أخبار رئيسيةمقالات

الصورة الأخرى “للجيش الأكثر أخلاقية”.. مرتزقة يقاتلون وجنود ينتحرون ومعاقون دائمون

الإعلامي أحمد حازم

في الحرب الاسرائيلية على غزة سقطت مقولة إنّ الجيش الاسرائيلي هو “أكثر الجيوش أخلاقية في العالم” والتي طالما تغنى بها قادة سياسيون وعسكريون في الدولة العبرية. الجيش الذي يقتل النساء والأطفال في ساحات الحرب لا يمكن أن يكون أخلاقيًا، لأن الأخلاق العسكرية تمنع ذلك. وسقطت أيضا مقولة الأكثر قوة في المنطقة، لأنه فشل طيلة سنتين في إحراز نصر عسكري مطلق على تنظيم فلسطيني، لا يملك جيشا نظاميا، ولا يملك أحدث طائرات مقاتلة، ولا بوارج حربية.

الصورة الآن للجيش الإسرائيلي تبدو كالتالي: حالات انتحار، حالات نفسية معقدة، إعاقات دائمة ومرتزقة مستوردون من العالم. الأرقام التي نوردها حول ذلك لم يكن مصدرها وسائل إعلام عر بية، بل عبرية تفضح الجيش الإسرائيلي وتظهره على حقيقته.
صحيفة “هآرتس” العبرية كشفت الأحد الماضي، عن انتحار ضابط كبير في الجيش الإسرائيلي، وغزة هي السبب.

الضابط المنتحر وحسب الصحيفة يُعد من أقدم مشغّلي الطائرات المسيّرة في الجيش وتمنع الرقابة العسكرية الإسرائيلية نشر هويته حتى الآن. لكن أصدقاء للمنتحر ذكروا، استنادًا للصحيفة، أنّ الضابط صرّح قبل انتحاره: “يجب إيقاف الحرب، فلتداعياتها أبعاد لا نفهمها بعد”. وهذا الضابط ليس الأول الذي ينتحر في صفوف الجيش وقد سبقه كثيرون في ظاهرة أصبحت تشكل قلقا للجيش لا سيما أن الانتحار يحدث على خلفية الحرب على غزة.

مركز الأبحاث في الكنيست أصدر تقريرًا جاء فيه أن 279 محاولة انتحار وقعت بين جنود الجيش خلال عام ونصف (بين كانون الثاني/ يناير 2024 وتموز/ يوليو 2025) في ارتفاع غير مسبوق، الأمر الذي يعكس أزمة نفسية متفاقمة داخل الجيش في ظل الحرب على قطاع غزة. وبحسب التقرير، شهد الجيش قفزة كبيرة في نسب الانتحار بين المقاتلين، إذ تراوحت نسبتهم من إجمالي المنتحرين بين 42% و45% خلال الأعوام 2017–2022، وارتفعت عام 2024 إلى 78%. تصوروا مدى ارتفاع هذه النسبة.

ثلاث حالات انتحار تم تسجيلها خلال عشرة أيام فقط، جميعُها لجنود شاركوا في الحرب على غزة. القناة 12 العبرية قالت إن جنديًا من لواء “ناحال” أقدم على الانتحار في قاعدة عسكرية بمرتفعات الجولان، ليكون ثالث جندي ينهي حياته في أقل من أسبوعين.

صحيفة “يديعوت أحرونوت” قالت إن الجندي خدم في غزة لأكثر من عام. مرة أخرى الحرب على غزة هي السبب. جندي آخر من لواء “غولاني” أطلق النار على نفسه داخل قاعدة “سدي تيمان” في صحراء النقب. موقع “والا” تحدث عن حالة ثالثة لجندي انتحر خلال الأسبوع نفسه، بعد شهور من المعاناة النفسية المرتبطة بالحرب على غزة ولبنان، وما رافقها من مشاهد قاسية.

أمّا عن المرتزقة في الجيش الإسرائيلي فحدث ولا حرج. والمرتزقة لم يتم (استيرادهم) بالآلاف فقط للمشاركة في الحرب على غزة، بل لهم تاريخ مع الجيش الإسرائيلي. ولنقرأ ما قاله شاهد من أهلهم: العقيد المتقاعد أليعازر إسحاق الخبير العسكري والمحاضر في عدد من المعاهد العسكرية أصدر دراسة بعنوان “المرتزقة في الجيش الإسرائيلي”، تلقي الضوء على هذه الظاهرة التي بدأت في الانتشار بقوة داخل الجيش. وتقول الدراسة إن إسرائيل تستعين بالمرتزقة منذ عام 1948، مقابل مبالغ مالية طائلة.

المعلومات المتوفرة تقول إن حوالي سبعة آلاف من المرتزقة داخل الجيش الإسرائيلي، وإن برامج مثل “جاحل” و”ماحل” تستقطب نحو 3.000 جندي سنويا من الخارج، نصفهم من الاتحاد السوفييتي السابق، وثلثهم من أمريكا الشمالية، والباقي من فرنسا وبريطانيا وأستراليا والبرازيل ودول أخرى.

في فرنسا، كشفت إذاعة أوروبا 1 أن أكثر من 4185 فرنسيا من مزدوجي الجنسية يقاتلون في صفوف الجيش الإسرائيلي. البرلماني الفرنسي توماس بورتس دعا صراحة لمحاكمتهم بوصفهم متورطين في جرائم حرب. كما طلب من وزير العدل “تقديم الأشخاص الذين يحملون الجنسية الفرنسية، بما في ذلك مزدوجي الجنسية، المدانين بارتكاب جرائم حرب، إلى العدالة الفرنسية لتتم محاكمتهم على الأراضي الفرنسية”.

جنوب إفريقيا أعلنت عن سحب الجنسية وملاحقة أي مواطن من مواطنيها ينضم إلى جيش الاحتلال، معتبرة ما يجري في غزة “إبادة جماعية”. صحيفة إلموندو الإسبانية أجرت مقابلة مع مرتزق إسباني يقاتل في غزة مقابل 3900 يورو أسبوعيا، ما قدم دليلا حيا على أن اسرائيل توظف جيشا موازيا من المرتزقة. هؤلاء ليسوا “مهاجرين مثاليين” كما تزعم الدعاية الإسرائيلية، بل باحثون عن المال والامتيازات المؤقتة.

ورغم التقارير الكثيرة التي تحدثت عن مشاركة مرتزقة في الجيش الإسرائيلي سواء في الحرب الحالية أو منذ تأسيس إسرائيل، إلا أنها مازالت تلوذ بالصمت في هذه الحرب، ولا تقدم إحصائيات واضحة عن أعدادهم. لكن في عام 2014، تحدث المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان عن نحو 6 آلاف مرتزق في الجيش الإسرائيلي، منهم أكثر من ألفين من الولايات المتحدة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى