أخبار رئيسية إضافيةمقالات

المرأة كما يريدها الإسلام

ليلى غليون

 يقول الله تعالى في محكم تنزيله: (فالصالحات قانتات حافظات للغيب بما حفظ الله).

لقد رسمت هذه الآية الكريمة صورة نقية شفافة للمرأة المسلمة، وحددت المعالم الرائعة التي من خلالها تكتسب هوية الأصالة والانتماء، فهي المرأة الصالحة، القانتة العابدة، الحافظة للغيب بما حفظ الله، فما هي الصفات التي تؤهل المرأة للوصول إلى هذه المنزلة الرفيعة والمكانة العالية؟ وكيف يريد الاسلام المرأة المسلمة أن تكون؟

يقول الرافعي رحمه الله: (إذا لم تزد شيئًا على الدنيا كنت أنت زائدًا على الدنيا)، والمرأة باعتبارها شقيقة الرجل في الانسانية فهي تحمل معه أمانة التكليف، فهي عون له في كل حال لدفع عجلة الحياة والانسانية قدمًا إلى الأمام، لتقدم لهذه الإنسانية من ثمار الفضل والخير والعلم، ولا ترضى أبدًا أن تكون زائدة عليها أو صفرًا يضاف الى أصفار، كما وصححت بدورها الرائع بمساندة الرجل تلك المقولة التي تقول: “وراء كل رجل عظيم امرأة “لتضع مكان هذه العبارة عبارة أدق وأصح وأعمق وهي: بجانب كل رجل عظيم امرأة تدعمه وتؤازره بصورة علنية وليس من وراء الكواليس، فهي عون لزوجها، تؤيده في دعوته، في عمله ،في علمه، تزيل من دربه كل الأشواك والحجارة التي تعرقل سيره ومسيرته، تصبر على ما يكلفها ذلك من تعب ومشقة وتحتسب عند الله الأجر والثواب، أسوتها بذلك خديجة رضي الله عنها التي كانت نعم السند ونعم العون والرفيق لرسول الله صلى الله عليه وسلم تشد من أزره وتقول: “والله لن يخزيك الله أبدًا، إنك لتصل الرحم وتقري الضيف وتحمل الكَلّ وتعين على نوائب الدهر”.

والإسلام يريد من المرأة أن تكون المتعلمة المثقفة التي تتلقى العلم النافع حتى تنتفع هي به أولًا، ومن ثم تنفع به أباءها وأسرتها وكل من حولها، أسوتها في ذلك عائشة ابنة الصديق (رضي الله عنهما) والتي بلغت رتبة مرموقة في العلم والاجتهاد.

وقد روت الأحاديث الكثيرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، لا بل إن كبار الصحابة كانوا يأتون إليها ويسألونها في كثير من أمور الدين، فتجيبهم، كما كانت النساء يزرنها في بيتها فتعلمهن أمور دينهن.

والاسلام يريد من المرأة أن تكون القوية في دينها، المعتزة بإسلامها لا تغرها دعوة ضالة من شرق ولا غرب، ولا تستهويها شعارات براقة مدعومة بالدولار أو اليورو، ولا يخدعها السراب الذي يبدو للضعيفات ماءً وما هو بماء، لأنها تؤمن إيمانًا لا ريب فيه أن ذلك ضلال في ضلال، أسوتها في ذلك آسيا امرأة فرعون التي عرضت أمامها الدنيا وما فيها من متاع وزخارف، بل عًذبت وأوذيت في الله ما لا يتحمله صناديد الرجال، فما زادها ذلك إلا إيمانًا وتمسكًا بدين الله، وداست تحت رجيلها ملك زوجها وكنوزه وأمواله واختارت ما عند الله تعالى، ليقينها أن ما عند الله خير وأبقى، لتقول وهي مشبوحة على الأخشاب ما جاء في القرآن الكريم: {رب ابن لي عندك بيتًا في الجنة ونجني من فرعون وعمله ونجني من القوم الظالمين}.

