أخبار رئيسيةمحلياتومضات

بين التصعيد والتحديات.. أزمة التعليم تعصف بطلاب البلدات العربية بالشمال في ظل الظروف الأمنية

منال حجازي

في ظل استمرار التصعيد على الجبهة الشمالية من البلاد والعدوان الإسرائيلي على لبنان، تتفاقم أزمة عودة الطلاب إلى مقاعد الدراسة وسط الظروف الصعبة التي تعيشها البلدات المحيطة، وتتغير بشكل شبه يومي التعليمات الخاصة بعودة الطلاب إلى التعليم الوجاهي أم الإبقاء على التعليم الإلكتروني عن بعد، حسب تطور الأحداث في المنطقة وحسب تعليمات الجبهة الداخلية.

وتواجه المدارس خاصة والبلدات العربية عامة نقصًا في المساحات الآمنة أولًا، وضعفًا في منظومة التعليم عن بعد ثانيًا، مما يبقي أعدادًا كبيرة في انقطاع دائم عن التعليم.

في السابع والعشرين من أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، سقط عدد من الصواريخ والشظايا بشكل مباشر على أحياء من مدينة طمرة، ما أدّى إلى وقوع عدد من الإصابات من بينها خطيرة، في الوقت الذي كان فيه الطلاب قد عادوا إلى مقاعد الدراسة والتعليم الوجاهي في معظم المدراس بالمدينة.

خطر داهم

الطالب كريم حجازي -في المرحلة الثانوية من طمرة- كان عائدًا من مدرسته، ثمّ فاجأه صوت صافرات الإنذار المعتاد، لكنه لم يتوقع أن يتبعه صوت انفجار مزلزل، حيث سقط صاروخ أمامه مباشرة.

يقول كريم لـ “موطني 48”: “أدركت حينها حجم الخطر، رأيت المركبات والمنازل تشتعل من حولي، وسمعت صراخ المصابين. كنت وحيدًا في الشارع، وبدأ الجيران يصلون لتقديم المساعدة”.

بعد الاتصال بالإسعاف والإطفاء، بادر الطالب كريم حجازي إلى نقل المصابين إلى مكان آمن بعيدا عن النيران، وساعد في نقلهم إلى سيارات الإسعاف عند وصولها. ويضيف: “بطلفٍ من الله لم أصب، ولم يكن هناك طلاب آخرون في الطريق وقتها، وإلا لكانت الكارثة أكبر بكثير”.

يشير الطالب حجازي بقلق إلى أن موقع سقوط الصاروخ قريب من مدرسة ابتدائية، ويؤكد: “رغم أن المدارس مؤمَّنة، إلا أن الطرقات التي يسلكها الطلاب للعودة تظل خارج السيطرة وخطرًا لا يمكن تجاهله”.
عودة غير آمنة إلى المدارس.

في السياق ذاته، روى السيد رائف حجازي (50 عامًا) -والد أحد الطلاب- لـ “موطني 48″، تفاصيل مرعبة عن سقوط الصواريخ في حيّه أثناء عودته من العمل، مؤكدا أن الصواريخ سقطت قرب طريق تعود من خلالها أعداد كبيرة من الطلاب، خاصة طلاب مدرسة ابتدائية مجاورة.

وأردف قائلاً: “قبل وصول سيارات الإطفاء، كنا نحاول السيطرة على الحريق باستخدام خراطيم المياه في الحي”. كما أشار إلى الدمار الذي لحق بالمنازل والسيارات الواقعة على بُعد أكثر من 200 متر من موقع سقوط الصاروخ بفعل تطاير الشظايا.

وقال حجازي: “لحسن الحظ، الطلاب الذين كانوا بالطريق لحظة سقوط الصواريخ هم طلاب ثانوية، ناضجون وقادرون على التصرف، لكن لو كان الأمر يتعلق بصغار السن، لكانت النتائج كارثية”. وأضاف، “حتى الطلاب في المدرسة عاشوا لحظات رعب؛ فقد تحدثت معي ابنتي عن حالة من الصراخ والبكاء انتابتهم عند سماع الانفجارات”.

وأكد أنّ المدارس، على الرغم من وجود ملاجئ وأماكن آمنة فيها، إلا أن الصواريخ تسقط أحياناً بدون إنذار مسبق. وقال: “كأب، لا أستطيع أن أسمح لابنتي بالعودة إلى المدرسة حتى انتهاء هذه الأزمة، وهو قرار أيده معظم الآباء في الحي بعد أن شهدوا على حجم الخطر”.

وأشار السيد رائف إلى حادثة مؤلمة حين هرعت إحدى السيدات إلى منزلها لحظة دوي صافرات الإنذار، إلا أنها لم تصل في الوقت المناسب وأصيبت إصابة خطيرة أدت إلى بتر ساقها، مما أثار تساؤلات عن سلامة الطلاب الذين قد يكونون في طريقهم إلى منازلهم في ظروف مشابهة.

آليات للحدّ من المخاطر

في التاسع والعشرين من أكتوبر/ تشرين الأول دعت مجموعة الطوارئ في التعليم في بيانٍ صادر عن كل من الهيئة العربية للطوارئ واللجنة القطرية لرؤساء السلطات المحلية العربية ولجنة متابعة قضايا التعليم العربي بعد جلسة تقييم لوضع مجال التعليم في ظل ازياد الأخطار والتهديدات على حياة الناس، دعت إلى اتخاذ قرارات محلية متوازنة ومرنة تضمن أمن الطلبة والمعلمين وتقلل من الأضرار التعليمية والنفسية.

وخلصت الجلسة إلى إبقاء التوصية بمواصلة اتخاذ القرار في السلطات المحلية بناءً على التعليمات الحكومية والجهوزية المحلية لحالات الطوارئ، ومراعاة وجود ملاجئ في المؤسسات التعليمية لضمان أمن وسلامة الطلاب والأطقم المدرسية، وتقليل الضرر الناجم عن انقطاع الطلاب عم ارتياد المدارس.

كما ودعا البيان لأخد الحالة النفسية وقلق الأهالي بعين الاعتبار خاصة البلدات التي تعرضت لسقوط صواريخ.

وطالب البيان بوضع وسائل حماية على طول الطرق المؤدية إلى المدارس لحماية الطلاب والمعلمين والعاملين في حالة دوي صافرات الإنذار خلال الذهاب والإياب من المدارس.

وسط هذه الأوضاع الصعبة، يبقى مستقبل التعليم في المناطق المتأثرة مرهونًا بقدرة السلطات المحلية والهيئات التعليمية على إيجاد حلول تضمن أمان وسلامة الطلاب والمعلمين. ومع تزايد القلق لدى الأهالي من إرسال أبنائهم للمدارس، تتصاعد الدعوات لاتخاذ خطوات ملموسة لحماية الطلاب في الطرق والمدارس وتوفير بيئة تعليمية آمنة، ليتمكن الطلاب من مواصلة تعليمهم بعيدًا عن الخوف والترقب.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى