم تفرح بعشر هذا المبلغ طوال حياتها، وتواترت الأخبار أنه تم إنفاق مائة مليون شيقل على شتى النشاطات البهلوانية التي دعت جماهيرنا الكادحة للتصويت في لعبة الكنيست الأخيرة، والمخفي أعظم، ولكن ستبديه قادمات الأيام، وفي المقابل فإن معسكر الداعين إلى مقاطعة لعبة الكنيست، لم ينفق شيقلا واحدا، إلا مجرد أقلام ومقالات!!
وقفت مراكز أبحاث من وراء معسكر الداعين الى الانخراط في لعبة الكنيست، فها هو مركز الأبحاث في جفعات حبيبة، قد تفتق تخطيطه ومكره عن خطة جهنمية، حيث دعا جماهيرنا الكادحة للمشاركة في استفتاءات شعبية حول قضايا شعبية في يوم وقاعات وساعات انتخابات لعبة الكنيست الأخيرة، أي بتاريخ 17/9 2019، كي يخدع هذه الجماهير الكادحة ويتحايل عليها ويجبرها من حيث لا تريد للتصويت في انتخابات لعبة الكنيست الأخيرة!! وفي المقابل فإن الذي وقف من وراء معسكر الداعين إلى مقاطعة لعبة الكنيست، مجرد أقلام ومقالات فقط!!
لقد صال وجال معسكر الداعين إلى الانخراط في لعبة الكنيست، في طول بلداتنا وعرضها، فكان له المهرجانات الشعبية ولقاءات أحياء وسهرات بيتية ومؤتمرات صحفية بالمئات في النقب والمثلث والجليل والساحل، وفي المقابل فإن معسكر الداعين إلى مقاطعة لعبة الكنيست، لم يقم ولو بنشاط محلي واحد من سيل هذه النشاطات.
كان واضحا لأبسط الناس أن جهد معسكر الداعين الى الانخراط في لعبة الكنيست، كان جهدا جماعيا ومنظما يرمي عن قوس واحدة في خطاباته ومقالاته، وفي المقابل كان جهد معسكر الداعين الى مقاطعة لعبة الكنيست، جهدا فرديا وقف عند حد الأقلام والمقالات.
إنزلقت بعض أقلام معسكر الداعين الى الانخراط في لعبة الكنيست، في خطابها لجماهيرنا الكادحة وتبنت قاعدة: (ولا تقربوا الصلاة…) أي أنها نقلت نصف الصورة ولم تنقلها كاملة، وعلى سبيل المثال واصلت الادعاء أن الشيخ الريسوني قد أفتى بجواز الانخراط في لعبة الكنيست، ولكنها نسيت أو تناست أن تقول لجماهيرنا الكادحة أن الشيخ الريسوني بعد أن سئل عن فحوى تصريحه الأول حول لعبة الكنيست قال بصورة واضحة: (أهل مكة أدرى بشعابها ومن نقل عني غير ذلك فحسابه على الله تعالى)، وليت تلك الأقلام نقلت كامل موقف الشيخ الريسوني من باب النزاهة العلمية، وفي المقابل لم يسجّل على أقلام الداعين إلى مقاطعة لعبة الكنيست، أي انزلاق من هذا القبيل، ومن يدّع غير ذلك فليظهر دليله.
إنزلقت بعض أقلام معسكر الداعين الى الانخراط في لعبة الكنيست، إلى لغة تخوين الداعين الى مقاطعة لعبة الكنيست!! إما بلغة التصريح أو التلميح، فهذا جواد بولس قد نعت صراحة الداعين إلى مقاطعة لعبة الكنيست بالخيانة!!، وهذا د. أحمد أسدي نعت صراحة الداعين إلى مقاطعة لعبة الكنيست بالالتقاء مع معسكر اليمين الإسرائيلي، وهذا الشيخ حماد أبو دعابس، قد وصفهم بالمتفلسفين والمتخاذلين، وفي المقابل فإن أقلام معسكر الداعين إلى مقاطعة لعبة الكنيست، لم تنزلق إلى مثل ذلك، ومن يدّعِ غير ذلك فليظهر دليله. ومما زاد الطين بلّة أن أقلام الداعين الى الانخراط في لعبة الكنيست، كانت تتهم أقلام الداعين إلى مقاطعة لعبة الكنيست، أنها تخوّن معسكر الداعين الى الانخراط في لعبة الكنيست، فيا للعجب ضربني وبكى وسبقني واشتكى.
إنزلقت أقلام معسكر الداعين إلى الانخراط في لعبة الكنيست الى استغلال المشاعر الدينية لدرجة أن أيمن عودة اللاديني بدأ يتحدث عن المسجد الأقصى إلى جانب تصريحات ومقالات وتغريدات صدرت عن الشيخ حماد أبو دعابس ود. منصور عباس، ود. أحمد أسدي، كانت توحي ان التصويت في انتخابات لعبة الكنيست هو انتصار للمسجد الأقصى، لا بل إن رئيس المكتب السياسي في الحركة الجنوبية إبراهيم حجازي بثّ رسالة بصوته في يوم انتخابات لعبة الكنيست، طالب فيها استخدام مكبرات المساجد لحثّ الناس على التصويت، ولم تكتف أقلام هذا المعسكر بذلك، بل راحت تتهم أقلام الداعين إلى مقاطعة لعبة الكنيست، أنها تستغل المشاعر الدينية، وهو ما لم يحدث إطلاقا، ومن يدّعِ غير ذلك فليظهر دليله.
إنزلقت بعض أقلام الداعين الى الانخراط في لعبة الكنيست، باتهام أقلام الداعين الى مقاطعة لعبة الكنيست، بتكفير الآخر، وهو ما لم يحدث إطلاقا، وهو أسلوب تقليدي لإسكات الآخر بأقصر أسلوب، ومن يدّعِ غير ذلك، فليظهر دليله.
حاولت بعض أقلام الداعين إلى الانخراط في لعبة الكنيست، وصم كل قلم يدعو إلى مقاطعة لعبة الكنيست، أنه من أبناء الحركة الإسلامية المحظورة إسرائيليا، وهو ادعاء تافه يكذّبه الواقع، فإن أقلام الداعين إلى مقاطعة لعبة الكنيست، كانت كثيرة وكانت متعددة الانتماءات الدينية والسياسية، فبعضها كان من الأهل المسلمين أو المسيحيين، وبعضها كانت من التجمع وأبناء البلد والجنوبية والمستقلين إلى جانب أقلام من الحركة الإسلامية المحظورة إسرائيليا.
لذلك واهم من يظنّ أن معسكر الداعين الى الانخراط في لعبة الكنيست، قد تغلب على معسكر الداعين إلى مقاطعة انتخابات لعبة الكنيست، فلم يكن هناك أي تكافؤ بين هذين المعسكرين في القدرات المالية والنشاطات الشعبية والإعلامية والخطاب الإعلامي، بل إن الذي يدرس المشهد جيدا، يجد أن معسكر الداعين إلى مقاطعة لعبة الكنيست، قد أحرز صناعة وعي جماهيري وفكر مستنير له ما بعده، رغم أن معسكر الداعين إلى الانخراط في لعبة الكنيست قد حصل على 12 مقعدا، وهذا ما يحتاج إلى تفصيل في مقالات أخرى بإذن الله تعالى.
ثم إن لعبة انتخابات الكنيست لم تنته بعد منتصف ليلة يوم الثلاثاء الموافق 17/ 9/ 2019، بل بدأت ليل هذا اليوم، لذلك فإن الأيام والليالي حبلى بالمفاجآت الصادمة التي قد تجعل الحليم حيرانا، اللهم ألطف بما هو قادم.