فيا أختي، إن دعوات التضليل تعج بها الدنيا عجًا، وكلها مصوبة تجاهك لزعزعة الإيمان في قلبك فإياك ثم إياك والالتفات إليها، وإياك أن تكوني الفراش الذي يغريه النور فيتساقط عليه فيحترق ويحرق ما حوله.

والإسلام يريد من المرأة أن تلبس عباءة الصدق، فهي الصادقة في حياتها مع نفسها وزوجها وأولادها ومجتمعها، تربي أبناءها على فضيلة الصدق وتزرع في نفوسهم مُثلاً عليا ومبادئ راقية، وتقدمهم رجالًا صالحين ونساء صالحات للمجتمع، تربيهم على حزم أبي بكر، وقوة عمر، وحياء عثمان، وعلم علي، وشجاعة خالد، وكرم عبد الرحمن بن عوف، وبر خديجة، وعلم عائشة، وطاعة أسماء، وأخلاق فاطمة، وطهارة مريم العذراء البتول رضوان الله عليهم وعليهن أجمعين.

والإسلام يريد من المرأة أن تكون الصابرة الراضية، فهي القانعة بما قسم الله لها من رزق، لا تتأفف ولا تضجر ولا تسخط، بل ترضى بما قسم الله لها، فلا تكلف زوجها ما لا يطيق، ولا تدفعه للولوج في أبواب الحرام ليقتني لها ما لذّ من الطعام والشراب والكماليات والأثاث والذهب والملابس، قدوتها في ذلك تلك المرأة الصالحة التي كانت تقول لزوجها إذا خرج إلى عمله: اتق الله فينا وإياك وكسب الحرام فإنا نصبر على الجوع والضر ولا نصبر على النار.

إنها المرأة العاقلة التي تقدر أحوال زوجها المادية والمعنوية، بل هي المرأة التقية التي تفضل أن تموت جوعًا على أن يدخل جوفها أو جوف أبنائها لقمة من حرام.

إنها المرأة الصابرة التي ترضى بقضاء الله وتصبر على بلائه في نفسها وزوجها وأولادها.

إنها المرأة الصابرة عن معصية الله تعالى فتتجنب كل ما يوقع في المنكرات والآثام فلا تتهاون ولا تستصغر الذنوب.

إنها المرأة الصابرة على طاعة الله، لا تفوتها صلاة أينما كانت، تجود بمالها في سبيل الله، تدفع زكاة مالها، تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر، وتتنافس في ميادين الخير ولا تدخر في ذلك وسعًا، إنها المرأة الملازمة لذكر الله تعالى وطاعته وقراءة القرآن وفهمه وتدبر آياته وقراءة الحديث الشريف وتدبر معانيه وتعلم السيرة النبوية وتعليمها للأبناء واستخلاص الدروس والعبر منها.

تلك هي المرأة التي يريدها الإسلام، امرأة ذات دور فعال ومكانة راقية مرموقة، امرأة ليست على الهامش، بل في مركز الحياة وقلبها، امرأة ذات حضور قوي وشخصية لها هيبتها واحترامها تقف على رأس هرم المسؤولية، معتزة بدينها فخورة بإسلامها وانتمائها تقول لكل الدنيا، يا هذه الدنيا فاشهدي أني بغير رسول الله صلى الله عليه وسلم لن أقتدي، فهذا إسلامي عزي وفخاري وسأظل مسلمةً فكرًا وقلبًا، لسانًا وقولًا، فعلًا وحالًا، سلوكًا ومنهجًا، ولن أكون ريشة في مهب رياح الدعوات المضللة، تميل بها شرقاً وغرباً، بل امرأة مسلمة تنهل من المنبع الصافي تربي جيل الاسلام المنشود الذي سيفتح الله به قلوبًا غلفًا وأعينًا عميًا وآذانًا صمًا بإذن الله تعالى.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى