أخبار رئيسية إضافيةمقالات

جـنـيـن

ساهر غزاوي

الحرب العدوانية الدموية على مدينة جنين ومخيمها لم ولن تضع أوزارها بالرغم من إعلان الجيش الإسرائيلي انسحابه من جنين عقب عملية عسكرية غاشمة أسماها “بيت وحديقة” استمرت يومين دُفع فيها بقوات برية وجوية، وخلفت شهداء وجرحى فلسطينيين، وأرغمت مئات المواطنين من أهالي مخيم جنين على مغادرته تحت تهديد قصف منازلهم. وخلفت هذه الحرب العدوانية الدموية أضرارًا جسيمة بممتلكات المواطنين، وتدمير العديد من المركبات، وتجريف طرق رئيسة وفرعية مؤدية إلى المخيم ومحيطه، الأمر الذي أعاق وصول مركبات الإسعاف إلى بعض المنازل لإخلاء المصابين.

وكيف تضع الحرب أوزارها ورئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو يُصرّح بأنَّ الحرب على جنين لن تقتصر على جولة واحدة- أي أن هناك جولات دموية وتدميرية أخرى قادمة على مدينة جنين ومخيمها- وكذلك وزير الحرب الإسرائيلي يوآف غالانت يهدّد بأنَّ الجيش الإسرائيلي سيفعل في الضفة الغربية مثلما فعل في غزة.   لولا أنه الفشل الإسرائيلي في تحقيق أهدافه في جنين ومخيمها، المناقض تمامًا لما يزعمه الوزير غالانت بأن الحرب العدوانية على جنين حققت أهدافها بالكامل!!

ولولا أنه عجز الجيش الإسرائيلي عن هزيمة المقاومة الفلسطينية عبر سحقها، أو شل قدرتها على الاستمرار، أو كسر إرادتها، أو فشل “الحرث العميق الواجب مواصلته ووجوده – “جزّ العشب” باللغة العسكرية الإسرائيلية- والفشل في اجتثاث المقاومة الفلسطينية إلى الأبد، كما يتوهمون، فلماذا يتوعد الوزير غالانت جنين بحرب دموية أخرى خلال جولة أو اثنتين إضافيتين من القتال، على حد قوله، لولا أن الحرب العدوانية الدموية على مدينة جنين ومخيمها لم ولن تضع أوزارها بعد، وشنّ عدوان جديد وحرب دموية على الشعب الفلسطيني عامة ومدينة جنين ومخيمها خاصة ما هي إلا مسالة وقت.

أمام هذا الفشل الإسرائيلي في تحقيق أهداف الحرب العدوانية على مدينة جنين ومخيمها أو حتى الفشل في الحصول على صورة نصر مزيفة، كما قيل، هل نستطيع القول إن “زمن الهزائم ولى وجاء زمن الانتصارات”؟؟ لست هنا مضطرًا للإجابة عن هذا السؤال بجواب نعم أو لا، إلا أنه بالإمكان التأكيد على أن “ثقافة الانتصار” تجلّت في هذه الجولة التي هي من جولات الصراع ومعركة عضّ أصابع بين المحتل وأصحاب الحق الفلسطيني. وتجلّت “ثقافة الانتصار” في معركة صراع الإرادات والعزيمة والتحديات والإصرار على الحق، رغم اختلاف موازين القوى بالمفهوم المادي لا المعنوي، خاصة وأن الجيش الإسرائيلي، الذي يوصف بأنه لا يقهر، أقوى بكثير من المقاومة الفلسطينية عددًا وعدة.

“ثقافة الانتصار” تجلّت كذلك بانتصار المقاومة الفلسطينية بما يحقق المقولة الشهيرة “الضعيف إذا لم يهزم ينتصر”، و”القوي إذا لم ينتصر يهزم”، فالضعيف (الفلسطيني) بالمفهوم المادي لا المعنوي ليس فقط لم يُهزم، بل أسقط نظرية الردع الإسرائيلية وانتصر في هذه المعركة لقدرته على تجاوز أسباب الهزيمة بما يملكه من شجاعة وإرادة للشعور على الصمود والانتصار ولقدرته على استعادة كرامته وثقته بنفسه وبمقاوميه، وتصرف على هذا الأساس، بينما القوي (الإسرائيلي) لم ينتصر وجرّ أذيال الهزيمة بعدم تحقيق أيًا من أهدافه وانسحب من مدينة جنين ومخيمها تحت ضغط وقوة المقاومة التي واصلت التصدي لقواته على مدار ساعات العدوان، ورغم ما يمتلكه الجيش الإسرائيلي من القدرات العسكرية الكبيرة فقد فشل بأن يقضي على المقاومة الفلسطينية التي تتمتع بقدرات وأسلحة بدائية، كما تقول إحدى الصحف العبرية.

إنّ عدد الشهداء والمصابين الفلسطينيين والإضرار الكبير بالبنى التحتية وممتلكات المواطنين في مدينة جنين ومخيمها، لا يمكن أن تغطي على الشعور الفلسطيني بالانتصار، ولا يمكن أن تغطي على الفشل بتحقيق أهداف الحرب العدوانية الإسرائيلية على جنين بالتنسيق مع الإدارة الأمريكية والسلطة الفلسطينية، ولا يمكن أن تغطي على أن الحكومة الإسرائيلية أرادت كسر إرادة الشعب الفلسطيني وانفضاضه عن المقاومة، هذا الشعب الذي ما كان منه إلا أن يلتف كله حول مقاومته ويضرب أعظم الأمثلة بالفداء والوفاء وتعزيز “ثقافة الانتصار” التي انتصر بها على “ثقافة الهزيمة” والاستسلام والتآمر على الشعب الفلسطيني وقضيته.

 

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى