أخبار رئيسيةتقارير ومقابلاتعرب ودولي

اشتباكات السودان.. المدنيون بين جحيم الاقتتال ومرارة النزوح

مع إكمالها 40 يوما، ما زالت اشتباكات السودان تحصد أرواح المدنيين وتخرب ممتلكاتهم وتقذف بهم في أتون رحلات فرار قاسية تتوزع بين نزوح داخل البلاد من مدن المعارك الملتهبة إلى أخرى أكثر أمانا، وبين لجوء إلى دول الجوار يفاقم من سوء الأوضاع على الحدود.

وخلفت الاشتباكات المندلعة بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع منذ 15 أبريل/ نيسان الماضي، حالة إنسانية مأساوية داخل المدن وخاصة العاصمة الخرطوم (وسط)، لا سيما بعد تدمير عدد من المستشفيات وخروج عشرات منها عن الخدمة، وبروز أزمات في الإمداد الدوائي والغذائي.

وبعد ساعات من هدنة هشة تخللتها الكثير من الاشتباكات المسلحة، وجد بعض مواطني الخرطوم الذين تحدثوا للأناضول فرصة “قصيرة الأمد” للخروج من المنازل لشراء حاجياتهم الأساسية، وهالهم حجم دمار طال مدينتهم التي فضلوا البقاء فيها رغم استمرار المعارك.

غير أن آخرين قالوا إنهم وجدوا في ساعات الهدوء القليلة بعد إعلان الهدنة فرصة سانحة لمغادرة المدينة المنكوبة إلى بقية المدن الآمنة شمالا أو جنوبا.

والأحد، أعلنت الرياض وواشنطن دخول هدنة جديدة في السودان حيز التنفيذ مساء الاثنين على أن تستمر لمدة أسبوع، فضلا عن استمرار محادثات طرفي النزاع في جدة في محاولة للتوصل إلى وقف دائم للقتال وحل النزاع بالحوار، بيد أن الهدنة شابتها الكثير من “الانتهاكات”، وفق تقارير مراقبي وقف إطلاق النار.

 

فرص الهدنة

أيمن عبد المنعم أحد سكان أحياء جنوبي الخرطوم، قال: “في اليوم الأول من الهدنة خرجت إلى الشارع الرئيس لأول مرة منذ اندلاع الحرب ورأيت سيارات النقل محمّلة بالمغادرين وحقائبهم”.

وأضاف عبد المنعم: “طوال الأيام الماضية كنت أشتري حاجياتي من المحلات الصغيرة داخل الحي، لكني اليوم خرجت إلى الشارع الرئيس لأجد العشرات يغادرون جنوبا في اتجاه ولاية النيل الأبيض (جنوب)”.

ومنذ اندلاع القتال منتصف أبريل الماضي، نزح عشرات الآلاف إلى داخل السودان في الولايات المتاخمة للخرطوم: النيل الأبيض (جنوب)، الجزيرة (وسط) ونهر النيل (شمال).

بينما سلك آخرون طريقهم إلى ولايات بعيدة نسيبا عن العاصمة جنوبا نحو ولاية شمال كردفان، وشرقا لولايات كسلا والقضارف والبحر الأحمر، وآخرون نزحوا إلى ولاية سنار والدمازين (جنوب شرق)، و”الولاية الشمالية” بأقصى شمال السودان.

 

خيار النزوح

أما أبوبكر إبراهيم فيسكن منطقة “شرق النيل” شرقي العاصمة، وهو أحد سكان الخرطوم الذين فضلوا البقاء في بيوتهم على أن يرحلوا منها.

وقال إبراهيم: “ما زال الكثير من المحلات التجارية مغلقا ومعظم سكان الحي غادروا بسبب الاشتباكات إلى مناطق آمنة تتوفر فيها الاحتياجات الأساسية بدون عناء كما في الخرطوم”.

وأشار إلى أن “الفوضى والسرقة وانعدام الأمن، أمور قللت من حركة السكان خشية أن يتعرضوا للنهب بصورة عنيفة”.

ويسلك معظم النازحين الطرق التي توصلهم إلى ولايتي النيل الأبيض والجزيرة المتاخمة للعاصمة لقربها من الخرطوم.

وتستضيف ولاية النيل الأبيض (جنوب) أكبر عدد من النازحين داخليا بنسبة تصل إلى 25 بالمئة، بحسب آخر إحصائية لمنظمة الهجرة الدولية.

والثلاثاء، قال طارق عبد الرحمن رئيس اللجنة الحكومية لاستقبال وإيواء الضيوف (النازحين) بولاية الجزيرة، إن ولايته تستضيف 9 آلاف و949 مواطنا بمراكز الإيواء، وأكثر من 10 آلاف بالمدارس، إضافة لعدد غير محدد من المستضافين بالمنازل، وفق وكالة الأنباء السودانية الرسمية.

وفي تقرير لها، الأربعاء، أعلنت منظمة الهجرة الدولية، أن عدد النازحين داخل السودان بلغ نحو مليون شخص منذ بداية الاشتباكات منتصف أبريل الماضي.

 

حركة لجوء

بجانب حالات النزوح الداخلي هربا من عدم الأمان، استمرت حركة اللجوء للخارج وعبر كثير من السودانيين إلى دول الجوار إثيوبيا وإفريقيا الوسطى وجنوب السودان وتشاد ومصر.

سائق الحافلة عمر التجاني يعمل على نقل الركاب من مدينة ود مدني وسط البلاد إلى بورتسودان شرقي البلاد، قال إن رحلاتهم أصبحت يومية لنقل المسافرين إلى بورتسودان، حيث يستطيعون السفر منها عبر مينائها ومطارها الدوليين.

وأوضح التجاني أن “أناسا كثر ما زالوا في مدني يريدون الذهاب إلى بورتسودان بعد أن انقلبت حياتهم رأسا على عقب وصار الهروب من مناطق الحرب مصيرهم المحتوم”.

والأربعاء، أعلنت مفوضية الأمم المتحدة للاجئين، عن فرار أكثر من 300 ألف سوداني إلى الدول المجاورة.

وقال المفوض السامي لشؤون للاجئين فيلبو غراندي، في تغريدة، إن “أكثر من 300 ألف شخص اضطروا للفرار من السودان إلى البلدان المجاورة حتى الآن، كثير منهم عبروا الحدود إلى تشاد ومصر خلال الأيام القليلة الماضية”.

وفي 17 مايو الجاري، ذكرت الأمم المتحدة أن “نحو 25 مليون شخص يمثلون أكثر من نصف سكان السودان بحاجة للمساعدات الإنسانية”، محذرة من أن “الوضع في السودان يتحوّل إلى أزمة إقليمية بوتيرة سريعة”، متوقعة أن “يبلغ عدد الفارين من السودان مليون لاجئ هذا العام”.

ولمواجهة ذلك، أعلنت الأمم المتحدة “الحاجة إلى 2.56 مليار دولار لتقديم المساعدات للاجئين بسبب الأزمة السودانية”، مشيرة إلى أن “220 ألف سوداني أصبحوا لاجئين في مصر وتشاد وجنوب السودان جراء الاقتتال”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى