أخبار عاجلةمقالات

إسرائيل تقتل في غزة وسلطة عباس تقتل في جنين

الإعلامي أحمد حازم

القنابل من العيار الثقيل المتنوعة القوة، التي يستخدمها الجيش الإسرائيلي في الحرب على غزة وكذلك استخدامه مقاتلات حديثة وذخائر قتالية أخرى، كلها صناعة أمريكية Made in USA يتم توريدها لإسرائيل، الأمر الذي أسفر عن سقوط مئات آلاف الضحايا بين قتيل وجريح. هذا في غزة.

لكن في منطقة أخرى من الأرض الفلسطينية، اسمها جنين، فهي لا تتعرض فقط لاقتحامات متواصلة من الجيش الإسرائيلي، بل يقوم ذكور الأمن الفلسطيني بعمليات عسكرية ضد أبناء جلدتهم تحت مسمى “حماية الوطن”.

السّلطة الفلسطينية وعلى ذمة موقع “ميدل إيست آي” البريطاني، طلبت من الولايات المتحدة مساعدتها في القضاء على “المتمردين الخارجين عن القانون” حسب تعبير محمود عباس الذي قال ذات يوم “إن التنسيق الأمني مع إسرائيل هو مقدس مقدس مقدس”. نعم قالها ثلاث مرات، للتأكيد وكأنه يحلف بالطلاق.

ماذا يريد غلمان رام الله من الإدارة الأمريكية؟ انهم يريدون “مصاري.. مصاري.. يريدون 680 مليون دولار”، ليس لدفع رواتب الموظفين العاملين في حظيرة رام الله، بل يريدونها لتمويل تدريب قوات خاصة والمزيد من الذخيرة والمركبات المدرعة، لمواجهة أهلهم في جنين، حسب رغبة رئيس السلطة عباس، المرضي عنه أمريكيا واسرائيليا.

ومن أجل تحقيق ذلك، كان لا بد من عقد اجتماع يتعلق بهذا الشأن. وفعلًا جرى في منتصف ديسمبر/ كانون الأول الماضي، في رام الله اللقاء المطلوب، بين أولاد رام الله الأمنيين المخلصين “للعلم” الأمريكي، وبين أولياء نعمتهم من مسؤولي الأمن الأميركيين. “حماة عباس على عجلة من أمرهم. مش قادرين يصبروا وزعلانين من الأم الحنون واشنطن”. اسمعوا ما طلبوه من أسيادهم في الاجتماع: “تلبية احتياجاتهم من المركبات المدرعة والذخيرة بشكل عاجل في ضوء الاشتباكات المستمرة في مخيم جنين، كما اشتكوا من أن الولايات المتحدة لم توافق بعد على تمويل أعمال التجديد في سجون بيت لحم ونابلس”. أليست هذه قمة الوقاحة والسفالة؟ سلطة رام الله تتعامل مع جنين ومخيمها وكأنهما محتلين بينما تتعامل مع المحتلين الإسرائيليين وكأنهم (أولاد بلد). قوات الأمن الفلسطينية ومنذ الشهر الماضي، تواصل عمليتها العسكرية في مخيم جنين والتي أطلقت عليها اسم “حماية وطن”، إذ تقوم بملاحقة من أسمتهم “الخارجين عن القانون”.

هؤلاء الخارجين عن القانون بنظر سلطة التنسيق الأمني، هم شباب يقاومون الاحتلال الإسرائيلي وإن القانون الدولي يؤكد أن المقاومة بكل أشكالها هي حق مشروع للشعب الواقع تحت الاحتلال، فحسب ميثاق الأمم المتحدة، يُعتبر حق تقرير المصير من الحقوق الأساسية التي يجب أن تتمتع بها جميع الشعوب. وبدلًا من أن تقوم أجهزة أمن سلطة محمود عباس بالعمل على إغلاق السجون لديها وإعادة تأهيل السجناء لدمجهم في الحياة العامة، تطلب من “الأخ” الأمريكي دعمها لتجديد السجون الفلسطينية، ولا سيّما في بيت لحم ونابلس.

وحتى لو وافق “المعلم” الأمريكي على تقديم ما طلبته سلطة عباس، فإن ذلك الأمر ليس سهلًا، لأن إسرائيل يجب أن توافق على ذلك، بمعنى أن تنفيذ المطالبة الفلسطينية مرتبط بعدم اعتراض إسرائيل، ولذلك قال موقع “أكسيوس” الأمريكي إن الولايات المتحدة طلبت الشهر الماضي من إسرائيل الموافقة على حزمة مساعدات لسلطة رام الله.

وماذا عن حملة “حماية وطن”؟ اسمعوا ما يقوله الإعلام العبري عن هذه الحملة، صحيفة هآرتس قالت “ان الحملة حظيت بموافقة من جيش الاحتلال، الذي يبدو انه راضيًا عن أداء السلطة الفلسطينية”. أمّا القناة 14 فقد قالت “إن إسرائيل حدّدت مهلة واضحة للسلطة الفلسطينية لإنهاء المهمة، التي تتمثل في القضاء على ما تبقى من مقاومة في جنين، تحت شعار إنهاء الفوضى والقبض على الخارجين عن القانون”.

الأمر المضحك والمخزي في نفس الوقت، أن العميد أنور رجب المتحدث باسم الأمن الفلسطيني، يتهم مقاومي الاحتلال في جنين بأنهم يخدمون إسرائيل، فقد صرح مؤخرًا بأن “الخارجين عن القانون يخدمون أجندات أجنبية وهم الذين يساعدون إسرائيل”، والسؤال المطروح: كيف تفتقت عبقرية رجب وخرج علينا بهذا الاستنتاج؟ فهل هؤلاء “الخارجين عن القانون” هم الذين ينسقون مع الأمن الإسرائيلي حتى يتم اتهامهم بأنهم عملاء؟ وهل هؤلاء “الخارجين عن القانون” هم الذين يطاردون بعض الشباب من أجل تسليمهم لإسرائيل؟ فغلًا صدق المثل الشعبي الفلسطيني “يا () يا منسية بتشيلي اللي فيكي بتحطيه فيّي”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى