أخبار رئيسيةأخبار رئيسية إضافيةأخبار عاجلةمقالات

لعبة الكنيست واللعب على المكشوف

المدينة
لأن لعبة الكنيست لا تقوم على حد أدنى من الأصول الثابتة، لذلك هي لعبة متغيرة، ذات شعارات متغيرة، وذات أساليب عمل متغيرة، وذات مبررات متغيرة، وهذه الأصول المتغيرة التي جعلت من لعبة الكنيست لعبة متغيرة هي أشبه ما يكون بالرمال المتحركة التي لا تستقر في مكان واحد ثابت، بل هي كل يوم في مكان، وكل يوم لها شكل يختلف عن شكله بالأمس وأمس الأمس وأمس أمس الأمس … إلخ، وإن المثال الصارخ على ذلك هي مقولة (الوحدة) بين الأحزاب الكنيستية العربية التي خاضت حتى الآن لعبة الكنيست، وهي: (الجنوبية والتجمع والجبهة والطيبي)، فهذه (الوحدة) تارة تكون ضرورة لا بد منها في حسابات هذه الأحزاب الكنيستية للوقوف في وجه اليمين الإسرائيلي، وتارة تكون عقبة كؤود لا بد من التخلص منها في حسابات هذه الأحزاب للوقوف في وجه اليمين الإسرائيلي وقد تعود في مرة ثالثة ضرورة لا بد منها في حسابات هذه الأحزاب، ولا ندري كيف تكون في مرة رابعة وخامسة … فما قبل لعبة انتخابات الكنيست العشرين كانت هذه الأحزاب تخوض لعبة الكنيست متفرقة أو في تحالفات ضيقة وكانت تتبادل شتى التهم الكلاسيكية فيما بينها، فكان البعض منها يصف الآخرين بالرجعية أو الطائفية، وكان البعض الآخر منها يصف الآخرين باللادينية والإباحية، ثم لما شعرت كل هذه الأحزاب أنها باتت مهددة بالسقوط في لعبة انتخابات الكنيست العشرين بعد ان رفعت الحكومة الإسرائيلية (نسبة الحسم) في لعبة الكنيست اضطرت كل هذه الأحزاب أن تقفز عن التفرق الذي كان بينها واضطرت أن تتغنى بالوحدة فيما بينها فراحت تقول عشية لعبة انتخابات الكنيست العشرين أن (الوحدة) أرادة شعب، وأنها ليست بهدف خوض لعبة انتخابات الكنيست فقط، بل هي بداية وضع حجر الأساس لمشروع وطني، وأنها أهم إنجاز تاريخي بعد نكبة فلسطين، وأنها ضرورة وطنية لا بد منها لدحر اليمين الإسرائيلي والانتصاب شوكة في وجه العنصرية الإسرائيلية!!
وهكذا خاضت تلك الأحزاب لعبة الكنيست العشرين متحدة باسم (القائمة المشتركة) وانطلى هذا اللعب على المكشوف بمقولة (الوحدة) على بعض جماهيرنا في الداخل الفلسطيني وصوَّتت للوحدة الموهومة وارتفع عدد مقاعد تلك الاحزاب في الكنيست.
وهكذا تغيرت مقولة (الوحدة) فيما بينها من (رجس من عمل الشيطان) أو (تحالف مع الرجعية والطائفية) ما قبل لعبة انتخابات الكنيست العشرين الى ضرورة مصيرية لا بد منها عشية انتخابات الكنيست العشرين!! ثم انصرمت دورة لعبة انتخابات الكنيست العشرين، وإذ بالطيبي يعلن عشية انتخابات الكنيست الواحدة والعشرين أن مقولة (الوحدة) باتت عقبة كؤودا لا بد من التخلص منها، لأنها تحرمه من حقه في الحصول على عدد مقاعد مضمونة في (القائمة المشتركة) بدليل أن الاستطلاعات تقول إنه سيحصل على ثمانية مقاعد ويزيد إذا خاض لعبة انتخابات الكنيست الواحدة والعشرين لوحده، لذلك باتت الوحدة شرا وطنيا لا بد من التخلص منه في حسابات الطيبي، وانطلت لعبة الطيبي على (الجبهة) وبدل أنه تنتصر للقائمة المشتركة التي أشبعتنا مراجل عندما تحدثت عنها من قبل، انتصرت لأكبر عدد من المقاعد تطمع بالحصول عليها، وهكذا داست على مقولة (الوحدة) كما داس عليها الطيبي، وعقدت تحالفا ثنائيا مع الطيبي فقط بدل القائمة المشتركة، وكانت النتيجة أن مُنيّت الجبهة والطيبي بخسارة فادحة في لعبة انتخابات الكنيست الواحدة والعشرين، إلى جانب تحالف الجنوبية مع التجمع الذي كاد لا يعبر نسبة الحسم، وهكذا تغيرت مقولة (الوحدة) فيما بينها من (إرادة شعب ومشروع وطني وضرورة مصيرية) عشية لعبة انتخابات الكنيست العشرين إلى عقبة كؤود وشر وطني لا بد من التخلص منه عشية لعبة انتخابات الكنيست الواحدة والعشرين!!
ثم كانت المفاجأة أن حلّت الكنيست نفسها بعد بضعة أشهر على بداية دورتها الواحدة والعشرين، وكانت المفاجأة إلى جانب تلك المفاجأة أن عادت الأحزاب العربية الكنيستية من جديد تتغنى بمقولة (الوحدة) عشية لعبة انتخابات الكنيست الثانية والعشرين، وهكذا عادت هذه الأحزاب تلعب على المكشوف في مقولة (الوحدة) لأنها تعلم علم اليقين أن الكثير من جماهيرنا قد سئمت من شعاراتها الكنيستية بعامة ومن تغنيها بمقولة (الوحدة) بخاصة، وأنها بذلك مهددة بالسقوط إذا خاضت لعبة الكنسيت الثانية والعشرين بتحالف ثنائي بين الجبهة والطيبي وبتحالف ثنائي آخر بين الجنوبية والتجمع!! وهكذا أطلت هذه الأحزاب الأربعة على جماهيرنا في الداخل الفلسطيني من جديد وراحت تتغنى بمقولة (الوحدة) من جديد، وقالت في أحد بياناتها المشتركة: (.. ونحن إذ نرى الأخطار المحدقة بأبناء شعبنا من كل جانب، إن كان ذلك من خلال سلسلة القوانين الجائرة التي عمل ويعمل اليمين على سنها وتشريعها وعلى رأسها قانون القومية الجائر، أو على صعيد الأخطار الجسيمة المستهدفة لوجودنا وصمودنا في أرضنا ومرابعنا والتي تنطوي عليها صفقة القرن، فأننا نرى في كل حراك سياسي وطني في مجتمعنا أمرا إيجابيا وصحيا شرط أن يصب في مشروع الوحدة الوطنية الذي من المفروض أن تشكل القائمة المشتركة ركنا أساسيا في بنيانه)!! الغريب أنه غاب في هذا البيان الحديث عن حماية المسجد الأقصى عبر لعبة انتخابات الكنيست كما تحدثت عن ذلك هذه الأحزاب عشية دورة انتخابات الكنيست الواحدة والعشرين، والغريب أن هذه الأحزاب تحدثت في هذا البيان عن كل شيء إلا أنها لم تتحدث عن الدافع الأساس الذي أجبرها أن تعود للتغني بمقولة الوحدة من جديد ألا وهو خوفها من السقوط إذا خاضت لعبة انتخاببات الكنيست الثانية والعشرين في تحالفات ثنائية!! ثم لنا أن نسأل: ألم تكن مبررات الوحدة التي تحدثت عنها هذه الأحزاب في هذ ا البيان قائمة عشية لعبة انتخابات الكنيست الواحدة والعشرين؟! إذن لماذا لم تتحد في قائمة مشتركة واحدة؟! ثم اذا كانت تجهل هذه المبررات عشية لعبة انتخابات الكنيست الواحدة والعشرين ولذلك لم تتحد ، فتلك مصيبة، وإذا كانت تعلمها ومع ذلك لم تتحد فالمصيبة أعظم!!

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى