أخبار رئيسية إضافيةمقالات

الدولة الفلسطينية والنووي مقابل التطبيع.. السعودية تحشر إسرائيل في الزاوية

الإعلامي أحمد حازم

بالرغم من موقفنا غير المتوافق، بل المعارض للنهج السياسي السعودي على جميع الأصعدة، لكن لا بد من الإشارة إلى نقطتين مهمتين في هذه السياسة، أدتا إلى خض إسرائيل والولايات المتحدة وإجبارهما على إعادة خلط الأوراق والتفكير مليا بما يدور في العقلية السعودية. النقطة الأولى إصرار سعودي على إقامة دولة فلسطينية مقابل التطبيع مع إسرائيل، والنقطة الثانية (والأهم إسرائيليًا وسعوديًا) مطلب سعودي بالسماح للسعودية للدخول في النادي النووي، وذلك كشرطين أساسيين لإقامة علاقات دبلوماسية كاملة مع إسرائيل، التي لا تزال تسمى في قاموس الشعب العربي “العدو الصهيوني”.

هذا يعني أن السعودية وضعت إسرائيل في زاوية حرجة، ليس من السهولة الخروج منها بإيجابية لها، لأن كلا الشرطين أحلاهما مرّ، خصوصا أن هذا “العدو الصهيوني” ليس أمام خيار من خيارين، بل أمام الموافقة أو الرفض للإثنين معًا.

إسرائيل، وكما يعتقد بعض الساذجين أنها ارتكبت خطأ أو أضاعت الفرصة التي وفَّرتها لها السعودية في مبادرتها عام 2002 خلال مؤتمر القمة العربية في بيروت، والتي نصّت على استعداد الدول العربية الاعتراف بإسرائيل مقابل اعترافها بدولة فلسطينية عاصمتها القدس الشرقية على حدود الرابع من حزيران لعام 1967. لكن تفكير السذج يختلف عن تفكير الصهاينة. إسرائيل لها حساباتها الدقيقة وتُقيّم الأمور بدقة متناهية. هي بلا شك تريد اليوم قبل غد اعتراف دول الجامعة العربية بها، لكن حسب طريقتها الخاصة وليس حسب مبادرة آلـ سعود. فهي تريد الانفراد بكل دولة عربية على حدة وليس مواجهة كل الدول العربية.

إذًا، نحن أمام مبادرة جديدة لآلـ سعود: النووي والدولة الفلسطينية مقابل تطبيع كامل. هذا يعني أن الملف النووي السعودي يتصدر لأول مرة، واجهة المفاوضات العلنيّة منها والسّريّة في المنطقة، لينضم إلى النووي الإيراني، بمعنى أن المنطقة إن استمر بحث هذا الملف السعودي، مقبلة على وجود مثلث نووي إسرائيلي إيراني سعودي.

وللموضوع حكاية: في السابع من الشهر الجاري قام وزير الخارجيّة الأميركيّ أنتوني بلينكن بزيارة للسعودية. من ناحية المراسم (البروتوكول) من المفترض أن يكون وزير الخارجيّة السّعوديّ فيصل بن فرحان في استقباله على أرض مطار جدة. لكن ولي العهد السعودي محمد بن سلمان هو الذي استقبله، وهي إشارة واضحة على أهمية الحدث، خصوصا تمّ تجاوز المتعارف عليه دبلوماسيًا في حالات الاستقبال. وهذا يعني أن شكل الاستقبال يدل وكأنّه ترتيب سعودي لصيغة جديدة للعلاقات الأميركيّة- السّعوديّة. بعض المعلقين يرى وجود رسالة سعودية، مفادها، أنّ السعودية جعلت نفسها شريكًا في تقرير طبيعة العلاقة، تماشيًا مع تطوّر دورها في المنطقة والعالم، والتغييرات في سياساتها الخارجيّة. ولذلك فإن الإشارة السعودية واضحة جدا للأمريكي والإسرائيلي، وهذا ما أفهمه بن سلمان لضيفه الأمريكي بلينكن: لا تطبيع مجّاني مع دولة الاحتلال والشرطان السعوديان لن يتغيرا. ابن سلمان قالها بصراحة للوزير الأمريكي بلينكن، ان إحياء المبادرة السعودية لعام 2002 هي أساس أيضًا لكل محاولة تطبيع مع إسرائيل، وان الدول العربية تدعم ذلك وهذا ما ظهر في قرارات القمّة العربيّة الأخيرة في جدة.

ابن سلمان يريد على ما يبدو الذهاب الى سقف أعلى بكثير مما يتوقعه الأمريكيون. فلم يكتفِ بشرطِ المُبادرة العربيّة فقط كما كان في العام 2002، بل وضع معجزة أمام واشنطن وتل أبيب وهي القَبول ببرنامج نوويّ سلمي سعوديّ لا يُهدّد أمنَ المنطقة كما قيل، أي ان يتم التعامل مع السعودية على قدم المساواة مثل إسرائيل وإيران.

وأخيرًا… السؤال المطروح الآن: هل ترضى إسرائيل الموافقة على دخول السعودية النادي النووي كدولة إسلامية لها ثقلها في العالمين العربي والإسلامي؟

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى