أخبار رئيسيةمقالاتومضات

جبر الخواطر الأول

الشيخ رائد صلاح

لا تزال لجان إفشاء السلام النسائية تبدع في مبادراتها التي تسعى من خلالها إلى إفشاء التراحم والتغافر والتكافل والتسامح في مسيرة كل مجتمعنا في الداخل الفلسطيني، فكان لهذه اللجان تكريم المعلمات المتقاعدات، وكان لها زيارة بيوت المسنين وإعداد الفطور الصباحي لهم، وكان لها زيارة المدارس وتقديم المحاضرات للطلاب والطالبات، وكان لها زيارة للطاعنين في السنّ من أجداد وجدات الذين لا يزالون في بيوتهم منذ سنين ولم يروا الشمس ولا القمر ولم يكن يزرهم أحد، وكان لها زيارات كثير من الأسر المنكوبة التي فقدت أبناء لها في جائحة العنف ألأعمى، وكان لها زيارات لذوي الاحتياجات الخاصة، وكان لها تكريم لعمال النظافة في بعض بلداتنا، وكان لها دورها البارز في يوم السياقة القطري (آداب وأخلاق)، وكان لها توزيع الطرود الغذائية على العائلات المتعففة، وكان لها توزيع هدايا العيد وزيارة الأهل المسلمين والمسيحين والدروز، وكان لها عيادة مرضانا كبارا وصغارا في المستشفيات، وكان لها عقد لقاءات أحياء توعوية لإفشاء السلام، وكان لها عرض أفلام وعقد لقاءات إعلامية وإقامة مكتبات مصغرة في بعض مؤسساتنا العامة وتعليق لافتات في مداخل بعض بلداتنا طامعة من وراء كل ذلك إفشاء السلام وإلى جانب كل ذلك كان لها نشاط قطري بتاريخ 14/8/2023 بحيفا تحت عنوان (جبر الخواطر)، وقد شارك في هذا النشاط لجان إفشاء السلام النسائية من أم-الفحم والطيرة وإكسال وشفا-عمرو ونحف وشعب وكفركنا والرينة وزلفة ومصمص ومشيرفة، وبذلك اجتمع قرابة السبعين ناشطة من هذه البلدات في هذا النشاط الإنساني التراحمي الذي سعى إلى مسح الدموع عن عشرات البيوت المهمومة الموجوعة بحيفا وردّ الابتسامات إلى كل هذه البيوت وتجديد التفاؤل والهمة فيها، فكان أن زرن عبر هذا النشاط (جبر الخواطر) ثلاثة وأربعين جرحا اجتماعيا ما بين ثكالى وفتيات في ضائقة وأسر ضحايا العنف، وفي ذلك لفتة رائعة تؤكد أننا سنحفظ وحدة مجتمعنا جسدا واحدا إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى، ولن نسمح لأية مؤامرة ظلامية رخيصة أن تفكك مجتمعنا وتفرض عليه أن يكون رهينة لصناديق الدعم الأمريكية الصهيونية أو للسوق السوداء وأخواتها أو لعتيدنا وأخواتها أو لأبواق المنهزمين الذين يحبون أن تشيع قلة الحيلة واليأس والإحباط والاستسلام فينا، وهكذا زار هذا العدد المبارك من ناشطات لجان إفشاء السلام النسائية كل مواقع هذه الجراح الاجتماعية بحيفا وتقدم للجميع بالهدايا سواء كانوا من الأهل المسلمين أو المسيحين، مع التأكيد أن هذا النشاط (جبر الخواطر) الذي استضافته لجنة إفشاء السلام النسائية بحيفا أثمر إشراقات كثيرة وهاكم بعضها:

1- كان ملتقى كل هؤلاء الناشطات من لجان إفشاء السلام النسائية في مدرسة عبد الرحمن الحاج الابتدائية، وكانت هذه المدرسة هي منطلق كل هذه الزيارات لكل مواقع هذه الجراح الاجتماعية، وقد لفت انتباه هؤلاء الناشطات حسن الاستقبال في هذه المدرسة.

2- لفت انتباه هؤلاء النشاطات حسن الاستقبال الذي وجدنه من لجنة إفشاء السلام النسائية بحيفا حيث أعدَّت لكل هؤلاء الناشطات وجبة فطور صباحية ووجبة غداء.

3- أحسنت رئيسة لجنة إفشاء السلام النسائية بحيفا الأخت رقية عندما استهلت كل هذا النشاط (جبر الخواطر) بإلقاء كلمة عرفت فيها كل هؤلاء الناشطات على أحوال حيفا وما ترزح فيه من أحزان وأوجاع، لدرجة أنَّ لسان حال حيفا بات يقول كما قالت أختها يافا من قبل:

(فيا داري إذا ضاقت ديار  ويا صحبي إذا قل الصحاب).

4- كان من ضمن هؤلاء الناشطان التي لامست الجراح الاجتماعية بحيفا في هذا النشاط (جبر الخواطر) كان من ضمنهن ناشطات مسلمات وناشطات مسيحيات وفي ذلك بداية هامة نحو استقطاب كل المجتمع النسائي في الداخل الفلسطيني في مسيرة لجان إفشاء السلام النسائية سواء كن ناشطات مسلمات أو مسيحيات أو درزيات، وفي ذلك بداية جدية نحو صناعة تيار نسائي عام يدعو إلى إفشاء السلام في مسيرة كل مجتمعنا في الداخل الفلسطيني.

5- شارك في هذا النشاط وفد معتبر من (ممرضات السلام لإفشاء السلام)، وفي ذلك إسناد هام من هذا القطاع الهام في مجتمعنا لمسيرة إفشاء السلام النسائية، ونأمل أن نرى في قادمات الأيام (معلمات السلام لإفشاء السلام)، وأن نرى (عاملات اجتماعية لإفشاء السلام)، وأن نرى (إعلاميات لإفشاء السلام)…. وهكذا.

6- خلال زيارة هؤلاء الناشطات لكل مواقع هذه الجراح الاجتماعية بحيفا وقفن على مأساة بنية اجتماعية متصدعة، تصرخ ثم تصرخ طامعة أن تجد لها داعما منا ومغيثا لها، لدرجة أن هؤلاء الناشطات لما دخلن بعض هذه البيوت المفجوعة وجدن أن البيت عبارة عن غرفة واحدة فقط، وفي زاوية هذه الغرفة هناك المرحاض والحمام، وفي زاوية أخرى منها هناك المطبخ، وفي زاوية ثالثة منها هناك سرير النوم، ووجدن أنَّ هذه الغرفة قد تآكلت من الداخل وتساقط الطلاء عنها، وقد كان يزينها ذات يوم، فهل من قلب فينا يسمع.

7- لا بل إن هؤلاء الناشطات لما زرن مواقع هذه الجراح الاجتماعية بحيفا سمعن صوت المجروحات يقول لهن: أهلا وسهلا بكن… الحمد لله على زيارتكن لنا… هذه أول زيارة نحظى بها من مجتمعنا الذي غفل عنا ونسينا… الحمد لله لا يزال الخير فينا.

8- لكل ذلك فقد بكت بعض هؤلاء الناشطات عندما عشن أجواء هذه الجراح الاجتماعية بحيفا، وانتهى هذا النشاط وهنَّ مصممات أن يكون مستديما متنقلا حيثما كانت الحاجة، تارة في الجليل وأخرى في المثلث، وثالثة في النقب، ورابعة في المدن الساحلية (عكا وحيفا ويافا واللد والرملة)، وهذا هو المطلوب لأنَّ كل عاقل وعاقلة يدركان أنّ مشروع إفشاء السلام مشروع طويل المدى كما هو البيت الذي يحتاج إلى وضع حجر على حجر حتى يكتمل بناؤه، وهذا يعني أنَّ لجان إفشاء السلام النسائية تحتاج إلى النفس الطويل والصبر الجميل والعمل المتواصل وعدم الاستعجال بقطف الثمار وحصد النتائج.

9- كان من ضمن من بكين في هذا النشاط (جبر الخواطر) بعض المهمومات التي نالهن قسط مؤلم من هذه الجراح الاجتماعية بحيفا، وكان من ضمن من بكين كذلك رئيسة لجنة إفشاء السلام بحيفا، فأما المهمومات فقد ذرفن الدموع على أطلال جراحهن الناعبة حسرة ووجعا، وأما رئيسة لجنة إفشاء السلام بحيفا فقد بكت فرحا بعد نجاح هذا النشاط (جبر الخواطر) فهو نشاط له ما بعده، وهو رقم واحد وسيتبعه رقم إثنين ورقم ثلاثة وهكذا فيا كل الناشطات فينا، الغيورات على مجتمعنا إن لجان إفشاء السلام النسائية بانتظاركن…

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى