أخبار رئيسيةالضفة وغزةتقارير ومقابلات

المحميات الطبيعية والمسطحات الخضراء في غزة متنفس السكان الوحيد رغم قِلتها

دراسات تؤكد تراجع المسطحات الخضراء بفعل الكثافة السكانية في القطاع.

هناك نقص بالمساحات الخضراء، مقارنة مع أعداد السكان والنمو المتزايد فيه.

تجريف الأراضي الزراعية وعدوان الاحتلال المتكرر من أسباب تناقص تلك المساحات التي يتم إعادة تأهيلها بشكل دوري.

وسط حالة الاكتظاظ السكاني المتزامن مع التوسع العمراني، يعاني قطاع غزة المحاصر من نقص في المسطحات الخضراء المزروعة لأغراض الترفيه أو الإنتاج.

ورغم تراجعها مقارنة بالعقد الأخير، تشكّل هذه المسطحات، متنفسًا طبيعيًا للسكان في ظل انعدام الخيارات الأخرى للترفيه عن أنفسهم بفعل إغلاق المنافذ المُطلة من القطاع المحاصر إسرائيليًا منذ نحو 16 عامًا، على العالم الخارجي.

 

المصدر الأول للسلّة الغذائية

تشكّل المسطحات الخضراء لأغراض الإنتاج مصدرًا أساسيًا للسلة الغذائية للمواطنين، ومصادر رسمية في القطاع تتحدث عن أنه تحقق خلال السنوات الماضية اكتفاءً ذاتيًا في عدد من المنتجات الزراعية فضلاً عن تصدير كميات قليلة منها إلى “الضفة وكذلك إسرائيل”.

ووفق دراسات علمية يتخوف خبراء بيئيون من المزيد من التراجع في مساحة هذه المسطحات الخضراء بفعل الكثافة السكانية في القطاع، وسط مساعٍ تبذلها السلطات المحلية لحماية هذه المناطق، يقول تقرير لوكالة “الأناضول”.

ويتابع: “بحسب دراسة علمية أصدرها الأستاذ المشارك في قسم الجغرافيا ونظم المعلومات الجغرافية بالجامعة الإسلامية بغزة، رائد صالحة، ونشرها في 2022 في مجلة عربية، فإن مساحة الكتلة المبنية في قطاع غزة هي الأكبر في خريطة استخدامات الأرض لعام 2019 حيث تشكّل ما نسبته 42.8 بالمئة من إجمالي مساحة القطاع”.

كما وتصل مساحة المناطق المزروعة في القطاع لحوالي 24.6 بالمئة، يوضّح التقرير، والمحميات الطبيعية تبلغ مساحتها نحو 3.18 بالمئة، في حين أن مساحة المناطق الترفيهية تقدر بنسبة 1.82 بالمئة من إجمالي مساحة القطاع.

إلى ذلك، تشير الدراسة إلى التناقص الحاصل في مساحة الأراضي الزراعية أمام التمدد العمراني خلال الفترة الممتدة بين 1975-2015 بنسبة بلغت نحو 31 بالمئة، متوقعة اختفائها خلال مئة عام تقريبًا.

 

مسطحات خضراء

وسط ضيق الحال، اعتاد أحمد النبيه (42 عامًا) على اصطحاب أطفاله بشكل أسبوعي لحديقة “البلدية” المركزية في مدينة غزة، التي يعود تاريخ إنشائها لعام 1928، والتي تفرض رسومًا رمزية للاستفادة من الخدمات الترفيهية التي توفرها للزائرين والأطفال.

وفي حديث مع وكالة الأناضول يقول النبيه: “بسبب الظروف الاقتصادية لا أتمكن من زيارة الأماكن والمراكز الترفيهية التي يدفع فيها الزائر مبالغ كبيرة، فهنا أقضي أنا وعائلتي أوقاتًا نرفه فيها عن النفس بمبلغ يقدر بنحو 10 شواكل فقط (2.7 دولار)”.

كما يتعمد النبيه أن يعوّد أطفاله على زيارة المناطق الخضراء التي يندر وجودها في المنطقة التي يقطن بها، وذلك لأثرها على الصحة النفسية والجسدية.

ويضم هذا المنتزه الذي تتراوح مساحته، وفق معلومات من بلدية غزة، بين 30-40 دونمًا (الدونم يعادل 1000 متر)، وما يزيد عن 300 شجرة أقدمها يصل عمرها لنحو 80 عامًا.

ومن جانب آخر، تزرع ليلى عبد الله (53 عامًا) داخل قوارير بلاستيكية صغيرة تضعها بترتيب على شرفة منزلها الخارجية، شتلات من النباتات العطرية التي تبعث برائحة طيبة في المكان. وتقول إن هذه الشتلات الخضراء “تعطي جمالاً وحيوية للمكان في ظل الافتقار للمساحات الخضراء” القريبة من منزلها.

 

المرافق الترفيهية

مدير دائرة الحدائق في بلدية غزة هيثم حجاج، قال بدوره إن المدينة تضم أكثر من 18 مرفقًا أخضرًا للتنزه والترفيه، بإجمالي مساحة تصل 150 دونمًا.

ويضيف: “هناك نقص في قطاع غزة بالمساحات الخضراء، مقارنة مع أعداد السكان والنمو المتزايد فيه”.

كما وذكر أن “المناطق المهمشة سواء الواقعة في المناطق الشرقية أو الجنوبية بحاجة أيضا لمناطق ومساحات خضراء لتشكل واجهة ترفيه لسكانها”.

ولفت لأهمية وجود هذه المرافق قائلاً إنها “تقلل من درجات الحرارة وتقليص الانبعاثات الكربونية من المدينة كما أنها وجهة مهمة للترفيه خاصة للأطفال”.

وإلى جانب المرافق الترفيهية، أوضح حجاج أن البلدية تولي اهتماما للجُزر التي تفصل الشوارع عن بعضها وتعمل على تشجيرها فضلا عن اهتمامها بالميادين الواسعة (دوار الطريق) حيث تصنفها ضمن المرافق الخضراء التي يمكن الجلوس بها.

وحث على ضرورة “المشاركة المجتمعية للحفاظ على المناطق الخضراء في غزة لضمان استدامة تقديم الخدمات”.

كما أوصى المواطنين بـ”زراعة شجرة أمام كل منزل”، لافتًا إلى أن ذلك من شأنه زيادة أعداد الأشجار مما يجعل المناطق السكنية أكثر صحية.

 

المساحات الزراعية

يقول أدهم البسيوني المتحدث باسم وزارة الزراعة، إن المسطحات الخضراء في القطاع لها أهمية في خلق التوازن البيئي في ظل الكثافة السكانية العالية.

ويوضّح: “تبلغ مساحة الأراضي المزروعة لأغراض الإنتاج نحو 180 ألف دونم، حوالي 50 بالمئة من مساحة إجمالي الأراضي الخالية من السكان”.

ويتابع: “100 ألف دونم من إجمالي مساحة الأراضي المزروعة مخصصة لإنتاج الخضراوات (حقلية تزرع مرتين سنويًا)، و80 ألف دونم للبستنة الشجرية”.

 

مشاتل توزع الاشتال سنويًا

وفي إطار محافظتها على المسطحات الخضراء وزيادتها، أنشأت الوزارة 3 مشاتل رئيسية في القطاع لتوزيع آلاف الأشتال بشكل سنوي ومجاني للجهات والأفراد المعنيين؛ لما لذلك انعكاس مهم على حالة الاتزان البيئي، وفق قوله.

وعن التحديات التي يواجهها القطاع الزراعي، نقلت “الأناضول” عن البسيوني قوله إن “تجريف الأراضي الزراعية والحروب المتكررة والاستهداف العسكري كان سببا في تناقص تلك المساحات التي يتم إعادة تأهيلها بشكل دوري”.

وأردف: “رغم التناقص بسبب الاعتداءات الإسرائيلية المتكررة، إلا أن الوزارة في المقابل تحرص على إعادة تأهيل الأراضي المتضررة أولا بأول”.

كما أعرب البسيوني عن قلقه من تناقص مساحة هذه الأراضي جراء الزيادة السكانية “ما لم يكن هناك سياسة تضبط التعامل مع هذه الأراضي”، معتبرًا التمدد السكاني تحدٍ آخر يواجه الأراضي الزراعية.

وطالب بضرورة وجود فرع لمنظمة البيئة الدولية في قطاع غزة “لتحمل مسؤوليتها فيما يتعلق بدعم وحماية البيئة وإلزام الاحتلال بعدم الاعتداء عليها”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى