أخبار رئيسيةتقارير ومقابلاتشؤون إسرائيليةومضات

توسيع التطبيع بأفريقيا.. هل الصومال في دائرة الاهتمام الإسرائيلي؟

 تسابق الحكومة الإسرائيلية الزمن برئاسة بنيامين نتنياهو، لتوسيع دائرة التطبيع وصولا إلى القارة الأفريقية، ظنا منها أن التطبيع مع العالمين العربي والإسلامي يعدّ البوابة لتسوية القضية الفلسطينية من جهة، ومحاولة -أيضا- لتجاوز الأزمات الداخلية، وتخطي المعارضة الخارجية للحكومة من جهة أخرى.

وانعكس اهتمام إسرائيل بالقارة الأفريقية في هذه الفترة، من خلال كواليس قطار التطبيع المتجه نحو دولة الصومال، حسب ما أفاد الموقع الإخباري “زمان يسرائيل”، الذي أكد أن وزير الخارجية الإسرائيلي إيلي كوهين، يسعى إلى ضم الصومال إلى دائرة التطبيع مع إسرائيل، ورجح -كذلك- أن كوهين التقى مؤخرا مع الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود، في دولة أفريقية.

لكن توجه كوهين يحظى بمعارضة مجلس الأمن القومي الإسرائيلي برئاسة تساحي هنغبي، الذي يزعم أن “الصومال أفقر دول بالعالم، ولا توجد لإسرائيل أهمية خاصة بهذه الدولة الأفريقية”.

وتتفق تقديرات لمحللين ومختصين ومراكز أبحاث إسرائيلية، على أن تل أبيب حققت نجاحات سابقة في القارة الأفريقية وفتحت سفارات عدة، بيد أن دعم تل أبيب لنظام الفصل العنصري “الأبرتهايد” في جنوب أفريقيا، أحدث انتكاسة للدبلوماسية الإسرائيلية، وأسهم في تراجع حضورها، وتقليل وحسر نفوذها.

لكن تل أبيب عادت خلال العقد الأخير لاستعادة حضورها وتعزيز نفوذها في القارة الأفريقية، حيث أجمعت التقديرات أن إسرائيل أضحت مورّد الأسلحة الرئيس للأنظمة في أفريقيا، إلى جانب تحقيقها غايات اقتصادية إستراتيجية.

 

تحرك في ساحة صراعات

شهدت العلاقات بين إسرائيل وأفريقيا صعودا وهبوطا، ويقول الباحث في وحدة العلاقات الدولية في الجامعة العبرية في القدس، الدكتور رامي دانيئيل، “بعد فترة من الوجود الإسرائيلي الكبير في أفريقيا، في الخمسينيات والستينيات من القرن الماضي، قطعت معظم دول المنطقة علاقاتها مع إسرائيل في أعقاب حرب أكتوبر 1973، لكن إسرائيل عزّزت علاقاتها بشكل كبير مع مختلف البلدان في أفريقيا خلال العقد الأخير”.

واستعرض دانيئيل، الأسباب التي أسهمت بتعزيز الوجود والحضور الإسرائيلي في أفريقيا، التي تمثل ساحة صراعات بين القوى العظمى، مشيرا إلى أن العديد من اللاعبين الاقتصاديين في أفريقيا مهتمين بالتقنية الإسرائيلية، خاصة في مجالات الزراعة والمياه والطاقة والأمن، لكن الطريق لا يزال طويلا أمام تحقيق إمكانات إسرائيل في أفريقيا.

وأوضح دانيئيل أن اهتمام القارة الأفريقية بالمعرفة الأمنية الإسرائيلية، والاستعانة بها لمواجهة العمليات المسلحة، التي تهدد استقرار الأنظمة المختلفة، ساعد إسرائيل بالوجود في كل مكان في أفريقيا، حيث يُنظر إلى إسرائيل -أيضا- على أنها شريك أقل تهديدا، مقارنة بحجمها نسبيا بالدول العظمى.

أما بالنسبة لإسرائيل، فيقول دانيئيل، “تعدّ أفريقيا منطقة مليئة بالفرص، وعليه تكمن أهمية التطبيع مع مختلف الدول ومن ضمنها الصومال، حيث تعدّ هذه القارة سوقا متنامية، يمكن أن تكون وجهة مهمة للصادرات الإسرائيلية، كما أن أفريقيا نقطة حاسمة في طرق التجارة الدولية، التي يستخدمها الاقتصاد الإسرائيلي.

 

المكاسب الإسرائيلية

إلى جانب المسار الدبلوماسي والغايات التجارية، يعتقد الباحث في معهد “مسيغاف” للأمن القومي والإستراتيجية الصهيونية أشير فريدمان، أن القارة الأفريقية يجب أن تكون في مقدمة اهتمام إسرائيل أكثر من أي وقت مضى، خاصة في ظل الانقلابات العسكرية الأخيرة في دول منطقة “الساحل” بأفريقيا، التي باتت تقلق إسرائيل المهتمة بتعزيز نفوذها، وتوسيع دائرة التطبيع.

وأوضح فريدمان، أن سلسلة الانقلابات تزيد المخاوف الإسرائيلية بتراجع نفوذ الغرب، أمام ازدياد نفوذ المحور الروسي الصيني الإيراني، وبزيادة نشاط التنظيمات المسلحة في القارة الأفريقية، حيث لا يستبعد فريدمان أن “يتخطى هذا النشاط الحدود الأفريقية، ويهدد الأمن القومي الإسرائيلي، وعليه تكمن هنا أهمية التطبيع مع الصومال، وغيرها من الدول الأفريقية”.

وكغيرها من دول القارة الأفريقية، توجد الصومال في مركز الاهتمام الإسرائيلي الهادف لتجنيدها إلى جانبه في المحافل الدولية، وهو ما يجعل لها قيمة إضافية بالنسبة لتل أبيب، فيما لو طُبعت العلاقات بين البلدين، عدا عن الأبعاد السياسية التي تتلخص بفرص الاستثمارات، وبفتح إسرائيل المزيد من الأسواق الجديدة لمنتجاتها التقنية، وتجارة الأسلحة على وجه الخصوص.

 

دائرة التطبيع

وفي تعليقه على توجه الحكومة الإسرائيلية نحو تعزيز نفوذ وحضور تل أبيب في القارة الأفريقية، قال الباحث بالشأن الإسرائيلي أنطوان شلحت، إن “التطبيع بالنسبة لحكومة نتنياهو الحالية، هدف إستراتيجي لحسم الصراع في الشرق الأوسط”.

واستشهد شلحت، بالعقيدة الأمنية التي يروّج لها نتنياهو، التي ترتكز على اعتقاد بأن التطبيع مع الدول العربية والإسلامية سيؤدي في نهاية المطاف إلى تسوية القضية الفلسطينية، دون تقديم تنازلات، وحسب الشروط والإملاءات الإسرائيلية.

وبموجب هذه العقيدة، يعتقد الباحث بالشأن الإسرائيلي أن نتنياهو نجح -وإن كان بشكل محدود- في قلب المعادلة، بحيث يروج أن المصالحة مع العالمين العربي والإسلامي هي البوابة إلى تسوية القضية الفلسطينية وليس العكس، وهو ما حققه من خلال التوقيع على “اتفاقيات أبراهام” التي تتعارض مع طرح “المبادرة العربية للسلام”.

وعن الأسباب والدوافع والاهتمام الذي تبديه إسرائيل بتوسيع دائرة التطبيع بالقارة الأفريقية، يقول شلحت، إن “إسرائيل تهتم بمسألة الشرعية الدولية في ممارساتها ضد الشعب الفلسطيني، إذ تهتم بالحصول على هذه الشرعية من خلال الدول المدافعة عنها في المحافل الدولية، أو امتناعها عن التصويت ضدها بالجمعية العامة، أو المحكمة الجنائية”.

 

صناعة التضليل

وشكّك الباحث بالشأن الإسرائيلي أنطوان شلحت بحقيقة الخلافات الإسرائيلية حيال التطبيع مع الصومال، مشيرا إلى أن أي خلاف يخرج للعلن في مثل هذه الحالات، يكون في نطاق ما يسمى “صناعة الخلاف”، وهو يضع علامات استفهام عليه، خاصة لدى المؤسسة الأمنية الإسرائيلية التي تتولى بشكل عام مهام التطبيع.

وعزا ما وصفه بـ “الخلاف المصطنع” بشأن التطبيع مع الصومال إلى التسريبات في الملف الليبي، وهي التسريبات التي تسببت بأذى دبلوماسي لإسرائيل، وهي التي لا تزال تسعى للتقليل من أثره، وتمتنع عن الإفصاح عن كواليس مسار التطبيع مع الصومال.

ويعتقد شلحت أن التكتم الإسرائيلي على حقيقة “سيناريو” التطبيع مع الصومال محاولة للتضليل، ويعود بالأصل إلى الأهمية التي توليها تل أبيب للحفاظ على نفوذها بالقارة الأفريقية، والتقليل من تداعيات عدم الإبقاء عليها عضوا مراقبا في الاتحاد الأفريقي، والسعي للعودة لمنصبها مجددا.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى