أخبار رئيسية إضافيةمقالات

كل قطرة دم غالية علينا.. واغتيال الشيخ سامي المصري ليس عاديًا

ساهر غزاوي  

أحدثت جريمة اغتيال الشيخ سامي عبد اللطيف المصري، إمام مسجد قباء في مدينة كفر قرع، صدمة كبيرة في صفوف المجتمع الفلسطيني في الداخل، هذه الصدمة لم تأتِ بشكل انتقائي وتمييزي وبنفس الوقت لم تأتِ أيضًا من فراغ، فالشيخ الشهيد كان صاحب دور كبير في الدعوة والإصلاح والعمل الإسلامي والمجتمعي، وكان منخرطًا مع قضايا وهموم مجتمعه وشعبه وأمته، ولم يكن ذلك الشخص المنكفئ على ذاته والمتقوقع في الأبراج العالية بعيدًا عن مجتمعه وما يدور فيه من أحداث وما يتطلع إليه الناس من آمال وطموحات في العيش الكريم والحياة الأمنة، هذا إلى جانب أنه كان شيخًا وإمامًا يحمل أمانة الكلمة ويجتهد أن يؤديها صادقة نافعة مفيدة، وصاحب رسالة ومشروع دعوة وخير وإصلاح، ولم يكن مجرد إمام وظيفي يؤم بالناس في الصلوات المكتوبة ثم ما يلبث أن يعود إلى بيته لينكفئ على نفسه.

ثم إن الإمام الشهيد سامي المصري، ذلك الشيخ الوقور ذو الهيبة والحكمة والرأي السديد، قُتل غيلة ومع سبق الإصرار والترصد بعد خروجه من بيت عزاء في كفر قرع بعد ساعات قليلة على وقوع جريمة إطلاق نار ارتكبت في منطقة الحوارنة بمدينة كفر قرع راح ضحيتها شاب وفتى (14 عامًا)، وكل هذه الأسباب مجتمعة وغيرها لا تستدعي فقط الصدمة الكبيرة، إنما تتطلب منا الإعلان عن حالة طوارئ عاجلة، فإذا كانت الجريمة المنظمة قد استباحت دماء الأطفال ودماء أئمة المساجد والمصلحين والخيريين من مجتمعنا وهي من أشد أنواع الإفساد في الأرض، فهل بعد ذلك من خير؟ وهل يستطيع أي أحد من أبناء المجتمع الفلسطيني في الداخل أن يدعي أنه في مأمن وبعيد من رصاصات الغدر والخيانة التي إن لم تصبه مباشرة فإنها دون أدنى شك ستصيب أحدًا من عائلته أو أقربائه أو أصدقائه أو الدائرة التي يعيش فيها على أقل تقدير، وهكذا يصبح ويمسي كل واحد منا وهو فاقد لأمنه وأمانه الشخصي في الحيز الخاص والعام على حد سواء.

وهنا وجب التأكيد على أن قتل أي شخص من مجتمعنا الفلسطيني هو بمثابة صاعقة كبيرة وصدمة مدوية تتطلب من الجميع التحرك بشكل جدي، وأي قطرة دم تُسفك وأي روح تُزهق منا يجب أن تستدعي فينا حالة من الغضب والسخط والاستنكار والإدانة وأن لا تتحول جرائم القتل في مجتمعنا إلى أمر معتاد، لا سيّما وأن الجريمة المنظمة التي باتت تفتك بأبناء مجتمعنا الفلسطيني في الداخل قد بلغت ذروتها وأصبح كل شيء أمامها مباح ولم تعد تفرق بين الرجال والنساء والأطفال والشيوخ، ولم يعد للبيوت والمساجد وأماكن العبادة ولا الأماكن الخاصة ولا العامة أي حرمة بالنسبة لعصابات الإجرام المنظم التي تؤدي دورًا مشبوهًا عبر سفكها للدماء ونشرها للرعب في مجتمعنا برعاية ودعم كبير من السياسة العليا الإسرائيلية.

في سياق ما تم ذكره، فإن عملية تصفية واغتيال الشيخ الشهيد الإمام سامي مصري تتحمل مسؤوليته الكاملة المؤسسة الإسرائيليّة وأذرعها الأمنية، فهي المسؤول الأول عمّا يحصل من أعمال عنف وجرائم قتل في مجتمعنا، ولطالما تحدثنا عن تورط السياسة العليا الإسرائيلية بجرائم القتل في مجتمعنا الفلسطيني في الداخل وعن كميات السلاح الهائلة المنتشرة في بلدات ومناطق عربية، ثم أليس من اللافت للنظر أن يأتي اغتيال الشيخ سامي بعد ساعات قليلة من جريمة القتل المزدوجة في منطقة الحوارنة بمدينة كفر قرع، والتي من المفترض أن تكون الشرطة منتشرة فيها وفي حالة استنفار قصوى!! ليقتل الشيخ برصاصات غادرة في نفس المنطقة مع سبق الإصرار والترصد وبعد وقت قصير من الجريمة الأولى؟! فإذا لم يكن هذا تقاعسًا للشرطة وتواطؤًا لها مع منظمات الإجرام فماذا يكون إذًا؟؟

من المهم جدًا الانتباه وعدم الانجرار وراء كل منجر ووراء كل كلام يقال هنا وهناك ليس له أي تفسير أو هدف إلا التقليل من حجم الجريمة والابتعاد عن حقيقة المخططات المرسومة التي استهدف من خلالها بشكل مباشر الشيخ سامي المصري كونه من أبرز رجال الإصلاح ومن أبرز قيادات العمل الإسلامي والدعوي في الداخل الفلسطيني، فالمؤسسة الإسرائيلية هي من تغذي الجريمة المنظمة في مجتمعنا وهي من تعزز الثأر والانتقام على خلفية النزاعات والخلافات والشجارات العائلية والشخصية وهي من توظفها تحت اسم “فوضى السلاح” السائدة في مجتمعنا لتمزيق النسيج المجتمعي ولتصفية واغتيال الرموز والشخصيات القيادية وفي مقدمتهم رموز وقادة العمل الخيري والإسلامي في الداخل الفلسطيني، تمامًا كما وظفت المؤسسة الإسرائيلية هذه الفوضى والنزاعات لتصفية واغتيال الشيخ محمد أبو نجم في يافا، وكما وظفتها لتصفية واغتيال الشيخ الدكتور عبد الرحمن قشوع في الطيرة، وكما حاولت تصفية واغتيال الدكتور سليمان اغبارية في أم الفحم، وهذا يدل على أننا في مرحلة استهداف الرموز والقيادات وخاصة التي لها تأثير ووزن على صُعد عدة، وهذا ما يدعونا إلى ضرورة اتخاذ خطوات جريئة ومتقدمة عن الخطوات المستنفدة في سبيل محاربة الجريمة المنظمة وفوضى السلاح ولا يجب أن يكون التعاطي عاديًا مع مثل هذه الحالات لأن القادم سيكون أصعب وأقسى كثيرا علينا.

 

 

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى