تقارير ومقابلاتمحلياتمرئيات

الحلقة 18 من “هذه شهادتي” مع فضيلة الشيخ رائد صلاح مع الإعلامي عبد الإله معلواني

الشيخ رائد صلاح في “هذه شهادتي”:

  • اشراقات ومعوقات في مسيرة المشروع الإسلامي النسائي
  • موقف الصحوة الإسلامية من المشاركة في الانتخابات المختلفة (لجان الآباء، الهستدروت، السلطات المحلية والكنيست)
  • قبل محنة “أسرة الجهاد” كان الموقف من المشاركة في انتخابات الكنيست حادا جدا في الامتناع وعدم المشاركة
  • ما قبل انقسام الحركة الإسلامية طرأ تغير على موقف المرحوم الشيخ عبد الله وأعضاء في إدارة الحركة من مسألة المشاركة في انتخابات الكنيست الإسرائيلي

 

طه اغبارية، عبد الإله معلواني

 

تواصل صحيفة “المدينة” التوثيق المكتوب لشهادة الشيخ رائد صلاح المتلفزة ضمن برنامج “هذه شهادتي” مع الإعلامي عبد الإله معلواني. وتبثّ الحلقات على قناة “موطني 48” عبر “يوتيوب”، وصفحة “موطني 48” على “فيسبوك”.

في الحلقة (18) أكمل رئيس الحركة الإسلامية قبل حظرها إسرائيليًا، ورئيس لجان إفشاء السلام في الداخل الفلسطيني، المنبثقة عن لجنة المتابعة العليا، حديثه عن النشاط النسائي داخل الصحوة الإسلامية في الداخل الفلسطيني، كما تطرق إلى موقف الصحوة الإسلامية من الانتخابات المحلية وانتخابات نقابة العمال (الهستدروت) وانتخابات الكنيست الإسرائيلي.

 

نصائح وتوجيهات لبنات المشروع الإسلامي

حول موقف المشروع الإسلامي بوجه عام من المرأة، والنصائح التي يوجهها لبنات المشروع الإسلامي، أكمل الشيخ رائد صلاح: “أخطأ خطأ كبيرًا من قال إنَّ المرأة نصف المجتمع، فهذا التقسيم كأنّه تقسيم ثروة مالية أو تقسيم أرض، وهذا في نظري مفهوم سطحي وسلبي، فالمرأة هي كل المجتمع من خلال دورها المتكامل مع الرجل. يجب علينا أن نبحث عن جدلية الدور المتكامل وليس الدور المتقاطع ما بين الرجل والمرأة، بحيث أنَّ المرأة والرجل يؤديان كل الدور في المجتمع بدون تقسيم. لذلك، لا يمكن لأمَّة أن تنهض بدون المرأة الواعية، ذات الالتزام والانتماء وذات الهوية، وذات الثوابت الإسلامية العروبية الفلسطينية، وذات الخطاب المفتخر بهذا الانتماء، تاريخًا وحاضرًا ومستقبلًا، امتدادًا في رحاب الزمان وفي رحاب المكان. لا يمكن لأمَّة أن تنهض بدون هذه الأصول التي يجب أن نوفّرها في مسيرة مجتمعنا”.

يضيف “هذا ما حرصنا عليه وهذا ما استقيناه من تجربة سيرة الرسول- عليه الصلاة والسلام- في كيفية تعامله مع المرأة. فمثلًا، لمّا أراد سيدنا عمر رضي الله عنه- قبل إسلامه- أن يقتل الرسول عليه الصلاة والسلام، حين علم أن أخته أسلمت، ودخل بيتها وكانت مع زوجها، فكيف وجد البيت؟ وجد أخته وزوجها وأحد الصحابة في لقاء تربوي حول مفاهيم العقيدة التي بدأ الرسول- صلى الله عليه وسلم- يبني عليها جيل الرجال والنساء. إذًا، منذ بلورة تاريخ الأمَّة بدأت بلورة شخصية الرجل والمرأة العقدية. فلا يفتلن أحد-يقول الشيخ رائد- عضلاته علينا، لأننا أول من بدأ ببناء شخصية المرأة العقدية والملتزمة والواعية. انظر إلى مشاهد التضحية لأسماء بنت أبي بكر، ومشاهد التضحية لسيدتنا خديجة، هذا لم يأت من فراغ، بل كانت ثمرات أولى لبداية بلورة المشروع الإسلامي وبلورة دور المرأة منذ الأيام الأولى لدعوة رسول الله عليه الصلاة والسلام”.

وأكد أنه “مهم أن ننظر إلى الوراء لنعرف ما هي جذورنا، لأننا حينها سنحسن النظر إلى الأمام. لذلك لا يمكن لأية مسيرة أن تنجح إلا إذا كانت تقوم على الأعمدة الأساس بين المرأة والرجل. لذلك نحن في لجان إفشاء السلام المنبثقة عن لجنة المتابعة، بدأنا مسيرتنا كمرحلة تجديدية فكان من ضمن أصول هذا المشروع، إقامة لجنة إفشاء سلام نسائية في كل بلدة، وهناك اليوم أكثر من 10 لجان إفشاء سلام نسائية محلية، ونطمع في عام 2023 أن نصل إلى عشرات لجان إفشاء السلام النسائية، لأننا نؤمن أن مجتمعنا لا يمكن أن يخرج من آفة العنف إلا من خلال دور متكامل ما بين المرأة والرجل”.

 

إشراقات ومعوقات

وحول إسهامات المشروع الإسلامي النسائي في الداخل الفلسطيني، والمعوقات التي واجهته، أردف الشيخ رائد صلاح: “المشروع الإسلامي النسائي- بحمد الله رب العالمين- أحدث شيئًا جديدًا، فمنذ بداياته منتصف السبعينيات فصاعدًا، أوجد واقعًا جديدًا، وعلاقة قوية بين نساء الصحوة الإسلامية على صعيد البلدة الواحدة وخارجها. هذا التوسع نما مع السنوات، حتى وصلنا لمرحلة تنظيم مهرجانات نسائية مستقلة للنساء من شتى بلدات الداخل الفلسطيني، بمشاركة عشرات الآلاف من النساء اللواتي اجتمعن في مثل هذه النشاطات. هذه القوة في اللحمة الاجتماعية، من حيث المصير الواحد والخطاب الواحد، من أعظم إنجازات الصحوة الإسلامية”.

واستدرك: “كانت هناك معوقات في مسيرة النشاط الإسلامي النسائي، ولكن بالصبر والنفس الطويل تجاوزنا كل ذلك. فقد تجاوزنا مع الأيام “أسطوانة ظلم المرأة”، وهناك بعض المنصفات من الباحثات كنَّ موضوعيات جدًا، لمّا كتبن عن مسيرة النساء في الصحوة الإسلامية، حيث أشدن بدورهن إشادة مباركة نزيهة، كرد على “أسطوانة ظلم المرأة”. مثال آخر: مع شديد الأسف، اصطدمنا في بعض الثانويات بعدد قليل من المدراس الثانوية في الداخل، كان المدير فيها يمنع أي طالبة أن تدخل الى المدرسة وهي تلبس الحجاب. وقد عالجنا الموضوع على نار هادئة جدًا، كيف؟ بعيدًا عن الإعلام، لم نرد أن يتلقف الإعلام هذا الأمر، حتى لا يتعصب كل طرف لموقفه، فبدأنا نزور هذه المواقع التي منعت اللباس الشرعي، المدارس، وبعض من منع في حينه كانت بعض المستشفيات. هذا انتهى اليوم وأصبح اللباس طبيعيًا. إذًا كانت محاولات لحصر الالتزام النسائي باللباس الشرعي كجزء من الالتزام بالشخصية الإسلامية، عالجنا ذلك عن طريق رسائل مهذبة جدًا، وكان معي في الصورة الشيخ كمال خطيب في أحد اللقاءات، وكنا مجموعة من الإخوة ضمن دائرة صغيرة حتى لا نثير التدخل الإعلامي. وممن نصحونا في إبعاد الإعلام هو الإعلامي الراحل لطفي مشعور رئيس تحرير صحيفة الصنارة- في حينه. فهذا مما ميّز مسيرتنا بكل ثمن حتى هذه اللحظات، حرصنا على تماسك مجتمعنا في الداخل وألا تظهر فيه النعرات الطائفية أو نعرات أخرى بين أبناء البلد الواحد على خلفية حركات سياسية أو حمائل. لذلك كنّا حذرين أن نعالج مثل تلك المظاهر التي اصطدمنا فيها في مسيرة العمل النسائي، ونجحنا في معالجة تلك المظاهر بدليل أنها اختفت في هذه الأيام”.

 

موقف الصحوة من الانتخابات المختلفة

وفي سؤال حول تعاطي الصحوة الإسلامية في البدايات مع الانتخابات المختلفة على صعيد الداخل الفلسطيني، أوضح الشيخ رائد: “واجهنا أربعة مظاهر للانتخابات في مسيرة مجتمعنا في الداخل الفلسطيني، أولًا انتخابات لجان الآباء في المدارس، ثمَّ انتخابات السلطات المحلية العربية، وانتخابات نقابة العمال العامة  (الهستدروت)، ورابعًا، انتخابات الكنيست. فيما يخص انتخابات لجان الآباء فقد كانت محل اجتهاد لكل بلدة، بمعنى أي بلد كان يمكن أن يشارك في انتخابات لجان الآباء فعلى بركة الله. وفي أم الفحم، مرّت فترة لم نشارك فيها بانتخابات لجان الآباء، وبقينا على هذا الحال حتى بدايات الثمانينيات. بعد عام 1985 بدأنا نقتنع أنه لا بد أن نخوض انتخابات لجان الآباء، وبالفعل خضنا كل انتخابات لجان الآباء وفزنا في معظم انتخابات لجان الآباء بالمدارس، لدرجة- أذكر تمامًا- فزنا بكل مقاعد لجنة الآباء في المدرسة الثانوية. لمّا دخلنا إلى هذا المعترك، تحوّلت الانتخابات في المدارس إلى منافسة بيننا وبين بعض الأهل في تيارات سياسية أو مستقلين. لما فزنا في انتخابات لجان الآباء قال لنا البعض “هذه مجرد انتخابات مدارس ولا تعني شيئًا”!، فكان الجواب من الحاج مفضي- أحد الناشطين من أبناء الصحوة في انتخابات لجان الآباء، أن هذه الانتخابات تشكل استطلاعًا في أن التوجه الشعبي العام يدعم مسيرة الحركة الإسلامية. بعدها مباشرة، دخلنا في انتخابات أولى لبلدية أم الفحم، وقدر الله أن فاز موقفنا بـ 11 مقعدًا وبنسبة رئاسة عالية فوق الـ 75%”.

أمّا بالنسبة لمشاركة الحركة الإسلامية في انتخابات السلطات المحلية، يقول الشيخ رائد: “نظرنا إليها نظرة إيجابية، ولم نتعامل معها من منطلق المقاطعة المبدئية. كان هناك مبدأ أساس، وهو المحافظة على موقف مستقل لأبناء الحركة في كل بلدة من انتخابات السلطات المحلية، بمعنى عدم انجرار أبناء الحركة وراء أية قائمة، بالاستناد إلى توجيه قيادة الحركة الإسلامية، ودعونا إلى التصويت في هذه الانتخابات بدون انحياز وترويج لأية كتلة حتى نحافظ على استقلالية الموقف (المقصود هنا موقف أبناء الحركة من انتخابات السلطات المحلية قبل بدء مشاركة الحركة في هذه الانتخابات- المحرر) وكان التزام أبناء الصحوة بنسبة 99%”.

وبيّن أنّه “قبل دخولنا انتخابات البلدية في أم الفحم، شارك الإخوة في الفريديس، والإخوة في كفر قاسم في انتخابات العضوية للسلطات المحلية، وفي كفر برا شاركت الحركة في انتخابات الرئاسة. بينما موقفنا من انتخابات الهستدروت، فكان ميل لدى البعض من القيادات في الحركة أن نشارك، وكان هناك رفض عند البعض. لذلك أذكر تمامًا- أنه في مرة من المرات في الإدارة العامة للحركة الإسلامية- بعد محنة أسرة الجهاد- وبعد أن تحرر المرحوم الشيخ عبد الله نمر درويش من السجون الإسرائيلية، عقدنا اجتماعًا، ومن ضمن نقاط البحث ناقشنا مسألة المشاركة في انتخابات الهستدروت، وحينها أنا والشيخ عبد الله كنّا مع المشاركة، وكان ضد المشاركة الشيخ كمال خطيب، والشيخ إبراهيم عبد الله، وفي نهاية الأمر كان القرار بعدم المشاركة. تعاملنا مع نقابة الهستدروت بناء على تقدير المصلحة”.

 

الموقف من انتخابات الكنيست

 يقول الشيخ رائد صلاح إنَّ مسألة مشاركة الحركة الإسلامية في انتخابات الكنيست الصهيوني، مرّت بأكثر من مرحلة، مضيفًا ” في المرحلة الأولى والتي كانت قبل محنة أسرة الجهاد، ميّزها  الإجماع بالامتناع الحاد عن المشاركة في انتخابات الكنيست، لدرجة أن المرحوم الشيخ عبد الله لم يجد حرجًا وتحدث عن ذلك في خطب الجمعة، وكان يدعو إلى الامتناع ورفض مبدأ المشاركة من منطلقات مفهوم الولاء وأن ولاء ابن مشروع إسلامي لا يتوافق مع المشاركة في انتخابات الكنيست، وكان المنطلق الآخر للدعوة إلى عدم المشاركة هو الرؤية السياسية الشخصية عند الشيخ عبد الله، فكان خطابه دائمًا ثابتًا بدون تغيير حتى محنة أسرة الجهاد. إلى جانب ذلك، كان- الشيخ عبد الله- يتحدث عن ذلك في المهرجانات، ويتحدث أحيانًا بأسلوب ساخر عمن يشاركون في انتخابات الكنيست، قائلًا إنها انتخابات عبثية غير مجدية لا يمكن أن ننال من خلالها أي حقوق، وقال مرة ساخرًا “روتسوا يا راتس كيفما تريدون” (يقصد حزب “راتس”).

هذا ما ميز خطابنا حتى مرحلة أسرة الجهاد، بقينا على نفس الموقف بمعنى الامتناع الحاد، إلا لمن له ضرورة للإدلاء بصوته بورقة بيضاء. بعد محنة أسرة الجهاد، بقي نفس الموقف وأصدرنا بيانات في ذلك، في أن يتخذ ابن الحركة قراره بناء على الفهم الديني والحس الوطني، بمعنى استمرار الامتناع. ثمَّ لاحقًا، بدأنا- إلى ما قبل الانقسام- نسمع نبرة جديدة والتغير الذي طرأ على مسيرة الشيخ عبد الله وبعض الإخوة ممن كانوا معه في الإدارة العامة في الحركة الإسلامية”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى