أخبار رئيسيةالضفة وغزةتقارير ومقابلاتومضات

حصار “عقربا” و”بيتا”.. طوق أمني إسرائيلي يحولها إلى سجن جماعي

أمام صوت ثغاء الأغنام الذي لم يتوقف نتيجة الجوع، اضطر المزارع راشد مُرَّة من منطقة “يانون” التابعة لبلدة عقربا، قضاء نابلس، لاستعمال قمح بيته لسد جوع مواشيه التي يربيها بداخل حظيرة بجوار منزله، بعد نفاد مخزون الأعلاف.

منذ أربعة أيام لم يتمكن مُرَّة من الذهاب إلى بلدة عقربا التي تمثل مركزًا تجاريًّا لـ”يانون”؛ بسبب الحصار والطوق الأمني الذي يفرضه الاحتلال على بلدات نابلس، وخاصةً عقربا، بحثًا عن منفذ عملية “حوارة”، إذ يعيش المواطنون مأساة من جراء العقاب الجماعي الذي لم تسلم منه حتى الحيوانات، حتى باتت تلك البلدات سجنًا جماعيًّا يتحكم الاحتلال بمداخلها الرئيسة.

على حاجز عقربا تتعدد صور المعاناة، فترى طفلًا صغيرًا لا يتجاوز ثماني سنوات يُفتَّش من جنود الاحتلال، ويحتجز ساعات طويلة تحت أشعة الشمس، وإلى جواره طابور طويل من السيارات المتوقفة على الحاجز، فكل سيارة، وكل من يمر يخضع لتفتيش دقيق، فتعطلت الحياة أمام إغلاق الشريان الرئيس للبلدة.

انبعثت من صدره تنهيدة مليئة بالمأساة قبل بدء الحديث، قائلاً: “الطريق الرئيس للبلد مغلق تمامًا، يمنعنا الاحتلال من الخروج أو الدخول، فمنذ أربعة أيام نعيش في سجن بكل معنى الكلمة”.

يصف مُرَّة معاناته: “الأغراض في البيت على وشك النفاد، أعلاف الأغنام نفدت، واضطررت لاستعمال القمح الذي نستعمله في البيت، ولو أنك تريد الذهاب إلى عقربا يمنعك جنود الاحتلال، ويطلبون منك الذهاب إلى حاجز حوارة ثم الالتفاف نحو عقربا، وهذا يجعلنا نقطع مسافة 40 كم رغم أن المسافة من منطقتنا إلى عقربا لا تزيد على خمسة كيلومترات”.

وتابع بنبرة يغلفها القهر، وممزوجة بالغضب “نحن مزارعون، ويسكن بالمنطقة نحو 90 مواطنًا، نحضر أغراضنا يوميًّا من عقربا، وهذا الحصار والإغلاق فاقم حياتنا ومعاناتنا المعيشية، وأصبحت الحياة متوقفة كأننا في سجن حقيقي”.

وخلال الأربعة أيام لم يستطع الطلبة الذين يسكنون بمنطقة “يانون” التوجه إلى مدارسهم، وفي كل مرة كان يتدخل الصليب الأحمر، وتجرى تنسيقات مع الارتباط الفلسطيني، وتستمر عدة ساعات للسماح بنقل الطلاب، أو قدوم المدرسين، وفق مُرَّة.

الاحتلال يحاصر بلدات فلسطينية ويحولها لسجن جماعي

تضييق التعليم

وبحسب رئيس بلدية عقربا، صلاح الدين جابر، فإن الاحتلال أغلق الطرق بين البلدات المحيطة في عقربا بشكل كامل، ما دفع البلدية للتنسيق حتى يتمكن الطلبة والمعلمين في الوصول إلى مدارسهم مع انتظام العام الدراسي، إضافة إلى تشديد الخناق عليها بالتفتيش، وحجز المركبات على المدخل الرئيس، ومنع دخول وخروج أي مواطن، إلا بعد المكوث على الحاجز عدة ساعات.

وقال جابر: إن “المسيرة التعليمية تأثرت بالدرجة الأولى مع عدم إمكانية وصول المدرسين من خارج البلدة إلى مدارسها، كذلك تأثرت الشركات والمصانع الاقتصادية، وأدى الحصار إلى إغلاق شركات ومصانع”.

وأضاف: “نتحدث عن مصانع للزجاج، ومصانع كبيرة في مجالات متعددة، يعمل بها مئات العمال، لم يستطيعوا الالتحاق بأعمالهم، لأن أي مواطن يريد الخروج أو الدخول ينتظر عبر الحاجز ساعات طويلة”.

ويعيش المزارعون في عقربا مأساة لا تقل عن تلك التي تتعرض لها المصانع، فلم يتمكن الكثير منهم من الوصول إلى المناطق الزراعية؛ بسبب الإغلاق والحصار، وفق جابر.

وعد العقاب الجماعي على عقربا بحثًا عن منفذ عملية “حوارة”، انعكاسًا لعقلية الاحتلال اليمينية المتطرفة، والتي تتعامل مع أي شيء على أنه عسكري، وتتجلى صورة هذه العقلية المتطرفة بقيامهم بتفتيش أطفال لا تزيد أعمارهم على ثماني سنوات.

ولم يكن الحصار الحالي هو الأول الذي تتعرض له بلدة “عقربا”، ففي 20 مايو/ أيار 2021 تعرضت للحصار خمسة أيام، بحثًا عن منفذ عملية “زعترة”، الأسير منتصر شلبي.

 

“بيتا” المحاصرة

بعد فترة من الهدوء في بلدة “بيتا” قضاء نابلس التي يحلم أهلها بالعيش بسلام، وبعيدًا عن اعتداءات الاحتلال ومستوطنيه، عادت الأحداث فيها إلى الواجهة بعد اقتحام الاحتلال للقرية؛ بحثًا عن منفذ عملية حوارة، ما أدى إلى إصابة عدة مواطنين.

يقول الناشط في بيتا سامر حمايل: إن “الاحتلال جاء إلى منطقة جبل العرمة خلال الأسبوعين الماضيين أكثر من ثلاث مرات، تصدى له أهل البلدة، وهم يؤكدون للاحتلال أن “بيتا” لم تنكسر كما يعتقد الاحتلال بعد أحداث جبل “صبيح”.

بعد عملية حوارة التي قُتل فيها مستوطنان في ورشة للمركبات، لا زال الاحتلال يضيق الخناق على “بيتا”، يوضح حمايل: “أصبحت الحواجز الإسرائيلية بداخل البلدة وبين البيوت، إذ يعتقد الاحتلال أن منفذ عملية حوارة من بيتا، وأن المنفذ داخل البلدة، وباتت كل الطرق مفصولة في ظل وجود بوابة إلكترونية يتحكم بها جيش الاحتلال لمحاصرة البلدة معنويًّا واقتصاديًّا واجتماعيًّا”.

ينقل حمايل عن حوار بين ضابط من جيش الاحتلال، وأحد شيوخ بيتا، قال فيه الضابط للشيخ: “جئنا للقتل”، وخلال الاعتداء حاولوا القتل، وأُصيب ثمانية شباب بالرصاص الحي، بينهم مُصاب بالرأس وهو بوضع خطير.

 

 

المصدر: صحيفة فلسطين

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى