هجمات إسرائيل الخارجية والاثمان المدفوعة
صالح لطفي-باحث ومحلل سياسي
تمارس إسرائيل منذ سنوات حالة من البلطجة الاقليمية تسميها الدفاع عن النفس معتمدة القاعدة الذهبية “الضربة الاستباقية” ويتم ذلك عبر أدوات كثيرة تكشف عن قوة هذه الدولة، منها على سبيل المثال لا الحصر، الأجهزة الأمنية ذات الصلة، كالموساد والاجهزة الامنية المرتبطة بالسايبر وما يسمى التجسس الالكتروني، القوات الخاصة “قوات النخبة “، وسلاح الطيران وفي مقدمته الطيران من غير طيار الذي يعتمد على تكنولوجيا متقدمة.
تمارس إسرائيل هذه الحروب الاستباقية ضد منظومات بعينها، إيران ومعها، المليشيات الشيعية التي تنفذ مصالح إيران في لبنان وسوريا والعراق واليمن، وحركة حماس والجهاد الاسلامي في قطاع غزة. هذا من حيث ظاهر الامر، ولكن المطلعون على سياسات إسرائيل الامنية يعلمون انها اخترقت العشرات من التنظيمات الاسلامية وغير الاسلامية في منطقتنا، من مثل الحركات الكردية ومجاهدي خلق المناوئة لإيران، وكان لها دور كبير في تقديم معلومات للدول الاقليمية والدولية ذات الشأن، كاختراقها لتنظيم الدولة والقاعدة، مثلا، ومن تابع الابحاث والدراسات الصادرة عن عديد المؤسسات العلمية حول تنظيم الدولة والقاعدة، يعلم حجم الاختراق، وهذا ما سُمِحَ لهذه المراكز بنشره ما يعني أن الامر أكثر خطورة وتبديا مما يظن المحلل والمراقب.
لا يوجد عند الإسرائيليين شيء يقدمونه بالمجان، وهذه الهجمات التي تكاد لا تتوقف على مواقع إيرانية وشيعية، ومواقع حركة حماس تحديدا، لا تقوم بها إسرائيل خدمة لدول عربية هي تعلم يقينا أنها دول مهترئة ومخترقة وتكاد تكون دول هشة على الرغم من ظاهرها كالإمارات والبحرين، مثلا، وبالتالي ثمة أسئلة تُطرح حول الأثمان التي ستدفع وما نوعها.
الدول الوظيفية في المنطقة
دول ما بعد سايكس بيكو هي دول وظيفية تخلقت في ظل ظروف دولية وتحولات جيو-سياسية عالمية ومتغيرات تداخلت بين السياسي والثقافي ببعده الحضاري وحركة اليقظة “التحرير” الصهيونية “أمنتسيباتسيا” التي اجتاحت العالم اليهودي في القرن التاسع عشر ومطلع القرن العشرين، ومن نتائجها قيام إسرائيل مع تساوق ذلك مع تقاطعات المصالح الدولية والإقليمية المتعلقة بالمتغيرات التي حصلت في اعقاب الحرب العالمية الاولى وتفكيك الدولة العثمانية والحيلولة دون قيام دولة “خلافة” عربية في المنطقة مجددا.
إسرائيل دولة وظيفية بامتياز وما تقوم به في هذه الاثناء من حملات عسكرية يكشف بدون رتوش عن هذه الحقيقة، لكن ثمة بُعد آخر لا يقل أهمية يرتبط بهذا البعد يتعلق بالعمل الإسرائيلي الجاد على بقاء إسرائيل واستمرارها، فالدويلات الصليبية واندثارها شكل هاجسا أقلق كبار المفكرين والقادة وصُناع القرار في إسرائيل ذلكم أن الغرب، عمليا، قام بمهمته على أكمل وجه فما سمح للعرب بلم شعثهم بعد تفكيك “الرجل المريض” والاستيلاء على ميراثه وما سمح لهم ببناء دولة عربية من المحيط الى الخليج، بل فكك هذه المنطقة عن طريق إنشاء دويلات “وطنية ” ارتبطت ولا تزال بمنشئيها ولا تزال تعتمد عليهم وجودا وعدما.
ولذلك بناء على هذا التصور فعلى إسرائيل أن تعمل جاهدة على إقناع العرب بأنها دولة حية لها حق الوجود على هذه الارض التي يزعمون انها حقهم الإلهي التاريخي الموعود (في هذا السياق تستعمل إسرائيل الحق الديني، فيما لا يسمح للعرب استعمال هذا الحق، وفي لحظة ذكره يتحول الذاكرون الى مجموعات ارهابية وكارهة للأخر) وان لا أرض تقلهم ولا سماء تظلهم سواها ولذلك تتعاظم الحاجة إسرائيليا لمواجهة الرافضين لهذا الطرح سواء كانوا إسلاميين أو قوميين ويقف الى جانبها كل تلكم الدول الوظيفية التي قامت في سياق قيام إسرائيل وتفكيك المنطقة والحيلولة دون قيام دولة عربية واحدة، وكل الملبرلين العرب ممن تأثروا بالغرب عموما والولايات المتحدة خصوصا، خاصة من درسوا في معاهدها ولازموا الجمعيات اليهودية والصهيوينة والماسونية.
على الرغم من إسرائيل دولة محمية عالميا من الغرب ممثلا بالغرب والاتحاد الاوروبي ومن الشرق ممثلا بروسيا واليوم الصين والهند، إلا أن هناك ثمة حاجة تتعلق بإسرائيل كدولة لتقوم به لتعزيز هذا الوجود والانعتاق من الوصاية الكونية / العالمية على وجودها، إذ بقاء الحال من المحال لذلك اعتمدت ثلاثة وسائل: الاعتماد على الذات وتطوير الكفاءات والقدرات، بناء علاقات دولية وإقليمية تكاملية، اختراق البعدين العربي والاسلامي.
وفي اعتقادي أن إسرائيل ماضية في هذه السياسة منذ بن غوريون الى هذه اللحظات وما يقوم به رئيس وزرائها نتنياهو ليس سوى فقرة من فقرات بناء مداميك تثبيت الوجود القائم على هذه القواعد الثلاثة، وهذا ثمن أساس تريده إسرائيل مقابل ما تفعله.
ومن ثم فإسرائيل في سياقها الوظيفي إذ تمارس ما أشرنا إليه يصب في هذه المصلحة العليا والاستراتيجية، ولكن يقابل ذلك أثمان تدفعها دول عربية تعتقد ان إيران والاخوان هم الاعداء الحقيقيين لها، ومن هذه الاثمان أن تتحول الى راع وحام خلفي للوجود الإسرائيلي.
معلوم أنَّ إسرائيل دولة تعمل دوما على تطوير قدراتها القتالية التي تعتمد الفتك بالعدو “في هذه الحالة العرب والشعب الفلسطيني” على أساس من تقليل تكلفة الثمن البشري اليهودي، فمقتل جندي يهودي يسبب قلاقل كبيرة في المؤسسات العسكرية والتنفيذية والتشريعية، فضلا عن المجتمع وسر ذلك متعلق بالحياة وحبها الشديد الذي يمتاز به الإسرائيليون. ولذلك وجهت منذ قيامها جلَّ عملها في تطوير الجوانب التقنية حتى أضحت إسرائيل اليوم في مصافي دول العالم في صناعة التكنولوجيا الدقيقة ويكفي أن يعلم القارئ الكريم أن إسرائيل تستحوذ على 10% من الانتاج العالمي المتعلق بالأمن السايبري، وهذا الرقم قياسا لحجم الدولة وعدد سكانها هائل بل بمقاييس مختلفة يجعلها تتصدر اللائحة عالميا. وفد استغلت هذا المعطى جيدا لتحقيق اختراقات دبلوماسية واستراتيجية في المنطقتين: الشرق الاوسط وآسيا. وهذا التطور المستمر يخدمها مرتين، مرة بتثبيت أركانها وأخرى بشراء واستمالة قوى إقليمية وعالمية تقف إلى جانبها ترادفها وتذبُّ عنها.
العدوان اللدودان المتشابهان
إسرائيل تعتبر إيران العدو اللدود علما أن إسرائيل وإيران ربطتهما علاقات وطيدة جدا منذ قيامها وحتى الثورة الخمينية عام 1979 وكانت إيران من الدول الاولى في العالم التي اعترفت بإسرائيل واعتمد بن غوريون في رؤيته الاستراتيجية التاريخية بناء علاقات استراتيجية مع دول غير عربية في المنطقة كإيران وتركيا، وكانت إسرائيل شريكة بل وبانية المفاعل النووي الايراني-آنذاك لأغراض سلمية كما كانوا يزعمون-والعلاقات الايرانية-الإسرائيلية لها جذر تاريخي قريب وآخر بعيد يعود الى عصر الملك كورش وإستر.
من الصعوبة بمكان تخيل جدل علاقات اليوم بمعزل عن تلكم العلاقة الغائرة في التاريخ وبمعزل عن التطورات المعاصرة التي رافقت العلاقات الإيرانية- الصهيونية/ الإسرائيلية والدور الامريكي في هذه العلاقات وتشابكها في سياق المصالح في لحظات تاريخية كما حصل إبان الحرب العراقية- الايرانية حيث زُودت ايران بالسلاح من طرف إسرائيل والولايات المتحدة لأضعاف الدولتين واستمرار تفكيكهما، وإذا كانت إسرائيل قد نجحت في تفكيك العراق من خلال البوابات الدولية والإقليمية، فهي ماضية بنفس السياسات مع إيران مع فارق جوهري يدركه ولاة الامر في البلدين، فكلاهما ليس بينهما ثمة خلاف استراتيجي حدودي وهو ما دفع المتخصص الفرنسي في الشؤون الايرانية تيري كوفيل الباحث في معهد العلاقات الدولية والاستراتيجية الفرنسي للقول من أن “تصاعد نغمة التصعيد بين البلدين لن يؤدي إلى صراع حقيقي”، مشيراً إلى أن كلا البلدين ليس بينهما أي تاريخ دبلوماسي عاصف وموضحا أن المليشيات الشيعية الوافدة الى سوريا تعمل على أن تصبح جزءا من النسيج السوري المستحدث، وهو ما يتوافق والسياسات الإسرائيلية في المنطقة استمرارا لسياسات فرق تسد التي تؤمن بها إسرائيل. وكلاهما ينطلق في التفكير الاستراتيجي المتعلق بصيرورة الدولة وبقائها من نفس العقلية “المتشابهة تاريخيا وعقديا” إذ يعتبرون اشياعهم- في الحالة الإسرائيلية يهود العالم وفي الحالة الايرانية شيعة العالم عموما وبالذات من يعتقدون بولاية الفقيه- في العالم أدوات من أدوات خدمة المشروع في الحالة الشيعية الاثنى-عشرية بقاء ودوام الدولة الإيرانية كممثلة وحامية لشيعة العالم وفي الحالة الإسرائيلية حماية وبقاء دولة إسرائيل، وفي هذه الحيثية يتحول اليهودي حامل الجنسية غير الإسرائيلية والشيعي حامل الجنسية غير الايرانية “عملاء” لهاتين الدولتين.
استثمار ازمة العلاقات بين إيران والدول السنية
لا شك أن نتنياهو استثمر أزمة العلاقة بين ايران والعالم العربي والسني بامتياز لصالح اختراق هذه الدول وفرض أجنداته التي تخدم دولته بالمطلق وتتقاطع مرحليا مع بقاء هذه الانظمة المستبدة والمهترئة، وبناء على هذا الاستثمار الإسرائيلي المدعوم أمريكيا فمهمة الرجل تعتمد ابقاء الموضوع -أي موضوع ايران وميلشياتها وخطرها الاستراتيجي على المنطقة المدعوم بتصريحات هوجاء من قبل عديد القيادات الايرانية الدينية والسياسية- قائما لا ينزل عن طاولة، وذلك لحلب هذه الدول العربية واستمرار شتاتها والاعتقاد أنها حليف استراتيجي وخلق حالة من العداء الداخلي بين مكونات هذه الدول يفضي الى تفكيكها وتشتيت جهودها وهو ما يحصل هذه اللحظات، وقد شاهدنا درجة الانحطاط التي آل اليها بعض الليبراليين العرب في دول كالسعودية والامارات والبحرين ومصر والعراق .والحق أن إسرائيل اخترقت هذه النخب التي تمثل اليوم بطانة لهذه الانظمة وصارت تقتات على السباب على الشعب الفلسطيني والتيارات الاسلامية وايران، لتتحول هذه الجموع الى شماعات يتنفس من خلالها هؤلاء ومن معهم من حكام وبطانات وعسكر.
نجحت إسرائيل ببناء علاقات شراكة وأخرى استراتيجية مع عديد الدول العربية والاسلامية على أساس من العداء المشترك لإيران والتيارات الموالية لها كحزب الله والحشد الشعبي، وللحركات الاسلامية السنية بشقيها المدني والجهادي، وهو ما أدى إلى خلق تحالف عالمي تشارك فيه دول عربية وإسلامية، توج في زيارة ترامب التاريخية للسعودية وافتتاح المركز العالمي، لمكافحة الارهاب بحضور الغالبية العظمى من زعماء العالمين العربي والاسلامي وهذه الحرب المعلنة في جوهرها، حرب على التيار الاسلامي السني الرافض للوجود الإسرائيلي الاحتلالي وللنظم المستبدة وربطه مع ايران التي في حقيقتها العدو اللدود للتيار الاسلامي السني بشقيه السلفي والاخواني وهمُّ متعمد وذكي، وقد يتسرب الى القاري الكريم تناقض هذا القول مع التحالف الايراني مع حماس المنسوبة للإخوان وهو موضوع مختلف يخضع حقيقة لمنطق المصالح بالمطلق بين هذه الدول وهذه الحركة في سياقات سيولة العلاقات بين الدول وحركات التحرر- هذا كان موجود فيما بعد الحرب العالمية الثانية وفترة الحرب الباردة- والمصالح المتوقعة والمكتسبة من هذه العلاقات ومدى استفادة كل فريق من هذه العلاقات.
العلاقات المتعرجة
في هذا السياق يُشارُ الى أن مسيرة العلاقات بين إسرائيل وهذه الانظمة لم تتوقف بل مرت بتعرجات، وكاتب هذه المقالة يزعم أن إسرائيل وإن كانت دولة تمثل الغرب والحضارة الغربية فإن السياسيين وصناع القرار يدركون أنه لا مفرّ لهم من التعامل مع المنطقة وأن يصبحوا جزءا من مشهدها الحضاري والثقافي والجيو- سياسي، ولذلك عاد الاستشراق الإسرائيلي ليأخذ مكانه مجددا في الساحتين الاكاديمية والسياسية، فإسرائيل اليوم تجمع بين ثلاثة كتل تعمل على الاستفادة منها بالحد الاقصى لضمان استمرا وجودها: الكتلة الغربية ممثلة بالولايات المتحدة وقد انتقلت في التعامل معها من شريك الى حليف استراتيجي وتستثمر إسرائيل القدرات والامكانيات الامريكية بشكل ممتاز لصالحها ومن خلال هذا التحالف وعبر أدوات أخرى مساعدة اخترقت إسرائيل السعودية والبحرين والامارات ودول عربية اخرى لَّما يعلن عنها، وخلقت معهم تحالفات تتجلى آثارها اليوم في المنطقة عموما، فيما الكتل الثانية تتمثل في روسيا “كدولة اوراسية أي اوروبية اسيوية” وما تربطه بها من علاقات تاريخية ومن وجود كتلة بشرية هي الاكبر في إسرائيل تستفيد منها ولعبت دورا اساس في نهضة إسرائيل الثانية (نهضتها الاولى رافقت النشأة والثانية رافقت الهجرة السوفيتية التي بدأت من ثمانينات القرن الماضي وتوقفت تقريبا منتصف العقد الاول من هذه الالفية)، ومعها الصين والهند كعمقين أسيويين ودول تتقدم بسرعة نحو الريادة الكونية وفيها كتل بشرية إسلامية كبيرة جدا قد تشكل خطرا مباشرا على هذه الدول وخطرا متأخرا “الدائرة الثالثة من المخاطر الاستراتيجية التي تتعرض لها إسرائيل” على الوجود الإسرائيلي، ولأن إسرائيل تملك تقنيات وإمكانيات تقنية عالية المستوى وذات سمعة عالمية في هذا المجال، فقد نجح نتنياهو في جلب استثمارات لبلاده من هذه الدول وتحقيق أهداف داخلها لَّما يفصح عنها، كما قابل التكنولوجيا التي تريدها الصين لتعزيز تقنياتها المختلفة بمصالح مادية واستراتيجية تخدم إسرائيل حاضرا ومستقبلا، وعلى نفس المنوال تدخل الهند، فإسرائيل تتعامل بناء على التصورات البنغوريونية التأسيسية في العلاقات الخارجية، ومستقبل إسرائيل والتي تطورت في العشريات الاخيرة بشكل كبير في ما أسموه دوائر الخطر المحدقة بإسرائيل وسبل تفكيكها، فإسرائيل مثلا تستعين بالصين والهند كقواعد لتلاحق القوى الاسلامية التي تعتقد أنها قد تشكل خطرا مستقبليا عليها وتمارس أدوارا عديدة في تحريض العديد من الدول على الاقليات المسلمة وما المساعدات الإسرائيلية للجيش المنيماري “بورما” وتدريب بعض عناصره واستعمال أسلحة إسرائيلية لقتل المسلمين الروهينغا إلا مثال على الدور الذي تمارسه إسرائيل وإن تلحفت بأنها تبيع سلاحا مثلها مثل كل دول تُصَنِع الأسلحة، ومثال آخر لذلك، حملات التحريض الدموي المغلف بالبحث العلمي من قبل مجلة “تخاليت” الصهيونية على الجاليات الاسلامية في أوروبا، وما أسمته مظاهر الاسلاموية الاوروبية وتعظيم مخاوف الاوروبيين عبر نفخهم في بوق الاسلامفوبيا.
وأما الكتلة الثالثة التي تعتمد إسرائيل اختراقها فهي العالم العربي والاسلامي عبر أدوات هادئة، مستثمرة المتغيرات الحاصلة في المناخين الدولي والاقليمي وشماعات الارهاب الاصولي الاسلامي ومخاطره الاقليمية والدولية، مقدمة خبراتها المختلفة في مواجهة هذا الخطر “الموهوم” ومستفيدة من حالتي العجز والانفصام الذي تعيشه الانظمة العربية والإسلامية-نسبة للدول الاسلامية-لتتقدم في هذه الدول عبر أدواتها الناعمة وما أكثرها.
أسهبت فيما سبق لأبين للقارئ الكريم أن إسرائيل تعمل كل ما بوسعها للبقاء على قيد الحياة ومن ثم الاندماج في منطقة الشرق الاوسط “الجديد الذي بشر به شمعون بيرس” على أسس من الندية، وهذا الذي تريده ثمنا لحمايتهم، وإبعاد العامل الديني من جانب هذه الدول عن معادلات العلاقة ولأن شماعة الارهاب تستعملها إسرائيل مرتين، الاولى لإبقاء شعبها صامتا يلهث وراء ما تقوم به الحكومات فلا يُعترض على سياساتها الاقتصادية والاجتماعية والصحية والبيئية، ويغض الطرف عن الفضائح المالية والاقتصادية، وثانيا لتعميق العلاقات مع أنظمة عربية شمولية تقتات على قتل المعارضين ومحاربتهم تحت حجة مكافحة الإرهاب وإشاعة السلم الاقليمي والعالمي وخلق حالات من التطبيع من النخب في هذه الشعوب بل واختراق الاطر السياسية والدينية المختلفة في المنطقة، والحقيقة أن ثمة كيد على منطقتنا يستهدف الانسان والثمرات والخيرات والمقدرات ومردُّ ذلك الى أبعاد ثقافية وحضارية ثاوية في النفسية الكولونيالية الغربية حيث تُعتبرُ إسرائيل جزء من هذه الحالة (النفسية/ الثقافية/ الحضارية) ومعها كحليف وشريك الحُكام والنُخَبُ والعسكر في هذه الدول.
لذلك في منطقتنا يجتمع على حرب الشعوب العربية ثلاثة قوى: إسرائيل، الحكام العرب ومعهم العسكر والنخب، والقوى الغربية الطامعة في خيرات هذه البلاد من جهة، والساعية لتثبيت مكتسبات سايكس بيكو مع بعض التعديلات.