أخبار رئيسيةأخبار رئيسية إضافيةأخبار عاجلةمقالات

السعودية وحماس…علاقات متكدرة لا تبشر بخير

صالح لطفي-باحث ومحلل سياسي
حركة حماس حركة مقاومة إسلامية انطلقت أواخر ثمانينات القرن الماضي سعيا لتحرير الارض الفلسطينية من الاحتلال الإسرائيلي، وكانت انطلاقتها مؤسسة على فكر إسلامي منبثق من المدرسة الاخوانية والموروث الاخواني الطويل والعريق المتعلق بالأرض المقدسة ودورها الجهادي عليها، وكشفت حماس منذ اللحظة الاولى لتأسيسها انها لا تروم السلطة ولا التدخل في شؤون الدول العربية المضيفة لها، وأنَّ مهمتها تتركز على تحرير الأرض الفلسطينية، في الوقت ذاته لم تتنكر هذه الحركة للحظة موروثها الإخواني ولكنها زايلت بين دورها التحرري وعلاقتها مع الاخوان. وكان قرار انطلاقها من طرف فلسطينيين منتمين للإخوان المسلمين يعيشون في السعودية كما ذكرت ذلك بعض الدراسات التوثيقية لتاريخ الحركة، ومن كان له دور في نشأتها وتاريخها مثل المهندس ابراهيم غوشة الناطق بلسان الحركة لسنوات طويلة، وهو ما يشكل لفتة هامة في اختيار السعودية انطلاقا لحركة تحرر اضحت اليوم ملء السمع والبصر وتحمل في ثناياها معان هامة وجادة في كيفية العلاقة بين المؤسسين الاوائل للحركة على الارض السعودية وانطلاقاتها والإعلان عن انطلاقتها من الارض المقدسة. وما بين التأسيس والنشأة والمسيرة جرت مياه كثيرة في العلاقة بين الحركة والنظام وكانت هذه العلاقة على أعلى المستويات بشقيها السياسي والامني.
ما آلت إليه العلاقات بين النظام الحاكم في السعودية في عصر محمد بن سلمان ووالده الملك سلمان بن عبد العزيز- وهنا أفرق بين الشعب السعودي والعديد من ابناء العائلة المالكة، وبين النظام الحاكم الذي يقوده الملك سلمان بن عبد العزيز وابنه محمد ومعهم حاشية كبيرة من الجاميين والليبراليين وجهاز أمني واعلامي ضارب- والحركة ووصول هذه الأيام العلاقة حد القطيعة والتصفية المباشرة للوجود الحمساوي على الارض السعودية، وما بيان حماس الاثنين الماضي حول اعتقال العديد من قياداتها منذ عدة شهور ومن بينهم القيادي البارز المستشار الرجل الثمانيني محمد صالح الخضري ونجله إلا دليل على وصول العلاقات بين الجانبين الى طريق مسدود أيقنت بعده الحركة فشل كل الطرق الدبلوماسية في إنقاذ أبنائها والمئات من الفلسطينيين والسعوديين والاردنيين من أصول فلسطينية من براثن أجهزة الامن السعودية التي تحقق معهم، كما تتحدث مصادر مقربة من الحركة حول جمع الاموال وتمويل حركة حماس. والقضية في تصوري أعمق من ذلك وأكبر وأشد، وأنا هنا لا أبالغ إذا قلت إن أطرافا إقليمية ودولية تحقق مع هذه الثلة المعتقلة في أقبية وزنازين السجون السعودية، ذلكم أن الحرب على الحركات الاسلامية الناشطة سياسيا والساعية للوصول الى الحكم على أشدها هذه الأيام، وتقودها دول عديدة في المنطقة ودول اقليمية ودولية تبذل جهودا غير مسبوقة تصب فيها المليارات للحيلولة دون أن تأخذ الحركة الاسلامية دورها الريادي والشعبي والسياسي لإبقاء الاوضاع على ما هو عليه، وهي مصلحة استراتيجية تلتقي فيها اسرائيل وأنظمة الاستبداد العربي وأطراف دولية.
خلفيات تأزم العلاقة وفشل التقدير السعودي
لطالما ارتكزت السياسة السعودية الخارجية على مبدئي التوازن والاحتواء، خلق التوازنات مع القوى المختلفة واحتواء هذه القوى في المقابل، وذلك من خلال استثمار لمكانتها الروحية والنفسية في نفوس المسلمين عموما ومن خلال استثمار الاموال التي تحوز عليها للتأثير على سياسات دول وحركات في المنطقة، ولذلك عُنيَتْ السعودية دائما بتثبيت الامر الواقع والتعامل معه ومن خلاله وإحداث تأثير ولو بطيء من خلف الاستار أو بشكل مباشر في قضايا عينية.
في هذا السياق تعاملت السعودية كما الدول العربية مع القضية الفلسطينية من خلال النظارة الأمنية، وهو ما كان مع حركة حماس اذ جمع اول لقاء مدير جهاز المخابرات السعودي عام 1988 مع القيادي موسى أبو مرزوق، ومنذ ذلك التاريخ جرت العلاقات بين الطرفين بين مد وجزر يحكم الدولة علاقاتها “الاخلاقية” مع القضية الفلسطينية ويحكم الحركة “حاجتها الى التمويل” من أطراف سعودية مختلفة بما فيها أمراء ونافذين في جناب العائلة المالكة يتطلب منها علاقات مع اطراف حاكمة امنية وسياسية، وهذا هو سر اجتهاد الحركة للحفاظ على مستوى معتدل من العلاقة مع القيادة في المملكة من جهة، وحفاظها كحركة على استقلالها السياسي في القرارات ذات الصلة بالقضية الفلسطينية وما يتعلق بها، فيما سعت السعودية مقابل سكوتها عن نشاط الحركة في أرجاء المملكة وجمعها الأموال، التأثير على مسارات القضية الفلسطينية بالقدر المعقول غير متجاوزة للترتيب السياسي القائم اصلا ممثلا سابقا بالمنظمة ولاحقا في سلطة أوسلو ولذلك تعاملت المملكة مع الحركة بناء على هذه الرؤية.
يعتبر انهيار اتفاق مكة بين حماس وفتح والذي رعاه الملك الراحل عبد الله بن عبد العزيز ووقِع بحضوره في مكة المكرمة في الرابع والعشرين من فبراير/ شباط عام 2007، وانهياره بعد أربعة شهور بالضبط في حزيران /يونيو، يعتبر البدايات الفعلية لموقف السعودية من حركة حماس حيث اتهمت المملكة الحركة بالمسؤولية عن انهيار الاتفاق وانها انقلبت عسكريا على سلطة رام الله، وأنها طامعة بالسلطة وهو ما يتفق مع الذهنية السعودية التي تزعم أن الاخوان المسلمين يرومون السلطة ،وهو ما يجب منعهم عنه، علما أن الذي وضع العصا في دولاب هذه الاتفاقية هي سلطة رام الله وحركة فتح وهي التي أوصلت الامور الى الحسم العسكري الذي قامت به الحركة في قطاع غزة، وكل من يتابع التصريحات الاسرائيلية في تلكم المرحلة والى هذه اللحظات، سيجد الاصابع الاسرائيلية ودورها في انقلاب سلطة رام الله على الحكومة التي اتفق عليها في مكة المكرمة والتي قادتها حركة حماس. ولا ننسى أن اتفاقية اوسلو ومن بعد التعديلات التي جرت على مبادرة السلام التي طرحها الملك الراحل عبد الله بن عبد العزيز عام 2002 وقد قضت هذه التعديلات بإقرار مبدأ تبادل الاراضي وهو ما رفضته حماس جملة وتفصيلا، شكّل نقطة أخرى في تأزم العلاقات بينهما وتيقن المملكة أن حماس ليست في جيبها ولا يمكن للسياسات السعودية أن تؤثر على سياسات ورؤية الحركة تجاه القضية الفلسطينية وسبل حلها.
ثمة أسباب جوهرية في ضعضعة العلاقات ووصولها مرحلة الاقصاء والاستئصال من طرف السعودية لكل ما له صلة ولو بعيدة مع الحركة على الاراضي السعودية، وهذه الاسباب تتعلق بالوضع الداخلي داخل المملكة وموقف النظام السعودي المتشدد وغير المتهاون مع جماعة الاخوان المسلمين، وزعمه انها تسعى للوصول الى السلطة والحكم وهذا الامر شكّل هاجسا داخل المؤسسات الحاكمة من جهة، ودفع ببعض العناوين السلفية والليبرالية المتشددة لاستغلال هذه المخاوف لإيغار صدور المسؤولين وتوتير الاوضاع بين الحركة والجماعة ومن يوافقهم الرأي من التيار السلفي والمؤسسة الحاكمة، التي بدورها قامت بعمليات اعتقالات طالت الالاف من المقيمين والسعوديين، وكان لتصريح الأمير محمد بن سلمان في منتدى مستقبل الاستثمار الذي عقد في الرياض في الرابع والعشرين من اكتوبر من عام 2017 “لن نضيع ثلاثين سنة من حياتنا في التعامل مع أي افكار متطرفة سوف ندمرهم اليوم وفورا” زاعما فيه ان بلاده ستعود للإسلام الوسطي وستدمر التطرف، إعلان الحرب الرسمية من طرف السلطات على التيار الاسلامي السعودي غير الجامي وقد كان في مقدمة هذه الحرب العلماء والمفكرين وعلماء الشريعة من سعوديين وغيرهم وكل من له علاقة بالإخوان المسلمين ومن له علاقة بحركة حماس .
لم تكن تصريحات محمد بن سلمان خارج سياق المعادلات الاقليمية بل كانت جزءا منها وفي خضمها وهي تتماهى مع الحرب المعلنة والسرية على الحركات الاسلامية في المنطقة وتحديدا الاخوان المسلمين، والسبب المباشر في هذه الحرب مواقفهم من الربيع العربي ومن الاستبداد العربي، ودورهم السياسي في العديد من الدول العربية، وتطلعهم للقيادة والريادة من خلال مشاركتهم في الربيع العربي وتوطين فكرة تداول السلطة، وكذلك موقفهم الواضح من اسرائيل وموقفهم الواضح من القضية الفلسطينية ممثلا بمواقف حركة حماس التي هي بدورها أخذت تطورا لافتا في السنوات الخمس الاخيرة وموقفهم من مجمل العلاقات وتشابكاتها وتعقيداتها في المنطقة.
إنَّ توتر العلاقات ووصولها الى ما وصلت اليه الازمة الخليجية وتوتر العلاقات بين السعودية وقطر واتهام السعودية قطر بإيوائها للإخوان المسلمين باعتبارهم تنظيما إرهابيا، وطبعا وجود قيادات حركة حماس على الاراضي القطرية، كان سببا هاما وفقا للعقلية السعودية في حربها التي باتت معلنة على حركة حماس، وهو ما دفع بقطر للتضحية بالإخوان ممن كانوا على أراضيها وطردهم عنها كما حدث مع العشرات من الاخوان المصريين وضغطها الهائل على حركة حماس وتجميد اعمال قيادات كبيرة لهذه الحركة ما زالت تتواجد على أراضيها ضمن اتفاقيات فيما يبدو بين الطرفين، وذلك كله لإرضاء السعودية التي لم تكتف بهذه الخطوات كما تشي الاوضاع الراهنة. سبب آخر يكمن في تطور العلاقات بين حماس وإيران ودور إيران في تسوية العلاقات بين الحركة وسوريا ضمن رؤية ايرانية تعتمد محاور تواجه من خلالها محور واشنطن وهي تطمع أن يكون من بين محاورها حركة سنية كحركة حماس، مع يقينهم أن هذه الحركة تخالف رؤيتهم العقدية والفكرية والفقهية. في الوقت الذي تروم السعودية ودول خليجية الى محاصرة حماس وتركيعها عبر سياسات تجفيف المنابع التي باتت سياسة سعودية معلنة ضد الحركة وأعضائها أحيت الحركة محور علاقاتها مع ايران والذي لم تقطعه مطلقا وكانت نقاط تقاطع المصالح بين الحركة وإيران كبيرة وكافية للعودة الى احياء العلاقات كما كانت سابقا، بل وارتفع مستوى هذه العلاقة الى مستويات لم تكن من قبل وصار معلوما ان اذرع محددة داخل هذه الحركة هي التي حسمت وضعية العلاقة ومستواها ضمن سياسات خارجية تضمن استقلالية قرار الحركة وهو ما اعتبرته السعودية تحد سافر من الحركة لسياساتها وموقفها من الملفات السورية والفلسطينية والإقليمية، يضاف إلى هذا موقف الحركة من العلاقات مع تركيا واحتضان الاخيرة للعديد من اجهزة الحركة ونشاطاتها وفعالياتها وهو ما جعلها رقما إقليميا صعبا باتت تطلب الجلوس معه دولا كبرى كروسيا والمانيا والاتحاد الاوروبي. وسبب آخر يعود الى دور الحكومة الامريكية ودخولها على خط ترسيم العلاقات في المنطقة، فترامب يريد أن تصبح اسرائيل جزءا من المشهد السياسي الشرق أوسطي ودولة مقبولة، وأن يتم التعامل معها بناء على رؤية انجيلية واضحة المعالم تقضي بتعزيز مكانة اسرائيل وتحديد القدس التاريخية التلمودية- دولة داود- عاصمة لها مما يقضي أن يكون المسجد الاقصى المبارك ضمن السيادة الإسرائيلية، وهو ما سيمهد لتقسيم المسجد الاقصى ويؤسس لبناء الهيكل الذي تعتقد هذه المجموعة الانجيلية انها البدايات الحقيقة للألفية الثالثة، وإسرائيل ككيان هي شرط أساس من حيث القيام الوجودي لتحقيق قدوم المسيح كما تؤمن هذه المجموعة، ولتحقيق هذه الرؤية كان لا بدَّ من المجيء بشخصية تخدم هذه الأهداف وان لم يكن على علم بها مصاب بداء العظمة وحب السلطة وقد جيء بمحمد بن سلمان وما كان له أن يكون وليا للعهد لولا حصوله على ضمانات امريكية تحميه وتؤهله للحظة تمرير سياسات ذات صلة ليست بالقدس والاقصى بل ما هو أدهى وامر.
كان محمد بن سلمان عراب صفقة القرن في المنطقة ومنفذا لأوامر جيسون غرينبلات وكوشنير، ومارس ضغوطات هائلة على سلطة رام الله وعلى الاردن للتنازل عن الوصاية على المسجد الاقصى لصالح السعودية التي باتت منذ عام 2017 تؤسس لعلاقات وطيدة وحميمة مع اسرائيل كشريك استراتيجي يواجه إيران والمقاومة والاسلام السياسي، وبذلك ارتبطت المملكة مع إسرائيل وجودا وعدما، وهو ما يتطلب منها دور أساس يتمثل بحربها على الحركات الاسلامية السنية في مقدمتها الحركات المقاومة وفي طليعتها حركة حماس.

قطع شعرة معاوية
إعلان وزير الخارجية السابق سعيد الجبير في الرابع والعشرين من فبراير/ شباط من عام 2018 عن حماس حركة ارهابية أجهز نهائيا على كل مستقبل للعلاقات بين الحركة والنظام الحاكم في السعودية، على الاقل في هذه المرحلة، وقطع شعرة معاوية التي استمرت سنوات طويلة بين الطرفين حيث يقود البلاد الملك سلمان وابنه محمد. وإذا كانت حماس قد سعت عبر الطرق الدبلوماسية والسياسة الهادئة لحلحلة الاشكاليات مع السعودية فإن النظام الحاكم قد حسم مواقفه اتجاه الحركة بسياقين، سياق دولي ارتبط نهائيا بالولايات المتحدة وهو رهين في هذه اللحظات في التحولات الجارية هذه اللحظات في البيت الأبيض، إذ ان استقالة جيسون غرينبلات من مسؤوليته لملف صفقة القرن التي رفضها الشعب الفلسطيني برمته أحرج السعودية التي لعبت دور العراب فيه، وحاولت التأثير على السلطة الفلسطينية وسياق داخلي سعت فيه فيما يبدو، للضغط على قيادات سياسية للحركة معتقلة في السجون السعودية للتأثير على مواقف الحركة المتعلقة بالصفقة والعلاقة مع إسرائيل.
الحرب السعودية السافرة على حماس يؤكد انها لا تملك رؤية استراتيجية تجعل مصالحها كدولة في المقدمة، إذ ان محمد بن سلمان يسعى لتعزيز مكانته الشخصية اقليميا ودوليا ضمن معادلات يتم صناعتها في واشنطن وتل ابيب ومختبراتهما المشتركة، ويبدو أنه غير متنبه الى وجود قوى دولية نافذة كروسيا التي بدأت تتموضع في المنطقة عبر ملفي دمشق وطرابلس، الى جانب وجود قوتين اقليميتين تفوقان السعودية من حيث العقل السياسي والدبلوماسي، إيران وتركيا… في هذا السياق ستكون السعودية في حرج كبير إذا ما تمَّ انتخاب رئيس امريكي غير ترامب لا يتبع للجمهوريين المتطرفين او من الحزب الديموقراطي الرافض لسياسات ترامب في المنطقة، ولعل إقرار المحكمة الابتدائية التابعة للاتحاد الاوروبي الغاء صفة الارهاب عن حركة حماس، صفعة شديدة لمحمد بن سلمان وسياسات الإرضاء لإسرائيل، اذ يبدو أن هذا القرار فتح الطريق لألمانيا لتكون وسيطا بين الحركة واسرائيل لعقد صفقة تبادل اسرى أراها قادمة على الطريق، وهذه أيضا بدورها صفعة ثانية لسياسات السعودية في المنطقة وفشل علاقاتها مع حركة كحماس.
أيضا ونحن نتحدث عن حرج السياسة السعودية في سياقاتها الخارجية المتعلقة بالقضية الفلسطينية والمنطقة، يشكل تقارب واشنطن لطهران واستعداد ترامب للاجتماع بالرئيس روحاني على هامش جلسات الامم المتحدة القريبة، لطمة شديدة لسياسات السعودية كما أن إقالة ترامب لمستشاره المتطرف جون بولتن على خلفية تصريحات نتنياهو المتعلقة بإيران والاغوار كما ذكرت عديد التحليلات الاسرائيلية يوم الاربعاء المنصرم، لطمة ثالثة لسياسات السعودية وارتهانها للسياسة الامريكية مما يعني في هذه الحيثيات أن حركة حماس- وفي هذا السياق السلطة- كانت أعمق وأصوب نظرا من السعودية وهو ما يدفع للتأكيد أن السعودية هي الخاسر الأكبر من قطعها للعلاقات مع حركة حماس وليس العكس وهو ما لا يبشر بخير.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى