مشاركة حاشدة في “مؤتمر الاصلاح الثاني” للجان افشاء السلام ولجان الاصلاح

طه اغبارية

نظّمت لجنة إفشاء السلام القطرية المنبثقة عن لجنة المتابعة العليا، يوم السبت الفائت، “مؤتمر الاصلاح الثاني” للجان افشاء السلام ولجان الإصلاح، استضافته قاعة “ميس الريم” في بلدة عرعرة، بمشاركة حاشدة، رجالا ونساء، من شخصيات اعتبارية وأعضاء لجنة الإصلاح القطرية ولجان الإصلاح ولجان إفشاء السلام من مختلف البلدات العربية، في النقب والمثلث والجليل والمدن الساحلية.

البناء في مواجهة التدمير
استُهل المؤتمر بتلاوة من الذكر الحكيم بصوت الشيخ نضال أبو شيخة، وتولى إدارة منصة المؤتمر الشيخ عبد الرحمن أبو الهيجاء، مرحبا بالحضور ومؤكدا أن “أهل الإصلاح يمثلون الحياة والبناء والأمل، يبنون ما دمر الآخرون، تتحدون بأكفكم العارية تحديات عظيمة، أرادت لنا اندثارا على أرضنا المباركة”.

وحذّر أبو الهيجاء في معرض مداخلته الافتتاحية من أن يكون الضحايا الذين يسقطون جراء العنف، بصورة شبه يومية، مجرد أرقام”، مشدّدا على قدسية دور رجال الإصلاح في مواجهة غول العنف والجريمة وحل الخصومات بين الناس.

“السباحة ضد تيار الإحباط”
رئيس لجنة المتابعة العليا السيد محمد بركة، استنكر محاولة جهات الضغط على عدد من المدعوين لثنيهم عن المشاركة في المؤتمر، قائلا ” هل يمكن لعاقل في مجتمعنا أن يقف ضد هذا المشروع في مواجهة خفافيش الظلام الذين يعملون بأوامر أسيادهم في المؤسسة الإسرائيلية؟!”..

وخاطب المؤتمرين “أنتم مكلفون بالسباحة ضد تيار الاحباط، وعلينا أن نواصل العمل من اجل السلم الأهلي. علينا أن نثابر من أجل بناء هذا المجتمع، خاليا من العنف والجريمة التي تجتاح حياتنا”.

وفرّق بين العنف الذي يقع نتيجة شجار لا يمكن رصده سلفا، وبين الجريمة التي تستند إلى عصابات “ليس بأيدينا أدوات سيادية لفرض النظام، وهذه مهمة أية دولة، وهذه دولة تعادينا في كل شأن من شؤون حياتنا، يريدون أن يصرفوننا عن همومنا العامة، نحن ندفع ضريبة أكثر من كل من يدعمون هذه الحكومة. يريدون استنزاف مجتمعنا في أمنه وأمانه، كي لا ننتبه الى ما يحدث من سياسات تعادي وجودنا، يريدوننا ان ننشغل بالعنف والجريمة. لذلك مهمتكم مقدسة بكل ما تعنيه الكلمة من معنى”. كما قال رئيس المتابعة.

وأعرب بركة عن دعمه الكامل لعمل لجان الإصلاح ولجان إفشاء السلام، مدينا محاولة البعض التطاول على عملهم وتسفيهه.

“لن نسمح بتشتيتنا”
ثمّ كانت كلمة للمحامي مضر يونس، رئيس مجلس عرعرة/عارة ورئيس اللجنة القطرية لرؤساء السلطات المحلية، حيا الحضور، مشيدا بدور لجنة الإصلاح القطرية ولجان الإصلاح المحلية ولجان إفشاء السلام برئاسة الشيخ رائد صلاح.

وقال إن “محاربة العنف مسؤوليتنا كمجتمع، وهذا نقوم به لغاية الان، ولكن هذه الدولة عندما أوجدت اخطبوط عالم الاجرام المنظّم أرادت أن تشتتنا، وهذا لن نسمح به”.

واستعرض يونس الحراك الأخير الذي تقوم به اللجنة القطرية، للاحتجاج على العنف والجريمة إلى جانب حراكها للمطالبة بالميزانيات للمجتمع العربي ودور هذه الميزانيات في حال توفرها في خلق أطر تعمل على مكافحة العنف.

في ختام كلمته، دعا يونس إلى التعاون الكامل بين السلطات المحلية ولجان الإصلاح وإفشاء السلام، من أجل الحفاظ على النسيج الاجتماعي في البلدات العربية خلال الانتخابات المقبلة للسلطات المحلية العربية.

جهود مقدّسة
الأب يعقوب أبو عقل، راعي الطائفة الارثوذكسية في قرية “أبو سنان”، وجه التحية والمحبة للمشاركين في المؤتمر وعلى رأسهم الشيخ رائد صلاح.

ودعا أبو عقل إلى تكاتف رجال الدين المسلمين والمسيحيين والدروز، من أجل الخروج من مستنقع العنف والجريمة وقال إن جهود لجان الإصلاح ولجان إفشاء السلام مقدسة ويجب أن تتواصل حتى يعمّ السلام مجتمعنا.

وطن واحد ودم واحد
الشيخ هايل خير، من مشايخ الطائفة المعروفية في أبو سنان، أشاد بدوره، بالمؤتمر ومضمونه والقائمين عليه، وشدّد على ضرورة تضامن جميع مكونات شعبنا في مواجهة العنف والجريمة، قائلا “ندعم هذا المؤتمر ونسير معكم، نحن وانتم أبناء وطن واحد ودم واحد، ويجب على الجميع دعم هذه المسيرة”.

“الطريق ليست مفروشة بالورود”
الشاب عقاب العواوني من النقب، حيا الحضور باسم وفد النقب إلى المؤتمر، وقال إن “العنف مخطط لتفتيت النسيج الاجتماعي في المجتمع العربي، على طريق التهويد والمصادرة، علينا تقع مسؤولية محاربة العنف، ولكن ما نتعرض له هي حرب مخطط لها، حتى ننشغل بأنفسنا بدل التفرغ لانتزاع حقوقنا”.

وأضاف: “نريد بناء جبهة داخلية متماسكة، لم نخلق من اجل أن نُهان، بل خلقنا لنكون أسيادا. نعيش حالة خاصة في النقب، مشاكل تهجير ويقع النقب في اسفل السلم الاجتماعي الاقتصادي، والهدم والخراب، اكثر من 12 ألف بيت هدمت في السنوات الأخيرة. يتم تنفيذ بعض مخططاتهم على ايدي بعض أبناء جلدتنا. ويحاربون كل من يحاول النهوض بالمجتمع لان أهدافهم المخفية والمعلنة اكثر مما نتصور”.

وقال في ختام مداخلته للمؤتمر: “هذا مشروع محمود يجب أن نقويه، لأنه مشروع بعيد عن الشعارات الرنانة، والطريق غير مفروشة بالورود. نحن في تحد وجودي بكل معنى الكلمة، ولجان الإصلاح ولجان إفشاء السلام هي الخطوة الأولى لإعادة العزة لمجتمعنا”.

“سننتصر على كل من يخطط لإفسادنا
وتفتيتنا وبعثرة مجتمعنا”
الكلمة الختامية في المحور الأول، كانت للشيخ رائد صلاح، رحب بالحضور، رجالا ونساء. وقال: “إنَّ أول من دخل الى هذه القاعة صبيحة هذا اليوم، هي دورية من الشرطة، ويا للعجب جاءت تسأل لمن هذا المؤتمر ومن القائم عليه، نحن لا نعمل تحت الأرض، عملنا واضح كالشمس، لجان افشاء السلام هي احدى لجان المتابعة العليا، وهي تمثل كل الجماهير في الداخل الفلسطيني، المؤتمر برعاية المتابعة وكل لجان الإصلاح المحلية والقطرية، وهو مؤتمر لرعاية كل مجتمعنا الذي يتوق للتراحم والصلح والوصول الى بر الأمن والأمان. لماذا نطارد بسبب هذه الأهداف؟ ما هو الشاذ في كل ما قلت؟ هل هناك من يجيبنا على هذه الأسئلة؟! نحن ماضون في طريقنا”.

وبارك جهود لجان الإصلاح وحلها لمئات القضايا ومنها قضايا دم، وقال “هؤلاء هم الجنود المجهولون يعملون بصمت لا ينتظرون شكرا من احد ولا اجرة، لأنهم ليسوا موظفين عند احد، يبتغون الاجر من الله”.

وأكد الشيخ رائد “إزاء العمل العظيم للجان الإصلاح، سننتصر على كل من يخطط لإفسادنا وتفتيتنا وبعثرة مجتمعنا”.

وكشف عن مبادرة قام بها مؤخرا، عبر الاتصال بعناوين كثيرة في الداخل لإحلال هدنة مجتمعية لمدة نصف عام بين كثير من العناوين التي لها تأثيرها على مجريات العنف في الداخل، موضحا “جلستُ مع البعض وغيري جلس مع آخرين وسمعنا أجوبة فيها مباركة لهذه المحاولة، وندعو الله أن يوفقنا ونصل عمّا قريب لتوافق تام بين كل العناوين لهدنة مجتمعية لنصف عام قابلة للتجديد، حتى يتنفس مجتمعنا الصعداء ويقف على قدمية ويعالج آثار العنف الذي وقع علينا. لم ننجح حتى الان ولكننا لم نفشل ونحن ماضون بعد الاستعانة بالله، وسيكون لذلك الإعلان الرسمي الواضح للجميع”.

واستعرض عمل مشروع إفشاء السلام وتشكيل عشرات اللجان المحلية، الرجالية والنسائية والشبابية والطلابية في مختلف البلدات العربية.

وتابع “وفق القاعدة الأصولية التي تقول “ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب” فواجب علينا ان نوصل مجتمعنا الى شاطئ الأمن والأمان ولن يتم هذا إلا بواجب قبله وهو جهود لجان الإصلاح ولجان افشاء السلام، وواجب علينا ان نقيم هذه اللجان في كل بلدة من بلداتنا”.
ودعا إلى توحيد جهود لجان الإصلاح في دائرة واحدة والسير الموحد في مجتمعنا نحو بر الأمن والأمان.

وتطرق الشيخ رائد إلى احتفاليات بدأت تنظمها لجان إفشاء السلام بين المتنافسين بانتخابات السلطات المحلية المقبلة، للتوقيع على ميثاق شرف فيما بينهم.

الأمل في لجان الإصلاح وإفشاء السلام
في المحور الثاني، تحدث الأستاذ شحادة خمايسي باسم لجنة الإصلاح القطرية، شاكرا “كل من ساهم لتنظيم المؤتمر الثاني”، معربا عن طموحه أن يزداد عدد لجان الإصلاح وافشاء السلام في كل بلداتنا، حتى الوصول إلى مجتمع خال من العنف.

وقال إنه رغم الظروف الصعبة يبقى الأمل في لجان الإصلاح وإفشاء السلام كبيرا، داعيا إلى التدخل بحكمة في الخصومات قبل تفاقمها.
واتهم خمايسي الجهات الرسمية بالتقاعس في محاربة العنف والجريمة، وطالب بافتتاح مكاتب للإصلاح الاجتماعي في البلدات العربية بالتعاون مع السلطة المحلية في كل بلد وتفريغ أناس يملكون القدرات على حل المشاكل.

واختتم الأستاذ خمايسي كلمته برسالة إلى الآباء والأمهات والمدارس والدعاة مفادها الحث على التربية والخلق الحسن والتحلي بالتسامح، كما دعا قيادة الجماهير العربية إلى مضاعفة جهودها ووسائل الإعلام إلى أخذ دورها بالتركيز على الإيجابيات في مجتمعنا العربي.

ثم استعرض الشيخ خير إسكندر رئيس لجان إفشاء السلام في المثلث الجنوبي، عمل مكتب الإصلاح القطري الذي يشرف عليه، ونجاحه في حل 813 قضية منها 15 قضية شائكة في 9 بلدات فقط، وقال “فكيف اذا وصلنا التقرير عن كل بلداننا وعملهم، بمعنى أن عمل اللجان مقدس ومهم جدا”.

ودعا إسكندر إلى تشكيل المزيد من لجان الإصلاح المحلية ولجان إفشاء السلام في البلدان التي لم تشكل فيها، وذلك نظرا لتصاعد المشاكل ومظاهر العنف في كافة البلدات.

ثم كانت كلمة للدكتور ضرغام صالح جبارين، من أم الفحم، وتطرق إلى نظرة الشرع بخصوص آفة السوق السوداء والربا، وقدم مقترحات لحلول.

وشدّد على دور لجان الإصلاح في إصلاح ما افسد الناس، وساق الآيات القرآنية والأحاديث التي تحذر من الوقوع في الربا والفساد والإفساد بين الناس.

وقال نحن نسعى إلى الأخذ بأيدي أبنائنا ممن تورطوا في مستنقع الربا والخاوة حتى نصل معهم إلى بر الأمان، مضيفا “سنعمل دائما على نصيحتهم حتى يعودوا الى رشدهم”.

واقترح العمل على إيجاد مكتب لتقديم الخدمات الاستشارية في الداخل، والتمويل والاقراض للحد من ظاهرة السوق السوداء، عبر تقديم قروض حسنة على مبدأ المرابحة الإسلامية، كما دعا إلى خلق فرص عمل من خلال تشجيع الصناعات المحلية وتطويرها.

ودعا الدكتور ضرغام إلى تعزيز عمل لجان الإصلاح وافشاء السلام لمواجهة تغول السوق السوداء، من خلال توعية الشباب حول مخاطر الانزلاق إلى السوق السوداء وتداعياتها، وإقامة ندوات وورشات عمل وتوعية بهذا الخصوص، وتفعيل المساجد والمراكز الاجتماعية، واحياء امسيات توعوية، والتواصل الاجتماعي وزيارة البيوت وتنظيم ايام دعوية توعوية لمحاربة الربا والسوق السوداء.

في نهاية المؤتمر، قدّم عدد من المشاركين مقترحات عملية لفائدة تعزيز دور لجان الإصلاح وافشاء السلام في الداخل الفلسطيني.

توصيات
وجاء في توصيات المؤتمر:
1- نداء الى كل بلدٍ في داخلنا الفلسطيني لم يعمل بعد على تأسيس لجنة اصلاحٍ للمبادرة على تحقيق وجود لجنة اصلاح محلية.
2- نلفت عناية لجان الإصلاح المحلية في كل بلد الى ضرورة لتشبيك والعمل المشترك مع كافة العاملين في الإصلاح في بلدانهم لما فيه من خيرٍ وصلاح للعمل والإصلاح المجتمعي في البلدان.
3- يؤكد المؤتمر أنَّ الذين يشغبون على مجتمعاتنا المحلية ويرتكبون المنكرات على كافة مسمياتها، الخاوة والربا المسمى بالسوق السوداء والاتجار بالحرمات كالمخدرات على اختلاف أنواعها ومسمياتها وجرائم القتل والعنف الذي يرتكبونه يومياً هم ابناؤنا وفلذات اكبادنا وانحرافهم عن الجادة يُلزم اهل الخير وفي مقدمتهم المصلحون والعلماء والفقهاء والدعاة وكل من يحمل راية خيٍر لمجتمعنا العمل على التواصل الميداني معهم وحثهم على التوقف عن غيهم هذا لما فيه من مخاطر تهدد وتفكك وجودنا الاجتماعي والمادي والبشري على حد سواء.
4- يتوجه المؤتمر الى العلماء والدعاة وخطباء الجمع والفقهاء واهل الإصلاح في مجتمعاتنا المحلية على تفعيل البعد الاجتماعي-الشرعي لتعميق الوعي الشرعي والمجتمعي بمخاطر وحرمة كسب المال الحرام على اختلاف انواعه ومسمياته وذلك عبر الدروس ولقاءات الاحياء والاجتماعات العامة واللقاءات المنزلية والحديث المباشر مع من وقعوا في هذا الباب .
5- يحمل المؤتمر المسؤولية الشرعية والأخلاقية والاجتماعية المرابين والمترابين أي القارض والمستقرض تبعات ما يدورفي مجتمعنا فقد بات معلوم للكافة ان معظم جرائم القتل تدور رحاها حول المال بغض النظر عن أسبابه، سوق سوداء، خاوة، سيطرة على مناطق بعينها.
6- يدعو المؤتمر الى تحويل ورقة الدكتور ضرغام صالح جبارين أستاذ الدراسات الشرعية وعلم الحديث والتي قدمها لهذا المؤتمر، مشكوراً، الى ان تكون مسودة عمل لدى مختلف لجان الداخل الفلسطيني سواء للجان الإصلاح المحلية أو لجان افشاء السلام، كٌل حسب طاقته وقدرته وإمكانياته.