إضراب عام في المدينة… أم الفحم تبكي قتلاها وتقف حائرة في مواجهة العنف
طه اغبارية
القلق والحيرة في مواجهة العنف والقتل، هو “سيد الموقف” في مدينة أم الفحم، صباح اليوم الأربعاء، الذي أشرقت شمسه على مشهد آخر من الدم النازف، بفعل جريمة قتل أودت، مساء الثلاثاء، بالطفل فرسان جبارين وعمه شفيق وإصابة آخرين، وبلحظات سريعة تحول حفل تحضيري لزفاف إلى مجزرة، وصبغت الأرض التي شهدت الفرح بالدم والحزن.
يمكن بسهولة رصد القلق والحزن والخوف من المجهول في مدينة أم الفحم، وقد التزم الناس بيوتهم وأغلقت المحال التجارية في المدينة أبوابها، بعد أن دعت لجنة الآباء المحلية وبلدية أم الفحم واللجنة الشعبية إلى الإضراب العام في أعقاب الجريمة.
وهب ّ المئات مساء الثلاثاء، بشكل عفوي ودون توجيه من أحد، إلى الدوار الأول في المدينة، هتفوا ضد العنف والشرطة، ثم انتقلت الحشود إلى مركز الشرطة، وندّدت القيادات المحلية بتواطؤ الشرطة وحملتها المسؤولية عن تردي الأحوال ونزيف الدم الذي لا يتوقف.
وفي رصد قام به “موطني 48” لمواقع ومجموعات التواصل الإجتماعي “فيسبوك” و”واتس اب” المرتبطة بالنشطاء الفحماويين، يظهر حجم القلق على المصير والسلم الأهلي أمام هول المصيبة والفاجعة، ويلاحظ غياب الحلول الجادة لمواجهة الحالة المتردية داخل المجتمع الفحماوي، وتغلب على المنشورات والانتقادات الحالة الانفعالية والغضب.
وعلم “موطني 48” أن اللجنة الشعبية في مدينة أم الفحم بالتعاون مع بلدية أم الفحم، تدرس إمكانية إقامة خيمة اعتصام دائمة بالقرب من مركز الشرطة في المدينة، بعد جنازة المغدورين، والتي اعلن انها ستكون مساء اليوم (السادسة مساء) كما تداعى أعضاء اللجنة إلى التباحث في إمكانية تنظيم مظاهرة حاشدة في المدينة ومسيرة سيارات تتوجه إلى مدينة القدس والدوائر الحكومية، لرفع صوتها ضد الصمت الشرطي والتقاعس في محاربة العنف والجريمة في أم الفحم.
من ناحيتها، استنكرت بلدية أم الفحم الجريمة البشعة واستهجنت التجاوز الخطير والمنزلق الذي آل إليه العنف في المدينة، داعية إلى ضبط النفس من كافة الأطراف وتحكيم العقل ولجان الصلح وتدخل أهل الخير.
وأكدت أن “قرار الإضراب العام والشامل يشمل كافة المدارس والبلدية والمؤسسات العامة والخاصة والمصالح التجارية”. وأشارت إلى أنها “تقوم بمشاورات حثيثة وواسعة مع الجهات المختلفة واللجان الشعبية للخروج برأي لاتخاذ الإجراءات والخطوات اللازمة”.
وطالبت “الشرطة بأخذ زمام الأمور والتحرك العاجل والسريع وعدم التلكؤ والانتظار للجريمة القادمة”.
إلى ذلك أصدرت رابطة الائمة في أم الفحم، بيانا، صباح اليوم، دعت فيه “الائمة والخطباء إلى استنكار حوادث القتل والعنف المتكررة في البلدة وخصوصا حادثة الاجرام الأخيرة التي راح ضحيتها رجل وفتى”.
وطالبت الرابطة الأئمة والخطباء بتبيان “حرمة القتل وعاقبة القتل والظلم الأخروية وبيان أهمية الصبر والتجاوز وعلاج الخلافات بالشرع والحكمة”، كما دعت إلى “حثّ النّاس على العودة إلى الله تعالى وأداء قنوت النوازل بعد الركوع من الركعة الأخيرة من كل فرض في المساجد والبيوت بأن يدفع الله تعالى عن البلدة البلاء ويعيد إليها الأمن والأمان”.
وحملت الرابطة، الشرطة مسؤولية ملف القتل والعنف في أم الفحم وجميع البلدات العربية، وطالبت الائمة والخطباء بتوجيه خطاب إلى بلدية أم الفحم واللجنة الشعبية بضرورة تجاوز مرحلة البيانات والاستنكار إلى خطوات جادة وعملية وفق المشروع والمتاح.
هذا وقد دعت رابطة الائمة لجلسة طارئة اليوم الأربعاء، بعد صلاة المغرب، في مسجد ابن تيمية لاتخاذ خطوات عملية قانونية بالتشاور مع أهل الاختصاص وأطر مختلفة.
لجنتا مكافحة العنف وافشاء السلام تدعوان الى تحكيم الشرع والعقل
هذا وأصدرت لجنتا مكافحة العنف وإفشاء السلام، بيانا استهلته بقوله تعالى: “وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُّتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا”. وجاء في الأحاديث النبوية الشريفة: عن أبي سعيد وأبي هريرة، عن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قال: (لو أن أهل السماء وأهل الارض اشتركوا في دم مؤمن لأكبهم الله في النار) رواه الترمذي.
وتابع البيان: “إن اسلامنا الحنيف نهى اشد النهي عن قتل النفس البشرية الا بالحق، وان اسلامنا الحنيف وكافة الشرائع السماوية والأرضية نهت وشددت النكير في مسألة قتل النفس البشرية وفي مسألة العنف والاعتداء على الناس، ومن هنا فإننا في لجنة مكافحة العنف وفي لجنة افشاء السلام التابعتين للجنة المتابعة العليا للجماهير العربية نستنكر اشد الاستنكار جريمة القتل التي راح ضحيتها بالأمس كل من المرحوم شفيق احمد أبو عزيز وابن أخيه فرسان خالد احمد أبو عزيز من ام الفحم وندعو الاهل جميعا الى ضبط النفس وتحكيم شرع الله ثم تحكيم العقل وعدم الانجرار الى دائرة العنف التي لن تكون نتائجها الا شرا يضرب الجميع لا سمح الله ، واننا ندعو اهل الخير والإصلاح في مدينتنا الحبيبة ام الفحم الى اخذ الأمور الى أيديهم ووأد الفتنة التي باتت تضرب في مجتمعنا ضرب عشواء”.
وحمّل البيان: “الشرطة مسؤولية تفشي ظاهرة السلاح الذي بات يضرب كل مجتمعنا وكل بلداننا فإننا نطالبها في نفس الوقت بالوقوف امام مسؤوليتها بجمع كل السلاح من ايدي الناس والكشف عن كل مرتكبي الجرائم التي وقعت في مجتمعنا، ووقف كل مظاهر الجريمة التي باتت وباء ينخر في مجتمعنا، وان الشرطة لو ملكت الإرادة السليمة والنية الصادقة لجمعت كل السلاح ولاوقفت كل الجرائم، كما فعلت ذلك عندما قررت ايقافها في المجتمع اليهودي”.
يشار إلى أن محكمة الصلح في حيفا أصدرت بناء على طلب النيابة العامة، أمر حظر نشر حول كل ما يتعلق بمجرى التحقيق وهوية المشتبهين الضالعين في جريمة القتل، وذلك لغاية 24/4/2018.



