أخبار رئيسية إضافيةأخبار عاجلةمقالات

من يجرؤ على الاعتذار لمصر!!

عبد الاله وليد معلواني

ما أقبح الكيد السياسي الذي دافعه الحسد للآخر والحقد عليه، فهذا المشروع الاسلامي الوسطي الراشد الذي عُرِفَ باسم ( جماعة الاخوان المسلمين) يوم أن نهض في مصر وبها، ويوم أن أصبح ملء سمع الدنيا، ويوم أن امتدّ في مسيرة الأمة الاسلامية والعالم العربي وأصبح له فروعه في كلّ دولة عربية وفي الكثير من الدّول المسلمة، ويوم أن تحوّل إلى محضن دافئ لمعاناة العمال وشقاء الكادحين ومقاساة الفلاحين وطموح الطلاب الجامعيين وملتقى الأحرار والحرائر الوطنيين الصادقين والقوميين المخلصين ومنبر الفكر الملتزم والإعلام الهادف والأدب الرفيع والفن المسؤول، ويوم أن بات هو المحرك وهو القائد لثورات التحرر من كل مستعمر في مصر وفلسطين وسوريا والسودان والجزائر وليبيا واليمن وغيرها من دول مسلمة وعربية، ويوم أن صمد منتصبًا يسجّل بطولاته في حرب القناة ضدّ الإنجليز، وفي حرب فلسطين ضد بدايات زحف المشروع الصهيوني. وفي سوريا ضد الفرنسيين. ويوم أن أضحى القاسم المشترك الجامع بين كلّ قادة التحرّر الأبطال على امتداد مسيرة الأمة الإسلامية والعالم العربي، فكان له التواصل مع عز الدين القسام في فلسطين، ومع قيادة الثورة الليبية في وجه الطليان، والثورة الجزائرية في وجه الفرنسيين، والثورة السورية في وجه الفرنسيين.
يوم أن تألق بكلّ هذه الإنجازات وأصبح أملا لكلّ طامح إلى مجد الأمة المسلمة والعالم العربي وحرية فلسطين، لم يجد خصومه السياسيون من حيلةٍ لمواجهته إلا الافتراء عليه والسعي إلى شيطنته والادّعاء الكاذب الرخيص طوال الوقت أنّ هذا المشروع الاسلامي الوسطي الراشد هو عميل لبريطانيا.
فهكذا بات يردّد الوفديون والسعديون والشيوعيون خصوم هذا المشروع الاسلامي الواعد في مصر طامعين عبثا أن يربطوا زورًا وبهتانا بين هذا المشروع الاسلامي الواعد وبين الاحتلال البريطاني، رغم أن كل مصري حُرّ ومصرية حُرّة يشهدون أنّ أبناء هذا المشروع الاسلامي هم من قاد جماهير مصر لإعلان الثورة على البريطانيين.
ثمّ لما انقلع الاحتلال البريطاني عن مصر غير مأسوف عليه، ظلّ أبناء هذا المشروع الاسلامي في المقدمة وكان لهم الدور الأساس في ثورة 1952، لدرجة أنّ بعض المؤرخين المعاصرين يؤكدون أن تنظيم (الضباط الأحرار) كان تابعًا أو على علاقة متينة مع هذا المشروع الإسلامي، وأنّ جمال عبد الناصر كان من ضِمن من بايع الإمام الشهيد حسن البنا الذي اغتاله الملك فاروق بأوامر من الاحتلال البريطاني.
ثمّ لما انقلب عبد الناصر على ابناء هذا المشروع الاسلامي كما انقلب على رئيسه محمد نجيب راح الناصريون يدّعون أنّ المشروع الاسلامي عميل لأمريكا، رغم أنّ عبد الناصر كان على علاقة وثيقة مع أمريكا في السنوات الأولى من حكمه على الاقل كما يؤكد ذلك الصحفي الأمريكي مشربا محمد حسنين هيكل في كتابه “لمصر لا لعبد الناصر “.
وهكذا تحوّلت لهجة اتهام الخصوم السياسيين للمشروع الاسلامي، فبعد أن كان الوفديون والسعديون والشيوعيون يدّعون عليه أنه عميل لبريطانيا راح الناصريون يدّعون عليه أنه عميل لأمريكا، مع إصرار كلّ هؤلاء الخصوم على تكريس هذه التهمة الرخيصة بهدف تشويه المشروع الاسلامي وتبرير نزع الشرعية عنه.
وهكذا سيق الآلاف منهم إلى السجن الحربي وسجن ليمان طرة وغيرها من سجون القهر والظلم على عهد عبد الناصر. إلا أن أبناء هذا المشروع الاسلامي ظلوا أوفياء لمشروعهم، لا يقبلون أية مساومة عليه حتى لو كان ثمن ذلك الاعدام. وهكذا كانت بريطانيا ثمّ كانت أمريكا ممن أمر أو تماهى مع قتل قيادات هذا المشروع الاسلامي، وظلّ خصوم هذا المشروع يرددون نكاية رخيصة بهذا المشروع أنه عميل لبريطانيا تارة وعميل لأمريكا تارة أخر. ثمّ بعد أن طويت صفحة عبد الناصر وحَكَمَ مصر السادات ثمّ حكمَ مصر مبارك، ظلّ الحزب الوطني الحزب الرسمي الحاكم في مصر والذي أنجب السادات ومبارك وأنجب نجليْ مبارك وأنجبَ القطط السمان التي نهبت مصر، وأنجب مرتزقة الاعلام والفنّ والأدب والمسرح والسينما. ظلّ هذا الحزب الذي امتلأ فسادًا من رأسه حتى أخمص قدميه يرددُ أنّ المشروع الاسلامي عميل لأمريكا.
ورغم أن هؤلاء الخصوم تقلبوا منذ فاروق بين الاذدناب لبريطانيا ثم الاذدناب لأمريكا ثم الاذدناب لروسيا ثم الاذدناب لأمريكا إلا انهم وجدوا الوقاحة الكافية التي دفعتهم طول الوقت أن يدّعوا عن سبق إصرار أنّ المشروع الاسلامي عميل، ثمّ راحوا يختارون الجهة التي هو عميل لها وِفق ما يناسب كلّ مرحلة زمنية، بداية من فاروق ووصولا إلى مبارك.
ثمّ ذاب ثلج الوهم الذي صنعه هؤلاء الخصوم السياسيون على مدار قَرن ويزيد من حياة مصر، وبانت الحقيقة وزال غبار التضليل الذي نثروه على أعين الجماهير المرهقة والمتعبة في مصر وسائر العالم العربي. وإذ بالحقيقة تقول إنّ الامام الشهيد حسن البنا استشهد لأنه أراد لمصر أن تحيا حرة متحررة من نار الاحتلال البريطاني، وأنّ الشهيد الشاعر المفكر سيد قطب استشهد هو واخوانه لأنهم أرادوا لمصر أن تحيا حرة متحررة من معسكر أمريكا أو معسكر روسيا أو المعسكر الصهيوني. وان خلفهم استشهدوا على عهد السادات وعهد مبارك لأنهم أرادوا لمصر أن تحيا حرة متحررة من كلّ هذه المعسكرات الشريرة المتوحّشة. ثمّ استشهد هؤلاء الخلف على عهد السيسي لأنهم أرادوا لمصر أن تحيا حرة متحررة من سطوة كل هذه المعسكرات الشريرة المتوحّشة ومن قطروزهم السيسي ومن سائر قطاريز الدولة العميقة التي لا تزال تحكم مصر بالنار والحديد منذ فاروق حتى الآن.
ثمّ استشهد الرئيس محمد مرسي وهو يردّ صارخا في وجه كل هذه المعسكرات الشريرة المتوحشة وقطاريزها: مصر حرّة، فلسطين حرّة، والقدس حرّة، غزة حرّة، والمسجد الأقصى حر، وسوريا حرّة والامة الاسلامية حرة والعالم العربي حرّ.
والآن وبعد أن بانت الحقيقة التي حاول البعض تغييبها، منْ يجرُؤ على الاعتذار لمصر ويقول لها: سامحينا، لقد ظلمنا أبناءك، أبناءَ المشروع الاسلامي على مدار قرن من الزمان.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى