أخبار وتقاريرمقالاتومضات

جنوبا لبنان وسوريا تحت الاحتلال.. ضغط للتطبيع مع إسرائيل؟

الإعلامي أحمد حازم

المعروف عن إسرائيل انها لا تحترم الاتفاقيات ولا تتقيد بقرارات الأمم المتحدة وتضرب كل ذلك بعرض الحائط، والأمثلة على ذلك (ولا سيما فلسطينيا)ً كثيرة ومتعددة في الماضي والحاضر. اتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل ولبنان لمدة ستين يومًا الذي بدأ في أول أكتوبر 2024، ودخل حيِّز التنفيذ في السابع والعشرين من نوفمبر العام نفسه ينص على وقف القتال بين إسرائيل وحزب الله والذي بدأ في الثامن من أكتوبر 2023، ووقف الهجمات الإسرائيلية على لبنان التي بدأت في 19 سبتمبر 2024.

إسرائيل وكعادتها لم تلتزم بهذا الاتفاق الذي تم بمشاركة أمريكا الداعم الرئيس لإسرائيل والمدافع عنها في الهيئات الدولية مهما فعلت وكأنها من طينة تعلو عن طينة البشر، بدليل انها لا تزال تحافظ على تواجدها في خمس نقاط بجنوب لبنان بعد انقضاء المهلة الثانية للانسحاب. السلطات اللبنانية يراودها الشك ومخاوف من أن إسرائيل تخطط لبقاء دائم.

الباحث اللبناني في الشؤون الأمنية والسياسية خالد حمادة يرى أن “النقاط الإستراتيجية الخمس تشرف على المستوطنات الإسرائيلية الشمالية وتؤمن المراقبة وأن القوى العسكرية التي تتحكم بهذه النقاط تكون قادرة على مراقبة الطرف الآخر وتحركاته وملمّة بجميع المناورات التي يقوم بها إذا كان هذا الطرف يهدف إلى القيام بهجوم بري، ومن هذا المنطلق أهمية وجود جيش لبناني يتمركز في هذه النقاط بعد الانسحاب الإسرائيلي في حال تم الانسحاب”.

اتفاق وقف إطلاق النار بين لبنان وإسرائيل ينص بمنتهى الوضوح، على ان تنسحب اسرائيل من لبنان خلال مهلة ستين يوما لكن إسرائيل تخلفت عن الالتزام بالاتفاق وطالبت بتمديد بقائها في جنوب لبنان حتى 18 فبراير الماضي، الطلب الذي أيّدته واشنطن ووافق عليه لبنان بشرط إطلاق سراح أسرى لبنانيين لدى إسرائيل.

لكن إسرائيل تجاهلت الطلب اللبناني، وبعكس ذلك، لم تحدد إسرائيل موعدا جديدا لاستكمال الانسحاب من جنوب لبنان. وماذا فعلت إسرائيل وماذا تريد؟ اسمعوا ما قالته هيئة البث العبرية الرسمية: “إسرائيل طلبت من اللجنة الدولية المراقبة للاتفاق (المكونة من لبنان وإسرائيل والولايات المتحدة وفرنسا وقوة الأمم المتحدة المؤقتة جنوب لبنان) تمديد بقاء قواتها حتى 28 فبراير الماضي، أي 10 أيام إضافية، وهو ما رفضته الحكومة اللبنانية.

بالإضافة الى احتلال أراض لبنانية دخل الجيش الإسرائيلي الأراضي السورية جنوبًا. ويبدو واضحًا أن إسرائيل تستغل الوضع السياسي في سوريا وتريد خلط الأوراق في البلدين المجاورين لبنان وسوريا لابتزاز واضح قدر المستطاع بغية التوصّل إلى تفاوض على تطبيع العلاقات.

والدليل على ذلك تصريحات ستيف ويتكوف مبعوث الرئيس الأميركي دونالد ترمب إلى الشرق الأوسط، والتي قال فيها “إنّ لبنان وسوريا على طريق تطبيع العلاقات مع إسرائيل”. فخلال فعالية للجالية اليهودية في واشنطن في الخامس ولعشرين من الشهر الماضي قال وينكوف “إن هناك العديد من التغيرات العميقة التي تحدث وإمكانية لانضمام سوريا ولبنان للتطبيع مع إسرائيل خاصة بعد الضربات التي تعرضت لها القوى المدعومة من إيران في المنطقة”، في إشارة إلى حزب الله وسقوط نظام الأسد في سوريا.

هذا الكلام كما أعتقد لم يأتِ من فراغ لأنه ليس كلامًا من شخص عادي، بل من مسؤول كبير يعرف خفايا الأمور والمخططات التي تحاك، بمعنى أن كلامه ليس رأيًا شخصيًّا لأنه يأتي في وقت تقوم فيه اسرائيل باحتلال أراض في الجنوبين اللبناني والسوري. لكن ورغم ذلك ليس مهما ما يقوله وينكوف، بل الأهم ما يقوله احمد الشرع وما يقوله لبنان.

الشرع قالها بوضوح في لقاء مع مجلة “الإيكونوميست” البريطانية في الثالث من شهر فبراير الماضي: “على إسرائيل الانسحاب من الأراضي التي احتلتها بعد سقوط النظام، كما نريد السلام مع الجميع، لكن ما دامت إسرائيل تحتل الجولان فإن الحديث عن أي اتفاق سابق لأوانه”.

ما نراه اليوم هو وجود ضغط إسرائيلي على سوريا باحتلال جنوبها وعلى لبنان من خلال البقاء أيضا في حنوبه. المشهد السياسي والأمنيّ المقبل على لبنان لن يكون سهلًا. وترى المحللة السياسية اللبنانية جوزفين ديب أنه “من المستحيل على لبنان أن يرضخ لأوراق قوّة إسرائيل في التطبيع وأيّ احتلال إسرائيليّ لن يكون سوى عامل إضافي لترسيخ سرديّة المقاومة مجدّدًا”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى