أخبار رئيسية إضافيةأخبار عاجلةمقالات

انتهت الانتخابات… مبارك… وماذا بعد…

توفيق محمد

بودي في البداية ان أتقدم للإخوة أعضاء الكنيست من القائمة المشتركة بالتهنئة والمباركة متمنيا لهم عملا موفقا وناجحا ومثابرا لخدمة قضايا شعبنا الفلسطيني في كل مواقعه.
ثم أود التأكيد على:
1. إن الدعوة الى مقاطعة انتخابات الكنيست والتي لها رصيد قوي في الشارع يصل أو يزيد قليلا على نسبة 50% من أبناء شعبنا في الداخل الفلسطيني لم تكن لمقاطعة أعضاء الكنيست العرب ولا الأحزاب والحركات السياسية المشاركة في الانتخابات التي نعتبرها كما نعتبر المقاطعين من أصحاب الانتماءات السياسية الأخرى جدار الأمان الواقي لأبناء شعبنا، بل اعتبرناهم دائما إخوة ورفقاء درب، لهم اجتهادهم السياسي الذي نختلف معهم فيه، ولكننا دائما تعاونا ونتعاون معهم في كل قضايا شعبنا الساخنة، واعتبرنا وما نزال أنه يمكننا أن نحقق من خلال نضالنا الجماهيري ما لا يمكن تحقيقه من خلال الكنيست، إعتقدنا وما نزال ان أعضاء الكنيست العرب لديهم كل النية المخلصة والعمل الدؤوب لخدمة قضايا شعبهم، لكنها المنظومة الصهيونية المبنية على أساس المصلحة الصهيونية العليا هي من لا ولن تتيح لهم تحقيق هدفهم الأسمى في خدمة قضايا شعبنا.
2. اعتقدنا وما نزال نعتقد أن كل من بوأ نفسه لمركز جماهيري، وبالذات مناصب تعتبر قيادية في مكانتها، مرصود سواء على المستوى المحلي في مجتمعه، أو على مستوى المؤسسة التي تقيس تصريحاته وفق مقياس تحدد من خلاله المساحة التي يمكنها من خلالها توجيه سهامهما الى قلب مجتمعه نتيجة تلك التصريحات والمواقف، ولذلك كان واجبا علينا وعلى كل أبناء مجتمعنا وضع تصريحات بعض أعضاء الكنيست العرب والمترشحين لها تحت المجهر، حتى لا نضيع البوصلة، وكان واجب الأعضاء الذين أخطأوا أن يتراجعوا عن أخطائهم الى حضن شعبهم الذي يبصرهم بها، ففي غمرة الصراع الانتخابي تضيع البوصلة أحيانا فتصدر عن البعض تصريحات لا تصب في صالح مجتمعه، وهنا يجب إظهار البطاقة الحمراء له وعليه تقبلها بكل رحابة صدر.
3. المقاطعة هي مقاطعة مبدئية تعتمد على رؤية لها تأصيلها السياسي والوطني والديني، ولم تكن في يوم من الأيام موجهة تجاه أبناء شعبنا ممن يرون في المشاركة في انتخابات الكنيست وسيلة نضالية يمكنهم من خلالها خدمة شعبهم وقضايا الحارقة، فمن يرون مقاطعة المشاركة في الكنيست يعتمدون في ذلك على أنها (أي الكنسيت) سقف التشريع الصهيوني الذي يضفي الشرعية على كل ما يصدر عنها من قوانين وممارسات قمعية احتلالية، وينزع الشرعية عن كل من يخالف، أو يعارض، أو يتصدى لممارسات الدولة والاحتلال بحق أبناء شعبنا الفلسطيني في كل أماكن وجوده.
4. يخطئ من يظن أن تعاملنا مع مفرزات انتخابات الكنيست هو تعامل رقمي يعتمد على عدد أعضاء الكنيست الذين ينتخبون في كل دورة لعضوية الكنيست، فهذه الأرقام لها تأثيرها وثقلها السياسي في الأحزاب الصهيونية والدينية اليهودية، حيث هناك وزن لكل مقعد يمكن من خلاله تحقيق رؤية وسياسة وفرض جدول الأعمال والسياسات، أما في الحالة العربية فإنها لا تعدو كونها رقما من الأرقام التي تملأ مقاعد الكنيست، لأن المنظومة الصهيونية تريد ذلك، وليس لأن أعضاء الكنيست العرب لا يسعون الى أن يكونوا أصحاب تأثير.
5. وما يدلل على هذا القول هو سعي كافة الأطراف الصهيونية المنتخبة ذات التأثير العددي الى تشكيل حكومة وحدة وطنية تتجاهل القائمة المشتركة، وليس اتصال بيني غانتس بعضو الكنيست أيمن عودة بأكثر من محاولة لضمان قيام الأخير والقائمة المشتركة بالتوصية عليه أمام رئيس الدولة لتشكيل الحكومة القادمة، حتى يضمن قيام رئيس الدولة بتكليفه بمهمة تشكيل الحكومة القادمة التي سيسعى أن تكون حكومة وحدة وطنية تضم “الليكود” و”كحول لفان” و”يسرائيل بيتينو” كمكونات أساسية.
6. وفي هذه الحالة ستكون رئاسة المعارضة – نظريا – من نصيب القائمة المشتركة وأغلب الظن سيكون عضو الكنيست أيمن عودة هو من سيشغل هذا المنصب، وقد صرح برغبته بذلك لإذاعة الجيش، ولهذا المنصب حقوق واستحقاقات، فهل سيتمكن عضو الكنيست أيمن عودة من حمل هذا المنصب بما فيه من استحقاقات والتزامات على كتفيه، وهل ستتمكن المشتركة من ذلك أيضا، فمن نافل القول أن رئيس الحكومة سيكون:
أولا: ملزما وفق القانون باطلاع رئيس المعارضة على مجريات الأمور في الدولة مرة واحدة شهريا على الأقل.
ثانيا: سيكون على رئيس الحكومة إطلاع رئيس المعارضة على المجريات الأمنية.
ثالثا: سيكون لرئيس المعارضة مكانة خاصة في الاحتفالات والطقوس الرسمية الى جانب رئيس الحكومة، والمقصود في احتفالات “الاستقلال” واحتفالات الإنتصار في الحروب وغير ذلك مما لا يستطيع أي عربي المشاركة فيه، لأنه ساعتئذ سيحتفل بالانتصار على شعبه وعلى نكبته.
فهل سيكون رئيس المعارضة أيمن عودة مستعدا للمشاركة والاستشارة في الأسرار العسكرية المتعلقة بالعدوان على شعبه في قطاع غزة مثلا، أو في لبنان، أو في سوريا، أو في العمليات الأمنية العابرة للحدود والبحار؟!
7. أقول ذلك مع أنني على ثقة تامة أن منظومة الكنيست لن تسمح باستمرار ذلك، وأعتقد أنه في حال تشكيل حكومة وحدة وطنية، فإن هذه المنظومة ستعمل على تكليف عضو كنيست يهودي من المعارضة بهذا المنصب، وإلا فإن المنظومة ذاتها ستعمل على إعادة وضعية رئيس المعارضة الى ما كانت عليه قبل العام 2000 حيث لم يكن هذا المنصب سوى منصبا فخريا لا قيمة حقيقية له.
8. تعالوا بنا نتفق أنه من الممكن ان تُحَصِّلَ القائمة المشتركة بعضا من المطالب الشكلية التي لا تمس عصب السياسات الإسرائيلية تجاه شعبنا وقضاياه على كل خارطة الوطن التاريخية، ولا أعتقد ان الحكومة الإسرائيلية القادمة ستتراجع عما حققه اليمين من خلال حكومة نتنياهو منتهية الولاية، ولكن في ذات الوقت فإن نقاشنا ليس حول المطلبي، بقدر ما هو حول مبدأ انتخابات الكنيست التي تضفي شرعية مفقودة تسعى لتحصيلها الدولة من خلال فرض إجماع أهل الداخل الفلسطيني على سياسات وقوانين وممارسات الدولة والاحتلال بحق أبناء شعبنا الفلسطيني (الأرض والانسان) على خارطة الوطن التاريخية، وذلك عبر المشاركة في انتخابات الكنيست، والا لما هددت الشيخ رائد صلاح لدى الإفراج عنه عندما انتهت محكومية سجنه في 17.1.2016 بأنها ستحاصر كل نشاط له، وكل جمعية قد يقيمها ما لم يكن ذلك من داخل أو من خلال الكنيست.
9. لا شك ان مقاطعي انتخابات الكنيست ما يزالون يشكلون الجدار المنيع في هذا الجانب وما يزالون يمنعون هذه الشرعية، وأعتقد أن على القوى المشاركة في انتخابات الكنيست أن تشكرهم على ذلك، إذ هم ما يزالون يشكلون السد الواقي لهم ولكافة أبناء شعبنا من الانهيار المطلق والذوبان في الأسرلة.
10. بعد إذ انتهت الانتخابات وأفرزت ما أفرزت، ومن ضمن ما أفرزت حقيقة أن القائمة المشتركة هي القوة الثالثة في الكنيست بواقع 12 عضو كنيست حتى كتابة هذه السطور، فإن أعضاء الكنيست العرب من المشتركة مدعوون للتشمير عن سواعدهم والنزول الى ميدان العمل بين أبناء شعبهم، فهناك قانون “كمينتس” الذي يصادر حقنا في المسكن، وهناك قانون القومية الذي سيصادر حقنا في الوجود بعد إحاطته بسلسلة القوانين التي ستحققه، إذ هو قانون أساس، وهناك عشرات القوانين التي تنتظر أعضاء الكنيست العرب لمواجهتها، إما الغاء، وإما للوقوف بوجهها ومنع سنها، فهل سنرى في هذه الدورة نتائج تعود بالنفع على مجتمعنا أم أنها تكرار لتجربة المشتركة “موديل” 2015 والتي في عهدها أُقر قانون القومية وقانون “كمينتس” وقانون مكافحة الإرهاب (11/2016) وعشرات القوانين العنصرية الأخرى، والتي في عهدها تم حظر الحركة الإسلامية وعشرات مؤسسات العمل الخيري، الى جانب تقليص مساحة حرية الرأي والتعبير وليس أدل على ذلك من اعتقال وسجن الشاعرة دارين طاطور إبنة الرينة واعتقال الشيخ رائد صلاح والأستاذ رجا اغبارية في ملفات تتعلق بحرية التعبير، ومنع الاحتفالات بإطلاق سراح أسرى شعبنا السياسيين، واعتبارهم إرهابيين وملاحقين مدى الحياة.
11. الإخوة في القائمة المشتركة لست أطرح هذه القضايا للمماحكة أبدا، فأنا وأنتم نعلم جيدا الإجابة عليها، ونعلم محدودية أعضاء الكنيست العرب في العمل البرلماني، فما بالك عندما تكونون أقلية ملاحقة ومهددة، حتى وأنتم داخل مبنى التشريع الإسرائيلي، إنما طرحي لهذه القضايا هو للتذكير بالمحدودية التي لا يمكننا تجاوزها من داخل الكنيست، وحتى نصحو بعد الواقع الانتخابي بما أفرز، وهي بالأساس من أجل النقطة القادمة.
12. على ضوء كل ذلك فإننا جميعا مستهدفون، سواء كان الواحد منا عضو كنيست يعمل ضمن أفضل الشروط في الدولة، أو كان الواحد منا معتقلا في السجن، أو معتقلا في بيته لا يمكنه أن يجتمع مع إخوانه وأبناء شعبه، وبناء عليه فإن هذا الواقع يفرض علينا التفكير بشكل آخر أو كما يقولون خارج الصندوق، واستخراج واستجلاب كل القدرات الكامنة في شعبنا دون طغيان مركب على آخر لعقد مؤتمر إنقاذ وطني يكون مؤهلا لوضع خطة عملية لإعادة تشكيل لجنة المتابعة العليا، او إيجاد بديل آخر يكون بإمكانه التصدي لكل السياسات الإسرائيلية التي تسعى لشطبنا من قاموس الوجود، وفي الحقيقة والواقع فإن التحديات التي تواجه شعبنا والتي تستدعي ذلك كثيرة جدا وعلى رأسها موجة العنف المفروضة على شعبنا، وأقول المفروضة لأن الدولة عندما تريد اقتلاع العنف والجريمة، فإنها تستطيع ذلك خلال فترة زمنية قصيرة، بالضبط كما فعلت مع عصابات الإجرام التي كانت تتسيد الموقف في المدن اليهودية، والتي لا ترى لها أثرا اليوم بعد مطاردتها والتضييق عليها واعتقال قياداتها وتفكيكها، وهي إن أرادت ذلك لدى مجتمعنا لكان بإمكانها فعله في فترة زمنية قصيرة، لكنها سياسة دولة تسعى لتفكيك المجتمع ودب الوهن بين أفراده عبر التغاضي عن مسببي الجريمة وفاعليها، لذلك فإن انعقاد مؤتمر وطني بات مطلبا ملحا وأمرا مطلوبا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى