أخبار رئيسية إضافيةأخبار عاجلةمقالات

يا شهيدا بكته كل الدنيا

عبد الإله وليد معلواني
استشهد الرئيس محمد مرسي وهو يعض بنواجذه على شرعية مصر وإرادة الشعب المصري وحق هذا الشعب المرهق باختيار رئاسته وحقه بالتحرر من كل محتل خارجي كبريطانيا أو داخلي كالسيسي وزمرته. استشهد هذا الرئيس وكان له من اسمه نصيب فهو مرسي فاستشهد وهو يُرسي بروحه ودمه قواعد الشرعية واحترام كلمة الشعب الأخيرة في صندوق الانتخابات في مسيرة مصر بخاصة، وفي مسيرة الأمة الإسلامية والعالم العربي بعامة. استشهد هذا الرئيس عملاق المبادئ والثوابت رجلا صدق ما عاهد الله تعالى عليه وهو ينظر إلى السيسي شقيّ مصر من علٍ ويسخر من انتفاخه ويضحك على انتفاشه ويبتسم لحبل مشنقته ويتعالى على ألاعيبه ويدوس على عروضه، مؤكدا لهذا العميل الصغير الذي اسمه السيسي، ومؤكدا لأسياد السيسي الذين كان السيسي ولا يزال يدين لهم بالولاء والطاعة العمياء وتنفيذ الأوامر كالولد الشاطر ولسان حاله يقول (أمرك سيدي)، مؤكدا لهذا السيسي ولهؤلاء الأسياد الذين فاحت رائحة صهيونيتهم وصليبيتهم وباطنيتهم ووثنيتهم أن في مصر رجالا يفرحون بالموت ولا يهونون، ويهللون للشهادة ولا يعطون دنية في دينهم ومشروعهم الإسلامي، ويزغردون تحت أعواد الإعدام ولا يخيبون أمل أوطانهم وشعوبهم فيهم.
إستشهد هذا الرئيس وكان بإمكانه لو أراد الدنيا والمنصب والمال والجاه والسلطان والنفوذ أن يداهن في مواقفه، وأن يصبو إلى ما راودته عليه تلك القوى الصهيونية والصليبية والباطنية والوثنية بواسطة قطروزهم السيسي شقي مصر، ولكن هيهات هيهات لهذا الشهيد الجبل الشامخ أن يميل لقرفهم وهو سليل المشروع الإسلامي وابن الصدق العروبي ونموذج الانتماء المصري الطاهر، هيهات هيهات له أن يطيع مخلوقا طغى في الأرض في معصية الخالق وفي معصية قضايا الأمة المسلمة والعالم العربي بعامة وقضية مصر بخاصة وقضية فلسطين والقدس والمسجد الأقصى المباركين خاصة الخاصة، لذلك أقولها بارتياح وضمير لا لجلجة فيه: لقد وُلد هذا الشهيد حُرا وعاش حرا ومات حرا، ولقد وُلد هذا الشهيد بطلا وعاش بطلا ومات بطلا، ولقد وُلد هذا الشهيد كبيرا وعاش كبيرا ومات كبيرا، ولكل ذلك سيُبعث عند الله تعالى حرا بطلا كبيرا مع النبيين والصِديقين والشهداء والصالحين بإذن الله تعالى، ولأنه كذلك فقد بكته كل عيون أحرار الدنيا وحرائرها، سواء كانوا مصريين أو غير مصريين، وسواء كانوا عروبيين أو غير عروبيين، وسواء كانوا مسلمين أو غير مسلمين، وسواء كانوا من أبناء المشروع الإسلامي أو من غيره، وسواء كانوا يمينيين أو يساريين أو ليبراليين أو علمانيين الكل بكاه لأن كلا منهم رأى فيه بطلا من زاوية نظره، فالمصري رأى فيه بطلا مصريا انتصر لمصر حتى آخر لحظة من حياته مؤكدا أن مصر المحروسة ستبقى أم الدنيا ولن تركع للقطروز السيسي وأسياده. والعروبي رأى فيه بطلا عروبيا سامقا أبى تشويه نخوته العروبية العصماء العفيفة التي لا ترضخ لظلم ولا تستسلم لعدو ولا تهادن باطلا وإن ملك كما ملك القطروز السيسي مائة قناة لا تزال مؤقتا تسبح باسمه ليل نهار. والمسلم رأى فيه بطلا صاح في وجه حثالة السيسي وزمرته: إن الحكم إلا لله أمر ألا تعبدوا إلا إياه ذلك الدين القيم، وصاح في وجه الاحتلال الاسرائيلي لبيك يا غزة ولبيك يا قدس ولبيك يا أقصى ولبيك يا كل فلسطين، وصاح في وجه الغول الأمريكي والغول الروسي والغول الفارسي: لبيك يا سوريا، وصاح في وجه ابن سلمان وابن زايد: الجوع ولا الركوع، والحرية ولا الدنية، والإصرار ولا الدولار. وغير المصريين والعروبيين والمسلمين رأوا فيه بطلا على اختلاف مشاربهم، لأنه تقدم في موقفه للثبات على المبدأ، وفي نضاله من أجل حرية الشعب أن يقرر، وفي صموده لفضح الظلم في عقر داره، وفي صبره على أذى هذا الظالم الرخيص ست سنوات وهو يتجرع كل أصناف العذاب مرددا: نعم للشرعية ولا للطغيان والتسلط والإكراه، تقدم في كل ذلك عند هؤلاء الأحرار والحرائر في ضمائرهم- وإن كانوا من غير المصريين والعروبيين والمسلمين- على مانديلا وجيفارا وغاندي وتروتسكي، لكل ذلك فقد رثاه المنصف المرزوقي رئيس تونس السابق بالبث المباشر وهو يبكي، ورثته نور الحسين في تغريدة شجاعة فاقت فيها كل أشباه الرجال من طغاة لا يزالون يرقصون على جراحنا الإسلامية والعروبية والفلسطينية، ورثته الأمم المتحدة بقدها وقديدها وإن كان مثلها كمثل الطبل الذي تسمع له جعجعة ولا ترى له طحنا، ورثته كل مؤسسات حقوق الأنسان العالمية على اختلاف أسمائها ومواقعها، ورثته كثير من برلمانات الدنيا غير المسلمة ولا العربية وطالبت بإقامة لجنة تحقيق دولية للوقوف على ملابسات قتله، ورثاه كل رؤساء الدول المسلمة والعربية من لا يزالون يتمسكون ولو بالحد الأدنى من الإيمان والكرامة والأصالة.
وأما على صعيد مصر فقد رثته كل مصر ورثاه كل أحرارها وحرائرها على اختلاف مشاربهم الفكرية والسياسية إلا من شقي مصر القطروز السيسي وزمرته، وأما على صعيد القدس والمسجد الأقصى المباركين فقد كانت اول صلاة جنازة على روح الشهيد محمد مرسي في كل الأرض قد أقيمت في المسجد الأقصى المبارك وهذا من قائمة كرامات هذا الشهيد، وأما على صعيد الضفة الغربية فقد كان قرار أبو مازن المستهجن والمرفوض الذي منع فيه إقامة أية صلاة جنازة على روح الشهيد محمد مرسي أو إقامة أي بيت عزاء لرثائه، وأما على صعيد غزة العزة فقد رثاه أهلها المحاصرون الجائعون منذ خمسة عشر عاما وأقاموا له بيت عزاء، وأما على صعيد الداخل الفلسطيني فقد رثاه كل حر وحرة فيها من أشخاص وأحزاب وإعلاميين لدرجة أن بعض قيادات الجبهة ذات التوجه العلماني اليساري قد رثته علانية، وبقي أن أقول لأن تل-أبيب وواشنطن ومن دار في فلكهم لا يستحقون شرف رثاء الشهيد محمد مرسي فقد أخرس الله تعالى ألسنتهم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى