أخبار رئيسية إضافيةأخبار عاجلةعرب ودولي

هل نجحت الصين في تقسيم الغرب؟

نشر موقع “أتلنتيكو” الفرنسي مقال رأي للمختص في الاقتصاد أنطوان برونيه تحدث فيه عن العلاقة بين الصين والعالم الغربي على هامش انعقاد قمة مجموعة السبع في فرنسا.

وقال الكاتب، في مقاله، إن الصين أعادت يوم الجمعة إطلاق التصعيد التجاري مع الولايات المتحدة، سعيا لتوفير وسائل إضافية للحفاظ أو تعزيز الفائض التجاري السنوي الضخم.

وفي اليوم ذاته، خفضت الصين مرة أخرى في قيمة اليوان إلى حدود 7.09 يوان مقابل الدولار الأمريكي.

وأشار الكاتب إلى أن هذه الإجراءات الصينية تسببت في انخفاض بنسبة 2.5 بالمئة في متوسط مؤشرات الأسهم الأمريكية، مما زاد من انعكاس منحنى العائد في الولايات المتحدة، وساهم في قفز سعر الذهب متجاوزا عتبة 1500 دولار.

ومن جهتها، عززت الإدارة الأمريكية قيمة الرسوم الجمركية من 25 إلى 30 بالمئة على الواردات الصينية التي تبلغ قيمتها 250 مليار دولار، ومن 10 إلى 15 بالمئة بالنسبة للرسوم المفروضة على الواردات التي تبلغ قيمتها 300 مليار دولار.

قبل وخلال انعقاد قمة مجموعة السبع، لم تتردد الدول الأوروبية الكبرى في التعبير عن تحفظها من هذه “الحرب التجارية بين بكين وواشنطن” نظرا لأنها يمكن أن تؤدي إلى خطر الركود الدولي.

ومن الجيد أن يقوم زعماء أوروبا بمراجعة أنفسهم عبر العودة إلى الوراء لاكتساب فهم أفضل للتطور الاقتصادي الذي شهدته بلدانهم خلال العشرين عامًا الماضية.

وأشار الكاتب إلى أن السبب الرئيسي لضعف النمو الاقتصادي الذي شهدته البلدان الصناعية بين عامي 2002 و2008 يعود إلى أن الصين قد أطلقت استراتيجيتها المناهضة للتعاون؛ ما مكنها من الحصول على حصة أكبر من السوق العالمية للسلع المصنعة.

ونوه الكاتب بأن استراتيجية الصين تسببت في تراجع الاقتصاد الغربي وزعزعة استقراره، حيث اضطرت واشنطن بين عامي 2001 و2008 إلى جانب كل لندن ومدريد ودبلن إلى الانغماس لأول مرة في مخاطرة اقتصادية، حيث قررت هذه الدول بشكل مصطنع تحفيز مجالها العقاري لتعويض الصناعات التي تأثرت سلبا باستراتيجية بكين. ونتج عن ذلك طبعا الركود الاقتصادي الشهير بين سنتي 2008 و2012.

وأوضح الكاتب أنه للخروج من هذه الأزمة، كان على الاقتصاديات الغربية (أي الولايات المتحدة، اليابان، أوروبا) اتخاذ موجة ثانية من المخاطرة الاقتصادية عبر عدم احترام الانضباط المالي وتراجع المعدلات الرئيسية لبنوكها المركزية، ولم يسبق أن رأينا ذلك منذ الحرب العالمية الثانية، قبل أن تسجل نموا متواضعا للغاية.

وذكر أنطوان برونيه أن هذا التناقض بين حجم الانتعاش وضعف الانتعاش الاقتصادي يدل على أن آثار تراجع النمو الاقتصادي الغربي بسبب الصين لم تختف بعد عام 2008 بل ازدادت، خاصة مع زيادة استهلاك وطلب الأسر على المنتجات المستوردة من الصين.

وأكد الكاتب أن الدول الأوروبية تتغاضى ببساطة عن حقيقة أن محاولاتها لإنعاش اقتصادها لأكثر من عشر سنوات لم تضع حدا لخطر حدوث ركود عميق وطويل، ويعزى ذلك إلى أن الصين سعت ونجحت إلى حد كبير في الاستيلاء على جميع الأنشطة الإنتاجية العالمية.

وفي هذه الحالة، على الأوروبيين أن يقتنعوا بحقيقة أن الحرب التجارية بين بكين وواشنطن هي في الواقع ضرورة كبرى، لأنها تساهم إلى حد ما في كسر استراتيجية الصين التجارية.

ومن المؤكد أن هذه الحرب ستجبر الصين على اتخاذ ثلاثة قرارات. فيما يتعلق بفوائضها التجارية المتجددة، ستعمل الصين على إلغاء التصنيع عن معظم البلدان الأخرى مما سيتسبب في تجدد عجزها التجاري.

وستكون حكومات البلدان التي تعاني نموا اقتصاديا ضعيفا أول من سيتزعزع استقراره الاقتصادي.

في المقابل، ستعمل هذه الحكومات على إخفاء تدهورها الاقتصادي بعيدا عن سكانها تجنبا للسخط العام الذي يمكن أن يؤدي إلى اندلاع حركات شعبية.

وستحافظ هذه الحكومات على صورة الرفاهية الاقتصادية عبر اعتمادها على المديونية الخارجية أكثر فأكثر. وفي الواقع، تسيطر الصين على سوق رأس المال العالمي بفضل الفوائض التجارية المتكررة.

ونوه الكاتب بأن مستويات ديون البلدان، الأكثر اضطرابا اقتصاديا، أضحت مرتفعة إلى درجة تجعل الصين، دائنها الرئيسي، مترددة في إقراضها المزيد. وعلى هذا النحو، تعمل هذه البلدان على الخروج من قبضة العجز التجاري المتواصل، بينما ليس أمامها خيار آخر سوى عزل سيادتها تدريجيا عن الصين.

وللحد من مديونيتها تجاه بكين، انطلقت هذه الدول في بيع جزء هام من شركاتها وأراضيها الزراعية ومواقعها السياحية.

وفي الختام، قال أنطوان برونيه إن السبب الكامن وراء تمكن الصين من تحقيق أرباح من خلال هذه الاستراتيجية الاقتصادية في أنها تعد جزءا من ديناميكية تهدف إلى تمكين الصين من تحقيق تفوق اقتصادي عالمي أو إلى شراء الكوكب بأكمله.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى