أخبار رئيسيةالقدس والأقصىتقارير ومقابلاتومضات

لماذا تهدد “البقرات الخمس” المسجد الأقصى؟

لم تكن التقارير الإخبارية التي بثتها وسائل إعلامية إسرائيلية، خلال الأيام الماضية، حول جلب خمس بقرات حمراء من الخارج من قبل مجموعات يهودية متطرفة، وبدعم حكومي، تمهيداً لذبحها وإحراقها في المسجد الأقصى واستخدام رمادها في طقوس يقولون إنها ستمهد لإقامة “الهيكل” وبنائه على أنقاض المسجد، سوى حلقة من مخططات استيطانية باتت تهدد الأقصى.

أخطار واضحة على الأقصى

وفي ضوء التطورات الأخيرة، التي ترافقت مع الأعياد اليهودية الشهر الماضي، وتكثيف المستوطنين اقتحاماتهم وبأعداد كبيرة للمسجد الأقصى، بالتزامن مع استمرار الحفريات الإسرائيلية أسفل المسجد وفي محيطه، وإقامة منشآت استيطانية سياحية على تخومه، فإن مرجعيات دينية ومختصين في شؤون المسجد الأقصى ونشطاء سياسيين يحذرون من تصاعد الأخطار التي باتت تهدد المسجد الأقصى.

أحمد غنيم: الأقصى دخل فعلياً مرحلة الخطر الشديد

يقول رئيس الهيئة الإسلامية العليا في القدس الشيخ عكرمة صبري، إن “تلك التقارير حول البقرات الخمس تظهر حجم الخطر الذي يتهدد الأقصى من قبل الجماعات اليهودية المتطرفة، مدعومة من الحكومة اليمينية الأكثر تطرفاً”. ولا يتعلق الأمر فقط ببقراتهم هذه، بحسب صبري، بل إن الأمر الذي زاد الخطورة حول ما يتعرض له الأقصى، وما ينتظره من تحديات، هو هذا الكم الكبير من أعداد المقتحمين وقيام وزراء وأعضاء كنيست بتدنيس الأقصى، وحديثهم عن قرب فرض السيادة عليه. ويدعو صبري المسلمين، شعوباً وحكومات، إلى إدراك حجم هذا الخطر والتصدي له، وإفشال المخططات المعادية بحقه.

ويتفق مع صبري بهذا الشأن عضو المجلس الثوري لحركة فتح أحمد غنيم. ويقول، إن “الأقصى دخل فعلياً مرحلة الخطر الشديد، ومشروع تهويده لم يتوقف، سواء من خلال الاقتحامات الواسعة، وقيام الجماعات المتطرفة للهيكل المزعوم بأداء طقوسها التلمودية والتوراتية في ساحاته، تمهيداً لاستكمال كل الطقوس المتعلقة بإحياء الهيكل المعنوي، تمهيداً لبناء الهيكل الفعلي بهدم مسجد قبة الصخرة والشروع ببناء الهيكل الثالث مكانه”.

 

“الهيكل الثالث” والبقرات الخمس

ولتحقيق بناء “الهيكل الثالث” يشير غنيم إلى أنه تم شراء خمس بقرات حمراء من ولاية تكساس الأميركية، بدعم ومشاركة من وزارتي الاستيطان والتعليم، عبر تمويل شرائها ونقلها ووضعها في مستودعات سرية. ويقول: “ما يعلنه المتطرفون اليهود وجماعاتهم الدينية الصهيونية بهذا الشأن هو استغلال وتوظيف للخزعبلات والأساطير التلمودية والتوراتية للسيطرة على الأقصى وتهويده”.

وبدأ الاحتلال وفق غنيم تمهيد الرأي العام المحلي والإقليمي والدولي، لإحداث التغيير الأخطر، ليس فقط الحديث عن إقامة “الهيكل”، بل إعلان الاستعدادات للطقوس المرافقة والممهدة لذلك، والإعداد لتشريعات عنصرية وقوانين احتلالية على غرار ما يسمى “قانون القومية”، ولكن هذه المرة فيما يتعلق ببناء “الهيكل” داخل المسجد الأقصى، معتبراً أن الأمر لم يعد متعلقاً بتهديدات، بل تحول إلى إجراءات فعلية.

ويشير غنيم إلى أنه في إسرائيل حكومة فاشية تعمل لحسم الصراع مع الفلسطينيين على كل المستويات، خاصة في أهم القضايا، القدس، والمسجد الأقصى، مستغلة حالة الضعف الناجم عن الانقسام الداخلي الفلسطيني، واختفاء الحلفاء الطبيعيين للقضية الفلسطينية دولياً وتحولهم لوسطاء، وهرولة عدة دول عربية للتطبيع مع الاحتلال.

جمال عمرو: كما سيطروا على الحرم الإبراهيمي هم الآن في طريقهم لتقسيم الأقصى مكانياً

أما الباحث المختص في شؤون المقدسات جمال عمرو فإنه يؤكد، أن موضوع البقرات الخمس ليس مستغرباً على الإطلاق، حيث يطلق المستوطنون هالة من القدسية والأسطورية على معتقداتهم وأفكارهم ومخططاتهم الخطيرة.

 

النوايا واضحة ضد المسجد الأقصى

ويقول عمرو: “لقد أصبحت النوايا واضحة ضد المسجد الأقصى. وكما سيطروا على الحرم الإبراهيمي في الخليل هم الآن في طريقهم لتقسيم الأقصى مكانياً بعد أن قسموه زمانياً”. ويعتبر أن “على الأمة الإسلامية أن تصحو من غفوتها، وتدرك الأخطار التي تهدد الأقصى، ليس فقط من خلال أسطورة البقرات الحمراء، بل مما يجري أسفله، وفي محيطه من تأسيس للبنية التحتية لهيكلهم المزعوم، وعلى الأمة الإسلامية جمعاء أن ترفع لواء الأقصى والقدس وفلسطين، وهو واجب مقدس عليها أن تنهض به لتُحرر الأقصى والقدس من قبضة الاحتلال”.

 

تحذير من تهويد المسجد الأقصى

بدوره، يحذر الباحث المختص في شؤون الأقصى زياد ابحيص، مما سماه “التغيير الاستراتيجي المتعلق بتهويد المسجد الأقصى ونقله من هويته الإسلامية إلى هوية يهودية، على أيدي الصهيونية الدينية، التي تسعى بعد التطهر برماد البقرات الخمس إلى مضاعفة أعداد المقتحمين للمسجد إلى عشرة أضعاف”.

ووفق ابحيص فإن المستوطنين يحاولون النجاح في فرض اقتحام يومي بواقع 20 ألف شخص أو أكثر، وهذا يعني أن شرطة  الاحتلال وجيشه سيغيرون من سلوكهم حيال هذه الاقتحامات، كما سيتغير معه نوع العدوان، وهذا معناه أن عيد “الفصح اليهودي” المقبل قد يتضمن إدخال آلاف القرابين إلى باحات الأقصى، وهنا سيحدث التغيير الحقيقي، ما يعني أن تحدياً مضاعفاً ينتظر الأقصى، في مقابل أنه يستوجب وجود مقاومة مضاعفة.

ويدعو المحلل السياسي والإعلامي راسم عبيدات، إلى وجوب البدء بخطوات عملية وحقيقية لصد هجمة الاحتلال ومستوطنيه على المسجد الأقصى، والتي شهدت تطورات خطيرة غير مسبوقة، كان أبرزها كثافة الاقتحامات ومنع دائرة الأوقاف الإسلامية من القيام بأعمال الترميم، ثم توجها الوزير المتطرف إيتمار بن غفير باقتحامه الأقصى.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى