أخبار رئيسيةالضفة وغزةومضات

أيقونة للصمود.. مستشفى كمال عدوان يعالج فلسطينيي غزة في خيام

وسط الركام والدمار الذي خلفته آلة الإبادة الإسرائيلية في بلدة بيت لاهيا شمال قطاع غزة، يبرز مشهد “مستشفى كمال عدوان” وكأنه جزيرة صمود في بحر من الخراب.

هنا حيث كانت قنابل الموت الإسرائيلية تدك المباني وتدمر الحياة وألسنة النيران تلتهم المكان، تطل خيام بيضاء بسيطة بجانب أنقاض المستشفى الذي كان يوما صرحا طبيا عريقا.

الطواقم الطبية التي لا تزال آثار المعركة ظاهرة على وجوه أفرادها، تعمل بعزيمة وإصرار لتقديم العلاج للمصابين والمرضى، وسط نقص حاد في المعدات الطبية ومستلزمات التنظيف والتعقيم.

ورغم الكارثة التي ألمّت بالمكان تظل روح الحياة تنبض في ما تبقى من المستشفى، معلنة عن صموده الذي يشهد على الجرائم الإسرائيلية، وفق العاملين فيه.

ماذا حدث في المستشفى؟

في ديسمبر /كانون الأول 2023 دمر الجيش الإسرائيلي أجزاء واسعة من مستشفى كمال عدوان، ثم عاود وشنّ غارات جوية أدت إلى تدمير مولدات الطاقة الخاصة به في مايو/ أيار 2024.

وفي ديسمبر 2024 اقتحم الجيش الإسرائيلي المشفى، وأجبر الكوادر الطبية والمرضى ومرافقيهم على الإخلاء الفوري.

وشهد المستشفى خلال الاقتحام أعمال تخريب واسعة، وأقدم الجنود على حرق أقسام وتدمير أخرى، مما تسبب بتوقف الخدمات الطبية.

كما اعتقل الجيش مدير المشفى الدكتور حسام أبو صفية، الذي لاقت صورته أثناء اعتقاله بين الركام تفاعلا كبيرا على منصات التواصل، بين مشيدين بصمود الطبيب الإنسان، وآخرين مستائين من الخذلان.

والمستشفى هو الرئيسي بمحافظة شمال قطاع غزة، ويتكون من 4 مبان، ويضم أقساما للطوارئ وللاستقبال العام ولاستقبال الأطفال وللجراحة العامة، إلى جانب أقسام جراحة العظام والعناية المركزة والأشعة، ومختبر وصيدلية.

مستشفى يصبح أنقاضا

بعد وقف إطلاق النار في غزة الذي بدأ في 19 يناير/كانون الثاني الماضي، لا تكاد تمر لحظة دون أن تكتظ خيام المستشفى المؤقتة بالحركة المستمرة.

يتنقل الأطباء بين المرضى والمصابين القادمين من كل حدب وصوب، يسعون بكل ما أوتوا من قوة لإنقاذ الأرواح رغم الدمار الذي لحق بالمبنى.

ورغم تدمير أجزاء كبيرة من المستشفى وإحراقها، يعكف الطاقم الطبي على تقديم الرعاية في الخيام التي أقيمت على عجل، في ظل حملة إسرائيلية ممنهجة استهدفت القطاع الصحي.

ومنذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023 دمرت إسرائيل 34 مستشفى من أصل 38، منها حكومية وأهلية، تاركة 4 مستشفيات فقط تعمل بقدرة محدودة رغم تضررها، وسط نقص حاد بالأدوية والمعدات الطبية، بحسب آخر إحصائية للمكتب الإعلامي الحكومي بغزة.

كما أخرجت الغارات الإسرائيلية 80 مركزا صحيا عن الخدمة بشكل كامل، إلى جانب تدمير 162 مؤسسة طبية أخرى.

إبادة ممنهجة

وبين 7 أكتوبر 2023 و19 يناير 2025، ارتكبت إسرائيل بدعم أمريكي إبادة جماعية بقطاع غزة خلفت أكثر من 160 ألف شهيد وجريح فلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 14 ألف مفقود.

صخر حمد، القائم بأعمال مدير مستشفى كمال عدوان، قال إن إسرائيل تسببت “بدمار كبير للمشفى وبنيته التحتية، حيث تعرض للقصف والاقتحام والحرق”.

وأوضح حمد أن فكرة إنشاء مستشفى ميداني في ساحات المشفى المدمر جاءت لتقديم الخدمات الطبية في ظل الكارثة الصحية التي تعصف بقطاع غزة.

ولفت إلى أن وزارة الصحة في غزة فعلت العيادات الطبية في مختلف التخصصات، كما استحدثت عيادة لعلاج سوء التغذية، وستعمل قريبا على افتتاح قسم النساء والولادة.

وأردف قائلا: “لا توجد أي إمكانيات، اضطررنا لاستخدام الشوادر (نايلون سميك) والخشب لإقامة خيام كي نتمكن من خدمة المرضى”.

وأشار إلى أن الأجهزة الطبية متهالكة وبعضها احترق بالكامل، لكن الطواقم مستمرة في العمل بما هو متاح، مبينا أن “المستشفى تعرض لدمار كامل ولم يعد صالحا للعمل، وتقرر إزالته”.

شهادات من المستشفى

رافق مراسل الأناضول الطبيب حمد بجولة داخل المستشفى، لمشاهدة حجم الدمار والحرائق التي خلفها الجيش الإسرائيلي، والتي حولت أقساما كاملة إلى أنقاض.

وخلال الجولة دخل الطبيب قسم خاص بعلاج سوء التغذية، مشيرا إلى أن معظم الحالات تعاني من مضاعفات خطيرة نتيجة الحصار ونقص الإمدادات الغذائية.

مدير التمريض في المستشفى عيد صباح، قال بدوره إن “مستشفى كمال عدوان أيقونة للعمل الصحي والصمود والتحدي في العالم بعد تعرضه لهجمة شرسة خلال الحرب”.

وأضاف: “المكان شهد العديد من المجازر، والاقتحامات والاستهداف المباشر بالقصف المدفعي والطائرات المسيرة”.

وأضاف: “بعد اقتحام المستشفى اعتقل الجيش الإسرائيلي الكوادر الطبية بمن فيهم مدير المشفى حسام أبو صفية، ودمر المستشفى بالكامل وحرق أقسامه المختلفة، بما فيها الصيدلية وقسم غسيل الكلى وغرف العمليات”.

وتابع: “أكثر من 60 من الكوادر الطبية اعتُقلوا، بينما استشهد أكثر من 30 منهم أثناء تأدية واجبهم الإنساني، وأصيب العشرات”.

ولفت إلى أن الجيش الإسرائيلي لم يحترم القوانين الدولية، بل ارتكب جرائم حرب من خلال تدمير المستشفى وقتل الطواقم الطبية.

تجول مصور الأناضول برفقة الطبيب داخل قسم العناية المركزة، الذي دمره الجيش الإسرائيلي بالكامل أمام مرأى العالم، وسط مناشدات دون جدوى.

وفي قسم الأطفال، تظهر آثار الدمار في الحاضنات المحروقة، بينما كان العاملون يكافحون لإجلاء الأطفال الخُدّج قبل أن تلتهمهم النيران.

ووصف صباح مشهد غرف العمليات المحترقة، التي قال إن الأدوات الطبية فيها ذابت من شدة الحرارة، معتبًرا أن ما جرى كان “مرعبا”.

دعوات للمحاسبة وإعادة الإعمار

ودعا صباح إلى تحرك دولي عاجل لمحاسبة إسرائيل على جرائمها، وإعادة بناء المستشفى ليعود لتقديم خدماته الصحية.

وفي 28 ديسمبر/ كانون الأول 2024 أعلنت وزارة الصحة بقطاع غزة أن الجيش الإسرائيلي اعتقل مدير المشفى حسام أبو صفية.

وقبلها بيوم، اقتحم الجيش المستشفى وأضرم النار فيه وأخرجه عن الخدمة، واعتقل أكثر من 350 شخصا كانوا داخله، بينهم أبو صفية.

وفي 24 نوفمبر/ تشرين الثاني 2024 تعرض أبو صفية لإصابة نتيجة قصف إسرائيلي استهدف المستشفى، لكنه رفض مغادرة مكانه وواصل علاج المرضى والجرحى، كما فقد نجله إبراهيم، في اقتحام الجيش الإسرائيلي للمستشفى في 26 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي.

وعقب الإبادة ناشدت وزارة الصحة بقطاع غزة بتوفير الأدوية والمستلزمات الطبية وإدخال المستشفيات الميدانية في ظل انهيار المنظومة الصحية.

والجمعة، قال المكتب الإعلامي الحكومي بقطاع غزة، إن إسرائيل أعاقت تنفيذ بنود “البروتوكول الإنساني” المتعلق بوقف إطلاق النار.

وشهد الاتفاق اختراقات في 4 مسارات، وهي بحسب حماس، استهداف وقتل فلسطينيين، وتأخير عودة النازحين لشمال غزة، وبشأن “البروتوكول الإنساني”: إعاقة دخول متطلبات الإيواء من خيام وبيوت جاهزة ووقود وآليات رفع الأنقاض لانتشال الجثث، وتأخير دخول الأدوية ومتطلبات لترميم المستشفيات والقطاع الصحي.

وفي 19 يناير الماضي، بدأ سريان وقف لإطلاق النار وتبادل أسرى بين حركة حماس وإسرائيل، يستمر في مرحلته الأولى 42 يوما، يتم خلالها التفاوض لبدء مرحلة ثانية ثم ثالثة، بوساطة مصر وقطر ودعم الولايات المتحدة.

المصدر: الأناضول

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى