أخبار رئيسيةأخبار رئيسية إضافيةأخبار عاجلةمقالات

مَنْ للعروبة والعرب

صحيفة المدينة
إن من الطبيعي أن يكون لكل حاكم مستبد ظالم بطانة سوء تغسل على يديه وتصفق لاستبداده وظلمه وتصطنع له المعاذير الوهمية، وإن من الطبيعي أن يكون لهذا الحاكم حاشية من (علماء السلاطين) لا تألو جهدا في إصدار كل فتوى مستهجنة ومستقبحة كي تغطي عبثا على عورة استبداده وظلمه، وإن من الطبيعي أن يكون لهذا الحاكم زمرة إعلاميين تزين له سوء عمله وتحاول طمس الحقيقة عن الجماهير المتعبة بل وتحاول قلب الحقيقة وإظهار هذا الحاكم أنه المحبوب العادل رغم أنه المستبد الظالم!! إن من الطبيعي ان يكون لهذا الحاكم كل هؤلاء الأتباع الطائعين له طاعة عمياء، ولذلك لو نظرنا إلى حُكام عرب اليوم من الغارقين في الظلم والاستبداد لوجدنا أن كل واحد منهم محاط بكل هؤلاء الأتباع، ولكن من غير الطبيعي أن هؤلاء الحكام العرب اليوم لم يكتفوا بهؤلاء الأتباع فقط، بل إنهم يحاولون تجنيد شعوبهم إلى جانبهم رغم أنهم كانوا ولا يزالون ينتهكون حرمة دمائها وأعراضها وحرياتها ومقدساتها وأوطانها، ومع ذلك يحاول كل حاكم من هؤلاء الحكام العرب اليوم تجنيد شعبه الى جانبه والادعاء أن كل من ينتقده فهو يعادي شعبه!! وهذا أخطر ما يمارسه هؤلاء الحكام العرب اليوم!! ولأن هؤلاء الحكام العرب اليوم قد فرّقهم الظلم وجعل منهم أكثر من معسكر ظلم، وقد فَرَّقهم الشر وجعل منهم أكثر من معسكر شر، وقد فَرَّقهم الفساد وجعل منهم أكثر من معسكر فساد، وقد فَرَّقتهم الخيانة وجعلت منهم أكثر من معسكر خيانة، وقد فَرَّقتهم التبعية وجعلت منهم أكثر من معسكر تبعية، لأنهم كذلك، فقد باتوا معسكرات شر وظلم وفساد وخيانة وتبعية متفرقة ومتباينة ومتناحرة فيما بينها، وبات كل منهم يحاول مصادرة شعبه وجعله رهينة لمعسكره، وهكذا يحاول هؤلاء الحكام العرب اليوم إسقاط تفرقهم وتباينهم وتناحرهم على شعوبهم العربية، وكأن المطلوب ألا يقف حد الشقاق بين السيسي وابن سلمان وابن زايد من جهة وبين غيرهم من جهة أخرى، بل أن ينتقل هذا الشقاق تلقائيا بين الشعب المصري والسعودي والإماراتي من جهة وبين الشعب العربي من جهة أخرى، رغم أن كل هذه الشعوب كانت ولا تزال شعوبا متآخية ومتحابة وموحدة يجمعها الاسلام والعروبة، وكأن المطلوب ألا يقف حد الشقاق بين ايران الفارسية وأتباعها الحوثيين من جهة وبين ابن سلمان وابن زايد من جهة أخرى، بل ان ينتقل هذا الشقاق تلقائيا بين الشعب اليمني من جهة وبين الشعب السعودي والإماراتي من جهة أخر، رغم أن كل هذه الشعوب كانت ولا تزال أعضاء حية صادقه من جسد الأمة المسلمة والعالم العربي، وقل مثل ذلك على الشقاق القائم اليوم بين خليفة حفتر والسيسي وابن زايد من جهة وبين حكومة الوفاق الوطني الليبي من جهة أخرى، وكأن المطلوب أن ينتقل هذا الشقاق بين الشعب المصري والإماراتي وبعض الشعب الليبي من جهة وبين الشعب الليبي من جهة أخرى، وقل مثل ذلك على الشقاق القائم اليوم بين إيران الفارسية وأتباعها بشار وحزب الله من جهة وبين الشعب السوري من جهة أخرى، وكأن المطلوب أن ينتقل هذا الشقاق بين الشعب اللبناني وبعض الشعب السوري من جهة وبين الشعب السوري من جهة أخرى، وقل مثل ذلك حول ما قد يتهدد الربيع العربي اليوم في الجزائر والسودان، وكأن المطلوب اليوم هو تمزيق الشعوب العربية ونقلها من شعوب يجمع بينها الإسلام والعروبة إلى شعوب ممزقة فيما بينها، بل وكأن ما هو مطلوب الآن هو تمزيق كل شعب عربي تمزيقا داخليا فيما بين أبنائه، كي يتحول مشهد العروبة والعرب اليوم إلى شعوب ممزقة متناحرة فيما بينها، وكل شعب فيها يشاقق الشعوب العربية الأخرى، إلى جانب تحويل كل شعب منها إلى شعب ممزق متناحر في داخله، وبعض هذا الشعب يشاقق البعض الآخر من هذا الشعب، وهكذا ستكتمل مسرحية تمزيق العروبة والعرب، فبعد أن مزّقت بريطانيا وفرنسا أوطان العروبة والعرب بما عُرف يومها باتفاقية سايكس- بيكو، ها هي أمريكا وروسيا والصين وإيران والمؤسسة الإسرائيلية وسائر أذنابهم يواصلون اليوم تمزيق ذات الشعوب العربية فيما بينها، وذات الشعب العربي الواحد، وهكذا ستكتمل في حسابات هذه القوى الاستعمارية مسرحية تمزيق وتفكيك وتفتيت العروبة والعرب، وهكذا سيتحول العالم العربي إلى ثروة مغرية من المتاح تقسيمها بين هذه القوى الاستعمارية فيما بينها، ولذلك وكما أنه مخطئ من يظن أن للثعلب دينا، فأنه مخطئ كذلك من يظن أن هذه القوى الاستعمارية تحمل الخير أو تحمل أي منها الخير للعروبة والعرب، بل كل منها تسعى إلى طحن العروبة والعرب، وكل منها تحمل في صدرها الثارات التاريخية لطحن العروبة والعرب ، وكل هذه القوى الاستعمارية قد تختلف فيما بينها على مصالح فرعية، وقد يظن البعض أنها على وشك أن تبيد بعضها، كما يجري اليوم في مشهد الصراع بين المعسكر الأمريكي والإسرائيلي من جهة والإيراني والروسي من جهة أخرى، إلا أن كل هذه القوى الاستعمارية اليوم تجمع على ضرورة خنق أنفاس الربيع العربي في كل الوطن العربي، وعلى ضرورة الإبقاء على السيسي وابن سلمان وابن زايد وحفتر وبشار والسبسي والحوثيين في اليمن والمجلس العسكري في السودان، لأن كل هذه الأسماء باتت بمثابة العكاكيز لهذه القوى الاستعمارية!! فَمن للعروبة والعرب؟! من لها غير الشعوب العربية المبتلاة اليوم من محتل خارجي ومحتل داخلي، والمطالبة فورا أن تقف صفا واحدا يجمعها الإسلام والعروبة في وجه كل حاكم عربي مستبد وظالم بغض النظر عن اسمه، وفي وجه كل بطانة سوء وحاشية (علماء سلاطين ) وزمرة إعلاميين مرتزقة، وإلا فإن كلا من هؤلاء الحكام وما يحيط بهم من بطانة السوء وحاشية (علماء السلاطين) وزمرة الإعلاميين المرتزقة لن ترحم شعبها العربي ولن ترحم سائر الشعوب العربية، ويبدو أن هذه الحكام ومن يدور في فلكها ومنذ برهة من الزمن قد أسقطت من حساباتها فلسطين والقدس والمسجد الأقصى المباركين!!

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى