أخبار رئيسيةتقارير ومقابلاتعرب ودوليومضات

تقرير: وثائق البنتاغون المسربة.. نظرة عن قرب

كشفت صحيفة “واشنطن بوست”، الخميس، عن معلومات بشأن الشخص الذي سرَّب وثائق سرية من وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون) كشفت عن تجسس الولايات المتحدة على الحلفاء والأعداء على حد سواء.

الصحيفة نشرت مقابلة مقتضبة مع أحد أعضاء منتديات منصة “ديسكورد” (Discord) للتواصل الاجتماعي، والذي عَّرف نفسه بأنه “صديق مقرب” للشخص الذي سرَّب الوثائق.

وأوضحت أن الشخص الذي تحدث إليها “قاصر”، وأفادت بأنه وعضو آخر في المنتدى يعرفان الاسم الحقيقي لمن سرَّب الوثائق وأين يعيش، “لكنه لن يخبر سلطات إنفاذ القانون بأي معلومات حتى يتم القبض على ” OG ” أو يفر من الولايات المتحدة”.

واكتفى بالقول إن مَن سرَّب الوثائق “ليس عميلا روسيا ولا أوكرانيا وليس من الجزء الشرقي للعالم”.

ومنذ أكثر من شهر يتم تداول الوثائق المسربة عبر الإنترنت، لكن المسؤولين الأمريكيين اكتشفوا الأمر فقط بعد حديث صحيفة “نيويورك تايمز” عنها في 6 أبريل/ نيسان الجاري.

ومن أبرز ما كشفت عنه الوثائق وجود نقاط ضعف في قدرات الدفاعات الجوية الأوكرانية، وتقييمات حلفاء للولايات المتحدة لمسائل استخباراتية، ما أثار تساؤلات بشأن ما إذا كانت التسريبات ستقوض ثقة الحلفاء في مشاركة المعلومات مع واشنطن والتأثير على خطط كييف لتكثيف القتال ضد روسيا في هذا الربيع.

وفيما يلي نظرة عامة وفقا لما رصدته الأناضول في وسائل إعلام أمريكية بشأن ماهية الوثائق وملابسات تسربها وتداعياتها المحتملة:

ماهية الوثائق

شرائح عرض لإحاطات عسكرية تحدد المواقف العسكرية الأوكرانية وتقييمات للدعم الدولي المقدم لكييف ومواضيع حساسة أخرى.

ولا يوجد حتى الآن تقدير رسمي بعدد الوثائق المسربة، لكن وكالة “أسوشيتد برس” قالت إنها اطلعت على نحو 50 وثيقة، فيما ذكرت شبكة “سي إن إن” أنها اطلعت على 53، وتفيد تقديرات بأن العدد الإجمالي يبلغ المئات.

وتحتوي الوثائق على معلومات حساسة وجديدة بشأن مدى قدرة الاستخبارات الأمريكية على المضي قدما في اختراق وزارة الدفاع الروسية ومجموعة المرتزقة الروسية “فاغنر” التي تنفذ عمليات في أوكرانيا ضمن الهجوم الروسي المتواصل منذ أكثر من عام، بحسب “سي إن إن”.

كما تشمل التسريبات الظروف التي من المحتمل أن يستخدم فيها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الأسلحة النووية، وفقا لـ”أسوشييتد برس”.​​​​​​​

نقطة البداية

التسريب بدأ، بحسب “أسوشيتد برس”، على موقع “ديسكورد” (Discord) ، وهو منصة وسائط اجتماعية انطلقت في 2015 وشائعة بين ممارسي ألعاب الفيديو عبر الإنترنت.

وفي أحد منتديات المنصة ناقش أعضاء موضوع الحرب في أوكرانيا، وقال أحدهم لـ”أسوشيتد برس” (لم تسمه) إن عضوا غير معروف شارك محتوى مستندات ادعى أنها “سرية”، وكتب محتواها في الدردشة، ولاحقا نشر صورا للوثائق.

وأضاف أن شخصا آخر، معروف في شبكة الإنترنت باسم “Lucca”، شارك الوثائق نفسها في محادثة مختلفة على المنصة، لتصل لاحقا إلى وسائل الإعلام.

ولم يتسن للأناضول ووسائل الإعلام الأمريكية التحقق من تفاصيل القصة، فيما أقر مسؤولون أمريكيون علنا بأنهم مازالوا يحاولون العثور على إجابات بهذا الخصوص.

وأفادت “سي إن إن” بأن التسريبات بدأت في الانتشار عبر الإنترنت بين منتصف فبراير/ شباط وأوائل مارس/ آذار الماضيين.

تجسس على حلفاء

الوثائق المسربة أظهرت مدى مراقبة الولايات المتحدة عن كثب لكيفية تفاعل حلفائها وأصدقائها مع روسيا والصين. فيما نفى مسؤولون في دول معنية صحة ما ورد في الوثائق.

وذكرت “أسوشيتد برس”، نقلا عن وثيقة، أن الاستخبارات الأمريكية تلقت مزاعم من عملاء في روسيا بأن موسكو تعمل على بناء “علاقة أوثق” مع الإمارات التي تستضيف منشآت عسكرية أمريكية مهمة. وهو ما نفته أبوظبي، مشددة على أن تلك المزاعم “كاذبة بشكل قاطع”.

والإثنين، ذكرت “واشنطن بوست” نقلا عن وثيقة أخرى أن “مصر، أحد أقرب حلفاء الولايات المتحدة في الشرق الأوسط والمستفيدة من المساعدات الأمريكية، قررت إنتاج ما يصل إلى 40 ألف صاروخ وشحنها سرا إلى روسيا”.

ونافيا صحة ما ورد في الوثيقة، قال المتحدث باسم الخارجية المصرية أحمد أبو زيد للصحيفة إن “موقف مصر منذ البداية يقوم على عدم التدخل في الأزمة (الروسية الأوكرانية) والالتزام بالمحافظة على مسافة متساوية من الطرفين، ونواصل حث الطرفين على وقف الأعمال العدائية والتوصل إلى حل سياسي عبر المفاوضات”.

وتتعلق وثيقة أخرى بمزاعم عن أن قادة كوريا الجنوبية كانوا “مترددين في إرسال قذائف مدفعية إلى أوكرانيا”، لأن ذلك ينتهك سياسة عدم تقديم مساعدات “مميتة” إلى دول في حالة حرب، ولذا اقترح أحد المسؤولين طريقة للالتفاف على هذه السياسة ببيع الذخيرة إلى بولندا.

وذكرت “نيويورك تايمز” و”واشنطن بوست” أن الوثائق أظهرت احتمالية تنصت الاستخبارات الأمريكية على محادثات لمسؤولين في المكتب الرئاسي بكوريا الجنوبية في أوائل مارس/ آذار الماضي بشأن تحديد ما إذا كانت كوريا الجنوبية تقدم مساعدة عسكرية لأوكرانيا.

وتضمنت التسريبات أيضا إشارة إلى أن جهاز الاستخبارات الإسرائيلي الخارجي (الموساد) كان يشجع الاحتجاجات ضد رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، رفضًا لمشروع الحكومة لإدخال تعديلات على منظومة القضاء، والذي تعتبره المعارضة “انقلابا قضائيا وبداية لنهاية الديمقراطية”.

وباسم “الموساد”، نفى مكتب نتنياهو، الأحد، الأمر معتبرا أن “كل ما تم نشره في الصحافة الأمريكية كاذب تماما ولا أساس له من الصحة”.

الرد الأمريكي

البنتاغون بدأ بمراجعة داخلية لتقييم تأثير التسريبات على الأمن القومي، حيث قال مسؤول دفاعي لـ”أسوشيتد برس”، اشترط عدم الكشف عن هويته، إن المراجعة تقودها نائبة وكيل وزارة الدفاع لشؤون الاستخبارات والأمن ميلانسي دي هاريس.

وأوضح المسؤول أن فريق المراجعة يضم ممثلين من مكاتب الشؤون التشريعية والشؤون العامة والسياسة والمستشار القانوني والموظفين المشتركين.

فيما قال مسؤول دفاعي آخر، طلب عدم كشف هويته، إن “البنتاغون يتخذ خطوات سريعة لخفض عدد الأشخاص الذين يمكنهم الوصول إلى محتوى الإحاطات”، وفقا للوكالة.

وبشكل منفصل، فتحت وزارة العدل الأمريكية تحقيقا لتحديد ملابسات الحصول على الوثائق وتسريبها.

ووصف مدير وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية وليام بيرنز، الثلاثاء، حادثة التسريبات بأنها “مؤسفة للغاية”.

طمأنة الحلفاء

قال مساعد وزير الدفاع الأمريكي للشؤون العامة كريس ميجر إن مسؤولي البنتاغون “يراقبون عن كثب الأماكن التي تم فيها نشر صور الوثائق المسربة”.

وأوضح أن كبار القادة العسكريين باشروا، نهاية الأسبوع الماضي، التواصل مع الحلفاء لمعالجة تداعيات التسريبات، وذلك عبر “اتصالات على مستوى عالٍ لطمأنة الحلفاء بالتزامن مع حماية المعلومات الاستخباراتية والولاء لشراكاتنا الأمنية”.

وبالفعل، أعلن نائب مدير الأمن القومي الكوري الجنوبي كيم تاي هيو، للصحفيين، أن وزير الدفاع الأمريكي لويد أوستن اتصل، الثلاثاء، بنظيره لي جونغ سوب، لمناقشة الوثائق المسربة، واتفقا على أن “عددا كبيرا من الوثائق المسربة ملفقة”.

وشدد على أن “التحالف بين البلدين لن يتأثر بالتسريبات، وكوريا الجنوبية تسعى إلى زيادة تعزيز تعاونها مع الولايات المتحدة”.

والثلاثاء أيضا، تواصل كل من أوستن ووزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن مع نظرائهما في أوكرانيا، حيث قال أوستن إن “التسريبات لن يكون لها تأثير كبير على خطط أوكرانيا لتنفيذ هجمات ضد روسيا في هذا الربيع”.

كما قال المتحدث باسم مجلس الأمن القومي الأمريكي جون كيربي لصحفيين: “لم نر أي مؤشر على أن مصر تقدم أسلحة وقدرات فتاكة لروسيا”.

تداعيات محتملة

من المرجح أن يواجه المسؤولون الأمريكيون المزيد من التساؤلات عند حضورهم الأسبوع المقبل في ألمانيا اجتماع مجموعة الاتصال الدولية الخاصة بتنسيق الدعم لأوكرانيا بمشاركة ممثلي عن أكثر من 50 دولة.

لكن من غير المتوقع أن تؤثر التسريبات على استعداد الحلفاء لمواصلة تقديم المساعدات العسكرية لكييف لمواجهة الهجوم الروسي المتواصل منذ 24 فبراير/ شباط الثاني 2022.

وقال مدير مجلس مبادرة الأمن عبر الأطلسي كريس سكالوبا لـ”أسوشيتد برس” إن الكثير من الحلفاء “ربما يكونون أكثر فضولا لمعرفة سبب حدوث التسريبات ومَن لديه مصلحة من نشرها وما إذا كان القصد من ذلك تقويض الدعم لأوكرانيا”.

وبينما تشكل التسريبات عن نقص واضح في القوة الدفاعية الجوية لأوكرانيا مصدر ارتياح لروسيا، إلا أنها في الوقت نفسه تحفز حلفاء كييف على تسريع تعزيز قدرتها الدفاعية الجوية، ما يجعلها ممتنة لتلك التسريبات، وفقا للوكالة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى